-A +A
جولة: ابراهيم عقيلي تصوير: مفيد المهناء
كثير من القصور التاريخية في الاحساء محتها رياح الاهمال واندثرت تحت انقاض النسيان فلم يعد لها وجود سوى في بعض كتب التاريخ الاحسائي. حتى بات السكان يسألون بحيرة عنها. فأين قصور العبيد وبرزان والجبري؟. القصور التي حملت كثيرا من التاريخ ولم تجد من يحملها لتبقى شاهدة على العصور الماضية. فكثير من المهتمين بالتاريخ يطالبون الجهات المسؤولة بضرورة انقاذ ما بقي من هذه القصور. وخاصة "محيرس" الذي تساقطت كثير من اجزائه وصاهود الذي يخضع لترميمات بأيدي عمالة لاتعرف مكنونات واهمية ذلك التاريخ.
قصرا خزام وصاهود يليان قصر ابراهيم في الاهمية فخزام يقع في الجهة الغربية الجنوبية من حي النعاثل ويقول عنه المؤرخ عبدالرحمن الملا: انه اسس في زمن بنو خالد عام 1120هـ ومثله ايضا قصر صاهود في حي المبرز الذي قام بتأسيسه بنو خالد وهم ايضا يتسمون بالسمة الحربية لانهما استخدما كمقر للحاميات العسكرية.

أما قصر صاهود فهو مبنى مرتفع صغير يقع الى الغرب خارج مدينة المبرز القديمة شمال الهفوف، وبني صاهود ما بين 1790 ـ 1800م. ولم يلجأ الناس الى صاهود الا في أوقات الحصار والقلق. وكان يستخدم كدفاع عن المدينة وكذلك دفاع عن الارض الزراعية حولها وأخيرا كمراقب لمخيمات البدو الموسميين في الحزم والى الغرب. وقد تجلت أهمية قصر صاهود نتيجة موقعه خارج عن العاصمة الجديدة وامكانية صد أي هجوم يأتي من الشمال.
وصاهود عبارة عن مستطيل الشكل 125متراً في 80متراً = 10.000مترا مربعاً، يواجه مدخل القصر الجهة الغربية. ويحيط بالقصر جدار دفاعي منخفض وكان هذا الجدار الخارجي محاطاً بخندق مائي جاف. وتختلف الحوائط الدفاعية لقصر صاهود عن بقية الحصون في الاحساء بأنها تحتوي على جدران خارجية وداخلية على مستوى المتراس. أما أبراج صاهود فهي أكثر القصور تنوعاً وتعقيداً بالنسبة للتصميم، وعند الدخول الى ساحة القصر توجد أبنية مبنية على طول جداره الغربي ما عدا المرحاض الذي يقع على طول الجدار الشمالي قريباً من الطرف الغربي من الداخل، وبجوار المدخل توجد السلالم الرئيسية المؤدية الى مستوى المتاريس، ويوجد مسجد واسع ومقسم الى فسحتين مقسمتين بثلاثة أعمدة اسطوانية حجرية، أما المحراب والمنبر فموجدان في مشكاتين في حائط القصر.
اما قصر خزام فيعتبر كجزء من شبكة الحصون في الأحساء، وقد وقف خزام يحرس الطريق الغربي للهفوف ومشرفاً على المخيمات الموسمية لبني مرة وبني عجمان، وخلال تاريخه كله ظهر أن الهدف الرئيسي لقصر خزام كان السيطرة على المشاكل القبلية. وقد استخدم لفترة وجيزة من قبل السعوديين ضد الاتراك سنة 1874م. من جهة اخرى، ويقول بعض المؤرخين انه لا يوجد تاريخ محدد لبناء قصر خزام، ومن المرجح أنه بني خلال السنوات الاولى من السيطرة السعودية على الاحساء بين سنة 1792 و سنة 1795 قصر خزام مستطيل الشكل 80 متراً في 70 متراً = 5600 متر مربعاً ويبلغ معدل ارتفاع الجدران سبعة أمتار "4,5 أمتار الى مستوى المتاريس في الجانب الداخلي للجدار، و2.5 متر أخرى الى قمة الجدران على المتاريس" ويبلغ معدل ارتفاع الابراد 11 متراً الى قمة سطح متاريس الحوائط.
وبداخل القصر تبقى ثلاثة أبنية قائمة أكبرها البناء القائم على الجانب الشرقي من الداخل.
ويحتوي النصف الغربي لداخل القصر مجمع البناء مع البئر وخزان المياه وغرف الحمامات ومرحاضاً مؤلفاً من ثلاث حجيرات. ويتخلل الحوائط الخارجية للقصر أبراج في جميع الجهات الهدف منها الرصد والمراقبة.
وقد تعرض قصر صاهود لانهيار بعض اجزائه الداخلية بسبب عوامل التعرية وعدم اجراء اعمال الصيانة كما شهد القصر سقوط اجزاء بسيطة من جدرانه الخارجية بالقرب من مدرسة العلاء بن الحضرمي المتوسطة بالمبرز وعبر عدد من سكان المنطقة المجاروة للقصر عن تخوفهم من سقوط القصر او حدوث انهيارات مفاجئة تنال من تاريخ القصر خاصة انه يعد من القصور القديمة وقد بدأت فيه بعض عمليات الترميم الا ان ما يتطلب اكبر من ذلك وانقاذ ما تبقى.
قصر الوزيه
شيد هذا القصر في العهد السعودي والقصد من تشييده للمراقبة والرصد من تحركات الغزاة القادمة من الشمال والشمال الغربي. وهو يقع شمال مدينة الهفوف ويبعد عنها بمسافة 20 كم تقريباً.
