بدأت ازمة الاسكان تطل برأسها في المجتمع السعودي مع تزايد عدد السكان الذي قفز من 16 مليونا قبل 12 عاما الى 24 مليونا الان وارتفاع اسعار العقارات وقلة العرض وازدياد الطلب على الوحدات العقارية وارتفاع نسبة من لا يمتلكون مساكن خاصة . وحسب تقديرات الخبراء فان الفجوة الاسكانية بالمملكة يقدر حجمها بنحو2.2 مليون وحدة على مدى عشر سنوات , ومن بين الحلول التي امر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالاسراع في اقرارها نظام الرهن العقاري. عكاظ تفتح ملف قضية الرهن العقاري متطرقة الى معوقات تطوير وتنمية السوق العقارية في المملكة وحاجة السوق على مدى السنوات القادمة من المساكن وحجم التمويل المتوقع وكيف يمكن ان يسهم نظام الرهن العقاري في حل ازمة السكن وتمكين كل مواطن من امتلاك مسكنه المناسب في عمره المناسب ، اضافة الى معرفة رأي الخبراء في مخاوف البعض مما يسمى ازمة الرهون العقارية الامريكية التي ضربت الاقتصاد الامريكي ككل وأثرت على الاقتصاد العالمي برمته.
بداية يرى المهندس سعود القصير ( مدير احدى الشركات الكبرى المتخصصة في الاسكان والعقارات ) انه وحسب ما أعلنته وزارة الإقتصاد والتخطيط وما أثبتته الدراسات التي قام بها القطاع الخاص يقدر حجم الطلب على المساكن المتوقع سنويا خلال العشر سنوات القادمة حوالي 220 الف وحدة سكنية أي ما يساوي 2.2 مليون وحدة سكنية في العشر سنوات القادمة ، والفجوة بين المطلوب والمعروض تتزايد سنويا لعدم وجود أليات فاعلة في توفير هذا الحجم من الوحدات السكنية .
آلية الارض والقرض
وعن نسبة تملك المواطنين للمساكن في المرحلة القادمة يقول القصير ان الحكومة إستطاعت تحقيق نسبة تملك مساكن عالية من خلال آلية القرض ومنح الاراضي المتبعة سابقا ، وحينما تراكمت الطلبات وطالت فترة الإنتظار حتى بلغت أكثر من 15 سنة بدأت نسبة التملك في الإنخفاض حتى وصلت الى 55% أو أقل وهي مرشحة للمزيد من النزول في ظل الأليات القائمة حاليا مالم يتم تفعيل قوى السوق لإنتاج كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية وتفعيل أليات تمويل إسكاني تحول الحاجة الى طلب بتمكين المواطنين من شراء الملائم من الوحدات السكنية بضمان دخولهم الشهرية وبأقساط شهرية لاتتعدى 30% من الراتب الشهري وهي النسبة المعيارية لتكاليف الإسكان ضمن تكاليف المعيشة الباقية كالتنقل والطعام والشراب والملبس والسياحة وغيرها .
افتقاد اهم متطلبات التطوير
ولا يبتعد العقاري سليمان بن صالح العمري رئيس احدى المجموعات العقارية عن هذه الرؤية حيث يقول ان صندوق التنمية العقارية ومنح الاراضي من الدولة ساهمت في تحقيق تملك اعداد من المواطنين لبيوتهم لكن الوضع اختلف الان ولابد من آليات جديدة تتناسب مع المستجدات والتطورات .
ويرى العمري ان المملكة تحتاج سنويا الى 280000وحدة سنويا في كل عام . ويذهب الى ان اهم معوقات التطور العقاري في المملكة حاليا الافتقاد الى التنظيم وعلى رأس ذلك التسجيل العيني العقاري والرهن العقاري الذي هو القضية الذي تتحدثون عنها وكذلك التمويل العقاري هذه هي الاسس لتنمية مصادر الدخل في السوق العقارية تحقيق توازن في العرض والطلب وآلية تنافسية مع اجتذاب بيوت التمويل والبنوك الى السوق والتعامل فيه ليكون هناك نشاط عقاري منظم يوفر وحدات سكنية مختلفة ترضي كافة الخيارات .
