في اعتقادي أن الحكم الذي كشفت عنه قبل يومين المواقع الإخبارية، والصادر من المحكمة الجزائية بالباحة تجاه أحد مشاهير السناب شات بسبب قيامه بإعداد وبث فيديو يسخر فيه من أهالي المنطقة، يعد حكما منصفا ورادعا، وفي نفس الوقت حكما مخففا على المدان الذي اكتفى منطوق الحكم بسجنه 3 أشهر - مع إيقاف التنفيذ للسجن شهرين وعشرة أيام ومراعاتها عند العودة - بجانب إلزامه بغرامة مالية مقدور عليها قوامها 5000 ريال، وهذا الحكم يعد نعمة - يحمد الله عليها - قياسا بسقطته الكبيرة، وقياسا بسقف العقوبة المنصوص عليها بنظام مكافحة جرائم المعلوماتية والتي تصل للسجن مدة سنة أو غرامة مالية 500 ألف ريال، بحق كل من يسيء للآخرين أو يشوه سمعتهم أو يضر بها بأي وسيلة كانت بما في ذلك أجهزة المحمول.
شكرا من الأعماق لأمير منطقة الباحة على هذه الوقفة الجادة والحازمة والتي شكلت أسرع إجراء رسمي وقضائي تجاه من أراد التسلق بنكاته البايخة على أكتاف أبناء وشيوخ وأعيان المنطقة، والذين يشهد لهم القاصي والداني بكرمهم وطيب سريرتهم وصدق مشاعرهم تجاه كافة العشائر والقبائل بالمملكة.
هناك من استغرب اتخاذ إجراء رسمي تجاه شخص كان (يمزح) على حد وصفه، لهذا أود أن أقول لهم (ومن متى المعرفة؟) حتى يمون ويمزح مع أبناء منطقة بأكملها لها عاداتها وتقاليدها وتاريخها المشرف الذي تعتز به، هو لو كان يمزح في حدود الجلسة التي جمعته مع أصدقائه من المنطقة لوجد القبول والتعاطي العفوي مع تعليقاته، خاصة وأنه مشهود لهم بخفة الدم وسعة الصدر، أما أن يعزمك الأهالي ويكرموا وفادتك ثم تتركهم حتى يناموا وتذهب لتتجول في شوارعهم في عتمة الليل من أجل أن تغرس في ظهرهم خنجر السخرية، ثم تشيع الخبر بكل تباهٍ أمام العالم، فهذه جريمة بحق نفسك قبل أن تكون إساءة بالغة بحق من ضيفوك وفتحوا لك قلوبهم قبل بيوتهم.
السخرية إن جاز لنا تسميتها سخرية، وإن كنت أراها من جهتي مصاخة مبتذلة، لم تقع فقط على رافد مهم من روافد بلادنا، بل حتى على خلق رفيع وطبيعة صحية لطالما حرصنا على تعليمها لأبنائنا، فنومك المبكر يضمن لك الاستيقاظ فجرا وأنت بكامل نشاطك وعافيتك ما يمهد لك القيام بأعمالك بكل جد وتركيز، وهي الطبيعة التي توارثها أبناء المنطقة من أجدادهم حين كانوا يسرحون للحقول والمراعي قبل بزوغ الشمس سعيا وراء قوت يومهم (فأين المضحك في هذا؟)، لقد عانت بعض المجتمعات التي حافظت على عفويتها وتلقائيتها الموروثة من بعض الذين يطلقون النكات البايخة حولها حتى استحالت مع صمتهم تجاهها لوصمة نقص تلاحقهم، قبل أن تتصدر هذه القضية مشهدنا الاجتماعي اليومين الماضيين وتكتب بحروف من ذهب قاعدة (القانون لا يحمي المستظرفين)!
