تغير المناخ أصبح أمرا واقعا وثمة إجماع علمي واسع على أن عالمنا اليوم أشد حرًا مما كان عليه منذ ألفي سنة وإذا ما استمرت الممارسات الحالية فإن حرارة الكرة الأرضية في نهاية هذا القرن سترتفع بسرعة أكثر من أي مرحلة مضت. وقد بدأ تغير المناخ واختلال الأنظمة البيئية وأمواج الحرارة المميتة تؤذي الناس والبيئة. ويمكن أن نلمس ذلك في ذوبان الأنهار الجليدية والجليد القطبي وتزايد حدة الظواهر الطبيعية كالأعاصير والفيضانات وارتفاع مستويات البحر. وليس العلماء وحدهم الذين يشهدون هذه التحولات، بل نحن وبقية البشر من سكان الأرض كافة.
يؤكد تقرير البيئة الصادر في (2007م) ان تضاعف كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عن مستواه سيؤدي الى ارتفاع في درجة الحرارة في العالم وسيصاحب ذلك ارتفاع في مستوى سطح البحر يقدر بنحو 180 الى 590 سم.
ورغم كل هذه التهديدات والحقائق العلمية، تزداد الاستثمارات العقارية بنسب تزيد عن معدلات تزايد السكان في بعض المناطق. ومع تطور تقنيات العمارة أصبحنا نسمع عن مدن صغيرة داخل المياه الإقليمية ومنتجعات ضخمة على الشواطئ وفي مجملها مشاريع ضخمة تتمازج مع مياه البحار والمحيطات، ويقال إن بعض هذه المشاريع يمكن أن تراها من سطح القمر. وطالما أن هذه المدن والمشاريع تقع على السواحل في الوقت التي تتزايد فيه الإدارة والنظم والقوانين البيئية فلا شك أن القائمين على هذه المشاريع والمدن قد حصلوا على موافقات الإدارات المحلية في حكوماتهم، والتي أيضًا وبلا شك تتوقف على دراسات التقييم البيئي.
أما الأمر الذي يظهر في دراسات التقييم البيئي فهو مدى تأثر هذه المشاريع بالتغييرات البيئية وفي بعض الأحيان تشير هذه الدراسات إلى تأثر بعض مكونات المشروع بالبيئة المحيطة ولكن دون تحديد ما يمكن أن يحدث لو تغيرت هذه البيئة.
وأهم مظاهر تغير البيئة تتجلى في التغير المناخي الذي يتضمن بدوره مجموعة من التغيرات أبرزها ارتفاع درجات الحرارة وتزايد عنف الظواهر الطبيعية. وعندما يتغير عنصر واحد من عناصر المناخ لا شك أن كثيرًا من العناصر سيستجيب للتغير. فإذا ارتفعت درجة الحرارة ستتغير عناصر أخرى من بينها ارتفاع مستوى مياه البحار وغمر الشواطئ أي غمر المشاريع العقارية الضخمة أو اجزاء منها.
وإذا كانت الدراسات أظهرت هذا العام 2007 أن مملكة البحرين من الدول التي ستتأثر بالتغير المناخي لدرجة أنها ستفقد 11% من المساحة الكلية نتيجة ارتفاع سطح البحر، فما الذي يمكن أن يحدث للمشروعات العقارية الساحلية بعد إعصار جونو وموجات الحر والبرد في العالم.
مصير الاستثمارات الساحلية
من المتعارف عليه أن الاستثمارات تواجه المخاطر بحسن التصميم واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتقليص آثار بعض المخاطر المحتملة مثل الحرائق أو الزلازل وأخيرًا وليس آخرًا تقوم بالتأمين ضد التكاليف المالية للمخاطر. ولا أدري هل بدأت شركات التأمين بتسويق صكوك تأمين ضد مخاطر التغير المناخي أم لا.
ولا يقتصر التأقلم على التغير الاجتماعي الذي سيتبع التغير المناخي بل يمتد إلى إجراءات ومشاريع وخطوات عملية. فرفع مستوى المباني الساحلية الى ارتفاعات تزيد عن المطلوب حاليًا فقط لمجرد مواجهة احتمالات التغير المناخي يعتبر إجراء جيدا للتأقلم، وكذلك بناء مصدات ساحلية.