لكن القصير يرى في مسألة معوقات تملك المواطنين للسكن الملائم في العمر المناسب ان الإقتصاد السعودي يمر بمرحلة الإنتقال من الإقتصاد الريعي الى الإقتصاد الرأسمالي. ولاشك أن مرحلة الإنتقال تعتبر مرحلة بناء ينقصها الكثير ، والسوق الإسكانية ليست إستثناء فهي ينقصها الكثير من شركات التطوير الإسكاني العملاقة القادرة على إنتاج كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية في مدة معيارية ( 3-5 ) سنوات للحي السكني ، كما ينقصها أليات تمويل فاعلة تمكن شركات التطوير الإسكاني من تمويل مشاريعها التي تكلف مليارات الريالات ، كما تمول المواطنين من شراء منتجات تلك المشاريع بضمان المنتج العقاري والدخل الشهري ، وبرأيه ان السوق الإسكانية تنقصها جملة من التشريعات والأنظمة التي تساهم في تنظيم تلك السوق وتحفيزها مثل نظام الرهن العقاري ، وتنشيط السوق الأولية والثانوية للسندات ، والتسجيل العيني ، والتقاضي والتنفيذ السريع في قضايا التخلف أو التقاعس عن السداد الى غير ذلك من الأنظمة المحفزة .
اسكان موظفي الدولة
اما كيف يمكن تحقيق ذلك فيقول سالم الطريف ( مهندس لم يمتلك سكنا ) :ان ماتم الاعلان عنه من مؤسسة التقاعد لتوفير الاسكان لموظفي ومتقاعدي الدولة كان أمرا جيدا لو لم يتم تعقيده وتفريغه من الهدف الذي أنشئ من اجله وانه لاجل ذلك يقترح ان يتم التنسيق بين صندوق التنمية العقارية على اساس اقتطاع نسبة معينة من رواتب الموظفين وان يكون هناك اتفاقا بين الصندوق وبين بيوت تمويل وبنوك لبناء وحدات سكنية ملائمة تسلم في اوقات مناسبة للمواطنين بسعر فائدة معقول .
ثلاث فئات للمحتاجين
من جهته يدعو المهندس سعود القصير : الى تقسيم المحتاجين الى المساكن الى ثلاث فئات ، الأولى فئة الأغنياء الميسورين. وهؤلاء قادرون على شراء المساكن المناسبة لهم دون الحاجة لدعم حكومي ، والثانية الفئة المتوسطة وهي الفئة الأعرض والتي يمكن لأفرادها من شراء المساكن بالتقسيط الميسر الذي يعادل قيمة الإيجارات الشهرية السائدة ، والفئة الثالثة وهي فئة الدخل المتدني او الفقراء وهم من لا يستطيعون سداد الأقساط الشهرية . ومن أجل تمكين الطبقة المتوسطة من شراء المسكن المناسب على الحكومة ان تشجع شركات التطوير الإسكاني من خلال تطوير الأنظمة المحفزة والدعم المالي والمعنوي لإنتاج كميات كبيرة ومتنوعة ( شقق ، دبلكسات ، فلل ) بأحجام مختلفة ، وتشجيع قيام الكثير من شركات التمويل الإسكاني لتمويل المواطنين من هذه الطبقة لشراء الملائم منها بأقساط شهرية تتناسب ودخولهم بما يرفع من مستوى معيشتهم ، أما الطبقة الأخيرة فعلى الحكومة أن توجد برامج دعم لتمكينهم من شراء مساكن مناسبة تقوم الشركات المطورة بتطويرها بما يتناسب وقدرات هذه الطبقة والدعم الحكومي المقدم لها .
ويلفت القصير الانتباه في هذا الصدد الى ضرورة عدم عزل الطبقة الفقيرة في أحياء خاصة بهم لما لذلك من أثار سلبية مدمرة على المدى البعيد تحتاج لمليارات الريالات لمعالجتها حيث تشكل هذه الأحياء بمرور الزمن بؤر فقر وجهل ومرض وجريمة ومخالفة للنظام .
