اهتمت الدولة على مدار سنوات بعناوين كبيرة تتعلق بالتسامح والحوار والوسطية والاعتدال.. تلك العناوين التي تكافح التمييز العنصري.. ونجحت في دفن المفردات العنصرية تحت الرماد.. وتوقفت الممارسات التي تنطوي على التمييز العنصري من الظهور العلني. كان لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني دور فاعل في صناعة أرضية خصبة وملائمة لنشر خطاب وسطي بين الأطياف الاجتماعية.. ونشر مفردة ثقافية تحترم الأطياف والثقافات والمعتقدات وحقوق الإنسان.. لكن كل ذلك الاهتمام وتلك الجهود كانت (توعوية) فقط.
مجلس الشورى ناقش عدة مرات أكثر من نظام لتجريم العنصرية.. إلا أنه لم يَصدر (نظام عقوبات) يطبق في المحاكم.. فكل القضايا التي تعرض بهذا الخصوص يصدر فيها حكم تعزيري.. (هذه من المآخذ التي تتطرق لها المنظمات الحقوقية التي تشير إلى عدم وجود نظام يجرم الكراهية والعنصرية..).
في الآونة الأخيرة خرجت العاهات العنصرية من تحت الرماد.. وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي كالسرطان الخبيث.. لا يحدها دين ولا أخلاق ولا قيم.. وبالتأكيد لا يحدها تربية سليمة. وفي نفس الوقت لا يوجد قانون ينص على تجريم تلك الممارسات الاستعلائية بكل عنفها اللفظي الذي لا يليق كتابة نماذج منه في المقال. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالتغريدات والرسائل العنصرية بأسماء صريحة -في السابق لم تكن هذه الظاهرة موجودة.. فالعنصري كان يخجل من التصريح بعنصريته أمام الملأ-.
العنصرية موجودة في كل مجتمع. تأتي بشكل: عدم قبول الآخر.. أو التعصب للسلالة أو اللون أو الدين أو المنطقة.. فكل مجتمع يوجد فيه عاهات تمارس الاضطهاد العرقي والتمييز العنصري.. فهي سمات في تركيبة النسيج الثقافي للمجتمعات.. ولكن المجتمعات الحضارية تجرّم تلك الممارسات وتضع لها قوانين واضحة. بالتالي، رغم وجودها.. لا يستطيع أحد أن يمارسها جهارا أو علانية.
المجتمعات العصرية ترحب بالتعدد الثقافي.. فهي تتشكل وتأخذ قوتها من الاختلافات. والدولة الناجحة تنمّي (وحدة النسيج) بين مكوناتها السكانية.. من خلال أنظمة وقوانين تحد من العنصرية وتحافظ على النسيج الاجتماعي. لكنّ (العنصريين) يرون في وحدة النسيج خطرا على هوياتهم وفرصهم في المصالح.. فتظهر العنصرية لتحد من تكافؤ الفرص أمام من تُمارس ضدهم العنصرية.. وتبدأ جماعات أخرى في الانحياز للجانب العنصري لضمان المصالح. والظاهرة تتضخم.
المجتمع في ظل فوضى الفضاء الإلكتروني يحتاج إلى قانون يجرم العنصرية والتمييز بجميع أشكاله ضد الأفراد والجماعات بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الدين.. فهو السبيل إلى تحجيم خطاب الكراهية ومحاصرة التمييز.
* كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com
مجلس الشورى ناقش عدة مرات أكثر من نظام لتجريم العنصرية.. إلا أنه لم يَصدر (نظام عقوبات) يطبق في المحاكم.. فكل القضايا التي تعرض بهذا الخصوص يصدر فيها حكم تعزيري.. (هذه من المآخذ التي تتطرق لها المنظمات الحقوقية التي تشير إلى عدم وجود نظام يجرم الكراهية والعنصرية..).
في الآونة الأخيرة خرجت العاهات العنصرية من تحت الرماد.. وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي كالسرطان الخبيث.. لا يحدها دين ولا أخلاق ولا قيم.. وبالتأكيد لا يحدها تربية سليمة. وفي نفس الوقت لا يوجد قانون ينص على تجريم تلك الممارسات الاستعلائية بكل عنفها اللفظي الذي لا يليق كتابة نماذج منه في المقال. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالتغريدات والرسائل العنصرية بأسماء صريحة -في السابق لم تكن هذه الظاهرة موجودة.. فالعنصري كان يخجل من التصريح بعنصريته أمام الملأ-.
العنصرية موجودة في كل مجتمع. تأتي بشكل: عدم قبول الآخر.. أو التعصب للسلالة أو اللون أو الدين أو المنطقة.. فكل مجتمع يوجد فيه عاهات تمارس الاضطهاد العرقي والتمييز العنصري.. فهي سمات في تركيبة النسيج الثقافي للمجتمعات.. ولكن المجتمعات الحضارية تجرّم تلك الممارسات وتضع لها قوانين واضحة. بالتالي، رغم وجودها.. لا يستطيع أحد أن يمارسها جهارا أو علانية.
المجتمعات العصرية ترحب بالتعدد الثقافي.. فهي تتشكل وتأخذ قوتها من الاختلافات. والدولة الناجحة تنمّي (وحدة النسيج) بين مكوناتها السكانية.. من خلال أنظمة وقوانين تحد من العنصرية وتحافظ على النسيج الاجتماعي. لكنّ (العنصريين) يرون في وحدة النسيج خطرا على هوياتهم وفرصهم في المصالح.. فتظهر العنصرية لتحد من تكافؤ الفرص أمام من تُمارس ضدهم العنصرية.. وتبدأ جماعات أخرى في الانحياز للجانب العنصري لضمان المصالح. والظاهرة تتضخم.
المجتمع في ظل فوضى الفضاء الإلكتروني يحتاج إلى قانون يجرم العنصرية والتمييز بجميع أشكاله ضد الأفراد والجماعات بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الدين.. فهو السبيل إلى تحجيم خطاب الكراهية ومحاصرة التمييز.
* كاتب سعودي
anmar20@yahoo.com