أتساءل دائماً؛ كيف يمكن أن نُغير ونطور مجتمعنا، دون تغيير وإصلاح منظومة التعليم في وطننا؟ دون تعليم أبنائنا وبناتنا كيف يفكرون بحرية، ويبدعون بحماس من أجل مستقبل مشرق لهم ولبلادهم؟ مستقبل يمكن أن يُبهر العالم، ويلفت نظره إلى عمق وحجم التغييرات المعرفية والبنيوية الإيجابية في المجتمع السعودي، وفي منظومة تفكير وطموحات حكامه ومواطنيه.
وما الذي يمنع جامعاتنا اليوم من أن تُنشئ أقساما للدراسات الفلسفية، ليقف أبناؤنا وطلابنا على ميراث الأسئلة والأفكار التي دارت في عقل الإنسان منذ وضع قدمه على ظهر الأرض، ومعرفة الإجابات المتنوعة التي قُدمت لها، وكافة الإشكاليات الفكرية التي تصدى الإنسان لحلها باستخدام عقله الواعي، ومناهج التفكير المختلفة؟
إذا أردنا حقاً الذهاب للمستقبل، ومحاربة التطرف الديني والفكري، وتعليم أبنائنا فضيلة التسامح والحوار وقبول الرأي الآخر، فلابد من إعادة الاعتبار للفلسفة ودورها في حياتنا، والتوقف عن اعتبار إعمال العقل والتفكير العلمي من المحرمات والممنوعات، التي تُوجب العقاب؛ لأن التاريخ يُعلمنا أن المجتمعات تتقدم بالعلم وبالأفكار الجديدة، وبتجليات الإبداع في كل مجال، ودونهم يصيبها الركود والموت الحضاري.
مع ضرورة الوضع في الاعتبار أن الكثير من المفكرين والمؤرخين، يربطون بين خروج العرب من التاريخ وانهيار وغروب شمس حضارتهم، وبين إعلان الحرب على الفلسفة والتفكير العقلي في العالم الإسلامي من بغداد وحتى الأندلس، وهي الحرب التي تجلت في أوضح صورة في محنة ابن رشد وحرق كتبه.
وبتراجع دور الفلسفة في حياتنا، انتشر التفكير غير العقلاني، وتوقف العرب عن أن يكونوا منتجين للمعرفة وصناعاً للحضارة، فخرجوا من التاريخ ودخلوا في تيه حضاري طويل، لا يزالون يتخبطون فيه لليوم بحثاً عن باب للخروج، وطريقة للاستيقاظ من ثباتهم وركودهم المعرفي الطويل.
وبناء على كل ما سبق، أرى ضرورة عودة الفلسفة لمجتمعنا وجامعاتنا، مع يقيني التام بأن دراسة الفلسفة يجب ألا تقتصر على الجامعات، بل تمتد لطلاب المرحلة الثانوية، من أجل توسيع آفاقهم المعرفية وآليات إدراكهم للعالم والواقع الذي يعيشون فيه. ومن أجل تطوير وتحديد المناهج والمفاهيم التي يفكرون بها ويدركون العالم من خلالها، ويتصدون عبرها لحل المشكلات وتجاوز العقبات التي تعترض طريقهم.
ودون جعل الدراسات الفلسفية جزءاً لا يتجزأ من منظومة التعليم في بلدنا، سوف نظل نعاني من الركود العقلي والتطرف الفكري، لندور من جديد في دوائر معرفية مغلقة تستهلك حياة أجيال جديدة، دون إحداث تغيير إيجابي حقيقي.
وفصل المقال، إن طوق نجاتنا من كل أشكال التطرف الفكري، ومفتاح مستقبلنا الواعد، هو تحصين شبابنا بطرق التفكير الإبداعي، وبالحس والوعي النقدي، ومناهج التفكير العلمي. وهذا لن يكون إلا بإعادة الاعتبار لدور الفلسفة في حياتنا، الفلسفة التي عرفها فلاسفة اليونان بوصفها «حب الحكمة». والحكمة في موروثنا الديني هي ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها.
* مستشار قانوني
@osamayamani
yamani.osama@gmail.com
وما الذي يمنع جامعاتنا اليوم من أن تُنشئ أقساما للدراسات الفلسفية، ليقف أبناؤنا وطلابنا على ميراث الأسئلة والأفكار التي دارت في عقل الإنسان منذ وضع قدمه على ظهر الأرض، ومعرفة الإجابات المتنوعة التي قُدمت لها، وكافة الإشكاليات الفكرية التي تصدى الإنسان لحلها باستخدام عقله الواعي، ومناهج التفكير المختلفة؟
إذا أردنا حقاً الذهاب للمستقبل، ومحاربة التطرف الديني والفكري، وتعليم أبنائنا فضيلة التسامح والحوار وقبول الرأي الآخر، فلابد من إعادة الاعتبار للفلسفة ودورها في حياتنا، والتوقف عن اعتبار إعمال العقل والتفكير العلمي من المحرمات والممنوعات، التي تُوجب العقاب؛ لأن التاريخ يُعلمنا أن المجتمعات تتقدم بالعلم وبالأفكار الجديدة، وبتجليات الإبداع في كل مجال، ودونهم يصيبها الركود والموت الحضاري.
مع ضرورة الوضع في الاعتبار أن الكثير من المفكرين والمؤرخين، يربطون بين خروج العرب من التاريخ وانهيار وغروب شمس حضارتهم، وبين إعلان الحرب على الفلسفة والتفكير العقلي في العالم الإسلامي من بغداد وحتى الأندلس، وهي الحرب التي تجلت في أوضح صورة في محنة ابن رشد وحرق كتبه.
وبتراجع دور الفلسفة في حياتنا، انتشر التفكير غير العقلاني، وتوقف العرب عن أن يكونوا منتجين للمعرفة وصناعاً للحضارة، فخرجوا من التاريخ ودخلوا في تيه حضاري طويل، لا يزالون يتخبطون فيه لليوم بحثاً عن باب للخروج، وطريقة للاستيقاظ من ثباتهم وركودهم المعرفي الطويل.
وبناء على كل ما سبق، أرى ضرورة عودة الفلسفة لمجتمعنا وجامعاتنا، مع يقيني التام بأن دراسة الفلسفة يجب ألا تقتصر على الجامعات، بل تمتد لطلاب المرحلة الثانوية، من أجل توسيع آفاقهم المعرفية وآليات إدراكهم للعالم والواقع الذي يعيشون فيه. ومن أجل تطوير وتحديد المناهج والمفاهيم التي يفكرون بها ويدركون العالم من خلالها، ويتصدون عبرها لحل المشكلات وتجاوز العقبات التي تعترض طريقهم.
ودون جعل الدراسات الفلسفية جزءاً لا يتجزأ من منظومة التعليم في بلدنا، سوف نظل نعاني من الركود العقلي والتطرف الفكري، لندور من جديد في دوائر معرفية مغلقة تستهلك حياة أجيال جديدة، دون إحداث تغيير إيجابي حقيقي.
وفصل المقال، إن طوق نجاتنا من كل أشكال التطرف الفكري، ومفتاح مستقبلنا الواعد، هو تحصين شبابنا بطرق التفكير الإبداعي، وبالحس والوعي النقدي، ومناهج التفكير العلمي. وهذا لن يكون إلا بإعادة الاعتبار لدور الفلسفة في حياتنا، الفلسفة التي عرفها فلاسفة اليونان بوصفها «حب الحكمة». والحكمة في موروثنا الديني هي ضالة المؤمن أنى وجدها أخذ بها.
* مستشار قانوني
@osamayamani
yamani.osama@gmail.com