العالم يواجه نقصًا في زراعة الغذاء لصالح الوقود الحيوي ونحن نستغني عن زراعة القمح للحفاظ على مصادر المياه، صحيح ان هذا الاستغناء يتم لمصلحة مهمة ولكن لم لا يكون هناك بدائل وطرق اخرى لتوفير مياه للزراعة؟ ولماذا لا تطرح هذه القضية على مراكز الابحاث والجامعات في سبيل ايجاد البدائل بدلا من ان يقتصر الامر على وزارة واحدة تقرر هذا الامر المصيري الذي يرتبط بمصلحة الشعب كاملا؟
الا ان توصيات فريق العمل المكلف بدراسة ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية في أسواق دول مجلس التعاون جاءت لتفتح باب امل امام المستهلكين حيث انها تدعو الى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار المباشر في المشاريع الغذائية وإنتاج عدد من السلع وأيضا الاستثمار في الدول ذات الميزة النسبية العالية في بعض السلع المهمة والمصدرة للمواد الغذائية كإستراتيجية لدول المجلس.
في ضوء دعوة الشركات والمستثمرين السعوديين الى زراعة القمح والارز خارج المملكة لتوفير الامدادات الغذائية تطرح مجموعة من التساؤلات منها هل يمكن ان يتحقق هذا الهدف؟ وما هي الآثار المترتبة على هذه الخطوة؟ ومن يقوم بهذه الخطوة وما مدى استجابة الشركات والمستثمرين السعوديين لهذه الدعوة وما هي مخاطر ذلك؟ وما هي انعكاساتها على الاسعار؟ وبالتالي هل سنكون ضحية احتكار المستثمرين والتجار؟.
هذه التساؤلات وغيرها شكلت محاور قضية زراعة القمح في الخارج التي طرحناها للنقاش على مجموعة من المختصين والمستثمرين الذين اعتبروا ان هذا الخيار هو خيار إستراتيجي ولكنه يحتاج إلى عقلية منفتحة وجهود مشتركة بين القطاعات الخاصة والحكومية لتنفيذ الفكرة على أسس علمية تجارية مدعمة بالأطر القانونية الدولية والحماية الدبلوماسية الضامنة لإنجاحه.
صراع عالمي على الغذاء
قبل عرض آراء المختصين والمستثمرين في هذه القضية لا بد من الاشارة الى ان العالم يواجه في الوقت الراهن ازمة في نقص زراعة الغذاء وخير دليل على ذلك قول جان زيغلر المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الغذاء ان العالم يتجه نحو فترة اضطرابات طويلة جدا ونزاعات مرتبطة بارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية. أي ان الفترة المقبلة سيكون الصراع على الغذاء والمضاربات في البورصة العالمية حول اسعار الغذاء على اشده.
وفي نفس السياق تحدث وزير الزراعة الفرنسي بأنه يجب أن يكون لإنتاج الغذاء الأولوية عالميا على انتاج الوقود الحيوي مع ارتفاع الاسعار ونمو مخاطر حدوث مجاعة عالمية وأعمال شغب في عدة دول.
فيما قال الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن نقص الغذاء الذي يزداد سوءا بسرعة في أنحاء العالم "وصل إلى مستويات خطيرة"، واضاف "نحن لا نريد فقط إجراءات عاجلة على المدى القصير لمواجهة الاحتياجات العاجلة الحرجة وتفادي المجاعة في كثير من المناطق في أنحاء العالم، وإنما نحتاج أيضا إلى زيادة كبيرة على المدى الطويل في إنتاج حبوب الغذاء".