ومن الأمثلة الأخرى للتأقلم ضرورة إعادة النظر في خطط إدارة المناطق الساحلية والتي تقع ضمن قوانين البيئة في الدول العربية، حيث أن معظمها يشير إلى احتمالات التغير المناخي إلا أنها لا تعمل كثيرا في مجال التأقلم فالخطط في بداية التسعينات قبل ثورة التغير المناخي تحدد حرم الشواطئ بـ400 متر ولكنها لاتزال تحدد نفس المسافة بعد كل ما عرفه العالم عن التغير المناخي.
ولا شك ان للاحتباس الحراري تأثيرات سلبية على سوق العقار الدولي فمثلا الاستثمار في عقارات المنتجعات السويسرية تزيد مخاطره مع زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري ويتوقع ان تكون هذه المنتجعات الأكثر تأثرًا خصوصا انها تعتمد على الثلج والجليد والأنشطة الرياضية أو الترفيهية المرتبطة به.
وفي المقابل فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد وجود المنتجعات الساحلية حيث يشكل الارتفاع المحتمل لمنسوب مياه البحار وتآكل الشواطئ. تهديدا للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل. وسيؤدي ذلك إلى هجرة الملايين من السكان المقيمين في المدن والتجمعات السكنية الساحلية المطلة على السواحل وتحديدا المدن الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية وخصوصا بعد العام 2080 بحثًا عن مناطق أخرى للعيش فيها وسيكون الخطر أكبر على مناطق دلتا الأنهار وكذلك الجزر الصغيرة خاصة في منطقة شرق آسيا، حيث يواجه بعضها خطر الانقراض وأيضًا الجزر المأهولة بالسكان وأكثر الخسائر وضوحا تراجع النشاط السياحي عن المنتجعات الكثيرة التي تمتلئ بها هذه الجزر. وستتأثر أغلب الصناعات التي تقع في مناطق مصبات الأنهار وعلى السواحل المطلة على البحار أو تلك التي تعتمد على البحار والأنهار والغابات والمناطق الزراعية في عملها، نظرًا لأن هذه الموارد تسمى بالموارد الحساسة للتغير المناخي.
وبالرغم من كل ما أثير فإنه حتى المنتجعات الساحلية وبقدر من الاستثمارات الإضافية وتبني إجراءات التكيف مع تلك المخاطر المحتملة تستطيع التأقلم مع التغيرات الناجمة عن زيادة درجة الحرارة وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات.
وتقدر تكلفة التكيف مع التغير المناخي إلى 10% من الناتج القومي الإجمالي لبعض الدول وخصوصا الدول الساحلية التي تعتمد على الإنتاج الغذائي البحري وعلى الاستثمارات السياحية.
مشكلة تهدد العالم
ولاشك ان التغير المناخي يشكل مشكلة بيئية تهدد سكان العالم وقد زاد الاهتمام الشعبي بهذه القضية بعد عرض فيلم نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور عن التغير المناخي، والذي سماه «حقيقة مزعجة» أو(An Inconvenient Truth). وقد اظهر هذا الفيلم الآثار السلبية الناتجة عن تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض من فيضانات وأعاصير وما إلى ذلك..) وقد صدر في أكتوبر 2006 تقرير عن اقتصادات التغير المناخي، أعده الاقتصادي البريطاني سير نيكولاس ستيرن (Sir Nicholas Stern) وكان في السابق كبير اقتصاديي البنك الدولي، واشار التقرير الى أن اتخاذ إجراءات للحد من تغير المناخ الآن سيكلف الاقتصاد العالمي 1% من إجمالي الناتج القومي العالمي، لكن المشاكل والأخطار والخسائر التي ستنتج عن عدم اتخاذ هذه الإجراءات ستكلف العالم 10% من إجمالي الناتج القومي العالمي. ومع الأسف فإن الدول النامية ستكون نسبة الخسارة فيها أعلى من هذا المتوسط العالمي المقدر بـ10%. كما أشار التقرير إلى أن 200 مليون شخص قد يتحولون إلى لاجئين بسبب تعرض أماكن إقامتهم للجفاف أو الفيضانات. حيث انه ونتيجة لارتفاع درجة الحرارة، فإن كمية الأمطار المتساقطة في بعض أجزاء من العالم ستنقص بنسبة 50%، بينما تزداد في مناطق أخرى، ما يعني أن الإنتاج الغذائي العالمي سيتناقص وسيؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى زيادة معدل ذوبان الثلوج، وبالتالي إلى ارتفاع سطح البحر ما سيؤدي إلى غرق جزر كاملة موجودة في المحيط الباسيفيكي والهندي والهادي، بالإضافة إلى غرق كل المناطق الواقعة في مستوى منخفض عن سطح البحر.
