عاش محمد مزهر الشاهين رئيس تحرير جريدة الفيصل العراقية أياما مليئة بالاحداث والقصص والدم والألم داخل معتقل كروبر لينتقل الى معتقل بوكا الذي لايقل عن سابقه من حيث المشاهد المؤلمة والحكايات الغريبة .
يقول الشاهين : قبل الانتقال الى بوكا سمعت احد المعتقلين يقول لي (اذا ماتشوف بوكا ماتشوف ابوكا) قلت له ابي مات قبل حربنا في 73 عندما صدّقنا جميعا اننا حطمنا خط برليف وكان النصر حليفنا وهي عبارة عن عملية تنفيس للشعب العربي آنذاك على ما اعتقد ويعتقد غيري.
قال ماذا تعمل؟
قلت لماذا !
قال هذا كلام مثقف وانت تقول انك راعي غنم,وحاولت ان اتهرب من مناقشة هذا الرجل ولكنه اصرّ على معرفة شخصيتي قلت له في بوكا سوف اقص عليك حكايتي اذا جمعنا القدر ,واقتنع بهذا الحل على أمل ان نلتقي في بوكا .
الذهاب الى بوكا
حدثنا رئيس تحرير جريدة الفيصل قائلا: قبل صلاة العشاء أبلغونا حسب القائمة التي اتت من الحاسبة بالذهاب غدا الى بوكا, فتحركت بسرعة وركضت شمالا ويمينا, اوصيت الكثيرين باعلام ابني باني ذاهب غدا الى بوكا ووجدته في الصباح الباكر ينتظرني لكي يودعني حينها رأيته مكسور الخاطر ولم يكن كعادته حيث تمتم ببعض الكلمات وانسحب الى داخل الكمب وضاع بين الجموع وهو يطأطئ رأسه ويهزه بتأفف قلت له وهو يبتعد عني متجاهلا الحراس وعقوبة (البوكس) (خلك رجال) لم يعكر صفو مزاجي سوى فراق ابني وتمنيت ان اذهب بعيدا عن هؤلاء التكفيريين قبل ان اصطدم بهم او قبل ان يعرف شخصيتي احدهم وحينها اكمل بقية عمري اعمى او على عكازين!!
نصحني احدهم بان افطر لاني على سفر وقال (ان الله يحب ان تؤتى رخصه كما تؤتى فرائضه) وانت لاتعرف الذهاب الى بوكا ماذا يعني .. قلت (الله كريم)
جمعونا من الكمبات حتى اصبح العدد يقترب من الاربعمائة في خيمتين متلاصقتين عند مقر الحاسبة وفي الساعة الرابعة عصرا تجمع الحراس وجلبوا (الزناجيل) ولأول مرة ارى هذا النوع من الاصفاد التي تشبه الاصفاد التي وضعوها بارجل وايادي صدام حسين في أول ظهور له على شاشة التلفاز, بدأوا بتفتيشنا ووضع الاصفاد في الايادي والأرجل وربطها بسلسة طولها متر تقريبا ووضعوا عصبة على اعيننا حينذاك تأكد لي انني معتقل من الطراز الأول وان الرحلة طويلة جدا .
اكملوا عملهم قبل الافطار بنصف ساعة وادخلونا تباعا الى باصات كبيرة تتسع لـ45 راكبا والبعض وضعوه في الممر الضيق الذي يفصل المقاعد وكانت عصبة الأعين تختلف عن تلك التي ارتديتها في المحاجر حيث انها صغيرة وتشبه العصابة التي تضعها الطبقة الارستقراطية في النوم والتي تستعمل احيانا في المطارات .
المجندة الصفراء
كانت المسؤولة عن الحافلة التي ركبت بها مجندة صفراء ذات شعر قصير ملفوف تحت قبعتها, صرخت بنا قبل تحرك الحافلة بأن نلتزم الهدوء والا سوف نعاقب عقابا وخيما رطنت ببعض الكلمات الفاحشة وأفهمتنا بأن نكون خرافا مطيعة وكان يشاطرها المسؤولية احد الجنود وكانت تحمل على وركها مسدسا وانبوبة فلفل اذا رشت منها رشة واحدة فإنها تكفي لانبطاح اقوى رجل في العالم، زعقت مرة اخرى وتوعدت واكثرت من الزعيق, فقلت في سري (لايمكن ان تكون هذه امرأة).