خيار استراتيجي
اما في المملكة فقد تقدمت اللجنة الوطنية للزراعة بعدة مقترحات لتلافي الآثار المترتبة على قرار ايقاف زراعة القمح لمدة ثماني سنوات للمحافظة على مخزون المياه الجوفية تشتمل على تخفيض توريد كميات القمح المحلي الى ما يعادل نصف كمية الاستهلاك (1.5 مليون/طن) سنويا مع حصرها الزراعة على المناطق ذات الميزة المناسبة لزراعة القمح. في المقابل تطرح بقوة قضية زراعة القمح والارز في الخارج لتوفير الامدادات الغذائية، وعن ذلك قال الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين انه من الناحية الإستراتيجية يُفترض أن تستمر الدولة في تأمين ما نسبته 40 في المئة من الاحتياج السنوي من القمح محليا، وأن تتم زراعته في المناطق التي تتوفر فيها المياه واعتبر ان خيار الزراعة الخارجية هو خيار إستراتيجي إلا أنه يحتاج إلى عقلية منفتحة وجهود مشتركة بين القطاعات الخاصة والحكومية لتنفيذ الفكرة على أسس علمية تجارية مدعمة بالأطر القانونية الدولية والحماية الدبلوماسية الضامنة لإنجاح مثل هذه المشروعات بمعزل عن الأزمات السياسية، الاقتصادية والعسكرية. واشار الى انه في حال تحقيق هذه المتطلبات الأساسية أعتقد أنه من الممكن تحقيق هدف تأمين المنتجات الزراعية من خلال الاستثمار في الدول العربية والإسلامية على حد سواء.
ورأى ان الشركات السعودية التي اعتادت على الربح السهل المدعوم من الدولة، لن تبادر الى تنفيذ مثل هذه الأفكار بحسب الأهداف الإستراتيجية، لذا أعتقد أن مثل هذا القرار لا بد أن يشمله الدعم اللوجستي، والمالي أيضا وأعتقد أن الوقت قد أزف لتطوير قدرات الشركات الزراعية، وشركات الاستثمار السعودية من أجل تحقيق النجاح في الاستثمار الزراعي في الدول العربية والإسلامية ذات الوفرة المائية والأراضي الخصبة.
وشدد على ان من أهم إيجابيات هذه الخطوة توفير احتياجات البلاد من المواد الزراعية الأساسية، وضمان استمرارية التموين، وتوفير المياه الجوفية. الا انه رأى ان لها سلبيات تتمثل في إمكانية تأثر الإمدادات الزراعية الإستراتيجية بالمتغيرات السياسية، والنزاعات القومية أو الدولية، وضياع حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي خصوصا من محصول القمح، إضافة إلى تأثر المزارعين المحليين بسبب وقف عمليات الإنتاج الزراعي المحلي. مشيرا الى وجود مخاطر مثل عدم ضمان إمدادات المواد الزراعية الأساسية اضافة الى خطر التأميم والمصادرة والتعقيدات القانونية وغيرها.
واشار الى ان الزراعة في الخارج موجودة خصوصا لدى بعض الدول الأوروبية التي تستثمر مساحات شاسعة من المناطق الزراعية حول العالم لزراعة الشاي، البن، الكاكاو، أشجار الصمغ الطبيعي وغير ذلك من المنتجات. إضافة إلى استثمارها بعض البحار وفق اتفاقيات الصيد البحري، وهي حققت نجاحا باهرا على جانبي تأمين الإمدادات وتحقيق الربح.
وعن انعكاس هذه الخطوة على الاسعار قال البوعينين انها ستكون عرضة للمتغيرات الزراعية وسترتبط ارتباطا كليا بالتكلفة، إلا أنه يمكن التأكيد على أن الأسعار ستكون أعلى من الأسعار الحالية مالم يتوفر لها الدعم الحكومي.
وحول من يضمن الا يقع المستهلك ضحية احتكار المستثمرين والتجار قال ان هؤلاء يعملون ضمن منظومة الدولة، ما يعني أن الحكومة يفترض أن تكون الضامن الأول لعدالة الأسعار، وتجريم الاحتكار، والموازنة بين أهداف المستثمرين التجارية ومصلحة المجتمع ويمكن للقوانين العادلة والكفاءة الإدارية، والرقابة الصارمة أن تسهم في تحقيق العدالة للأطراف المنتجة والبائعة والمستهلكة على حد سواء.
تخفيض التكاليف وتوفير المياه
من جانبه قال استاذ المحاسبة المساعد في جامعة الطائف الدكتور سالم سعيد باعجاجة انه نظرا الى كون القمح والارز سلعتين أساسيتين ومع شح المياه فإنه من الصعب زراعتهما في المملكة وبالتالي نحتاج الى الاستيراد مشيرا الى ان هناك عددا من الشركات والمستثمرين السعوديين لديهم الاستعداد للقيام بهذه المهمة وذلك في ضوء قرار ايقاف زراعة القمح. واعتبر انه بالامكان تحقيق هذا الهدف باعتبار ان تكلفة استيراد الارز والقمح اقل من تكلفة زراعتهما داخل المملكة حيث ان كل كيلوغرام من القمح يكلف هدر 200 جالون من المياه العذبة.