اقرار نظام الرهن
ويؤكد العقاري سليمان بن صالح العمري أن إقرار نظام الرهن العقاري سوف يؤدي بلا شك إلى حل أزمة الإسكان لدينا كما حدث في العديد من البلدان الأخرى وان هذا يجب أن يكون مرتبطا بحلول إسكانية عبر مشاريع عقارية واسكانية كبرى لا مجرد اجتهادات آحادية او فردية لا يمكن ان تستمر. وهذا الامر يمكن ان يكون عبر الصناديق العقارية المفتوحة والتحول إلى شركات الوساطة بمعنى حلول جديدة مدعومة بلوائح منظمة لها من قبل هيئة السوق المالية المشرفة عليها والتي ستحل بديلا عن المساهمات العقارية القديمة المتعثرة التي كانت تدار بطريقة عشوائية وكذلك البدء تدريجيا بتطبيق نظام وآلية الرهن العقاري على مراحل وليس بشكل فوري من اجل ألا يكون هناك استغلال من بعض الأطراف كما كانت المسألة من بعض البنوك في عمليات تمويل الأسهم .
التجربة المكسيكية
ومن جهته يقول المهندس سعود القصير أن نظام الرهن العقاري مكن الدول المتقدمة التي واجهت هذه المشكلة قبلنا من توفير السكن الملائم لمواطنيها في الوقت المناسب بضمان دخولهم الشهرية ، كما مكنهم من إعطاء المساكن أبعادها الإقتصادية والإجتماعية والأمنية والصحية ، وهو ما مكنهم من القضاء على المشاكل الإسكانية, كما مكنهم من تعزيز قدراتهم الإقتصادية ، كما أن الدول النامية التي واجهت المشكلة الإسكانية وأقرت نظام الرهن العقاري مثل المكسيك إستطاعت حل أكبر مشكلة إسكانية واجهتها في غضون خمس سنوات بفاعلية غير مسبوقة ويمكن لنا الإسترشاد بهذه التجربة في مواجهة القضية الإسكانية في بلادنا.
وعن كيفية ذلك يضيف القصير: ان نظام الرهن العقاري يمكن تكييفه وفق ظروف كل دولة ، وعلى العموم فهو نظام يربط الشركات المطورة بشركات التمويل الإسكاني بأصحاب المدخرات الراغبين بإستثمارها بالسوق المالية ( السندات ) والمشترين بما يؤصل لدورات مالية متتالية تحقق الربح والفائدة للجميع حيث تحفز شركات التطوير الإسكاني للإنتاج الكبير وتمكنها من تمويل مشاريعها وبيع منتجاتها ، كما تمكن شركات التمويل الإسكاني من تكرار دورات رأس المال ، وتمكن المشترين من الحصول على المسكن في الوقت المناسب ، إضافة لتمكينها أصحاب المدخرات ( وخصوصا الكتل المالية ) من إستثمار مدخراتهم في سندات آمنة ومستمرة ، وهذا بالطبع ينعكس على جودة المباني وبناء الثروات وعلى جودة الحياة وقوة الإقتصاد الوطني .
التطبيق بضوابط
ويتفق سليمان العمري مع وجهة نظر القصير بأن الرهن العقاري آلية اذا تم تطبيقها بضوابط وشروط جيدة وبتدرج سوف تحقق حفظ حقوق كافة الاطراف حيث تكمن آليتها في ان يتقدم الشخص بطلب التمويل لانشاء منزل برهن الأرض ويتم تقديم التمويل لاجل ذلك .وستكون هناك شركات تثمين وتقييم تدعم موقف المستفيد ( صاحب السكن) وكذلك مشاريع يمكن آن تعطي ريع من قيمتها تستطيع ان تحصل على تمويل بضمان الريع لانشاء مزيد من الوحدات والتوسع في هذا المجال .
تجارب الدول الأخرى
اما وليد المرشد مدير مجموعة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي فينبه الى نقطة هامة وهي أنه قبل تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة ينبغي البدء بتطبيق بعض تجارب الدول الأخرى المتعلقة بنظام الإجارة المتوافق مع الشريعة الإسلامية لحل المشكلة الإسكانية حيث يبقى المسكن باسم شركة التمويل الى حين إكمال العميل تسديد المبلغ واكبر مثال على ذلك في نظره ما تقوم به شركة (سهل) السعودية حاليا التي بدأت ممارسة هذا النشاط .
