منذ إطلاق فيلمي (سيّد الخواتم) Lord of the Rings و(هوبيت) Hobbit نشأت علاقة تجارية وطيدة بين نيوزيلندا والأفلام، هذه الأفلام التي أصبحت من أكثر الأفلام نجاحًا في تاريخ السينما واستطاعت أن تحوّل نيوزيلندا من بلد يعتمد على تصدير الألبان إلى بلد رائدٍ عالميًا في مجال سياحة الأفلام. يقول بيتر إيليس من وزارة الأعمال النيوزيلندية: «إذا اضطررنا إلى تقدير قيمة أفلام هوبيت Hobbit للسياحة، فستكون بين 50 مليون دولار و500 مليون دولار سنويًا».
منذ إطلاق فيلم (هوبيت Hobbit) ارتفع عدد السُيّاح حتى بلغ 2.83 مليون، وزاد الإنفاق من قبل الزوار بنسبة 10% ليصل إلى 7.2 مليار دولار مع نهاية عام 2014. كما يؤكد المختصون بالسياحة العالمية أن واحدًا من أصل خمسة أشخاص تؤثر السينما في قرار سفره السياحي، وأن السينما السياحية سبب رئيسي في توافد السُيّاح على ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
كل هذا يؤكد أن الفنون بشكلٍ عام، والسينما بشكل خاص، تساهم إلى حد كبير في توثيق الصورة الذهنية للدول والترويج السياحي لها، لا سيما أن الفنون والثقافة من أهم الأسباب التي تُغير في السلوك البشري، فهي قادرة على إثارة العواطف والأفكار التي تُحرض بدورها على إنشاء الحوار والنقد والمناقشة، وربط دوائر العلاقات الإنسانية ببعضها. كما أنها توفر دائما طرقًا جديدة للعيش بأسلوب مختلف، وتمكّن الأفراد والمجتمعات من التواصل وبناء وجهات نظر جديدة، ومن هنا تُصبح الفنون قادرة على التأثير على القيم وبناء الشخصية الإنسانية.
هذا التأثير الكبير للسينما جعلها أحد أهم الأدوات المستخدمة لتسويق الدول، الذي ينعكس تأثيره بشكل مباشر على قطاع السياحة، حيث تعتبر السياحة الطريق الذي يصل الدولة ببقية العالم، والمركبة التي تنقل للشعوب هوية ورؤية البلد لنفسه من جهة، وللعالم الآخر من جهة أخرى، وتساعد على فهم الحقائق التاريخية، والثقافية، والاجتماعية والفنية للبلدان، وتساهم بشكل كبير في تنمية اقتصادياتها.
ومن هنا يتبين الدور المهم لصناعة السينما في بلد كبير ومتطور ومتنوع كالمملكة العربية السعودية، حيث تخطو صناعة السينما خطوات واثقة ومدروسة، من خلال تعلّم التقنيات وجلب المصادر من الدول السبّاقة في هذا المجال، مع التركيز والمحافظة على الهوية السعودية، بشقّيها الثقافي والفنّي، وهذا يدل على الفهم العميق لدى صُنّاع السينما السعودية بأهمية ودور الفنون والثقافة المحلية في نجاح وإبراز الأفلام، بالإضافة إلى دورها في الترويج للمملكة كما نراها نحن من الداخل، كما نعرفها ونفهمها ونحبّها، لنسمح للعالم بمشاهدتنا عبر قلوبنا نحن.
دعونا نلقي نظرة على مثال لذلك، وهو فيلم (جود)، أول رحلة سينمائية سعودية من إنتاج مركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء)، الذي عرض في اكثر من 40 مدينة سعودية وعالمية، حيث يُظهر الفيلم الثقافة السعودية العربية بصورة متّسقة بين الإرث والحداثة، بين الماضي والحاضر، وبين المستقبل والممكن. هذا الفيلم الروائي الطويل الصامت، الذي نجح في نقل البهجة والذهول عبر الشاشة، من خلال صور ومشاهد ساحرة أخذت في ستة عشر موقعا من أرجاء المملكة العربية السعودية، ليحرص على عرض الصورة الغائبة، الحقيقية والمتنوعة لهذا الوطن وشعبه.
