سعت المملكة إلى حماية حقوق المواطنين، وتعزيز الثقة واستقرار الأمن، والحفاظ على النظام العام ومصالح المجتمع ككل، ولذلك إنابة الدولة - النيابة العامة - عن المجتمع في ملاحقة المتهم وتوقيع الجزاء عليه لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النحل: (90). ويكون ذلك بإيقاع العقوبة الجزائية على المتهم وهي الوسيلة التي وضعها المشرع لصيانة الحق ومعاقبة المعتدي، ومما لا شك أن الدعوى الجزائية تحمي حقوق الإنسان من أي تصرف يلحق الأذى به في حال اتهامه، سواء حصل التعدي على حق فردًا معينًا أو المجتمع. ويقصد بالدعوى الجزائية كظاهرة قانونية حق المجتمع في الالتجاء إلى القضاء بواسطة الجهاز المختص بالاتهام الذي تمثله النيابة التي ارتضاها المجتمع للقيام بهذه المهمة، لإقرار مدى ما للمجتمع من حق في معاقبة المتهم بارتكاب الجريمة وتوقيع الجزاء الجنائي عليه سواء كان في صورة عقوبة أو تدبير احترازي. هذا والنيابة العامة - هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً - هي المختصة أصلاً بتحريك الدعوى الجزائية في المملكة العربية السعودية وهذا ما نصت عليه المادة الخامسة عشرة: «تختص هيئة التحقيق والادعاء العام - وفقاً لنظامها - بإقامة الدعوى الجزائية ومباشرتها أمام المحاكم المختصة»، وذلك عن طريق قيام المحقق بنفسه بإجراء من إجراءات التحقيق أو ندب رجال الضبط الجنائي للقيام بذلك الإجراء، أو عن طريق رفع الدعوى الجزائية بتكليف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة بناءً على محضر الاستدلال في الجرائم غير الكبيرة التي لا تستلزم ظروفها أو أهميتها التحقيق فيها. ويظهر بوضوح دور النيابة الفعال في المجتمع وملامسته للواقع من ضبط الجرائم، وإيقاع العقوبة على مرتكب الجريمة، والحد من ارتكاب الأفراد للجرائم، وعدم إفلات المتهم، وأخذ حق الطرف الضعيف وهو المجني عليه، وردع وزجر كل من تسول له نفسه ارتكاب أي جريمة، ويغلب على النيابة العامة الصفة القضائية؛ نظرًا لطبيعة أعمالها وحصانة أعضائها واستقلالها، وتطبيقهم لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة، وهذا ما نصت عليه المادة الخامسة: «يتمتع أعضاء الهيئة بالاستقلال التام، ولا يخضعون في عملِهم إلا لأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في مجال عملهم». وتختص النيابة العامة بعدة اختصاصات ومنها: التحقيق في الجرائم، رفع الدعوى أو حفظها، الادعاء أمام المحاكم المختصة، الإشراف على تنفيذ الأحكام الجزائية وغيرها من اختصاصاتها.