ويرى ان نظام الرهن العقاري حان وقت تطبيقه في السوق السعودية لأنه سيحل أزمة السكن وسيشجع بيوت التمويل والبنوك على الدخول في مشاريع تمويل الإسكان وتوفير الوحدات المطلوبة .
المخاوف مبالغ فيها
ويذهب العمري إلى ان ليست هناك اية مخاوف منتظرة من تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة على غرار ما يسمعه البعض مما حدث في امريكا حيث ان ماحدث هناك امور معقدة ومتقدمة نحن بعيدون عنها إذ أن ما نسعى إليه هو تسهيل عملية التمويل لبناء المساكن وتملك المواطنين السعوديين لمساكنهم الخاصة .
الرهن يوسع قاعدة التملك
ومن جهته يعتبر رئيس مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية عبدالرحمن راشد الراشد ان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بسرعة العمل لاقرار نظام الرهن العقاري أمر سيحل أزمة الإسكان في المملكة وسيوفر الكثير من الخيارات أمام راغبي تملك الوحدات السكنية وسوف يحفز البنوك ومراكز التمويل على الدخول في الاستثمار في القطاع الإسكاني الأمر الذي سيخلق حركة تجارية واستثمارية نشطة في السوق تكون متوازنة تقدم الخدمات والمنتجات المتعددة بأسعار تنافسية وتحل الاختناقات وتمكن المواطنين الذين لا يمتلكون الا مساكنهم من الحصول على تمويل لبناء وحدات سكنية بضمان مساكنهم يستطيعون استثمارها لتزيد في مداخيلهم.
واعتبر الراشد ان هذا النظام لن يتعارض مع المشاريع الإسكانية الأخرى سواء مشروع صندوق التنمية العقارية أو مشروع التقاعد أو غيرها بل سيعطي المزيد من الفرص وينمي القاعدة الاقتصادية مستشهدا بأن عملية إقراض البنوك التجارية للمواطنين بضمان الرواتب لمواجهة حاجاتهم الاستهلاكية عملية نجحت وتجاوزت مائة مليار ريال فكيف إذا تم استثمارها في الإسكان .
الازمة الامريكية
وثمن المهندس القصير إلى قرار خادم الحرمين الشريفين بالإسراع بنظام الرهن العقاري ويرى انه ليس مناسبا فقط بل نحن في أمس الحاجة له خصوصا ونحن نعيش بوادر أزمة إسكانية خانقة ، حيث أصبح التضخم في بلادنا يتزايد سنويا في ظل أسعار المساكن المرتفعة نتيجة الفجوة الكبيرة بين المعروض والمطلوب من الوحدات ، أما بالنسبة لمشكلة الرهونات العقارية عالية المخاطر في أمريكا فهذا منتج من منتجات نظام الرهن العقاري وهو عالي المخاطر وجميع المتعاملين به يعلمون ذلك .
ويجب أن نعرف أن الأزمة في أمريكا ليست أزمة رهونات عقارية بقدر ماهي أزمة إئتمان حيث تنازلت بنوك الرهن العقاري عن الكثير من المعايير الإئتمانية حتى تم تمويل أفراد ذوي سجلات إئتمانية متدنية وغير مناسبة ولاتؤهلهم للحصول على تمويل ، وهي مشابهة للأزمة التي حصلت في سوق الأسهم السعودية حيث قدمت البنوك تسهيلات للكثير من المضاربين دون الإلتزام بمعايير الإئتمان المتعارف عليها مما أدى الى نشوء أزمة كبيرة في سوق الأسهم السعودية ، بمعنى أن أزمة الرهونات العقارية عالية المخاطر في أمريكا يمكن تصنيفها على أنها أزمة إئتمان حدثت في السوق الإسكانية ، ويمكن لها أن تحصل في أي سوق أخرى كسوق الأسهم على سبيل المثال ، وعليه يمكن تجنب هذه الأزمة ببساطة من خلال تطبيق معايير الإئتمان العالمية وعدم التنازل عنها مهما كانت الظروف ، وعلى كل حال علينا أن نتجنب الدخول في منتجات الرهونات العقارية عالية المخاطر بسبب ضعف القدرات الإئتمانية لطالبي التمويل ، وعلينا أن نعرف أن كل منتج له من الأثار الإيجابية والأثار السلبية ، وحالما تكون الفوائد أكثر من السلبيات فهو منتج جيد ، والسيارة كما هي أداة نقل فقد تكون أداة قتل إذا أسأنا إستخدامها .
