-A +A
طلال صالح بنان
من قريب أو من بعيد ما حدث في العراق ليس بعيداً عن ما تفكر فيه المعارضة اللبنانية في بيروت. تفسير شكلي للديموقراطية لا يستقيم مع صيغة التعددية الطائفية. عندما يعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن المعارضة مستعدة للتسامح في مطلبها في تشكيل الحكومة، إذا ما ووفق على العودة لقانون الانتخاب لسنة 1960، فإن هذا يعني أن المعارضة تتطلع إلى أن تكون الأكثرية في البرلمان القادم، مما يخولها تشكيل الحكومة القادمة بالطريقة التي تراها، بغض النظر عن من يتقلد منصب الرئاسة في بعبدا، ولا حاجة حينئذ، لما يسمى الثلث الضامن..!؟
صيغة يعتبرها الكثيرون حلاً للأزمة المستحكمة في قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية. أيضاً، البعض يرى أن هذه الصيغة، تُسَهّل على رئيس مجلس النواب شرح موقف المعارضة، في جولته العربية الحالية.

صحيح أن قانون الانتخاب الحالي، الذي سُن عام 2000 أيام الوجود السوري في لبنان، لا يرضي أحداً من الطوائف، إلا أن العودة إلى قانون 1960، وإن بدأ من سليمان فرنجية أحد أهم حلفاء حركة أمل وحزب الله الموارنة، لا يحظى بتأييد البطريركية، في بكركي، دون تعديل يأخذ في عين الاعتبارات التغييرات الديموغرافية التي تطورت في المحليات، حتى لا تطغى الأغلبية الشيعية في الدوائر القديمة، على أعداد الأقليات من الطوائف الأخرى فيها، خاصة الدروز والمسيحيين، الذين يتشكل من غالبيتهم فريق الموالاة للحكومة الحالية.
صيغة صوت واحد لشخصٍ واحد، لا تصلح للديموقراطية التي تقوم على أساس طائفي... وهذا في حد ذاته مخالف للدستور، وكذا صيغة المصالحة التي جاءت بها اتفاقية الطائف. الديموقراطية على أساس حكم الأغلبية (العددية) يستحيل الأخذ بها في المجتمعات الطائفية. ما يحدث في العراق أكبر دليل على فشل صيغ الديموقراطية الليبرالية (المستوردة)، التي تتبناها قوى أجنبية لا تفهم أو تتجاهل صيغة التعايش السلمي التاريخي في بعض مجتمعات الشرق الأوسط، التي تقوم على أسس التعددية الطائفية والمذهبية.
حاوي المعارضة اللبنانية لم يخل جرابه، بعد، من الخِدع.