وأعرب عن اعتقاده ان الشركات التي تقوم بزراعة القمح من الفترض ان تكون شركات زراعية يتم التعاقد معها من قبل الشركات والمستثمرين السعوديين معتبرا ان من اهم مزايا الاستثمار في الزراعة خارج المملكة توفير الكميات المطلوبة في الوقت المحدد وبالتالي عدم وجود ازمة شح والحصول على القمح بأسعار اقل من تكلفة زراعته والاستثمار في مجال الزراعة يضمن ارباحًا للشركات والمستثمرين السعوديين وتوفير المياه المستهلكة لزراعة القمح داخل البلاد وعن السلبيات قال انها تتمثل في استغلال بعض الشركات الزراعية في الخارج حاجة المستثمرين السعوديين وتقوم برفع اسعار تكلفة رزاعة القمح وتؤخر تصدير القمح اولا بأول نظرا للبعد الزمني للوصول الى الاراضي السعودية وهجرة الاموال الى الخارج.
واضاف ان زراعة القمح والارز خارج المملكة خطوة مهمة لتخفيض تكاليف هاتين السلعتين وبالتالي فإن اسعارهما تخفض بمقدار الوفر الذي سيتحقق من توفير تكلفة المياه وتكلفة العمالة، ومن المعروف ان كميات المياه المهدرة من الرزاعة تكلف اضعاف السعر المستورد ما ينعكس ايجابا على خفض اسعاره اذا تمت عملية الزراعة خارج البلاد. وتابع قائلا انه حتى نضمن الا نقع ضحية احتكار المستثمرين يجب اسناد هذه الخطوة الى وزارة الزراعة والمياه والتي تقوم بدورها بالتعاقد مع شركات زراعية خارجية لزراعة القمح والارز وبالتالي تتولى الوزارة الاشراف المباشر على هذه الخطوة والتمويل يكون عن طريق صندوق التنمية الزراعية.
وختم قائلا: بما ان العالم يعيش في عصر التكتلات فلابد من التكامل بين الدول العربية وخاصة التي لديها موارد مائية مثل مصر والسودان فتستطيع الدول الخليجية ان تستثمر في هاتين الدولتين حيث تتوفر الاراضي الزراعية والمياه والايدي العاملة.
الارتهان للاسعار العالمية
في المقابل ابدت سيدة الاعمال سميرة بيطار عن بعض التحفظ على هذه الخطوة واعتبرت انه في ظل ازمة نقص النقص في الزراعة العالمية ليس من المنطق ان نستغني عن زراعة القمح محليا ونرتهن للاستيراد رغم ان المخاطر في هذا الوضع واضحة وجلية. وصحيح ان هناك دولا عربية قريبة يمكن ان نستفيد من الميزة النسبية الموجودة عندها وهي وفرة الاراضي الزراعية وكميات المياه ولكن مع الارتفاع العالمي المتصاعد حتما سترفع هذه الدول قيمة الصادرات وستفرض رسوما عليها ان كانت ملكا لمستثمرين سعوديين.
واضافت ان التجارب اثبتت ان المستثمرين السعوديين لا يمكن ان يأخذوا هذه الخطوة بالصورة التي يتصورها المنادون بالفكرة. وان كنت اتصور ان الشركات المساهمة يمكن ان تأخذ زمام المبادرة وتوجه جزءا من استثماراتها في هذه المجال. ولكن مهما حصل فهذه الشركات تسعى الى الربح ومع زيادة الطلب حتما سترفع الاسعار وتجاري الاسعار العالمية لأنه وبالمنطق لا يمكن ان تجبرها على البيع لصالح المملكة في ظل وجود طلب عالمي وهي في الاساس تستثمر خارج الوطن، أي انه سواء وجدت استثمارات سعودية في الخارج ام لا فالامران سيان في ان المواطن سيصبح مرتهنا للاسعار العالمية والارتفاعات الحتمية المتوقعة للاسعار.