بداية يرى المهندس سعود القصير ( مدير احدى الشركات الكبرى المتخصصة في الاسكان والعقارات ) انه وحسب ما أعلنته وزارة الإقتصاد والتخطيط وما أثبتته الدراسات التي قام بها القطاع الخاص يقدر حجم الطلب على المساكن المتوقع سنويا خلال العشر سنوات القادمة حوالي 220 الف وحدة سكنية أي ما يساوي 2.2 مليون وحدة سكنية في العشر سنوات القادمة ، والفجوة بين المطلوب والمعروض تتزايد سنويا لعدم وجود أليات فاعلة في توفير هذا الحجم من الوحدات السكنية .
آلية الارض والقرض
وعن نسبة تملك المواطنين للمساكن في المرحلة القادمة يقول القصير ان الحكومة إستطاعت تحقيق نسبة تملك مساكن عالية من خلال آلية القرض ومنح الاراضي المتبعة سابقا ، وحينما تراكمت الطلبات وطالت فترة الإنتظار حتى بلغت أكثر من 15 سنة بدأت نسبة التملك في الإنخفاض حتى وصلت الى 55% أو أقل وهي مرشحة للمزيد من النزول في ظل الأليات القائمة حاليا مالم يتم تفعيل قوى السوق لإنتاج كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية وتفعيل أليات تمويل إسكاني تحول الحاجة الى طلب بتمكين المواطنين من شراء الملائم من الوحدات السكنية بضمان دخولهم الشهرية وبأقساط شهرية لاتتعدى 30% من الراتب الشهري وهي النسبة المعيارية لتكاليف الإسكان ضمن تكاليف المعيشة الباقية كالتنقل والطعام والشراب والملبس والسياحة وغيرها .
افتقاد اهم متطلبات التطوير
ولا يبتعد العقاري سليمان بن صالح العمري رئيس احدى المجموعات العقارية عن هذه الرؤية حيث يقول ان صندوق التنمية العقارية ومنح الاراضي من الدولة ساهمت في تحقيق تملك اعداد من المواطنين لبيوتهم لكن الوضع اختلف الان ولابد من آليات جديدة تتناسب مع المستجدات والتطورات .
ويرى العمري ان المملكة تحتاج سنويا الى 280000وحدة سنويا في كل عام . ويذهب الى ان اهم معوقات التطور العقاري في المملكة حاليا الافتقاد الى التنظيم وعلى رأس ذلك التسجيل العيني العقاري والرهن العقاري الذي هو القضية الذي تتحدثون عنها وكذلك التمويل العقاري هذه هي الاسس لتنمية مصادر الدخل في السوق العقارية تحقيق توازن في العرض والطلب وآلية تنافسية مع اجتذاب بيوت التمويل والبنوك الى السوق والتعامل فيه ليكون هناك نشاط عقاري منظم يوفر وحدات سكنية مختلفة ترضي كافة الخيارات .