طائرة القرش
سارت بنا الحافلة الى مكان اقلاع الطائرة التي يسميها المعتقلون بالقرش لكبر حجمها,حان وقت الافطار وصاح احد المعتقلين (ووتر) ولم تجب وصاح الآخر ثم الآخر وتجاهلت الأمر ولما كثرت الطلبات صرخت بنا (شوية .. شوية) وعند مكان الاقلاع وقفت الحافلة لمدة ساعتين ,عرفنا انهم اخذوا دفعة الى (مطار الشعيبة) وسوف تعود الطائرة لنقلنا ايضا، ولم ينته الصياح والطلب للماء ومن تحت العصابة رأيت ساعة الحافلة تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل ونحن لم نصل صلاة المغرب ولا العشاء ولم نذق شيئا للافطار .. انزلونا من الحافلة وبدأ التفتيش والكلاب البوليسية تحيط بنا ويتقاطر لعابها ادخلونا في حوض الطائرة (القرش) واجلسونا في حوضها الخالي من المقاعد واحاطونا بالحبال وحين اكتمل العدد واقفلوا بوابة الطائرة الخلفية عادوا مرة اخرى وفتحوا البوابة وفكوا الحبال وانزلونا الى الحافلات وعادت بنا الى حيث كنا ونحن لانعلم ماذا يحدث ,فتحوا لنا الاصفاد وازاحوا عنا العصابات شعرت بالفرح يغمرني وكأنهم اطلقوا سراحي. احسست بالشوق للقيا ابني وكأني تركته دهرا بحاله . وصلنا الى الكمبات فجرا واستقبلنا المعتقلون بالأكل والماء . رجعت مرة اخرى الى كمب الأخوة و تعرفت على احد المعتقلين الظرفاء والذي اراحني كثيرا في البداية سألته من أي القبائل قال (زوبعي) وتذكرت المثل المشهور (تهون يازوبع ياحبس ياجزا ياتنكنك بالعصا) فقلته على مسامعه وضحك قائلا: نحن في خان ضاري المحمود في بغداد وبناء على امر الشيخ تم تغيير المثل الى الآتي (ياهمر ياانزال ياتصليخ بالمطار) اخذ الزوبعي فراشي واعد لي مكانا على الحائط في القاعة التي هو فيها .
أسرار سقوط بغداد
ويسترسل الشاهين في سرد بعض القصص قائلا: التقيت بابني من وراء الاسلاك وكان فرحا جدا بعودتي شرحت له صعوبة الانتقال وقلت له يجب ان اذهب الى النوم لشعوري بالتعب الشديد, كنت بحاجة الى السجائر ولكن القوانين التي وضعها الاخوة تمنع ذلك،وصادف ان التقيت بعميد ركن (ابو ابراهيم) كان آمر فوج في الحكومة السابقة وكان من عشاق التدخين لايتكلم عن اطفاله بقدر مايتكلم عن امانيه التي يختصرها بسيجارة بعد الأكل, تكلمنا كثيرا عن العراق ولماذا حصل كل هذا فقال (انا كنت على مشارف بغداد حين دخل الجيش الأمريكي وانا من القلائل الذين نجوا من الفوج الذي كان في امرتي قلت له يقولون ان هناك خيانة حصلت في دخول القوات الأمريكية الى بغداد هل هذا صحيح؟ قال : ليس بمفهومها الاعتيادي والذي ينص على الاتصال بالعدو والتنسيق معه ولكن كانت الخيانة وهذا رأيي الشخصي ان الجندي والضابط العراقي كان منهارا نفسيا قبل وصول القوات الأمريكية لأن امريكا غزتنا اعلاميا على مدى سنتين وهي تقرع طبول الحرب وتكثف من حملاتها الاعلامية المدمرة حتى انهار الجندي العراقي من الداخل وماتبقى هي هياكل فارغة لمواجهة شيء كبير ومذهل نحن وقبل وصول القوات الامريكية الى ام قصر واعلان بوش من على البارجة قيام الحرب وقبل الاربعين صاروخا التي سقطت على منزل ابنة الرئيس وصل العدد لدينا من المتسربين او الفارين الى اعداد كبيرة جدا ,والجندي انهار اعلاميا حتى وصل الحال بنا الى القول (ان الامريكان تأخروا جدا) كنا نريد ان يأتوا حتى (نخلص من هذه السالفة) ناهيك عن العملاء الذين كانوا بالداخل وعلى اتصال دائم بالامريكان.
معارك لم تصور
قلت له هل التقيتم بهم وجها لوجه؟
قال نعم ودارت معارك كبيرة ولكنها لم تصور للاعلام والامريكان كانوا يخلون عجلاتهم المعطوبة بسرعة من ارض المعركة ويغسلون الارض من أي اثار !
