بحسب الأخبار المتداولة يستعد أعضاء مجلس الشورى للتصويت قريباً على توصية رفعتها لجنة التعليم والبحث العلمي تنادي بالسماح لأعضاء هيئات التدريس في الجامعات بمزاحمة المهنيين في سوق العمل عبر ممارسة المهن الحرة لحسابهم الخاص، والغريب أن المبررات التي سيقت لدعم التوصية تضمنت ما نصه: «أن هذا الإجراء سيساعد الجامعات في التغلب على معضلة تسرب الكفاءات المتميزة»، ولا أعلم حقيقة كيف تتم معالجة مشكلة التسرب «إن كانت موجودة فعلاً» بإقرار التسرب الجزئي الذي سينعكس حتماً بالسلب على الجامعات لانشغال أساتذتها عن مهمتهم الأساسية بجمع الريالات!
الطريف أن بعض إن لم يكن معظم أعضاء مجلس الشورى هم في الواقع أساتذة جامعات، أي يمكننا أن نقول إن أساتذة جامعات سوف يصوتون على منح أنفسهم وزملائهم امتيازاً خاصاً يميزهم عن بقية موظفي الدولة ويسهم -اللهم لا حسد- في زيادة أرصدتهم البنكية، فهل هذا أمر منطقي أو معقول؟!
في أنظمة مجالس إدارة الشركات ومجالس إدارة الغرف التجارية وغيرها يُحرم العضو بموجب النظام من حقه في التصويت إن كان له مصلحة مباشرة في القرار الذي سيصوت عليه، وهذا من باب تحري النزاهة وسد الطرق على الفساد، وهو ما ينبغي أن يتم في مجلس الشورى، إذ على رئاسة المجلس أن تمنع الأعضاء الذين لهم مصلحة في أي قرار من التصويت عليه، وأن تُلغى بالتالي أصواتهم من إجمالي الأصوات بشكل عام، ولعل من الأفضل أن تُشكل لجنة خارجية من هيئة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة والنيابة العامة مهمتها التأكد من عدم السماح لأي عضو بالتصويت على مشروع يستفيد شخصيا من إقراره أو حتى عدم إقراره.
قديماً قيل «يمدح السوق من ربح فيه»، ونتمنى أن لا يتحول هذا المثل إلى «يصوت على القرار من له ربح فيه»، فنحن في زمن الشفافية ومن غير المقبول ترك مثل هذه الأمور تمر مرور الكرام بما يتعارض مع أهداف رؤية 2030، التي أكدت بشكل مفصل التزاماتها تجاه مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة عبر تحقيق 17 متطلبا علميا ومنهجيا يمكن الرجوع لها.
أما لماذا لا ينبغي أن يُسمح لأعضاء هيئات التدريس في الجامعات بالمهن الحرة، فالأسباب متعددة وأبرزها أن أستاذ الجامعة لديه وظيفة تحتاج جل وقته وتركيزه، وانشغاله بغيرها لجمع المال سينعكس بشكل سلبي على أدائه وبالتالي أداء ومخرجات جامعته.
سبب آخر لا يقل أهمية يجبرنا على إلغاء مجرد التفكير في السماح لأعضاء هيئات التدريس بالمهن الحرة، وهو أن سوق المهن الحرة يمكن أن تدخله اليوم بكل سهولة المراكز المتخصصة في الجامعات وبكوادرها العاملة فيها، وهو أمر معمول به من قبل مراكز الدراسات التابعة لبعض الجامعات، والتي أصبحت اليوم تتقدم للمنافسات الحكومية بشخصيتها الاعتبارية ويؤدي العمل داخلها أساتذة الجامعة الذين يقبضون رواتبهم كل آخر شهر من مخصصاتها، بمعنى أن توصية الشورى ستفرغ هذه المراكز من كوادرها وتتسبب في خسارة الجامعات لدخل مادي مستحق، وبالتالي خسارة خزينة الدولة التي ستغطي عجز الجامعات، وعلى ذلك قس.
أخيراً أقول للسادة في مجلس الشورى كل عام وأنتم بخير ونشاط بمناسبة العام الهجري الجديد وتذكروا أن القناعة كنز لا يفنى.
* كاتب سعودي
hd.alhayat@gmail.com
الطريف أن بعض إن لم يكن معظم أعضاء مجلس الشورى هم في الواقع أساتذة جامعات، أي يمكننا أن نقول إن أساتذة جامعات سوف يصوتون على منح أنفسهم وزملائهم امتيازاً خاصاً يميزهم عن بقية موظفي الدولة ويسهم -اللهم لا حسد- في زيادة أرصدتهم البنكية، فهل هذا أمر منطقي أو معقول؟!
في أنظمة مجالس إدارة الشركات ومجالس إدارة الغرف التجارية وغيرها يُحرم العضو بموجب النظام من حقه في التصويت إن كان له مصلحة مباشرة في القرار الذي سيصوت عليه، وهذا من باب تحري النزاهة وسد الطرق على الفساد، وهو ما ينبغي أن يتم في مجلس الشورى، إذ على رئاسة المجلس أن تمنع الأعضاء الذين لهم مصلحة في أي قرار من التصويت عليه، وأن تُلغى بالتالي أصواتهم من إجمالي الأصوات بشكل عام، ولعل من الأفضل أن تُشكل لجنة خارجية من هيئة مكافحة الفساد وديوان المحاسبة والنيابة العامة مهمتها التأكد من عدم السماح لأي عضو بالتصويت على مشروع يستفيد شخصيا من إقراره أو حتى عدم إقراره.
قديماً قيل «يمدح السوق من ربح فيه»، ونتمنى أن لا يتحول هذا المثل إلى «يصوت على القرار من له ربح فيه»، فنحن في زمن الشفافية ومن غير المقبول ترك مثل هذه الأمور تمر مرور الكرام بما يتعارض مع أهداف رؤية 2030، التي أكدت بشكل مفصل التزاماتها تجاه مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة عبر تحقيق 17 متطلبا علميا ومنهجيا يمكن الرجوع لها.
أما لماذا لا ينبغي أن يُسمح لأعضاء هيئات التدريس في الجامعات بالمهن الحرة، فالأسباب متعددة وأبرزها أن أستاذ الجامعة لديه وظيفة تحتاج جل وقته وتركيزه، وانشغاله بغيرها لجمع المال سينعكس بشكل سلبي على أدائه وبالتالي أداء ومخرجات جامعته.
سبب آخر لا يقل أهمية يجبرنا على إلغاء مجرد التفكير في السماح لأعضاء هيئات التدريس بالمهن الحرة، وهو أن سوق المهن الحرة يمكن أن تدخله اليوم بكل سهولة المراكز المتخصصة في الجامعات وبكوادرها العاملة فيها، وهو أمر معمول به من قبل مراكز الدراسات التابعة لبعض الجامعات، والتي أصبحت اليوم تتقدم للمنافسات الحكومية بشخصيتها الاعتبارية ويؤدي العمل داخلها أساتذة الجامعة الذين يقبضون رواتبهم كل آخر شهر من مخصصاتها، بمعنى أن توصية الشورى ستفرغ هذه المراكز من كوادرها وتتسبب في خسارة الجامعات لدخل مادي مستحق، وبالتالي خسارة خزينة الدولة التي ستغطي عجز الجامعات، وعلى ذلك قس.
أخيراً أقول للسادة في مجلس الشورى كل عام وأنتم بخير ونشاط بمناسبة العام الهجري الجديد وتذكروا أن القناعة كنز لا يفنى.
* كاتب سعودي
hd.alhayat@gmail.com