-A +A
عادل سعود الروقيokaz_online@
لا يكاد الباحثون في النقد الأدبي، بطبيعته ووظائفه ومناهجه، يفرقون بين الذاتية والتأثرية.

فالاقتصار على مجرد الاستحسان أو الاستهجان في مجال النقد دون تمهيد لهما بدارسة فكرية مساوقة للتذوق، والجمال تسمى عند المحدثين بالنقد الذاتي أو التأثري، وهو يعتمد على الذوق الشخصي في إدراك جمال العمل الأدبي أو قبحه.


وبذلك لا يكون الذوق وسيلة من وسائل المعرفة، وإنما هو وسيلة إلى إدراكات خاصة تثير في شعور المتذوق الرضى أو السخط، فالأذواق تختلف وهي غير موزعة على الناس بالعدل.

وعندما يقول المتذوق هذا جيد وهذا رديء فهذا الحكم عائد إلى ما يحسه هو، وبذلك لا يكون للنقد قيمة من دون تعليل بعد التحليل والدراسة الموضعية والموضوعية.

فالتأثرية ثمرة التفاعل بين الأعمال الفنية والأذواق أي مدى ما يستطيع العمل أن يثيره في نفس متلقيه، ومدى ما يؤثر في عواطفه وانفعالاته، فأهم خاصية للمبدع هي أن يثير لدى القارئ استجابات في ذوقه، وإحساسه، وخياله.

ظهر مصطلح «النقدي التأثري» في فرنسا في القرن التاسع عشر الميلادي، وإن كانت هذه النقدية موغلة في القدم، فإن المصطلح ظهر متأخراً، وكان ظهوره طبيعياً في هذه الحقبة الزمنية، التي شهدت تطوراً ملموساً في مختلف المجالات الأدبية والنقدية والفنية عامة.

كما مهدت أفكار الناقد «أرنست رينان» الذي صرح بأن الإبداع الفني ما هو إلا ذلك الذي يمثل الجمال الخالد اللانهائي للطبيعة الانسانية، وأن كل شيء يثير الإعجاب والنقد، وجعل ذلك «لومتر» يستفيد من هذه الأفكار القيمة لاستكمال منهجه النقدي.

ومما زاد من تطور المنهج النقدي التأثري طابع الصراع، والمعارك الفكرية، التي أثارها «برونتيير»، الذي آمن بنظرية «داروين» لتطور الأنواع الأدبية.