وشددت على ان الاشكالية في الازمة العالمية ليست في قلة الزراعة وإنما في توجهها نحو انتاج الطاقة فحسب المعلومات المتداولة ان الربع على الاقل من انتاج الولايات المتحدة من الذرة واكثر من نصف محصول القصب في البرازيل يستخدم لانتاج الايثانول. وهذه الارقام قابلة للزيادة متى ما اصبح سعر الوقود الحيوي ارخص من سعر النفط. أي ان ازمة الغذاء تتصاعد مع ارتفاع اسعار النفط.
الا ان توصيات فريق العمل المكلف بدراسة ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية في أسواق دول مجلس التعاون جاءت لتفتح باب امل امام المستهلكين حيث انها تدعو الى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار المباشر في المشاريع الغذائية وإنتاج عدد من السلع وأيضا الاستثمار في الدول ذات الميزة النسبية العالية في بعض السلع المهمة والمصدرة للمواد الغذائية كإستراتيجية لدول المجلس.
في ضوء دعوة الشركات والمستثمرين السعوديين الى زراعة القمح والارز خارج المملكة لتوفير الامدادات الغذائية تطرح مجموعة من التساؤلات منها هل يمكن ان يتحقق هذا الهدف؟ وما هي الآثار المترتبة على هذه الخطوة؟ ومن يقوم بهذه الخطوة وما مدى استجابة الشركات والمستثمرين السعوديين لهذه الدعوة وما هي مخاطر ذلك؟ وما هي انعكاساتها على الاسعار؟ وبالتالي هل سنكون ضحية احتكار المستثمرين والتجار؟.
هذه التساؤلات وغيرها شكلت محاور قضية زراعة القمح في الخارج التي طرحناها للنقاش على مجموعة من المختصين والمستثمرين الذين اعتبروا ان هذا الخيار هو خيار إستراتيجي ولكنه يحتاج إلى عقلية منفتحة وجهود مشتركة بين القطاعات الخاصة والحكومية لتنفيذ الفكرة على أسس علمية تجارية مدعمة بالأطر القانونية الدولية والحماية الدبلوماسية الضامنة لإنجاحه.
صراع عالمي على الغذاء
قبل عرض آراء المختصين والمستثمرين في هذه القضية لا بد من الاشارة الى ان العالم يواجه في الوقت الراهن ازمة في نقص زراعة الغذاء وخير دليل على ذلك قول جان زيغلر المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الغذاء ان العالم يتجه نحو فترة اضطرابات طويلة جدا ونزاعات مرتبطة بارتفاع الأسعار ونقص المواد الغذائية. أي ان الفترة المقبلة سيكون الصراع على الغذاء والمضاربات في البورصة العالمية حول اسعار الغذاء على اشده.
وفي نفس السياق تحدث وزير الزراعة الفرنسي بأنه يجب أن يكون لإنتاج الغذاء الأولوية عالميا على انتاج الوقود الحيوي مع ارتفاع الاسعار ونمو مخاطر حدوث مجاعة عالمية وأعمال شغب في عدة دول.
فيما قال الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن نقص الغذاء الذي يزداد سوءا بسرعة في أنحاء العالم "وصل إلى مستويات خطيرة"، واضاف "نحن لا نريد فقط إجراءات عاجلة على المدى القصير لمواجهة الاحتياجات العاجلة الحرجة وتفادي المجاعة في كثير من المناطق في أنحاء العالم، وإنما نحتاج أيضا إلى زيادة كبيرة على المدى الطويل في إنتاج حبوب الغذاء".
خيار استراتيجي
اما في المملكة فقد تقدمت اللجنة الوطنية للزراعة بعدة مقترحات لتلافي الآثار المترتبة على قرار ايقاف زراعة القمح لمدة ثماني سنوات للمحافظة على مخزون المياه الجوفية تشتمل على تخفيض توريد كميات القمح المحلي الى ما يعادل نصف كمية الاستهلاك (1.5 مليون/طن) سنويا مع حصرها الزراعة على المناطق ذات الميزة المناسبة لزراعة القمح. في المقابل تطرح بقوة قضية زراعة القمح والارز في الخارج لتوفير الامدادات الغذائية، وعن ذلك قال الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين انه من الناحية الإستراتيجية يُفترض أن تستمر الدولة في تأمين ما نسبته 40 في المئة من الاحتياج السنوي من القمح محليا، وأن تتم زراعته في المناطق التي تتوفر فيها المياه واعتبر ان خيار الزراعة الخارجية هو خيار إستراتيجي إلا أنه يحتاج إلى عقلية منفتحة وجهود مشتركة بين القطاعات الخاصة والحكومية لتنفيذ الفكرة على أسس علمية تجارية مدعمة بالأطر القانونية الدولية والحماية الدبلوماسية الضامنة لإنجاح مثل هذه المشروعات بمعزل عن الأزمات السياسية، الاقتصادية والعسكرية. واشار الى انه في حال تحقيق هذه المتطلبات الأساسية أعتقد أنه من الممكن تحقيق هدف تأمين المنتجات الزراعية من خلال الاستثمار في الدول العربية والإسلامية على حد سواء.