قلت له: انا لااقتنع بكلامك كل الاقتناع لأن بغداد سقطت بسرعة وانتم من سلّم بغداد للامريكان؟
قال اولا انا لا احبذ كلمة سقطت بل احتلت وثانيا انت تستفزني وانا لا اعرفك جيدا حتى اقول لك كل الحقيقة التي اعرفها!
قلت وماهي الحقيقة؟
قال بتنهد اذا التقينا في بوكا اقولها لك.
قلت ولماذا في بوكا.
قال اولا لا اعرفك جيدا وثانيا الاجواء هنا ملغمة وبعدها افترقنا على أمل اللقاء في بوكا.
زعيم القاعدة
التقى الشاهين في المعتقل بأحد ابرز زعماء القاعدة في العراق وهو ابوقتادة المساعد الأول لزعيم القاعدة في العراق ابو أيوب المصري وكانت القوات العراقية والأمريكية اعتقلت ابوقتادة الفلسطيني في عملية دهم ناجحة ,وقال الشاهين:عرفت ان الزعيم او (الأمير) للاخوة هو (ابو قتادة) ورأيته يحمل بيديه مصحفا وكتابا للمنفلوطي قادني الفضول الصحفي الى الاقتراب منه ومعرفته عن قرب لا لشيء فقط وانما لمعرفة مدى العلم الذي يحمله هذا الرجل وهو شاب لم يصل عمره الخامسة والعشرين ,واضاف الشاهين: بعد الافطار يجتمع حوله مريدوه والذين يحبون الاستماع الى محاضراته وقد حضرت من ضمن الذين حضروا وكان ابو قتاده يقول :(نحن يجب ان نجاهد الأمريكان وقبل الأمريكان يجب ان نجاهد ونقتل العملاء وقبل ان يسألني احد منكم من هم العملاء اقول الجيش والشرطة والمترجمين وكل من يتعاون مع الامريكان والحكومة الحالية الى ان يشاء الله ويمن علينا ونقيم الدولة الاسلامية في العراق ونحن الآن وبفضل من الله اقتربنا من منالنا , تركته ومن معه وذهبت وحدي ادور حول القاعات وانا أرى ان العراق يحتاج الى تيار ليبرالي .
العراق ليس بحاجة الى ابو قتادة او ابو المجاهد، تذكرت مقولة للفيلسوف الهندي طاغور يقول فيها: هذا الشرق المعقد بأبسط الامور .
يقول الشاهين : قبل الانتقال الى بوكا سمعت احد المعتقلين يقول لي (اذا ماتشوف بوكا ماتشوف ابوكا) قلت له ابي مات قبل حربنا في 73 عندما صدّقنا جميعا اننا حطمنا خط برليف وكان النصر حليفنا وهي عبارة عن عملية تنفيس للشعب العربي آنذاك على ما اعتقد ويعتقد غيري.
قال ماذا تعمل؟
قلت لماذا !
قال هذا كلام مثقف وانت تقول انك راعي غنم,وحاولت ان اتهرب من مناقشة هذا الرجل ولكنه اصرّ على معرفة شخصيتي قلت له في بوكا سوف اقص عليك حكايتي اذا جمعنا القدر ,واقتنع بهذا الحل على أمل ان نلتقي في بوكا .
الذهاب الى بوكا
حدثنا رئيس تحرير جريدة الفيصل قائلا: قبل صلاة العشاء أبلغونا حسب القائمة التي اتت من الحاسبة بالذهاب غدا الى بوكا, فتحركت بسرعة وركضت شمالا ويمينا, اوصيت الكثيرين باعلام ابني باني ذاهب غدا الى بوكا ووجدته في الصباح الباكر ينتظرني لكي يودعني حينها رأيته مكسور الخاطر ولم يكن كعادته حيث تمتم ببعض الكلمات وانسحب الى داخل الكمب وضاع بين الجموع وهو يطأطئ رأسه ويهزه بتأفف قلت له وهو يبتعد عني متجاهلا الحراس وعقوبة (البوكس) (خلك رجال) لم يعكر صفو مزاجي سوى فراق ابني وتمنيت ان اذهب بعيدا عن هؤلاء التكفيريين قبل ان اصطدم بهم او قبل ان يعرف شخصيتي احدهم وحينها اكمل بقية عمري اعمى او على عكازين!!
