-A +A
طلال صالح بنان
إسرائيل تهدد بإضرام محرقة في قطاع غزة، ولا تقوى على إشعال فتيلها.. وحركة حماس، في المقابل، تهدد بشن حرب شاملة على إسرائيل، ولا تملك إمكانات شنها. النتيجة: سجال من العنف المتبادل، لا تحمل حركته أي إمكانات للحسم.
بعيداً عن أعمال العنف المتبادلة، فإن المسألة ليست عسكرية ولا إنسانية، بقدر ما هي سياسية واستراتيجية، بامتياز. مشكلة حصار قطاع غزة، ليست إسرائيلية، بقدر ما هي دولية وإقليمية، أيضاً. هناك ما يشبه التوافق الدولي الإقليمي، تجاه النموذج السياسي الذي تمثله حماس. لا دولياً ولا عربياً، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، هناك قبول للمقاومة العنيفة، حتى ولو من أجل التحرر الوطني، بالذات إذا كان من يقوم بها ويحمل شعارها منظمات إسلامية، مثل حماس. كل أعمال العنف، غير النظامية، أضحت تنضوي تحت خطيئة الإرهاب، وليس نبل قضية مقاومة الاحتلال...!؟

هناك، أيضاً بعد إقليمي للأزمة. حماس وغيرها من تنظيمات المقاومة، بعيداً عن التأييد العربي التقليدي لها، وجدت عوناً في خصوم إقليميين للعرب، غير عداء إسرائيل للجميع. إيران تؤيد وتدعم حماس ليس إيماناً بقضية الشعب الفلسطيني، بل من أجل محاربة الولايات المتحدة والغرب في المنطقة لخدمة قضاياها المعلقة، بدءاً بملفها النووي، وانتهاء بأطماعها الإقليمية في العراق.
ما لم يعد العرب والفلسطينيون إلى صيغة الصراع القديمة مع إسرائيل.. وما لم يؤمن الفلسطينيون أن انتصارهم مرتبط بمصير محددات الأمن القومي العربي.. وما لم تُحيد قوىً إقليمية تهدف إلى القفز على استثمارات العرب الطويلة والمكلفة في القضية الفلسطينية.. وما لم تع إسرائيل والغرب أن القضية هي قضية تحرر وطني لشعب يرفض الاحتلال ويُقاتل من أجل حريته واستقلاله ولا يمكن هزيمته أو تشويه نبل قضيته... فإن الأزمة ستراوح مكانها، ولا تظهر منها إلا المعاناة الإنسانية اليومية لها.
وتبقى مصطلحات المحرقة والحرب الشاملة مجرد شعارات يختبئ وراءها عجز الجميع عن التوصل للسلام.