قد يقف أحدنا مشدوها أمام أي عمل فني يراه في محاولة لفك اسراره والاحاطة بكينونته لكنه أمام لوحات الفنان العراقي صدر الدين امين وبلغته الاسطورية المغايرة واللاتقليدية لن يتمكن من اختراق كل الاحاجي التي يلقي بها الفنان في طريقه فيبقى في باب التأمل. تتصارع في داخله الالوان الحادة ودفق مشاعر متناقضه عن هذا الغموض. كل تلك الحكايات والاساطير والافكار التي استقرت في ذاكرتنا من ثقافة مجتمعات قديمة، وتلك الكائنات الاسطورية والبدائية المراوغة مرتفعة الى اعلى مراتب مما في الذاكرة حد احاطتها بمظاهر وادعة وقوة مخفية بحكم تجاوزها وتفاعلها مع ثقافة انسانية غير مؤطرة بمحلية ما بل تتسع لكل الثقافات عبر سياقات شتى تحتفي بالغيب والعجب.. والمجهول، مختزلا ما قدمته تقافة كل تلك الشعوب من تصورات اتخذت اشكالا اسطورية، تتشابه وتنسجم مع بعضها الى حد بعيد رغم التباعد الجغرافي والمثيولوجي، وكأنها كلها تتحدث عن فعل مسحور وذاكرة طفولية واحدة. فالرمز عند الفنان ليس نقلا للمشاعر والافكار عن طريق الدلالة الوضعية المحددة كشكل حيواني او طير ما لكنها تتجه الى الايحاء بالمعنى العام، فالرمز هنا له قيمة المتعة الذاتية بغض النظر عن الاهمية الاجتماعية مجسدا ذلك بهجة الحياة الطفولية والبدائية وفرحها مقابل الخطر والخوف الذي نواجهه في الحياة اليومية، وكما يوضح ذلك (سيجموند فرويد) بكتابه قلق في الحضارة فيقول (ان التخلي عن هذه الحضارة للعودة الى الحالة البدائية سيكفل لنا قدرا من السعادة اكبر بكثير).
اشارات استفهام
حالة تشضي الأنا الى (أنات) شاردة لاشكال محددة ولكائنات قائمة بذاتها معزولة عن المحيط المعاش والعوامل الاخرى التي جاءت في سياقها ليقدمها الفنان تجسيدا لثنائية مكتمله استغلها افضل استغلال في طرح اسئلة مغلقة او مجموعة من اشارات الاستفهام عبر استحضار قوى غرائبية بعيدة عن الواقع وقريبة من الذاكرة الجمعية في ذات الوقت ولخلق اسطره خاصه بالفنان تميز عمله الفني عبر تفرد مقصود على صعيد الشكل والاسلوب، لبناء اسطورته الخاصه به عبر الحفر العميق والمتواصل في اعماق ذاكرته الطفولية والتي تأبى ان تكبر. ليكشف لنا عن طبيعة التراكم المعرفي الذي تشع منه تلك الانساق الابداعية وانعكاساتها في اعماله الفنية التي تشع بروح المغامرة والابتكار والتجديد ولتساهم في اذكاء شعلة الحداثة، لتجعله من الاسماء القليلة الباحثة عن التفرد والاستقلالية وسط طوفان الاسماء الجديدة التي لا تخرج أغلبها عن احد التيارات السائده فنيا.
حركة ديناميكية
ان اهم ما يميز اعمال الفنان (صدر الدين امين) هو ذلك التكرارالذي يتجاوز الوظيفة التأكيدية ليصبح تقنية جمالية تختلف درجتها وطرقها، اذ نجدها تتلون وتتغير مع الشكل ذاته معبره في كل مرة عن مسوح مختلفة مما يثير غريزة التساؤل عن السر في هذا التكرار مما يجعلنا نقترح تأويلات مناسبة لكل عمل قريبة او بعيدة. فهذا التكرر لا تحدده حركة الفعل كما يتكرر الواقع، فجماليات الغاية تبرر ذلك لعل اهمها ما يحدث اثره لدى المتلقي. فهذه التقنية تسهم في اعادة التكوين الداخلي لسلطة الخيال متبنية افق التجاوز المستمر الى البحث عن اجواء اوسع في ذات السياق، فالذاكرة لدى الفنان ليست تاريخية تراكمية بل هي تاريخ افقي متجزئ ومتجذر في ذات الوقت مما منحه فرصة اللعب المفتوح الأفق وغير المنظم او المنضبط بمنهجية محددة مما يساعد في احداث التراكم الضاغط والمعبر عن تأثير كل تلك المراحل والاحداث، في ملاعب مفتوحة لزمن لا يمكن حصره فالماضي فعلا موجب لما يؤديه من حركية ديناميكية تجعل المتلقي في حالة ترقب وبحث عن المستتر في عمق سرد العمل الفني.
