الفعالية الأولى التي حضرتها بمعية الجمع الطيب (في دارة الأستاذ عبد المقصود خوجة) من علماء الدين والأدباء والمثقفين القادمين من المنطقة الشرقية والذي ضم سماحة الشيخ حسن الصفار الغني عن التعريف، والشاعر الكبير السيد عدنان العوامي الذي سبق تكريمه قبل فترة وجيزة في حفل كبير نظمته اللجنة الأهلية لتكريم الرواد في قاعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للاحتفالات في محافظة القطيف وحضره جمع غفير من الأدباء والمثقفين ووجوه المجتمع والمهتمين بالشأن (الثقافي والاجتماعي) العام من المنطقة الشرقية والمناطق الأخرى في المملكة وأنا هنا أحيي قيام اللجنة الأهلية ومبادراتها في تكريم المبدعين في جميع المجالات، وأدعو إلى تعميم هذه التجربة (على غرار لجنة تكريم الرواد بمنطقة مكة المكرمة) في بقية مناطق المملكة، كما ضم وفد الشرقية الشيخ فوزي السيف الأستاذ في الحوزة العلمية والخطيب الديني المفوه، والدكتور صادق جبران وهو حقوقي ومختص بالفقه الشرعي والفقه المدني على حد سواء، والأستاذ محمد النمر رجل الأعمال ومدير تحرير مجلة الواحة المختصة بتراث وتاريخ المنطقة الشرقية، والأستاذ الكاتب علي البحراني، وهناك آخرون قدموا من القطيف والإحساء وأود أن أشير هنا إلى إن هذه المجموعة وأنا من ضمنهم رغم منحدرها المناطقي والمذهبي المشترك غير أنها ليست كتلة هلامية صماء ،فاهتماماتها وتوجهاتها متنوعة وهي صورة مصغرة لما هو واقع وملموس للتعددية والحراك الثقافي والفكري المتنوع ليس في القطيف والأحساء فقط وإنما في كافة مناطق وأرجاء المملكة الشاسعة، وهو ما ينطبق بالضرورة على الشخصيات الثقافية والإعلامية والأكاديمية والفكرية والأدبية من جدة ومكة التي حضرت تلك الأمسية الجميلة، وبدون ترتيب فالجميع يحظون بالتقدير والاحترام الجدير بعطائهم ودورهم المميز في مجالات عملهم وحقول نشاطهم، واذكر منهم الكاتب الكبير الدكتور عبدالله مناع والدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير جريدة عكاظ (سأتحدث عن لقائي معه ومع الأخوة الأعزاء في جريدة عكاظ لاحقا) والكاتب المميز عبدالله جفري، والكاتب (الإشكالي )الساخر والعميق في الآن معا الأستاذ مشعل السد يري الذي تمنيت مشاركته أجواءه المميزة عندما تحدث عن انطباعاته ومشاهداته في فلورنسا (ايطاليا)، كما شارك في الأمسية الشاعر (الإشكالي أيضا) الكبير عبد المحسن حليت الذي تعرفت عليه سابقا وضمنا حديث صريح ذو شجون، والدكتور عبدالله مصري (الأسمر الوسيم) وكيل وزارة المعارف «سابقا» والمختص بعلم الآثار والتاريخ وهو مدين لي بوعد للمشاركة في احد فعاليات ديوانية الملتقى الثقافي في المنطقة الشرقية، والدكتور غازي مدني وهو أكاديمي بارز ومدير جامعة الملك عبدالعزيز «سابقا” والدكتور عاصم حمدان، وحيث لا يتسع المجال هنا لذكر الجميع فلهم جميعا كل المحبة والتقدير. افتتح الأمسية الأستاذ عبد المقصود خوجة بكلمة ترحيبية بالحضور وعبر عن سعادته بوجود وفد المنطقة الشرقية مؤكدا على ضرورة العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية بين كافة مكونات المجتمع بغض النظر عن الاختلافات والتباينات الجزئية والثانوية باعتبارها أمراً طبيعياً ينبغي احترامها