لبنان يشتعل لكن اشتعاله كالمصهر الذي يتخلص من شوائب الأكسدة والصدأ السياسي، الذي أتى على صفو تميز به النموذج اللبناني طويلاً في ستينيات وجزء من سبعينيات القرن الماضي، فقد وهن منه الكيان والاقتصاد والنسيج الاجتماعي.
لزمن ظل لبنان الشقيق عطر الشرق بسحره وعبقه في الوجدان العربي عندما كان شعلة التنوير وحاضناً للإبداع الثقافي والفني ومركزاً للطباعة والنشر ومقصداً للسياحة، وتميز أهله كما فاكهته دوماً بسماتٍ جميلة عنوانها حب الحياة حتى بفرحها وصخبها، لأن سياسييه الكبار حين ذاك عرفوا جيداً قيمته، وأدركوا المعادلة الدقيقة لبلدهم صغير المساحة، الكبير في سماته وتنوع نسيجه وهي ميزة أخرى، وتاريخه في التواصل الحضاري مع العالم.
يذكر الإنسان العربي لمبدعي لبنان وشعرائه في الداخل والمهجر الكثير من العطاء، كما تميز أبناؤه بأنهم (الأشطر) في أسلوب العمل وخبرات الإدارة والتسويق، والأشهر في الموضة وعالم المجوهرات وكل جديد كان لبنان الأسبق.
كل ذلك تميز به عندما كان رموزه وتياراته يتوجونه فوق مصالحهم الضيقة، لهذا استثمروا كل جميل في لبنان كمقصد سياحي ونموذج للتعايش، لكنها السياسة عندما قلبت وجهها بأبشع أقنعة القبح وأصبح لبنان، ليس أكثر من كعكة ومصالح يتصارع عليها الفرقاء ودونها الرقاب، حدث هذا لنحو 15 سنة في الحرب الأهلية التي اغتالت روح الحياة، وعاش كثير من أهله ومبدعيه في المهاجر، وغنوا وكتبوا بدموع الغربة قصائد وأشعاراً وأغاني الحنين لوطنهم حتى عاد إليهم لبنان وعادوا إليه باتفاق الطائف الذي رعته مملكة الحب والعطاء وخروج القوة السورية الباطشة، لكنها أبت إلا أن تزرع الأشواك بل الألغام السياسية والفتن الطائفية ونيرانها التي تشظت باستقواء حزب الله وأسلحته وطائفته على مؤسسات الدولة، حتى أصابها الشلل السياسي والاقتصادي وتاريخ دموي لتوريط لبنان في حروب وفتح الأبواب لنفوذ إيراني مقيت وأذرعته التي أجادت لعبة التمكين والولاء لإيران.
الغضب يتزايد من جموع اللبنانيين المخلصين الذين احترقوا بنيران الفتن والفساد والصراعات وفقدان مواردهم، وهاهي ساحات بيروت بل كافة مدنهم تحتضن غضبهم على طريقة (الشعب يريد) لطي صفحة نخب سياسية رهنت لبنان لتياراتهم ولمصالحهم الضيقة التي أضعفت الدولة واستحوذت على مقدراتها، وبدلاً من السباق في التنمية تستفحل طفيليات الفساد وتتسع أبواب النهب حتى افتقر لبنان بعد أن فقد السياحة وتراجعت تحويلات مغتربيه وهما المصدر الأهم لاقتصاده الضعيف، وجفت الموارد وهرب الاستثمار ورخصت العملة بشكل خيالي.
فماذا بقي لأهل لبنان في حاضرهم ولمستقبلهم سوى الإرادة في استعادة وطن كانت زيارته حلماً للكثيرين، واليوم وكما قال الفنان الراحل وديع الصافي لبنان بين (البوم والغربان) الذين اغتالوا كل جميل في لبنان، ولا عودة لعافيته إلا بتحقيق مطالب المتظاهرين، رغم محاولات رئيس الحكومة إيجاد خيوط أمل للخروج من طغيان فساد رموز كثيرة جعلت من بلادها غنيمة لهم بالطائفية والحزبية، ولا يهم أن يصغر لبنان ويتمزق نسيجه الوطني المتنوع ويضيع مستقبله طالما مصالحهم ونفوذهم قائمة. طوفان الغاضبين من ضيق الحياة، جمعهم علم بلادهم واتسعت لهم ساحات وشوارع لبنان في مشاهد متحضرة وإصرار بات يرعب كل رموز الفساد بمصالحها الدونية التي التهمت مقدرات لبنان وشوهت بدوغماتية ولاءاتها الطائفية والحزبية، عبقرية التنوع والتعدد الذي صاغه السابقون الكبار أجيال من اللبنانيين نصفهم في الخارج، يتطلعون لشمس الحياة بلا رائحة الفساد والضياع الذي انحدر وانجرف إليه بلدهم منذ أن اختطفته تلك الميليشيا الإرهابية ووجوه انتهت صلاحيتها.* كاتب سعودي
لزمن ظل لبنان الشقيق عطر الشرق بسحره وعبقه في الوجدان العربي عندما كان شعلة التنوير وحاضناً للإبداع الثقافي والفني ومركزاً للطباعة والنشر ومقصداً للسياحة، وتميز أهله كما فاكهته دوماً بسماتٍ جميلة عنوانها حب الحياة حتى بفرحها وصخبها، لأن سياسييه الكبار حين ذاك عرفوا جيداً قيمته، وأدركوا المعادلة الدقيقة لبلدهم صغير المساحة، الكبير في سماته وتنوع نسيجه وهي ميزة أخرى، وتاريخه في التواصل الحضاري مع العالم.