ورأى ان الشركات السعودية التي اعتادت على الربح السهل المدعوم من الدولة، لن تبادر الى تنفيذ مثل هذه الأفكار بحسب الأهداف الإستراتيجية، لذا أعتقد أن مثل هذا القرار لا بد أن يشمله الدعم اللوجستي، والمالي أيضا وأعتقد أن الوقت قد أزف لتطوير قدرات الشركات الزراعية، وشركات الاستثمار السعودية من أجل تحقيق النجاح في الاستثمار الزراعي في الدول العربية والإسلامية ذات الوفرة المائية والأراضي الخصبة.
وشدد على ان من أهم إيجابيات هذه الخطوة توفير احتياجات البلاد من المواد الزراعية الأساسية، وضمان استمرارية التموين، وتوفير المياه الجوفية. الا انه رأى ان لها سلبيات تتمثل في إمكانية تأثر الإمدادات الزراعية الإستراتيجية بالمتغيرات السياسية، والنزاعات القومية أو الدولية، وضياع حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي خصوصا من محصول القمح، إضافة إلى تأثر المزارعين المحليين بسبب وقف عمليات الإنتاج الزراعي المحلي. مشيرا الى وجود مخاطر مثل عدم ضمان إمدادات المواد الزراعية الأساسية اضافة الى خطر التأميم والمصادرة والتعقيدات القانونية وغيرها.
واشار الى ان الزراعة في الخارج موجودة خصوصا لدى بعض الدول الأوروبية التي تستثمر مساحات شاسعة من المناطق الزراعية حول العالم لزراعة الشاي، البن، الكاكاو، أشجار الصمغ الطبيعي وغير ذلك من المنتجات. إضافة إلى استثمارها بعض البحار وفق اتفاقيات الصيد البحري، وهي حققت نجاحا باهرا على جانبي تأمين الإمدادات وتحقيق الربح.
وعن انعكاس هذه الخطوة على الاسعار قال البوعينين انها ستكون عرضة للمتغيرات الزراعية وسترتبط ارتباطا كليا بالتكلفة، إلا أنه يمكن التأكيد على أن الأسعار ستكون أعلى من الأسعار الحالية مالم يتوفر لها الدعم الحكومي.
وحول من يضمن الا يقع المستهلك ضحية احتكار المستثمرين والتجار قال ان هؤلاء يعملون ضمن منظومة الدولة، ما يعني أن الحكومة يفترض أن تكون الضامن الأول لعدالة الأسعار، وتجريم الاحتكار، والموازنة بين أهداف المستثمرين التجارية ومصلحة المجتمع ويمكن للقوانين العادلة والكفاءة الإدارية، والرقابة الصارمة أن تسهم في تحقيق العدالة للأطراف المنتجة والبائعة والمستهلكة على حد سواء.
تخفيض التكاليف وتوفير المياه
من جانبه قال استاذ المحاسبة المساعد في جامعة الطائف الدكتور سالم سعيد باعجاجة انه نظرا الى كون القمح والارز سلعتين أساسيتين ومع شح المياه فإنه من الصعب زراعتهما في المملكة وبالتالي نحتاج الى الاستيراد مشيرا الى ان هناك عددا من الشركات والمستثمرين السعوديين لديهم الاستعداد للقيام بهذه المهمة وذلك في ضوء قرار ايقاف زراعة القمح. واعتبر انه بالامكان تحقيق هذا الهدف باعتبار ان تكلفة استيراد الارز والقمح اقل من تكلفة زراعتهما داخل المملكة حيث ان كل كيلوغرام من القمح يكلف هدر 200 جالون من المياه العذبة.