الحديث عن تأثير السينما في السياحة ليس مبالغة أبدا، فقد يختصر فيلمٌ واحدٌ جهد سنواتٍ من التسويق، وقد يصنع مشهدٌ واحدٌ وجهة سياحية خالدة. فعندما دفع الممثل غريغوري بيك يده إلى تمثال «فم الحقيقة»Mouth of Truth أمام الممثلة أودري هيبورن في فيلم عطلة رومانية Roman Holiday الذي أُنتج عام 1953، لفت انتباه العالم إلى هذا التمثال القديم، بعد أكثر من نصف قرن، ما زال السُيّاح يزورون التمثال في روما بسبب دوره في الفيلم. هل من الممكن أن يكون المشهد السينمائي في السعودية سببًا في حدوث شيء كهذا؟
* مدير الفنون المسرحية والسينمائية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)
منذ إطلاق فيلم (هوبيت Hobbit) ارتفع عدد السُيّاح حتى بلغ 2.83 مليون، وزاد الإنفاق من قبل الزوار بنسبة 10% ليصل إلى 7.2 مليار دولار مع نهاية عام 2014. كما يؤكد المختصون بالسياحة العالمية أن واحدًا من أصل خمسة أشخاص تؤثر السينما في قرار سفره السياحي، وأن السينما السياحية سبب رئيسي في توافد السُيّاح على ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
كل هذا يؤكد أن الفنون بشكلٍ عام، والسينما بشكل خاص، تساهم إلى حد كبير في توثيق الصورة الذهنية للدول والترويج السياحي لها، لا سيما أن الفنون والثقافة من أهم الأسباب التي تُغير في السلوك البشري، فهي قادرة على إثارة العواطف والأفكار التي تُحرض بدورها على إنشاء الحوار والنقد والمناقشة، وربط دوائر العلاقات الإنسانية ببعضها. كما أنها توفر دائما طرقًا جديدة للعيش بأسلوب مختلف، وتمكّن الأفراد والمجتمعات من التواصل وبناء وجهات نظر جديدة، ومن هنا تُصبح الفنون قادرة على التأثير على القيم وبناء الشخصية الإنسانية.
هذا التأثير الكبير للسينما جعلها أحد أهم الأدوات المستخدمة لتسويق الدول، الذي ينعكس تأثيره بشكل مباشر على قطاع السياحة، حيث تعتبر السياحة الطريق الذي يصل الدولة ببقية العالم، والمركبة التي تنقل للشعوب هوية ورؤية البلد لنفسه من جهة، وللعالم الآخر من جهة أخرى، وتساعد على فهم الحقائق التاريخية، والثقافية، والاجتماعية والفنية للبلدان، وتساهم بشكل كبير في تنمية اقتصادياتها.
ومن هنا يتبين الدور المهم لصناعة السينما في بلد كبير ومتطور ومتنوع كالمملكة العربية السعودية، حيث تخطو صناعة السينما خطوات واثقة ومدروسة، من خلال تعلّم التقنيات وجلب المصادر من الدول السبّاقة في هذا المجال، مع التركيز والمحافظة على الهوية السعودية، بشقّيها الثقافي والفنّي، وهذا يدل على الفهم العميق لدى صُنّاع السينما السعودية بأهمية ودور الفنون والثقافة المحلية في نجاح وإبراز الأفلام، بالإضافة إلى دورها في الترويج للمملكة كما نراها نحن من الداخل، كما نعرفها ونفهمها ونحبّها، لنسمح للعالم بمشاهدتنا عبر قلوبنا نحن.
دعونا نلقي نظرة على مثال لذلك، وهو فيلم (جود)، أول رحلة سينمائية سعودية من إنتاج مركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء)، الذي عرض في اكثر من 40 مدينة سعودية وعالمية، حيث يُظهر الفيلم الثقافة السعودية العربية بصورة متّسقة بين الإرث والحداثة، بين الماضي والحاضر، وبين المستقبل والممكن. هذا الفيلم الروائي الطويل الصامت، الذي نجح في نقل البهجة والذهول عبر الشاشة، من خلال صور ومشاهد ساحرة أخذت في ستة عشر موقعا من أرجاء المملكة العربية السعودية، ليحرص على عرض الصورة الغائبة، الحقيقية والمتنوعة لهذا الوطن وشعبه.
الحديث عن تأثير السينما في السياحة ليس مبالغة أبدا، فقد يختصر فيلمٌ واحدٌ جهد سنواتٍ من التسويق، وقد يصنع مشهدٌ واحدٌ وجهة سياحية خالدة. فعندما دفع الممثل غريغوري بيك يده إلى تمثال «فم الحقيقة»Mouth of Truth أمام الممثلة أودري هيبورن في فيلم عطلة رومانية Roman Holiday الذي أُنتج عام 1953، لفت انتباه العالم إلى هذا التمثال القديم، بعد أكثر من نصف قرن، ما زال السُيّاح يزورون التمثال في روما بسبب دوره في الفيلم. هل من الممكن أن يكون المشهد السينمائي في السعودية سببًا في حدوث شيء كهذا؟
* مدير الفنون المسرحية والسينمائية في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)