-A +A
متعب العواد (حائل) @motabalawwd
لم يتوقع ابن بلدة «عيون الجواء» بمنطقة القصيم، المولود في العام 1949 الذي يحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية، والماجستير في الاقتصاد من جامعة دنفر بكولورادو، والبكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الملك سعود، أن يعود لتخصصه الأصل في العلوم السياسية بعد 20 عاماً أمضاها وزيراً لأكبر الخزانات المالية في العالم، والمصنفة ضمن 20 خزانة في دول العشرين الأكبر اقتصاداً وزيراً للمالية السعودية.

واليوم يسجل أقدم الوزراء في تشكيلة المجلس الحالية العودة من جديد للعمل وزيراً للخارجية السعودية، فلم تكن وزارة الخارجية التي صدر أمر ملكي بتعيينه وزيراً لها تشكل استغراباً في وسائل الإعلام الغربية أو العربية، لأنها الوزارة الأقرب إليه بعد سلسلة إصلاحات كبيرة ينفذها مجلس الوزراء السعودي.


الوزير العساف ذو الـ 69 عاماً الذي انطلق للعمل الحكومي معيداً في تخصصه الاقتصادي في جامعة الملك سعود، قبل أن يعين في وزارة المالية السعودية لمدة 20 عاماً متتالية عاصر خلالها 3 ملوك.

وكانت المالية في عهده قد مرت بمراحل مختلفة، بداية من ارتفاع الدين العام بعد الحرب الخليجية الثانية، ونهاية بمرحلة انخفاض مداخيلها في فترات صعبة، لكن الوزير كان الأكثر صمتاً والأكثر حذراً في التعامل مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، حتى في سنوات الميزانيات التاريخية غير المسبوقة ظل صامتاً وسار على الصمت نفسه عند انخفاض الدين العام مرة أخرى.

والعساف عرف بموقفه الحازم في عدم الحاجة للاقتراض من الخارج في ظل تراجع أسعار النفط، وتأكيداته السابقة والقوية في عدم الحاجة لخفض الرواتب أو إلغاء البدلات، وظهر في مراحل سابقة داخل المشهد الوزاري أكثر الوزراء بروزاً.

69 عاماً أفنى جلها بين أوراق الموازنات المالية وبين دفاتر الرواتب الشهرية، هو الاقتصادي المتمكن والباحث المالي والتنموي الذي تستهويه الأرقام الثابتة ويبتعد عن الأرقام المتحركة في المالية، فأعطاها كل طاقته الذهنية والبدنية.

ولم يدخل الرجل عوالم المال والاقتصاد وهو خاوي الوفاض، بل تعمّق في الدرس الاقتصادي وأخذ أساسيات علم الاقتصاد والمال في الرياض قبل الجامعات الأجنبية، وفي جامعة الملك سعود أصابه شغف الاقتصادي والخبير المالي وأسرَته الموازنات المالية العالمية، وكانت وزارة المالية بالنسبة للعساف هي الميدان الذي ولد فيه، فخدمه هذا التكوين ليكون أحد مؤسسي الاقتصاد السعودي الجديد، والبعيد عن مرجيحة الشركات العالمية في المضاربات.

اليوم جمع الوزير بين التنظير السياسي والتطبيق العملي، فهو أستاذ جامعي في العلوم السياسية وسبق له درس هذه المادة في جامعة الملك سعود، فالحقيبة التي تسلمها للخارجية السعودية تحمل مضامين السياسة السعودية خارجياً، مستمدة من عقيدتها الإسلامية السمحة على العمل على ترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل للدول الصديقة وعدم التدخل في شؤون الغير.

وشهدت المملكة بمعطيات هذه السياسة الهادئة المتزنة تطوراً في علاقاتها الثنائية والدولية، فقد كان عدد البعثات الدبلوماسية الأجنبية بالمملكة عند إنشاء المديرية العامة للشؤون الخارجية 9 وازداد إلى 29 بعثة بعد إنشاء وزارة الخارجية.

واستمر ازدياد التمثيل الدبلوماسي الأجنبي في المملكة ليصل الآن إلى نحو 157 ممثلية موزعة ما بين 98 سفارة في الرياض و59 قنصلية ما بين الرياض وجدة والظهران.

أما عن الممثليات السعودية في الخارج، فلم تكن هناك أي بعثة دبلوماسية رسمية حتى عام 1348هـ، إذ افتتحت في القاهرة أول ممثلية سعودية بالخارج، ثم ارتفع العدد إلى 5 بعثات في عام 1936م، وارتفع إلى 18 بعثة عام 1951م واستمر الارتفاع بحكم السياسة الحكيمة ليبلغ عدد ممثليات المملكة في الخارج حالياً أكثر من 77 سفارة و13 قنصلية و3 وفود ومكتب تجاري.

هذا وقد واكب هذا التوسع في علاقات المملكة الدبلوماسية تطور في جهاز وزارة الخارجية وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج، بما في ذلك إعادة تشكيل جهازها الإداري والتنظيمي لتمكينه من القيام بواجباته تمشياً مع توسع المملكة في علاقاتها الدولية ونشاطها الدبلوماسي المكثف على الساحة الدولية.