-A +A
د . طلال صالح بنان
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف زار مؤخرا رام الله، وكان قبلها قد زار دمشق والقدس المحتلة. وتكمن أهمية الزيارة في أنها تأتي بعد الانتخابات الرئاسية الروسية، وقبل تسلم الرئيس الروسي الجديد ديمتري ديميديف للسلطة في مايو القادم، من الرئيس الحالي فلاديمير بوتن. وإذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن الرئيس بوتن هو رئيس وزراء روسيا القادم، فإن الزيارة تكون امتداداً لسياسة الرئيس بوتن الخارجية في المنطقة، وليس مجرد زيارة يقوم بها وزير خارجية في نهاية خدمة حكومته، ربما تتغير معالمها واتجاهاتها ومواقفها بتغير رموز الحكم في الكرملين. كذلك فإن زيارة الوزير لافروف في المنطقة تأتي ضمن تحرك أمريكي وأوروبي نشط في المنطقة غاب بين طياته الدور التقليدي لروسيا في المنطقة، وإن كان من المستبعد الكلام عن توازن غربي روسي في المنطقة، يعيد إلى الأذهان ما كان قائماً أثناء فترة عهد الحرب الباردة. إلا أنه لا يمكن إغفال حقيقة الرغبة الروسية المتنامية في أن يكون لروسيا دورُ في أي تسوية سلمية في المنطقة، ولا يُترك ذلك كله للأمريكيين أو الأوربيين. روسيا لازالت تُعَوِل على الدور السوري في أي محادثات ضمن آليات التوصل لتسوية سلمية في منطقة الشرق الأوسط، تكون موسكو طرفاً فيها، أو على الأقل تراعي مصالح روسيا الحيوية في المنطقة. يؤكد هذا ما قاله الوزير لافروف أثناء عقد مؤتمر أنابوليس للسلام من أن يبدأ في موسكو، بداية العام القادم، مسار موازٍ للعملية السلمية بين سوريا وإسرائيل، يقابل المسار الفلسطيني الإسرائيلي الذي تكفل به مؤتمر أنابوليس، ويُتوقع الإفراغ منه بنهاية العام.
لكن يُلاحظ هنا أنه من الخطأ التعويل كثيراً على دور روسي مخالف للتصور الأمريكي السائد، هذه الأيام. من الملاحظ حرص الوزير الروسي في زيارته لدمشق على دعم العملية السلمية التي يرعاها الأمريكيون، ولم يتطرق الحديث، كما كان موقف روسيا التقليدي في دعم جهود سوريا لاسترداد أراضيها المحتلة!؟ كذلك فإن اقتراب موسكو من الفلسطينيين لا يختلف عن الأمريكي، في دعم جهود السلام وحث الفلسطينيين جميعهم لإنجاح العملية السلمية التي يرعاها الأمريكيون، حتى لو بدا الروس حريصين على الاحتفاظ بعلاقات قوية مع حماس، ليس من أجل دعم خطها المقاوم للاحتلال، بقدر ما هو اقناعها باستعادة وحدة الصف الفلسطيني، من أجل إنجاح العملية السلمية، التي يرعاها الأمريكيون.

الوقت لازال مبكراً للكلام عن دور روسي في المنطقة يعيد أجواء التوازن الاستراتيجي فيها، كما كان الوضع، قبل انهيار الاتحاد السوفيتي.