أتوقع أن المحكوم عليه أبدى قناعته بالحكم، وربما المدعي العام قنع هو الآخر وربما يستأنف، وأنا هنا لا أريد التأثير على أحد لإيماني التام بعدالة القضاء، لكنني أود أن أقترح على من اعتاد الاستخفاف بدمه أن يبتعد كليا عن كل ما يمكنه إثارة النعرات القبلية، خاصة وأنه ينسب نفسه لمنطقة مشهود لأبنائها بالثقافة والفن والأدب وقبل ذلك كله حسن الخلق، وأن لا يبدو في كل مرة مستظرفا وكأنه ذلك المهرج الذي لم يبق شيء في وجهه إلا لونه وملامحه، فالكوميديا وإضحاك الناس فن قائم بذاته ولا يقوم على التفاهات أو السخرية السطحية، بل يقوم على الكلمات والمواقف التي ترسم البسمة على الشفاه مع احتفاظها بالعمق الأدبي والثقافي، وقبل ذلك كله الرسالة السامية التي تبعثها بكل فن وذوق، فهل يعي كلامنا هذا (مهرج إتكيت) ؟!
ajib2013@yahoo.com
تويتر @ajib2013
شكرا من الأعماق لأمير منطقة الباحة على هذه الوقفة الجادة والحازمة والتي شكلت أسرع إجراء رسمي وقضائي تجاه من أراد التسلق بنكاته البايخة على أكتاف أبناء وشيوخ وأعيان المنطقة، والذين يشهد لهم القاصي والداني بكرمهم وطيب سريرتهم وصدق مشاعرهم تجاه كافة العشائر والقبائل بالمملكة.
هناك من استغرب اتخاذ إجراء رسمي تجاه شخص كان (يمزح) على حد وصفه، لهذا أود أن أقول لهم (ومن متى المعرفة؟) حتى يمون ويمزح مع أبناء منطقة بأكملها لها عاداتها وتقاليدها وتاريخها المشرف الذي تعتز به، هو لو كان يمزح في حدود الجلسة التي جمعته مع أصدقائه من المنطقة لوجد القبول والتعاطي العفوي مع تعليقاته، خاصة وأنه مشهود لهم بخفة الدم وسعة الصدر، أما أن يعزمك الأهالي ويكرموا وفادتك ثم تتركهم حتى يناموا وتذهب لتتجول في شوارعهم في عتمة الليل من أجل أن تغرس في ظهرهم خنجر السخرية، ثم تشيع الخبر بكل تباهٍ أمام العالم، فهذه جريمة بحق نفسك قبل أن تكون إساءة بالغة بحق من ضيفوك وفتحوا لك قلوبهم قبل بيوتهم.
السخرية إن جاز لنا تسميتها سخرية، وإن كنت أراها من جهتي مصاخة مبتذلة، لم تقع فقط على رافد مهم من روافد بلادنا، بل حتى على خلق رفيع وطبيعة صحية لطالما حرصنا على تعليمها لأبنائنا، فنومك المبكر يضمن لك الاستيقاظ فجرا وأنت بكامل نشاطك وعافيتك ما يمهد لك القيام بأعمالك بكل جد وتركيز، وهي الطبيعة التي توارثها أبناء المنطقة من أجدادهم حين كانوا يسرحون للحقول والمراعي قبل بزوغ الشمس سعيا وراء قوت يومهم (فأين المضحك في هذا؟)، لقد عانت بعض المجتمعات التي حافظت على عفويتها وتلقائيتها الموروثة من بعض الذين يطلقون النكات البايخة حولها حتى استحالت مع صمتهم تجاهها لوصمة نقص تلاحقهم، قبل أن تتصدر هذه القضية مشهدنا الاجتماعي اليومين الماضيين وتكتب بحروف من ذهب قاعدة (القانون لا يحمي المستظرفين)!
أتوقع أن المحكوم عليه أبدى قناعته بالحكم، وربما المدعي العام قنع هو الآخر وربما يستأنف، وأنا هنا لا أريد التأثير على أحد لإيماني التام بعدالة القضاء، لكنني أود أن أقترح على من اعتاد الاستخفاف بدمه أن يبتعد كليا عن كل ما يمكنه إثارة النعرات القبلية، خاصة وأنه ينسب نفسه لمنطقة مشهود لأبنائها بالثقافة والفن والأدب وقبل ذلك كله حسن الخلق، وأن لا يبدو في كل مرة مستظرفا وكأنه ذلك المهرج الذي لم يبق شيء في وجهه إلا لونه وملامحه، فالكوميديا وإضحاك الناس فن قائم بذاته ولا يقوم على التفاهات أو السخرية السطحية، بل يقوم على الكلمات والمواقف التي ترسم البسمة على الشفاه مع احتفاظها بالعمق الأدبي والثقافي، وقبل ذلك كله الرسالة السامية التي تبعثها بكل فن وذوق، فهل يعي كلامنا هذا (مهرج إتكيت) ؟!
ajib2013@yahoo.com
تويتر @ajib2013