لكن القصير يرى في مسألة معوقات تملك المواطنين للسكن الملائم في العمر المناسب ان الإقتصاد السعودي يمر بمرحلة الإنتقال من الإقتصاد الريعي الى الإقتصاد الرأسمالي. ولاشك أن مرحلة الإنتقال تعتبر مرحلة بناء ينقصها الكثير ، والسوق الإسكانية ليست إستثناء فهي ينقصها الكثير من شركات التطوير الإسكاني العملاقة القادرة على إنتاج كميات كبيرة ومتنوعة من الوحدات السكنية في مدة معيارية ( 3-5 ) سنوات للحي السكني ، كما ينقصها أليات تمويل فاعلة تمكن شركات التطوير الإسكاني من تمويل مشاريعها التي تكلف مليارات الريالات ، كما تمول المواطنين من شراء منتجات تلك المشاريع بضمان المنتج العقاري والدخل الشهري ، وبرأيه ان السوق الإسكانية تنقصها جملة من التشريعات والأنظمة التي تساهم في تنظيم تلك السوق وتحفيزها مثل نظام الرهن العقاري ، وتنشيط السوق الأولية والثانوية للسندات ، والتسجيل العيني ، والتقاضي والتنفيذ السريع في قضايا التخلف أو التقاعس عن السداد الى غير ذلك من الأنظمة المحفزة .
اسكان موظفي الدولة
اما كيف يمكن تحقيق ذلك فيقول سالم الطريف ( مهندس لم يمتلك سكنا ) :ان ماتم الاعلان عنه من مؤسسة التقاعد لتوفير الاسكان لموظفي ومتقاعدي الدولة كان أمرا جيدا لو لم يتم تعقيده وتفريغه من الهدف الذي أنشئ من اجله وانه لاجل ذلك يقترح ان يتم التنسيق بين صندوق التنمية العقارية على اساس اقتطاع نسبة معينة من رواتب الموظفين وان يكون هناك اتفاقا بين الصندوق وبين بيوت تمويل وبنوك لبناء وحدات سكنية ملائمة تسلم في اوقات مناسبة للمواطنين بسعر فائدة معقول .
ثلاث فئات للمحتاجين
من جهته يدعو المهندس سعود القصير : الى تقسيم المحتاجين الى المساكن الى ثلاث فئات ، الأولى فئة الأغنياء الميسورين. وهؤلاء قادرون على شراء المساكن المناسبة لهم دون الحاجة لدعم حكومي ، والثانية الفئة المتوسطة وهي الفئة الأعرض والتي يمكن لأفرادها من شراء المساكن بالتقسيط الميسر الذي يعادل قيمة الإيجارات الشهرية السائدة ، والفئة الثالثة وهي فئة الدخل المتدني او الفقراء وهم من لا يستطيعون سداد الأقساط الشهرية . ومن أجل تمكين الطبقة المتوسطة من شراء المسكن المناسب على الحكومة ان تشجع شركات التطوير الإسكاني من خلال تطوير الأنظمة المحفزة والدعم المالي والمعنوي لإنتاج كميات كبيرة ومتنوعة ( شقق ، دبلكسات ، فلل ) بأحجام مختلفة ، وتشجيع قيام الكثير من شركات التمويل الإسكاني لتمويل المواطنين من هذه الطبقة لشراء الملائم منها بأقساط شهرية تتناسب ودخولهم بما يرفع من مستوى معيشتهم ، أما الطبقة الأخيرة فعلى الحكومة أن توجد برامج دعم لتمكينهم من شراء مساكن مناسبة تقوم الشركات المطورة بتطويرها بما يتناسب وقدرات هذه الطبقة والدعم الحكومي المقدم لها .
ويلفت القصير الانتباه في هذا الصدد الى ضرورة عدم عزل الطبقة الفقيرة في أحياء خاصة بهم لما لذلك من أثار سلبية مدمرة على المدى البعيد تحتاج لمليارات الريالات لمعالجتها حيث تشكل هذه الأحياء بمرور الزمن بؤر فقر وجهل ومرض وجريمة ومخالفة للنظام .
اقرار نظام الرهن
ويؤكد العقاري سليمان بن صالح العمري أن إقرار نظام الرهن العقاري سوف يؤدي بلا شك إلى حل أزمة الإسكان لدينا كما حدث في العديد من البلدان الأخرى وان هذا يجب أن يكون مرتبطا بحلول إسكانية عبر مشاريع عقارية واسكانية كبرى لا مجرد اجتهادات آحادية او فردية لا يمكن ان تستمر. وهذا الامر يمكن ان يكون عبر الصناديق العقارية المفتوحة والتحول إلى شركات الوساطة بمعنى حلول جديدة مدعومة بلوائح منظمة لها من قبل هيئة السوق المالية المشرفة عليها والتي ستحل بديلا عن المساهمات العقارية القديمة المتعثرة التي كانت تدار بطريقة عشوائية وكذلك البدء تدريجيا بتطبيق نظام وآلية الرهن العقاري على مراحل وليس بشكل فوري من اجل ألا يكون هناك استغلال من بعض الأطراف كما كانت المسألة من بعض البنوك في عمليات تمويل الأسهم .