خسائر هائلة
لقد تضاعف عدد الكوارث الطبيعية وخطورتها بشكل هائل خلال السنوات الأخيرة ثلاثة أضعاف ما كان عليه في الستينات بينما زادت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الكوارث بتسعة أضعاف : من تسونامي في آسيا، إلى إعصار كاترينا في الولايات المتحدة الأمريكية، وإعصار غونا في سلطنة عمان إلى الزلزال المدمر في باكستان، وغيرها الكثير وقدرت جملة الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الكوارث الطبيعية على نطاق الاقتصاد العالمي سنويًا ما يتجاوز 50 مليار دولار يمثل ثلثها تكلفة لترتيبات التنبؤ باحتمالات وقوع الكوارث، ومحاولة مواجهتها، وأعمال التلطيف من وقع حدة آثارها على المنكوبين. أما الثلثان المتبقيان فهما القيمة الفعلية للدمار. ويشير تقرير صادر عن الأمم المتحدة العام 2002 بعنوان (الكوارث الطبيعية والتنمية المستدامة) (Natural Disaster and sustainable Development) إلى أنه من المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية للكوارث الطبيعية إلى 300 مليار دولار سنويًا مع حلول عام 2050، فضلًا عما يقدر بمئة ألف وفاة نتيجة الكوارث الطبيعية سنويًا. ولاشك ان تقليل الخسائر الاقتصادية يعتمد على القدرة الاستشرافية لمخاطر الكوارث: وهي التنبؤ بمخاطر الكوارث وأخذ الاحتياطات اللازمة للحد من هذه المخاطر، والتأهب للتصدي للكوارث. لايملك الإنسان إزاء المشاكل أو الكوارث الطبيعية إلا محاولة الحد من تأثيرها في الأنشطة البشرية والتأقلم مع كل الآثار الناجمة عنها.
* نائب المدير التنفيذي - مركز البيئة والتنمية للإقليم العربي واوروبا (سيداري) ومستشار الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة. أستاذ الاقتصاد -جامعة الملك عبدالعزيز بجدة-. مشارك كمؤلف رئيسي ضمن الفريق الدولي المكلف بكتابة التقرير التقييمي الثاني للهيئة الحكومية الدولية للتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة.
يؤكد تقرير البيئة الصادر في (2007م) ان تضاعف كمية غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عن مستواه سيؤدي الى ارتفاع في درجة الحرارة في العالم وسيصاحب ذلك ارتفاع في مستوى سطح البحر يقدر بنحو 180 الى 590 سم.
ورغم كل هذه التهديدات والحقائق العلمية، تزداد الاستثمارات العقارية بنسب تزيد عن معدلات تزايد السكان في بعض المناطق. ومع تطور تقنيات العمارة أصبحنا نسمع عن مدن صغيرة داخل المياه الإقليمية ومنتجعات ضخمة على الشواطئ وفي مجملها مشاريع ضخمة تتمازج مع مياه البحار والمحيطات، ويقال إن بعض هذه المشاريع يمكن أن تراها من سطح القمر. وطالما أن هذه المدن والمشاريع تقع على السواحل في الوقت التي تتزايد فيه الإدارة والنظم والقوانين البيئية فلا شك أن القائمين على هذه المشاريع والمدن قد حصلوا على موافقات الإدارات المحلية في حكوماتهم، والتي أيضًا وبلا شك تتوقف على دراسات التقييم البيئي.
أما الأمر الذي يظهر في دراسات التقييم البيئي فهو مدى تأثر هذه المشاريع بالتغييرات البيئية وفي بعض الأحيان تشير هذه الدراسات إلى تأثر بعض مكونات المشروع بالبيئة المحيطة ولكن دون تحديد ما يمكن أن يحدث لو تغيرت هذه البيئة.
وأهم مظاهر تغير البيئة تتجلى في التغير المناخي الذي يتضمن بدوره مجموعة من التغيرات أبرزها ارتفاع درجات الحرارة وتزايد عنف الظواهر الطبيعية. وعندما يتغير عنصر واحد من عناصر المناخ لا شك أن كثيرًا من العناصر سيستجيب للتغير. فإذا ارتفعت درجة الحرارة ستتغير عناصر أخرى من بينها ارتفاع مستوى مياه البحار وغمر الشواطئ أي غمر المشاريع العقارية الضخمة أو اجزاء منها.