نصحني احدهم بان افطر لاني على سفر وقال (ان الله يحب ان تؤتى رخصه كما تؤتى فرائضه) وانت لاتعرف الذهاب الى بوكا ماذا يعني .. قلت (الله كريم)
جمعونا من الكمبات حتى اصبح العدد يقترب من الاربعمائة في خيمتين متلاصقتين عند مقر الحاسبة وفي الساعة الرابعة عصرا تجمع الحراس وجلبوا (الزناجيل) ولأول مرة ارى هذا النوع من الاصفاد التي تشبه الاصفاد التي وضعوها بارجل وايادي صدام حسين في أول ظهور له على شاشة التلفاز, بدأوا بتفتيشنا ووضع الاصفاد في الايادي والأرجل وربطها بسلسة طولها متر تقريبا ووضعوا عصبة على اعيننا حينذاك تأكد لي انني معتقل من الطراز الأول وان الرحلة طويلة جدا .
اكملوا عملهم قبل الافطار بنصف ساعة وادخلونا تباعا الى باصات كبيرة تتسع لـ45 راكبا والبعض وضعوه في الممر الضيق الذي يفصل المقاعد وكانت عصبة الأعين تختلف عن تلك التي ارتديتها في المحاجر حيث انها صغيرة وتشبه العصابة التي تضعها الطبقة الارستقراطية في النوم والتي تستعمل احيانا في المطارات .
المجندة الصفراء
كانت المسؤولة عن الحافلة التي ركبت بها مجندة صفراء ذات شعر قصير ملفوف تحت قبعتها, صرخت بنا قبل تحرك الحافلة بأن نلتزم الهدوء والا سوف نعاقب عقابا وخيما رطنت ببعض الكلمات الفاحشة وأفهمتنا بأن نكون خرافا مطيعة وكان يشاطرها المسؤولية احد الجنود وكانت تحمل على وركها مسدسا وانبوبة فلفل اذا رشت منها رشة واحدة فإنها تكفي لانبطاح اقوى رجل في العالم، زعقت مرة اخرى وتوعدت واكثرت من الزعيق, فقلت في سري (لايمكن ان تكون هذه امرأة).
طائرة القرش
سارت بنا الحافلة الى مكان اقلاع الطائرة التي يسميها المعتقلون بالقرش لكبر حجمها,حان وقت الافطار وصاح احد المعتقلين (ووتر) ولم تجب وصاح الآخر ثم الآخر وتجاهلت الأمر ولما كثرت الطلبات صرخت بنا (شوية .. شوية) وعند مكان الاقلاع وقفت الحافلة لمدة ساعتين ,عرفنا انهم اخذوا دفعة الى (مطار الشعيبة) وسوف تعود الطائرة لنقلنا ايضا، ولم ينته الصياح والطلب للماء ومن تحت العصابة رأيت ساعة الحافلة تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل ونحن لم نصل صلاة المغرب ولا العشاء ولم نذق شيئا للافطار .. انزلونا من الحافلة وبدأ التفتيش والكلاب البوليسية تحيط بنا ويتقاطر لعابها ادخلونا في حوض الطائرة (القرش) واجلسونا في حوضها الخالي من المقاعد واحاطونا بالحبال وحين اكتمل العدد واقفلوا بوابة الطائرة الخلفية عادوا مرة اخرى وفتحوا البوابة وفكوا الحبال وانزلونا الى الحافلات وعادت بنا الى حيث كنا ونحن لانعلم ماذا يحدث ,فتحوا لنا الاصفاد وازاحوا عنا العصابات شعرت بالفرح يغمرني وكأنهم اطلقوا سراحي. احسست بالشوق للقيا ابني وكأني تركته دهرا بحاله . وصلنا الى الكمبات فجرا واستقبلنا المعتقلون بالأكل والماء . رجعت مرة اخرى الى كمب الأخوة و تعرفت على احد المعتقلين الظرفاء والذي اراحني كثيرا في البداية سألته من أي القبائل قال (زوبعي) وتذكرت المثل المشهور (تهون يازوبع ياحبس ياجزا ياتنكنك بالعصا) فقلته على مسامعه وضحك قائلا: نحن في خان ضاري المحمود في بغداد وبناء على امر الشيخ تم تغيير المثل الى الآتي (ياهمر ياانزال ياتصليخ بالمطار) اخذ الزوبعي فراشي واعد لي مكانا على الحائط في القاعة التي هو فيها .