التجربة المكسيكية
ومن جهته يقول المهندس سعود القصير أن نظام الرهن العقاري مكن الدول المتقدمة التي واجهت هذه المشكلة قبلنا من توفير السكن الملائم لمواطنيها في الوقت المناسب بضمان دخولهم الشهرية ، كما مكنهم من إعطاء المساكن أبعادها الإقتصادية والإجتماعية والأمنية والصحية ، وهو ما مكنهم من القضاء على المشاكل الإسكانية, كما مكنهم من تعزيز قدراتهم الإقتصادية ، كما أن الدول النامية التي واجهت المشكلة الإسكانية وأقرت نظام الرهن العقاري مثل المكسيك إستطاعت حل أكبر مشكلة إسكانية واجهتها في غضون خمس سنوات بفاعلية غير مسبوقة ويمكن لنا الإسترشاد بهذه التجربة في مواجهة القضية الإسكانية في بلادنا.
وعن كيفية ذلك يضيف القصير: ان نظام الرهن العقاري يمكن تكييفه وفق ظروف كل دولة ، وعلى العموم فهو نظام يربط الشركات المطورة بشركات التمويل الإسكاني بأصحاب المدخرات الراغبين بإستثمارها بالسوق المالية ( السندات ) والمشترين بما يؤصل لدورات مالية متتالية تحقق الربح والفائدة للجميع حيث تحفز شركات التطوير الإسكاني للإنتاج الكبير وتمكنها من تمويل مشاريعها وبيع منتجاتها ، كما تمكن شركات التمويل الإسكاني من تكرار دورات رأس المال ، وتمكن المشترين من الحصول على المسكن في الوقت المناسب ، إضافة لتمكينها أصحاب المدخرات ( وخصوصا الكتل المالية ) من إستثمار مدخراتهم في سندات آمنة ومستمرة ، وهذا بالطبع ينعكس على جودة المباني وبناء الثروات وعلى جودة الحياة وقوة الإقتصاد الوطني .
التطبيق بضوابط
ويتفق سليمان العمري مع وجهة نظر القصير بأن الرهن العقاري آلية اذا تم تطبيقها بضوابط وشروط جيدة وبتدرج سوف تحقق حفظ حقوق كافة الاطراف حيث تكمن آليتها في ان يتقدم الشخص بطلب التمويل لانشاء منزل برهن الأرض ويتم تقديم التمويل لاجل ذلك .وستكون هناك شركات تثمين وتقييم تدعم موقف المستفيد ( صاحب السكن) وكذلك مشاريع يمكن آن تعطي ريع من قيمتها تستطيع ان تحصل على تمويل بضمان الريع لانشاء مزيد من الوحدات والتوسع في هذا المجال .
تجارب الدول الأخرى
اما وليد المرشد مدير مجموعة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي فينبه الى نقطة هامة وهي أنه قبل تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة ينبغي البدء بتطبيق بعض تجارب الدول الأخرى المتعلقة بنظام الإجارة المتوافق مع الشريعة الإسلامية لحل المشكلة الإسكانية حيث يبقى المسكن باسم شركة التمويل الى حين إكمال العميل تسديد المبلغ واكبر مثال على ذلك في نظره ما تقوم به شركة (سهل) السعودية حاليا التي بدأت ممارسة هذا النشاط .
ويرى ان نظام الرهن العقاري حان وقت تطبيقه في السوق السعودية لأنه سيحل أزمة السكن وسيشجع بيوت التمويل والبنوك على الدخول في مشاريع تمويل الإسكان وتوفير الوحدات المطلوبة .