ان الاشكال البدائية في اعمال الفنان (صدر الدين امين) ليست اشكالا مجردة يستخدمها كما اتفق كما انها ليست ذوات مسكونه بمعنى محدد ، بل ان الثيمة لديه تسكن في عمق روح كل عمل على انفراد لتشكل نصا دلاليا يتشح بالغموض وموشى بنوع من الالتباس المفضي الى تعمية مقصودة، فمعاني النص ليست ظاهرا تجسيديا لسطوح مميزه وحسب بل هي مجموعة حشود من الابعاد المتداخلة بعضها ببعض يطفح بها سطح اللوحة فيما يظل البعض الاخر رابضا في العمق مستترا يستعصي على الامساك وينتظر الكشف. وتأسيسا على ذلك، تصبح قراءة النص التشكيلي للفنان بالاستناد الى منهج معين او نظرية محددة مسقطة عليه من الخارج امرا معاكسا، لانها في هذه الحالة ستمارس على النص نوعا من الاقصاء،ان مانحتاجه لقراءة اعمال الفنان واشكاله الطافية والاخرى الرابضة في العمق المستتر هي الشاعرية التي تنفذ لدواخل اللوحة ورصد محركات توالد الثيم في تطور اعمال الفنان، فكل عمل له كيان بذاته لكنه لا يبتعد عن اسلوبية الفنان ورؤيته بل تتوالد اعماله بعضا من بعض من خلال عناصر تشكيلية متوالدة مستنده على اشكال بصرية ذات مضمون واضح المعالم.
كاتب وناقد*
اشارات استفهام
حالة تشضي الأنا الى (أنات) شاردة لاشكال محددة ولكائنات قائمة بذاتها معزولة عن المحيط المعاش والعوامل الاخرى التي جاءت في سياقها ليقدمها الفنان تجسيدا لثنائية مكتمله استغلها افضل استغلال في طرح اسئلة مغلقة او مجموعة من اشارات الاستفهام عبر استحضار قوى غرائبية بعيدة عن الواقع وقريبة من الذاكرة الجمعية في ذات الوقت ولخلق اسطره خاصه بالفنان تميز عمله الفني عبر تفرد مقصود على صعيد الشكل والاسلوب، لبناء اسطورته الخاصه به عبر الحفر العميق والمتواصل في اعماق ذاكرته الطفولية والتي تأبى ان تكبر. ليكشف لنا عن طبيعة التراكم المعرفي الذي تشع منه تلك الانساق الابداعية وانعكاساتها في اعماله الفنية التي تشع بروح المغامرة والابتكار والتجديد ولتساهم في اذكاء شعلة الحداثة، لتجعله من الاسماء القليلة الباحثة عن التفرد والاستقلالية وسط طوفان الاسماء الجديدة التي لا تخرج أغلبها عن احد التيارات السائده فنيا.
حركة ديناميكية
ان اهم ما يميز اعمال الفنان (صدر الدين امين) هو ذلك التكرارالذي يتجاوز الوظيفة التأكيدية ليصبح تقنية جمالية تختلف درجتها وطرقها، اذ نجدها تتلون وتتغير مع الشكل ذاته معبره في كل مرة عن مسوح مختلفة مما يثير غريزة التساؤل عن السر في هذا التكرار مما يجعلنا نقترح تأويلات مناسبة لكل عمل قريبة او بعيدة. فهذا التكرر لا تحدده حركة الفعل كما يتكرر الواقع، فجماليات الغاية تبرر ذلك لعل اهمها ما يحدث اثره لدى المتلقي. فهذه التقنية تسهم في اعادة التكوين الداخلي لسلطة الخيال متبنية افق التجاوز المستمر الى البحث عن اجواء اوسع في ذات السياق، فالذاكرة لدى الفنان ليست تاريخية تراكمية بل هي تاريخ افقي متجزئ ومتجذر في ذات الوقت مما منحه فرصة اللعب المفتوح الأفق وغير المنظم او المنضبط بمنهجية محددة مما يساعد في احداث التراكم الضاغط والمعبر عن تأثير كل تلك المراحل والاحداث، في ملاعب مفتوحة لزمن لا يمكن حصره فالماضي فعلا موجب لما يؤديه من حركية ديناميكية تجعل المتلقي في حالة ترقب وبحث عن المستتر في عمق سرد العمل الفني.
ان الاشكال البدائية في اعمال الفنان (صدر الدين امين) ليست اشكالا مجردة يستخدمها كما اتفق كما انها ليست ذوات مسكونه بمعنى محدد ، بل ان الثيمة لديه تسكن في عمق روح كل عمل على انفراد لتشكل نصا دلاليا يتشح بالغموض وموشى بنوع من الالتباس المفضي الى تعمية مقصودة، فمعاني النص ليست ظاهرا تجسيديا لسطوح مميزه وحسب بل هي مجموعة حشود من الابعاد المتداخلة بعضها ببعض يطفح بها سطح اللوحة فيما يظل البعض الاخر رابضا في العمق مستترا يستعصي على الامساك وينتظر الكشف. وتأسيسا على ذلك، تصبح قراءة النص التشكيلي للفنان بالاستناد الى منهج معين او نظرية محددة مسقطة عليه من الخارج امرا معاكسا، لانها في هذه الحالة ستمارس على النص نوعا من الاقصاء،ان مانحتاجه لقراءة اعمال الفنان واشكاله الطافية والاخرى الرابضة في العمق المستتر هي الشاعرية التي تنفذ لدواخل اللوحة ورصد محركات توالد الثيم في تطور اعمال الفنان، فكل عمل له كيان بذاته لكنه لا يبتعد عن اسلوبية الفنان ورؤيته بل تتوالد اعماله بعضا من بعض من خلال عناصر تشكيلية متوالدة مستنده على اشكال بصرية ذات مضمون واضح المعالم.
كاتب وناقد*