أسرار سقوط بغداد
ويسترسل الشاهين في سرد بعض القصص قائلا: التقيت بابني من وراء الاسلاك وكان فرحا جدا بعودتي شرحت له صعوبة الانتقال وقلت له يجب ان اذهب الى النوم لشعوري بالتعب الشديد, كنت بحاجة الى السجائر ولكن القوانين التي وضعها الاخوة تمنع ذلك،وصادف ان التقيت بعميد ركن (ابو ابراهيم) كان آمر فوج في الحكومة السابقة وكان من عشاق التدخين لايتكلم عن اطفاله بقدر مايتكلم عن امانيه التي يختصرها بسيجارة بعد الأكل, تكلمنا كثيرا عن العراق ولماذا حصل كل هذا فقال (انا كنت على مشارف بغداد حين دخل الجيش الأمريكي وانا من القلائل الذين نجوا من الفوج الذي كان في امرتي قلت له يقولون ان هناك خيانة حصلت في دخول القوات الأمريكية الى بغداد هل هذا صحيح؟ قال : ليس بمفهومها الاعتيادي والذي ينص على الاتصال بالعدو والتنسيق معه ولكن كانت الخيانة وهذا رأيي الشخصي ان الجندي والضابط العراقي كان منهارا نفسيا قبل وصول القوات الأمريكية لأن امريكا غزتنا اعلاميا على مدى سنتين وهي تقرع طبول الحرب وتكثف من حملاتها الاعلامية المدمرة حتى انهار الجندي العراقي من الداخل وماتبقى هي هياكل فارغة لمواجهة شيء كبير ومذهل نحن وقبل وصول القوات الامريكية الى ام قصر واعلان بوش من على البارجة قيام الحرب وقبل الاربعين صاروخا التي سقطت على منزل ابنة الرئيس وصل العدد لدينا من المتسربين او الفارين الى اعداد كبيرة جدا ,والجندي انهار اعلاميا حتى وصل الحال بنا الى القول (ان الامريكان تأخروا جدا) كنا نريد ان يأتوا حتى (نخلص من هذه السالفة) ناهيك عن العملاء الذين كانوا بالداخل وعلى اتصال دائم بالامريكان.
معارك لم تصور
قلت له هل التقيتم بهم وجها لوجه؟
قال نعم ودارت معارك كبيرة ولكنها لم تصور للاعلام والامريكان كانوا يخلون عجلاتهم المعطوبة بسرعة من ارض المعركة ويغسلون الارض من أي اثار !
قلت له: انا لااقتنع بكلامك كل الاقتناع لأن بغداد سقطت بسرعة وانتم من سلّم بغداد للامريكان؟
قال اولا انا لا احبذ كلمة سقطت بل احتلت وثانيا انت تستفزني وانا لا اعرفك جيدا حتى اقول لك كل الحقيقة التي اعرفها!
قلت وماهي الحقيقة؟
قال بتنهد اذا التقينا في بوكا اقولها لك.
قلت ولماذا في بوكا.
قال اولا لا اعرفك جيدا وثانيا الاجواء هنا ملغمة وبعدها افترقنا على أمل اللقاء في بوكا.
زعيم القاعدة
التقى الشاهين في المعتقل بأحد ابرز زعماء القاعدة في العراق وهو ابوقتادة المساعد الأول لزعيم القاعدة في العراق ابو أيوب المصري وكانت القوات العراقية والأمريكية اعتقلت ابوقتادة الفلسطيني في عملية دهم ناجحة ,وقال الشاهين:عرفت ان الزعيم او (الأمير) للاخوة هو (ابو قتادة) ورأيته يحمل بيديه مصحفا وكتابا للمنفلوطي قادني الفضول الصحفي الى الاقتراب منه ومعرفته عن قرب لا لشيء فقط وانما لمعرفة مدى العلم الذي يحمله هذا الرجل وهو شاب لم يصل عمره الخامسة والعشرين ,واضاف الشاهين: بعد الافطار يجتمع حوله مريدوه والذين يحبون الاستماع الى محاضراته وقد حضرت من ضمن الذين حضروا وكان ابو قتاده يقول :(نحن يجب ان نجاهد الأمريكان وقبل الأمريكان يجب ان نجاهد ونقتل العملاء وقبل ان يسألني احد منكم من هم العملاء اقول الجيش والشرطة والمترجمين وكل من يتعاون مع الامريكان والحكومة الحالية الى ان يشاء الله ويمن علينا ونقيم الدولة الاسلامية في العراق ونحن الآن وبفضل من الله اقتربنا من منالنا , تركته ومن معه وذهبت وحدي ادور حول القاعات وانا أرى ان العراق يحتاج الى تيار ليبرالي .
العراق ليس بحاجة الى ابو قتادة او ابو المجاهد، تذكرت مقولة للفيلسوف الهندي طاغور يقول فيها: هذا الشرق المعقد بأبسط الامور .