والتعامل معها كحقيقة موضوعية، وبان كل شيء قابل للحوار والنقاش بشرط التمسك بالثوابت الدينية، والوطنية، والالتفاف حول القيادة باعتبارها رمزا لوحدة الشعب والوطن، وفتح باب النقاش والحوار الذي دار حول محاور مهمة من بينها تقييم التجربة الرائدة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني واستعراض مسيرته وطبيعة الموضوعات التي تصدى لها والتوصيات التي نجمت عن اجتماعاته والحاجة إلى تفعيلها والجدير بالذكر أن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أنشئ بمبادرة ودعم من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز (عندما كان وليا للعهد) بغرض خلق إطار مناسب للحوار والتعارف والتفاعل الصحي بين مختلف المكونات الاجتماعية والمناطقية والمذهبية والأطياف الثقافية والفكرية في المملكة وقد دشن مركز الحوار الوطني أولى فعالياته في العاصمة الرياض (جمادى الأول 1424) وتناول محورين هما الوحدة الوطنية واثر العلماء فيها والعلاقات والمواثيق الدولية وقد شارك في اللقاء الأول شخصيات رسمية وغير رسمية من بينهم علماء دين من مختلف المذاهب بما في ذلك الشيعة والإسماعيلية وذلك بهدف كسر الجليد وخلق أجواء الثقة والتأكيد على القواسم المشتركة بين الجميع وهي كثيرة. أما اللقاء الثاني (ذي القعدة 1424) فقد عقد تحت عنوان الغلو والاعتدال.. رؤية منهجية شاملة وجرى فيه التطرق إلى ما حوته بعض المناهج الدينية من غلو وتكفير للآخر وبعض الأفكار التي تروج للعنف تحت مسمى «الولاء والبراء» و« دار الحرب ودار الإسلام» واللقاء الثالث (ربيع الثاني 1425) ومحوره المرأة وحقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك، ودشن في ذلك اللقاء ولأول مرة مشاركة المرأة السعودية وجرى خلالها بعض الاحتكاكات (المفهومة) بين وجهات النظر المختلفة وخصوصا بين الاتجاه المحافظ والاتجاه المنفتح حول واقع المرأة ودورها الاجتماعي وحول قضايا ترتبط بحقوقها العامة بما في ذلك حقها في العمل المناسب ومشاركتها في كافة المجالات المتاحة، في حين ركز اللقاء الرابع (شوال 1425) على قضايا الشباب... الواقع والتطلعات، واتسم بحضور ومشاركة نشطة من الشباب والطلاب من الجنسين سواء في الجلسات التحضيرية أو في أروقة الاجتماعات العامة، وقد عكس الشباب من خلال أوراقهم ومداخلاتهم واقعهم ومشكلاتهم وهمومهم ومتطلباتهم فيما يتعلق بأوضاعهم الاجتماعية (مراكز الثقافة، والترفيه والتسلية، والحريات الشخصية) والتعليمية (المناهج والمقررات وطرق التدريس) والعملية (التدريب والتأهيل والعمل) أما محور اللقاء الأخير الخامس (ذي القعدة 1426) في مدينة أبها فقد دار حول موضوع «نحن والآخر» وفي هذا اللقاء حدث تطور نوعي مهم إذ تسنى لأول مرة أن يخرج النقاش والحوار من دائرة الغرف المغلقة شبه السرية إلى أجواء العلنية والحوار المباشر للمتداخلين وإشراك الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في تغطية وقائعه بما في ذلك استعراض وجهات النظر المختلفة وهو ما أضفى حيوية وصدقية ملفتة على الحوارات والمتحاورين أمام الرأي العام المحلي والأجنبي، ومركز الحوار الوطني بصدد الإعداد والتحضير للقاء السادس تحت عنوان «المناهج والتربية والتعليم».