وإذا كانت الدراسات أظهرت هذا العام 2007 أن مملكة البحرين من الدول التي ستتأثر بالتغير المناخي لدرجة أنها ستفقد 11% من المساحة الكلية نتيجة ارتفاع سطح البحر، فما الذي يمكن أن يحدث للمشروعات العقارية الساحلية بعد إعصار جونو وموجات الحر والبرد في العالم.
مصير الاستثمارات الساحلية
من المتعارف عليه أن الاستثمارات تواجه المخاطر بحسن التصميم واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتقليص آثار بعض المخاطر المحتملة مثل الحرائق أو الزلازل وأخيرًا وليس آخرًا تقوم بالتأمين ضد التكاليف المالية للمخاطر. ولا أدري هل بدأت شركات التأمين بتسويق صكوك تأمين ضد مخاطر التغير المناخي أم لا.
ولا يقتصر التأقلم على التغير الاجتماعي الذي سيتبع التغير المناخي بل يمتد إلى إجراءات ومشاريع وخطوات عملية. فرفع مستوى المباني الساحلية الى ارتفاعات تزيد عن المطلوب حاليًا فقط لمجرد مواجهة احتمالات التغير المناخي يعتبر إجراء جيدا للتأقلم، وكذلك بناء مصدات ساحلية.
ومن الأمثلة الأخرى للتأقلم ضرورة إعادة النظر في خطط إدارة المناطق الساحلية والتي تقع ضمن قوانين البيئة في الدول العربية، حيث أن معظمها يشير إلى احتمالات التغير المناخي إلا أنها لا تعمل كثيرا في مجال التأقلم فالخطط في بداية التسعينات قبل ثورة التغير المناخي تحدد حرم الشواطئ بـ400 متر ولكنها لاتزال تحدد نفس المسافة بعد كل ما عرفه العالم عن التغير المناخي.
ولا شك ان للاحتباس الحراري تأثيرات سلبية على سوق العقار الدولي فمثلا الاستثمار في عقارات المنتجعات السويسرية تزيد مخاطره مع زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري ويتوقع ان تكون هذه المنتجعات الأكثر تأثرًا خصوصا انها تعتمد على الثلج والجليد والأنشطة الرياضية أو الترفيهية المرتبطة به.
وفي المقابل فإن ارتفاع مستوى سطح البحر يهدد وجود المنتجعات الساحلية حيث يشكل الارتفاع المحتمل لمنسوب مياه البحار وتآكل الشواطئ. تهديدا للتجمعات السكنية الساحلية وزراعاتها إضافة إلى موارد المياه العذبة على السواحل. وسيؤدي ذلك إلى هجرة الملايين من السكان المقيمين في المدن والتجمعات السكنية الساحلية المطلة على السواحل وتحديدا المدن الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية وخصوصا بعد العام 2080 بحثًا عن مناطق أخرى للعيش فيها وسيكون الخطر أكبر على مناطق دلتا الأنهار وكذلك الجزر الصغيرة خاصة في منطقة شرق آسيا، حيث يواجه بعضها خطر الانقراض وأيضًا الجزر المأهولة بالسكان وأكثر الخسائر وضوحا تراجع النشاط السياحي عن المنتجعات الكثيرة التي تمتلئ بها هذه الجزر. وستتأثر أغلب الصناعات التي تقع في مناطق مصبات الأنهار وعلى السواحل المطلة على البحار أو تلك التي تعتمد على البحار والأنهار والغابات والمناطق الزراعية في عملها، نظرًا لأن هذه الموارد تسمى بالموارد الحساسة للتغير المناخي.
وبالرغم من كل ما أثير فإنه حتى المنتجعات الساحلية وبقدر من الاستثمارات الإضافية وتبني إجراءات التكيف مع تلك المخاطر المحتملة تستطيع التأقلم مع التغيرات الناجمة عن زيادة درجة الحرارة وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات.
وتقدر تكلفة التكيف مع التغير المناخي إلى 10% من الناتج القومي الإجمالي لبعض الدول وخصوصا الدول الساحلية التي تعتمد على الإنتاج الغذائي البحري وعلى الاستثمارات السياحية.