المخاوف مبالغ فيها
ويذهب العمري إلى ان ليست هناك اية مخاوف منتظرة من تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة على غرار ما يسمعه البعض مما حدث في امريكا حيث ان ماحدث هناك امور معقدة ومتقدمة نحن بعيدون عنها إذ أن ما نسعى إليه هو تسهيل عملية التمويل لبناء المساكن وتملك المواطنين السعوديين لمساكنهم الخاصة .
الرهن يوسع قاعدة التملك
ومن جهته يعتبر رئيس مجلس الغرف التجارية الصناعية السعودية عبدالرحمن راشد الراشد ان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بسرعة العمل لاقرار نظام الرهن العقاري أمر سيحل أزمة الإسكان في المملكة وسيوفر الكثير من الخيارات أمام راغبي تملك الوحدات السكنية وسوف يحفز البنوك ومراكز التمويل على الدخول في الاستثمار في القطاع الإسكاني الأمر الذي سيخلق حركة تجارية واستثمارية نشطة في السوق تكون متوازنة تقدم الخدمات والمنتجات المتعددة بأسعار تنافسية وتحل الاختناقات وتمكن المواطنين الذين لا يمتلكون الا مساكنهم من الحصول على تمويل لبناء وحدات سكنية بضمان مساكنهم يستطيعون استثمارها لتزيد في مداخيلهم.
واعتبر الراشد ان هذا النظام لن يتعارض مع المشاريع الإسكانية الأخرى سواء مشروع صندوق التنمية العقارية أو مشروع التقاعد أو غيرها بل سيعطي المزيد من الفرص وينمي القاعدة الاقتصادية مستشهدا بأن عملية إقراض البنوك التجارية للمواطنين بضمان الرواتب لمواجهة حاجاتهم الاستهلاكية عملية نجحت وتجاوزت مائة مليار ريال فكيف إذا تم استثمارها في الإسكان .
الازمة الامريكية
وثمن المهندس القصير إلى قرار خادم الحرمين الشريفين بالإسراع بنظام الرهن العقاري ويرى انه ليس مناسبا فقط بل نحن في أمس الحاجة له خصوصا ونحن نعيش بوادر أزمة إسكانية خانقة ، حيث أصبح التضخم في بلادنا يتزايد سنويا في ظل أسعار المساكن المرتفعة نتيجة الفجوة الكبيرة بين المعروض والمطلوب من الوحدات ، أما بالنسبة لمشكلة الرهونات العقارية عالية المخاطر في أمريكا فهذا منتج من منتجات نظام الرهن العقاري وهو عالي المخاطر وجميع المتعاملين به يعلمون ذلك .
ويجب أن نعرف أن الأزمة في أمريكا ليست أزمة رهونات عقارية بقدر ماهي أزمة إئتمان حيث تنازلت بنوك الرهن العقاري عن الكثير من المعايير الإئتمانية حتى تم تمويل أفراد ذوي سجلات إئتمانية متدنية وغير مناسبة ولاتؤهلهم للحصول على تمويل ، وهي مشابهة للأزمة التي حصلت في سوق الأسهم السعودية حيث قدمت البنوك تسهيلات للكثير من المضاربين دون الإلتزام بمعايير الإئتمان المتعارف عليها مما أدى الى نشوء أزمة كبيرة في سوق الأسهم السعودية ، بمعنى أن أزمة الرهونات العقارية عالية المخاطر في أمريكا يمكن تصنيفها على أنها أزمة إئتمان حدثت في السوق الإسكانية ، ويمكن لها أن تحصل في أي سوق أخرى كسوق الأسهم على سبيل المثال ، وعليه يمكن تجنب هذه الأزمة ببساطة من خلال تطبيق معايير الإئتمان العالمية وعدم التنازل عنها مهما كانت الظروف ، وعلى كل حال علينا أن نتجنب الدخول في منتجات الرهونات العقارية عالية المخاطر بسبب ضعف القدرات الإئتمانية لطالبي التمويل ، وعلينا أن نعرف أن كل منتج له من الأثار الإيجابية والأثار السلبية ، وحالما تكون الفوائد أكثر من السلبيات فهو منتج جيد ، والسيارة كما هي أداة نقل فقد تكون أداة قتل إذا أسأنا إستخدامها .