استعرضت المملكة العربية السعودية ما تبذله من جهود حثيثة في تطوير أنظمتها التجارية عملاً على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما تشمله من خلق للوظائف والإصلاحات المطبقة لتحسين بيئة الأعمال في المملكة، والتمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز القدرة التنافسية، وما تحقق من نمو في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والدور المرسوم لها وفق رؤية المملكة 2030. جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام اللجنة السادسة في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ74 المنعقدة لمناقشة البند (77) في تقرير لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي عن أعمال دورتها الـ52، التي ألقاها عضو الوفد الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة السكرتير أول الدكتور عبدالله العنزي. وأوضح العنزي أنه في ظل التطورات المتسارعة في عالم المال والأعمال تبرز المملكة واحدةً من أهم القوى الاقتصادية المؤثرة إقليمياً ودولياً، مشيراً إلى أنه مع توسع الأعمال التجارية وتنوع قطاعاتها وتعدد أطرافها أصبحت هناك حاجة لإيجاد خيارات أشمل لتسوية المنازعات. وقال العنزي: «وفي هذا الإطار أقر مجلس الوزراء إنشاء المركز السعودي للتحكيم التجاري، باعتباره الممثل الرسمي للمملكة العربية السعودية في مجال التحكيم محلياً ودولياً، وقد حرص المركز منذ إنشائه على عقد شراكات إستراتيجية لاستقطاب أفضل الممارسات والكفاءات في التحكيم، ومن أبرزها الشراكة الإستراتيجية مع المركز الدولي لتسوية المنازعات ICDR في جمعية التحكيم الأمريكية AAA». وأضاف أن المملكة هي أحد الأطراف الموقعة على اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية المعروفة باتفاقية نيويورك 1958 وهي الاتفاقية التي تسعى إلى عدم الاستئناف تجاه قرارات التحكيم الأجنبية والمحلية، وتلزم بضمان الاعتراف بتلك القرارات واعتبارها قابلة للتنفيذ. وأفاد أن نظام التحكيم السعودي يستند إلى قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، وقد أعطى للأطراف خيارات واسعة من خلال اختيار القانون الواجب التطبيق والقواعد الحاكمة للنزاع ومكان ولغة التحكيم وأعضاء هيئة التحكيم. وأشار إلى أن التحكيم أكسب حصانة بحيث لا تقبل أحكام التحكيم الصادرة وفقا لنظام التحكيم السعودي الطعن فيها بأي من طرق الطعن، عدا رفع دعوى ببطلان الحكم، ويتم تنفيذ أحكام التحكيم وفقاً لإجراءات سهلة وسريعة وفاعلة. وأبان العنزي أن المركز السعودي للتحكيم التجاري يلتزم بتقديم خدمات مهنية وشفافة وسريعة لبدائل تسوية المنازعات مستوحاة من الشريعة الإسلامية وفق أفضل المعايير العالمية، ويسهم المركز في رفع مستوى الوعي في هذا المجال لإنشاء بيئة آمنة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، مشيراً إلى أن المركز يتطلع لأن يكون الخيار الإقليمي المفضل لبدائل تسوية المنازعات بحول العام 2030. وأوضح أنه في هذا الجانب قامت المملكة بإطلاق مبادرة توطين صناعة التحكيم المؤسسي ضمن حزمة مبادرات برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030 للتأكيد على كون التحكيم أولوية للوطن لابد من تحقيقها لضمان اكتمال المنظومة العدلية بالمملكة وتناغمها مع باقي الجهات الحكومية، وتهدف المبادرة إلى تسهيل ممارسة الأعمال وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي. وأشار إلى أن من أهم الإنجازات الحديثة التي قامت بها المملكة على المستوى الوطني وعلى المستوى الإقليمي والدولي، هو توقيعها اتفاقية سنغافورة للوساطة في أغسطس الماضي، حيث اجتمعت نخبة من أقوى اقتصادات العالم لتشارك في التوقيع على أول اتفاقية دولية بشأن اتفاقات التسوية المنبثقة من الوساطة، لتسجل المملكة بذلك إضافة جديدة إلى مسيرتها في تعزيز قوتها الاستثمارية والتنافسية. ولفت في ختام الكلمة النظر إلى أن هذا التوقيع يأتي بعد 3 سنوات من النقاش المستفيض والصياغة لمسودة الاتفاقية في أروقة لجنة الأونسيترال بمشاركة 85 دولة عضواً و35 منظمة غير حكومية، وانتهت باعتماد نص الاتفاقية من الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 2018.