ترتبط الأسر الحائلية بمظاهر اجتماعية قبل دخول رمضان تُسمى «القرش»، ويعرفها الحائليون منذ زمن طويل وتعاقبت أجيال على هذه العادة مع اختلاف ممارستها من أسرة لأسرة، وتظل «القرش» أو التقريش كما يقولها البعض عادة لا يمكن أن يتخلى عنها أهالي حائل، حيث اعتادت الأسر في آخر يوم من شهر شعبان على الاجتماع وإحضار أكلات تراثية، فهي عادة سنوية تتكرر في شهر رمضان.
وتقول أم عبدالله الشمري لـ«عكاظ»: «يوم القرش عادة عرفتها حائل من سنوات طويلة، فأنا الآن عمري فوق الـ60 ومع هذا أتذكر يوم كنت طفلة هذه العادة الرمضانية، فحائل بلد كرماء وكرم، وفي رمضان يزيد هذا الكرم إلى أعلى درجاته»؛ موضحة أن هناك يوم لتقريش الجيران ويوم آخر للأقارب، ويوم للأصدقاء.
وذكرت أم عبدالله التي تشارك في معرض «تقريشة حائل»، أن من المظاهر الاجتماعية في شهر رمضان «عشوة رمضان»، حيث يقيم الحائليون «العادة» وهي صدقة عن الأموات بأن ينحر الشخص ذبيحة أو ذبيحتين صدقة عن أمواته ثم يقيم وليمة عشاء، ويدعو لها أقارب الميت، وتستمر هذه الولائم لدى معظم الأهالي حتى انتهاء شهر رمضان، والبعض يقدمها بشكل كامل للفقراء والمحتاجين، بينما يقسمها آخرون على أهل الميت، وهي عادة متوارثة عن الآباء والأجداد.
ورغم غياب المعلومات التاريخية في توثيق مظاهر رمضان في السعودية، إلا أن الأسر السعودية بمختلف طبقاتها ما زالت تحتفظ بمظهر أو عادة «يوم القرش» الذي يعود لعام 1820 في مكة المكرمة.
ووفقا للروايات التاريخية، فإن قصة «يوم القرش» جاءت عن رجل (لم يعرف حتى الآن) كان يجلب الطعام في مكان قريب من الحرم المكي في نهاية شعبان ويدعو له البدو الرحل ومن في الحرم، فيما تقول رواية أخرى إنها بدأت في قصر عثماني لعثمان الأول بن أرطغرل، إذ شهد أول ظهور لعادة «يوم القرش» التي كانت مخصصة للفقراء من المسلمين الذين لا يتجاوزون محيط قصره، وكان هو صاحب هذه العادة التي دخلت الجزيرة العربية وانتقلت لبيوت الحاضرة والبدوية في ذلك الوقت.
ويشترط في «يوم القرش» أن يكون في اليوم الأخير من شهر شعبان، ويعتبرونه اليوم الأخير لوداع الأكل نهاراً، واستعداداً لاستقبال رمضان وتوديع رسمي للوجبات الغذائية، منها الإفطار الصباحي ووجبة الغداء التي تعتبر وجبات أساسية لدى السعوديين.
ويحرص سكان المملكة سنوياً على إحياء هذا التقليد والغالب ما يكون مع أفراد العائلة، وتتضمن الموائد في مناطق الرياض والقصيم وحائل والطائف ومنطقة عسير ومحافظاتها ومناطق الشمال من عرعر والجوف وتبوك والمدينة المنورة، أكلات شعبية تنشط من خلالها بعض الأسر المنتجة في صناعة هذه الأكلات، مثل التمن والهريس والجريش والكبيبا والمرقوق والكليجا، وكذلك القرصان والمطازيز، فيما يُطلق أهالي أودية مكة المكرمة على «يوم القرش» حيث حول اسم «الشعبنة»، وتعني آخر يوم من شعبان، وهو موروث قديم أخذ من «يوم القرش» احتفاءً باستقبال شهر رمضان الكريم، وتوديع الأكل والشرب أثناء النهار.