مشكلة تهدد العالم
ولاشك ان التغير المناخي يشكل مشكلة بيئية تهدد سكان العالم وقد زاد الاهتمام الشعبي بهذه القضية بعد عرض فيلم نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور عن التغير المناخي، والذي سماه «حقيقة مزعجة» أو(An Inconvenient Truth). وقد اظهر هذا الفيلم الآثار السلبية الناتجة عن تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض من فيضانات وأعاصير وما إلى ذلك..) وقد صدر في أكتوبر 2006 تقرير عن اقتصادات التغير المناخي، أعده الاقتصادي البريطاني سير نيكولاس ستيرن (Sir Nicholas Stern) وكان في السابق كبير اقتصاديي البنك الدولي، واشار التقرير الى أن اتخاذ إجراءات للحد من تغير المناخ الآن سيكلف الاقتصاد العالمي 1% من إجمالي الناتج القومي العالمي، لكن المشاكل والأخطار والخسائر التي ستنتج عن عدم اتخاذ هذه الإجراءات ستكلف العالم 10% من إجمالي الناتج القومي العالمي. ومع الأسف فإن الدول النامية ستكون نسبة الخسارة فيها أعلى من هذا المتوسط العالمي المقدر بـ10%. كما أشار التقرير إلى أن 200 مليون شخص قد يتحولون إلى لاجئين بسبب تعرض أماكن إقامتهم للجفاف أو الفيضانات. حيث انه ونتيجة لارتفاع درجة الحرارة، فإن كمية الأمطار المتساقطة في بعض أجزاء من العالم ستنقص بنسبة 50%، بينما تزداد في مناطق أخرى، ما يعني أن الإنتاج الغذائي العالمي سيتناقص وسيؤدي ارتفاع درجة الحرارة إلى زيادة معدل ذوبان الثلوج، وبالتالي إلى ارتفاع سطح البحر ما سيؤدي إلى غرق جزر كاملة موجودة في المحيط الباسيفيكي والهندي والهادي، بالإضافة إلى غرق كل المناطق الواقعة في مستوى منخفض عن سطح البحر.
خسائر هائلة
لقد تضاعف عدد الكوارث الطبيعية وخطورتها بشكل هائل خلال السنوات الأخيرة ثلاثة أضعاف ما كان عليه في الستينات بينما زادت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الكوارث بتسعة أضعاف : من تسونامي في آسيا، إلى إعصار كاترينا في الولايات المتحدة الأمريكية، وإعصار غونا في سلطنة عمان إلى الزلزال المدمر في باكستان، وغيرها الكثير وقدرت جملة الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الكوارث الطبيعية على نطاق الاقتصاد العالمي سنويًا ما يتجاوز 50 مليار دولار يمثل ثلثها تكلفة لترتيبات التنبؤ باحتمالات وقوع الكوارث، ومحاولة مواجهتها، وأعمال التلطيف من وقع حدة آثارها على المنكوبين. أما الثلثان المتبقيان فهما القيمة الفعلية للدمار. ويشير تقرير صادر عن الأمم المتحدة العام 2002 بعنوان (الكوارث الطبيعية والتنمية المستدامة) (Natural Disaster and sustainable Development) إلى أنه من المتوقع أن تصل التكلفة الإجمالية للكوارث الطبيعية إلى 300 مليار دولار سنويًا مع حلول عام 2050، فضلًا عما يقدر بمئة ألف وفاة نتيجة الكوارث الطبيعية سنويًا. ولاشك ان تقليل الخسائر الاقتصادية يعتمد على القدرة الاستشرافية لمخاطر الكوارث: وهي التنبؤ بمخاطر الكوارث وأخذ الاحتياطات اللازمة للحد من هذه المخاطر، والتأهب للتصدي للكوارث. لايملك الإنسان إزاء المشاكل أو الكوارث الطبيعية إلا محاولة الحد من تأثيرها في الأنشطة البشرية والتأقلم مع كل الآثار الناجمة عنها.
* نائب المدير التنفيذي - مركز البيئة والتنمية للإقليم العربي واوروبا (سيداري) ومستشار الرئيس العام للأرصاد وحماية البيئة. أستاذ الاقتصاد -جامعة الملك عبدالعزيز بجدة-. مشارك كمؤلف رئيسي ضمن الفريق الدولي المكلف بكتابة التقرير التقييمي الثاني للهيئة الحكومية الدولية للتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة.