-A +A
عـــبدالله الجفري
* لقد سئم الإنسان نفسه.. هو (ماض) دائماً.. هو (حاضر) منتظر أبداً.
هو يحمل دنياه على أهدابه، ويحمل عقله على (أخذ) مستمر للأشياء وللأفكار.. دون أن يسمح لجهده أن يضطهد الترف، وأن يضيء الانصهار!
هو ينوء بتفجيراته الداخلية.. لأنه مثقل في العمق، ويحاول أن يحلق، وأن يشف.. ليحمي (فعله) من النظرة الراصدة!
إن المحرضات المعاشية في واقع هذا الإنسان: مخذولة، وقد باتت (جبانة) في معاناتها.. متوارية في فنائها اليومي!
إن (المستقبل) في توقع هذا الإنسان: هو مناسبة احتفالية.. يحرض حاضره أن يدعها لأوانها لئلا تؤثر في ثقل العمق، ولئلا ترتبط بالسطح التافه والفوضوي، والباهتة ألوانه!
* ومن سنوات ضغط شاعر على صخرة بأصابعه المرتعشة، وجرب الصراخ:
- (تقدم يا عصراً... يكون فيه الإنسان طقس نفسه)!!
فهل تقدم العصر.. أم أن الإنسان قد انشغل بقياس درجات حرارة نفسه؟!!
* * *
* وهكذا.. ينشغل الإنسان عن مناخه.. عن التفكير في المستقبل، وذلك أثناء استمراره في نفخ البالونة، ثم بعد انفجارها!!
وهذا التأمل.. يناولني عبارة: قالها المؤرخ (أرنولد توينبي) وهو يتحدث عن: الحضارة، والتخلف، والجوع، والامتلاء.. فكان يشرح اضطراب الناس في انفلاش حاضرهم.
* * *
* إن الحضارة والجهل: ليسا ضدين في معايشة البشر اليومي.. إنهما -فقط- رسم اجتماعي يخلو من كدح الإنسان الحقيقي، ومن إرهاصاته!
الكل... ممكن أن يكون جائعاً في منطقة الشبع، يرتمي على محرضاته المعاشية ويخنقها، ويستلقي ليعد النجوم، ويتوخى قدوم زمن الانبهار!!
الكل -أيضاً- ينتظر الشبع في منطقة الجوع، لكنه يعطي ظهره لظله، فيكون بظلين، ويكون بصوتين، ويكون برأسين.. وقد ينسى قلبه!!
* * *
* آخر الكلام:
* الاتهام المعاصر للإنسان اليوم:
أنه يعيش الحياة.. وهو يحلم أنه «يحياها»!
وعندما يكتشف أنه لا أكثر
من قدمين تركضان به،
وصدر يلهث، ومعدة تهضم...
فلابد أن يوجه إليه الاتهام، بأنه: يعيش!!
A_Aljifri@Hotmail.Com

للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 156 مسافة ثم الرسالة