وأعرب عن اعتقاده ان الشركات التي تقوم بزراعة القمح من الفترض ان تكون شركات زراعية يتم التعاقد معها من قبل الشركات والمستثمرين السعوديين معتبرا ان من اهم مزايا الاستثمار في الزراعة خارج المملكة توفير الكميات المطلوبة في الوقت المحدد وبالتالي عدم وجود ازمة شح والحصول على القمح بأسعار اقل من تكلفة زراعته والاستثمار في مجال الزراعة يضمن ارباحًا للشركات والمستثمرين السعوديين وتوفير المياه المستهلكة لزراعة القمح داخل البلاد وعن السلبيات قال انها تتمثل في استغلال بعض الشركات الزراعية في الخارج حاجة المستثمرين السعوديين وتقوم برفع اسعار تكلفة رزاعة القمح وتؤخر تصدير القمح اولا بأول نظرا للبعد الزمني للوصول الى الاراضي السعودية وهجرة الاموال الى الخارج.
واضاف ان زراعة القمح والارز خارج المملكة خطوة مهمة لتخفيض تكاليف هاتين السلعتين وبالتالي فإن اسعارهما تخفض بمقدار الوفر الذي سيتحقق من توفير تكلفة المياه وتكلفة العمالة، ومن المعروف ان كميات المياه المهدرة من الرزاعة تكلف اضعاف السعر المستورد ما ينعكس ايجابا على خفض اسعاره اذا تمت عملية الزراعة خارج البلاد. وتابع قائلا انه حتى نضمن الا نقع ضحية احتكار المستثمرين يجب اسناد هذه الخطوة الى وزارة الزراعة والمياه والتي تقوم بدورها بالتعاقد مع شركات زراعية خارجية لزراعة القمح والارز وبالتالي تتولى الوزارة الاشراف المباشر على هذه الخطوة والتمويل يكون عن طريق صندوق التنمية الزراعية.
وختم قائلا: بما ان العالم يعيش في عصر التكتلات فلابد من التكامل بين الدول العربية وخاصة التي لديها موارد مائية مثل مصر والسودان فتستطيع الدول الخليجية ان تستثمر في هاتين الدولتين حيث تتوفر الاراضي الزراعية والمياه والايدي العاملة.
الارتهان للاسعار العالمية
في المقابل ابدت سيدة الاعمال سميرة بيطار عن بعض التحفظ على هذه الخطوة واعتبرت انه في ظل ازمة نقص النقص في الزراعة العالمية ليس من المنطق ان نستغني عن زراعة القمح محليا ونرتهن للاستيراد رغم ان المخاطر في هذا الوضع واضحة وجلية. وصحيح ان هناك دولا عربية قريبة يمكن ان نستفيد من الميزة النسبية الموجودة عندها وهي وفرة الاراضي الزراعية وكميات المياه ولكن مع الارتفاع العالمي المتصاعد حتما سترفع هذه الدول قيمة الصادرات وستفرض رسوما عليها ان كانت ملكا لمستثمرين سعوديين.
واضافت ان التجارب اثبتت ان المستثمرين السعوديين لا يمكن ان يأخذوا هذه الخطوة بالصورة التي يتصورها المنادون بالفكرة. وان كنت اتصور ان الشركات المساهمة يمكن ان تأخذ زمام المبادرة وتوجه جزءا من استثماراتها في هذه المجال. ولكن مهما حصل فهذه الشركات تسعى الى الربح ومع زيادة الطلب حتما سترفع الاسعار وتجاري الاسعار العالمية لأنه وبالمنطق لا يمكن ان تجبرها على البيع لصالح المملكة في ظل وجود طلب عالمي وهي في الاساس تستثمر خارج الوطن، أي انه سواء وجدت استثمارات سعودية في الخارج ام لا فالامران سيان في ان المواطن سيصبح مرتهنا للاسعار العالمية والارتفاعات الحتمية المتوقعة للاسعار.
وشددت على ان الاشكالية في الازمة العالمية ليست في قلة الزراعة وإنما في توجهها نحو انتاج الطاقة فحسب المعلومات المتداولة ان الربع على الاقل من انتاج الولايات المتحدة من الذرة واكثر من نصف محصول القصب في البرازيل يستخدم لانتاج الايثانول. وهذه الارقام قابلة للزيادة متى ما اصبح سعر الوقود الحيوي ارخص من سعر النفط. أي ان ازمة الغذاء تتصاعد مع ارتفاع اسعار النفط.