وبرغم من صغر حجم هذه القلعة الا أنها تعتبر طرازاً فريداً من نوعه لمثيلاتها من هذه القلاع حيث يحيط بها سور، يتوسط ذلك السور برجان وبوابتان إحداهما رئيسية في الجهة الجنوبية، والأخرى فرعية تقع في الجهة الغربية ويتوسطه فناء من الداخل. وفي الجهة الشمالية توجد غرفة صغيرة، ويوجد رواق في الجهة الغربية منه.
قصر المحيرس
وهو يقع على بعد 14 كم من الهفوف شمال المبرز، وقد شيد هذا القصر على مرتفع، وهو مبني من الطين لا يختلف عن باقي القلاع الموجودة في المحافظة "الأحساء" وقد يكون هناك بعض الاختلاف بالطراز وعدد الابراج والارتفاع، ويوجد به برج واحد ملتصق مع السور في الزاوية الجنوبية الغربية، وله صفة مميزة حيث يضيق كلما ارتفع الى أعلى ويوجد فيه فوهة صغيرة تستخدم للمراقبة والترصيد والتصويب بالسلاح. وكذلك يمتاز قصر المحيرس بكثرة الفتحات الصغيرة التي تستخدم لنفس غرض البرج. لكن اصبح مهجورا بالكامل ويحتاج الى انقاذه من الهدم فأجزاؤه قد تساقطت امام أعين الجميع
ويطالب الباحث التاريخي احمد الملغوث بضرورة انقاذ ما تبقى من قصر محيرس فيقول الملغوث: كان لترميم قصر ابراهيم و المدرسة الأولى تقدير كبير من قبل أبناء الأحساء وغير الأحساء لما لعملية الترميم من قيمة كبيرة في مجال المحافظة على تاريخ الاحساء العريق .. ولكن وما اصعب هذه الحالة عندما تشاهد قصورا وقلاعا اخرى باتت منسية وبعيدة كل البعد عن يد الاهتمام والترميم بل وحتى العناية الحقيقية والجادة وايجاد السبل الكفيلة باعادة تألقها كما كانت في الماضي .. فقصر محيرس بالمبرز والذي بات وسط احياء سكنية حديثة مازال شامخا رغم مايعانيه من تهالك جدرانه وانهيار اجزاء منها في الجهـة الشـمالية الغربية الامر الذي يثيـر في نفس المشاهـد - لشموخ هذا القصـر ( القلعة التاريخية ) الهامة والمميزة والذي يحتل مكانة عظيمة في تاريخ الاحساء - الحزن كل الحزن .. قصر محيرس بحاجة ماسة جدا للاسراع في ترميمه وتطويره وتحويله لمركز ثقافي وحضاري بالامكان تسليمه لجمعية الثقافة والفنون بالاحساء للاستفادة منه ليكون معرضا دائما لابداعات الفنانين والفنانات بها اضافة الى تخصيص جزء منه ليكون قاعة اجتماعات لادباء ومثقفي الاحساء كما فعلت امارة الشارقة في جزء من قصورها التاريخية وكما فعلت العديد من دول العالم عندما خصصت قصورها التاريخية لتكون متاحف كقصور لويس الخامس عشر ليكون مقرا لمتحف اللوفر الشهير وكما فعلت ايطاليا في قلاعها التاريخية .. نريد الاسراع في تطوير قصر محيرس بالمبرز وتحويله لمعلم ثقافي قبل ان يطبق احدهم منحته على أرضه .. فنخسر التاريخ والمعلم والمكان .. فهل نفعل قبل فوات الآوان؟ ؟
ويقول عضو النادي الأدبي وأحد المهتمين بالآثار محمد بن عبدالله بودي: الأحساء بلد غني بالتاريخ ولاتزال ارضا بكرا للباحثين عن التاريخ ولكن الجهات المسؤولة عن التاريخ والمخطوطات والسياحة لم تعر هذا الجزء العزيز الاهتمام الذي يكفل إبراز مكانته التاريخية فالمتحف لم يغط الدور الذي شهدته الاحساء تاريخيا وكذلك القصور فهي لم تظهر سوى ما نسبته 1% من المكنونات التاريخية. كما ان هناك دوراً غائباً لجامعة الملك فيصل فهي ايضا لم تعر الاهتمام بالمخطوطات التي لاتزال في البيوت وبعضها سقطت عليها الدور وطمرتها الارض
فنحن نطالب بمركز لحفظ الوثائق والمخطوطات . وقد كانت في الماضي تحت اشراف وزارة التربية والتعليم الا ان دورها كان محصورا في حفظ ذلك التاريخ بانشاء شبك حديدي وسور معدني يحيط بتلك الاثار. ولم تكلف نفسها بعمل تنقيب على تلك القصور التاريخية في الاحساء ففيها الكثير من الآثار القيمة والمخطوطات فهي تحمل تاريخا عظيما تعاقبت عليه الخلافات الاسلامية.
ولم تجد تلك القصور من الاهتمام سوى قصر ابراهيم الذي جعلوه للفعاليات فقط. ولم يستفد منه استفادة كاملة. وحتى جامع القبة في داخل القصر لم يتم الاستفادة منه فقد حول الى متحف في الوقت الذي كان من الممكن تشغيله بأداء الصلوات الخمس فيه. وبقية القصور مغلقة تتهاوى ولم يستفد منها نهائيا. كما ارى ان تسلم تلك القصور لشركات تقوم بصيانتها مقابل فرض مبالغ مالية على الزوار على أن تكون مبالغ رمزية بسيطة تخصص للصيانة. قبل أن تزال تلك المواقع وتندثر كما رأينا عدة قصور اندثرت منها قصر أجود بن زامل الجبري وغيره من القصور.