-A +A
هاني اللحياني - مكة المكرمة
كاد ان يقضي نحبه اثناء الحرب الأهلية في الصومال عندما اوفدته الصحيفة التي يعمل بها لتغطية الاحداث في هذا البلد المضطرب وذلك عندما لمحه احد افراد المليشيا ليلا وهو يصور بكاميرته احداث شغب في سوق بكاره فظنه من مليشيا معادية له فصوب سلاحه عليه ولكنه نجا من الموت باعجوبه! المشهد يرويه الصحفي السوداني علي عثمان المبارك الذي اوفدته صحيفة المسلمون ابان رئاسة الدكتور عبدالقادر طاش لها لتغطية الحرب في الصومال ولكن من بين عشرات الكوارث والزلازل والمجاعات والفيضانات التي غطاها الزميل علي عثمان كانت مشاهد التسونامي الاشد فظاعة.
تسونامي

عن هذه الكارثة يقول علي عثمان: لست ممن تعود التردد في دخول أي منطقة منكوبة ولكن كارثة تسونامي التي دخلتها بعد 15 يوما من وقوعها افزعتني حد الارتجاف.
ولعل من بين اقسى المشاهد التي رأيتها منظر طلاب وطالبات في مدرسة متوفين بالكامل بما في ذلك طاقم التدريس حيث كانت جثثهم متناثرة في فناء وقاعات الدراسة!
لم يكن علي عثمان يحمل اكثر من كاميرا وقلم وورق هي كل اسلحته على خط النار ومناطق الكوارث موفدا لكبرى الهيئات الاغاثية ومراسلا سابقا لصحيفة المسلمـــون لتسع سنوات شــــارك في تغطية الكثير من جولات وفود هيئة الاغاثة الاســـلامية في الخارج في النيجر واوغادين في الصومال التي تعرضت لمجاعة شديدة حولت السكان هناك لأكل اوراق الشجر.
وهذه محاولة منا لرصد أبرز الصور التي مازالت عالقة بذهنه من الخطوط الساخنة والحروب والكوارث التي لم تفلح السنون في طمس ملامحها من ذاكرته وكانت انطلاقته الاولى من صحيفة «المسلمون» التي صدرت لاول مرة حيث فتح له رئيس تحريرها الدكتور عبدالقادر طاش يرحمه الله الباب واسعا للقيام بعدد من الرحلات والجولات الخارجية بداية من عام 1410هـ يتذكر علي عثمان تلك الفترة قائلا:
الموت والبارود
لعل دخولي للصومال في الحرب الأهلية 1991م الاولى هو الخيط الذي قادني للحصول على ابرز جائزة صحافية وفتح لي باب الرغبة على مصراعيه لخوض تجارب جديدة ففي الوقت الذي تنقل فيه الطائرات النازحين من مقديشو الى كينيا واديس أبابا وهم فارون من جحيم نار حرب الشــــوارع كنت مصرا على أن أدخل هذه البلاد رغم اعتراض رئيس تحرير الصحيفة الدكتور طاش.
ولم تفلح محاولاتي عن طريق السودان وجيبوتي أو حتى كينيا لكني اخيرا نجحت عن طريق اديس أبابا ولم اكن اتوقع حقيقة حجم الخطر فركبنا في طائرة عائدة بـ 400 دولارا تنقل الفارين.
وكان معي ثمانية اخرون اصروا على ركوب الطائرة لإنقاذ اهاليهم من نار الحرب وعرفت منهم شابا هو شقيق صاحب شركة الطيران الافريقية الوحيدة العاملة فدلني على منزل اسرته في مقديشو بعد ان عرف مهمتي وحطت بنا الطائرة عصرا في مطار مقديشو الذي وجدناه محاصرا برجال المليشيات ونزلت وانا لا احمل سوى اوراقي ومسجل وكاميراتي وبقية اقلام للكتابة فخرجنا من المطار بلا ختم للجوازات وكأننا في موقف الحافلات وقد كان الوضع مأساويا للغاية.
جثث في الشوارع وطلق عشوائي للرصاص ومنازل تفوح منها رائحة البارود والموت معا بعد أن تنازعت قوات علي مهدي المسيطر على الشمال وقوات عيد يد المتمكنة من الجنوب وكانت الحرب على اشدها بينهما لاقتسام مقديشو اما العامة فقد سرقوا كل شيء لحد ان مخازن الاسلحة الحكومية نهبت واصبح السلاح يباع في ســـوق مشهور سمي بسوق الســـلاح وفيه كل اسلحة القتال من المسدس الى سام7 المضاد للطائرات وقد وفقت في ان اسكن مع اسرة شقيق صاحب شركة الطيران التي كان افرادها مسلحون للدفاع عن منزلهم وكان عددنا 30 شخصا كنا نتناوب في الدفاع وقد قضيت 17 يوما ونحـــن بين اصوات المدافع الى ان خرجت وقد حملت ملفات ترصد حقيقة الوضع القائم تناقلتها عن صحيفتي وسائل الإعلام.