-A +A
سليمان حمدي القرشي hotmatrixman@
نزل خبر وفاة والدتي -رحمها الله وأسكنها الجنة- علينا كالصاعقة التي زلزلت كيان الأسرة، فقد كانت لنا الأم الرؤوم، بل كانت لنا الدنيا بأكملها وبابا من أبواب الجنة، ورغم أنها فقدت بصرها بسبب المرض، إلا أنها لم تفقد بصيرتها التي كانت تستمدها من علاقتها القوية بربها.

كنا نحن أبناءها وبناتها نشعر منذ نعومة أظافرنا أن والدتنا لم تكن امرأة عادية، كانت قوية وتقف بجانب كل واحد منا وتعينه على نائبات الدهر، لقد كانت والدتنا تحبنا حبا عظيما وكنا نبادلها ذلك الحب وكنا نخشى من عدم رضاها، ونتسابق نحن وأبناؤنا في تلبية ما تريده مهما كلف ذلك الأمر، كانت -رحمها الله- حكيمة وذات هيبة رحيمة وعطوفة وتملك من الحنان الذي فاض حتى بلغ الأهل والجيران.


في يوم وفاة والدتي اسودت الدنيا في عيني وقد انفطر قلبي عليها، ودارت في مخيلتي كثير من الأحداث والمواقف معها وتمنيت أنني لو أستطيع أن أعطيها من عمري، ولكن لا اعتراض على حكم الله وقدره، ولم يخفف عني ضيق صدري سوى ذلك الطفل الذي لم يتجاوز عمره عشرة أيام، الذي قدر الله له أن يدفن معها في قبرها، فأحسست بطمأنينة غريبة تسري في عروقي وانزاح الهم عني، وظننت أن الله أرسله لها كي يؤنس وحشتها به وألا تبقى في تلك الحفرة وحيدة إلى يوم البعث.

إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا كما أمرنا ربنا عز وجل «لا حول ولا قوة إلا بالله.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. حسبنا الله ونعم الوكيل»، اللهم ارحم والدتي واجعلها في الفردوس الأعلى من الجنة.