يذكر الإنسان العربي لمبدعي لبنان وشعرائه في الداخل والمهجر الكثير من العطاء، كما تميز أبناؤه بأنهم (الأشطر) في أسلوب العمل وخبرات الإدارة والتسويق، والأشهر في الموضة وعالم المجوهرات وكل جديد كان لبنان الأسبق.
كل ذلك تميز به عندما كان رموزه وتياراته يتوجونه فوق مصالحهم الضيقة، لهذا استثمروا كل جميل في لبنان كمقصد سياحي ونموذج للتعايش، لكنها السياسة عندما قلبت وجهها بأبشع أقنعة القبح وأصبح لبنان، ليس أكثر من كعكة ومصالح يتصارع عليها الفرقاء ودونها الرقاب، حدث هذا لنحو 15 سنة في الحرب الأهلية التي اغتالت روح الحياة، وعاش كثير من أهله ومبدعيه في المهاجر، وغنوا وكتبوا بدموع الغربة قصائد وأشعاراً وأغاني الحنين لوطنهم حتى عاد إليهم لبنان وعادوا إليه باتفاق الطائف الذي رعته مملكة الحب والعطاء وخروج القوة السورية الباطشة، لكنها أبت إلا أن تزرع الأشواك بل الألغام السياسية والفتن الطائفية ونيرانها التي تشظت باستقواء حزب الله وأسلحته وطائفته على مؤسسات الدولة، حتى أصابها الشلل السياسي والاقتصادي وتاريخ دموي لتوريط لبنان في حروب وفتح الأبواب لنفوذ إيراني مقيت وأذرعته التي أجادت لعبة التمكين والولاء لإيران.
الغضب يتزايد من جموع اللبنانيين المخلصين الذين احترقوا بنيران الفتن والفساد والصراعات وفقدان مواردهم، وهاهي ساحات بيروت بل كافة مدنهم تحتضن غضبهم على طريقة (الشعب يريد) لطي صفحة نخب سياسية رهنت لبنان لتياراتهم ولمصالحهم الضيقة التي أضعفت الدولة واستحوذت على مقدراتها، وبدلاً من السباق في التنمية تستفحل طفيليات الفساد وتتسع أبواب النهب حتى افتقر لبنان بعد أن فقد السياحة وتراجعت تحويلات مغتربيه وهما المصدر الأهم لاقتصاده الضعيف، وجفت الموارد وهرب الاستثمار ورخصت العملة بشكل خيالي.
فماذا بقي لأهل لبنان في حاضرهم ولمستقبلهم سوى الإرادة في استعادة وطن كانت زيارته حلماً للكثيرين، واليوم وكما قال الفنان الراحل وديع الصافي لبنان بين (البوم والغربان) الذين اغتالوا كل جميل في لبنان، ولا عودة لعافيته إلا بتحقيق مطالب المتظاهرين، رغم محاولات رئيس الحكومة إيجاد خيوط أمل للخروج من طغيان فساد رموز كثيرة جعلت من بلادها غنيمة لهم بالطائفية والحزبية، ولا يهم أن يصغر لبنان ويتمزق نسيجه الوطني المتنوع ويضيع مستقبله طالما مصالحهم ونفوذهم قائمة. طوفان الغاضبين من ضيق الحياة، جمعهم علم بلادهم واتسعت لهم ساحات وشوارع لبنان في مشاهد متحضرة وإصرار بات يرعب كل رموز الفساد بمصالحها الدونية التي التهمت مقدرات لبنان وشوهت بدوغماتية ولاءاتها الطائفية والحزبية، عبقرية التنوع والتعدد الذي صاغه السابقون الكبار أجيال من اللبنانيين نصفهم في الخارج، يتطلعون لشمس الحياة بلا رائحة الفساد والضياع الذي انحدر وانجرف إليه بلدهم منذ أن اختطفته تلك الميليشيا الإرهابية ووجوه انتهت صلاحيتها.* كاتب سعودي