شكل موضوع أمن الخليج حلقة هامة من حلقات التعاون التي يتم بحثها في كل مناسبة بين دول مجلس التعاون، وهذا الموضوع ونظرا لسخونة الملفات التي تشهدها المنطقة بات هاجسا قويا ان لم يكن مطلبا ملحاً للعواصم الخليجية في ضوء تحديات احتمال اخذ أزمة الملف النووي الايراني منحى تصاعديا قد يصل حد الصدام العسكري بين واشنطن واسرائيل من جهة وطهران من جهة ثانية وان كان هناك معسكر كبير لا يرى أفقا لمثل هذا الاحتمال.
الخضات الكبيرة التي شهدتها المنطقة خلال عقد ونصف العقد الماضية بشكل خاص وفي الفترة التي تلت عقد السبعينات من القرن الماضي ركزت الضوء على هذه المنطقة فمن حرب الثماني سنوات بين العراق وايران الى اجتياح الكويت الى حرب الخليج الثانية كلها احداث ادت لتأزيم الوضع وخلق هواجس كبيرة حول ما ستؤول اليه مصائر شعوب المنطقة في حال اندلاع حرب ثالثة في منطقة الخليج الامر الذي يجعل المنطقة على فوهة بركان.واكثر ما يخشاه المراقبون والمحللون الاستراتيجيون هو ان تقدم الولايات المتحدة على خطوة عسكرية مع تصلب ايران حيال الملف النووي بعد اكثر من سنتين من المفاوضات الجارية على قدم وساق والتي تدخل فيها الترويكا الاوروبية «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» طرفا رئيسيا لنزع فتيل الازمة والضغط لمنع طهران من امتلاك اسلحة نووية.وما الاوضاع في العراق الا دليل قاطع على سوء ادارة امريكا للازمات التي تدخل فيها في منطقة الخليج.
وبالحديث عن العراق فان الاوضاع فيه لا تؤثر على المنطقة فحسب بل انها تؤثر على العالم كله وما نزيف الدماء الحاصل في الاراضي العراقية الا اكبر دليل على ان هذه الازمة اثرت على المنطقة والعالم.
«عكاظ» طرحت العديد من التساؤلات حول أمن الخليج والازمات الملتهبة بدءا من الملف النووي الايراني وصولا الى موضوع العراق والمصير المحتمل في حال نشوب حرب ثالثة في المنطقة.
وقد تطارح المشاركون في الندوة هذه الافكار معتبرين ان مجلس التعاون لم يقم بأي دور أمني للحفاظ على دول الخليج التي عجزت عن مواجهة اي خطر اقتصادي او عسكري قادم، سواء من الشرق أو الغرب.
يمر الخليج بأزمات متعددة، تؤثر ليس على المنطقة فحسب ولكن على العالم اجمع سواء اقتصاديا او امنيا.. ماهو مفهوم الامن الشامل الخليجي؟
- عبدالله القباع: لم يعد الامن داخليا فقط أو اقليميا فقط بل اصبحت جميعها متداخلة مع الامن الدولي ولا يمكن فصل اي جزء من الاجزاء وبشكل عام تحدد اركان الامن الوطني بالموقع الجغرافي للدولة المعنية واذا كانت الدولة تقع في موقع له حدود واضحة، هذا يؤثر على الجانب الامني اما اذا كانت حدود الدولة متداخلة فهذا يؤثر كذلك بشكل اكبر لعل ذلك ما هو حادث بين سوريا ولبنان واسرائيل حول مزارع شبعا، ويضاف لذلك السلطة الشرعية القائمة حيث ان لها تأثيرها على الامن سواء عن طريق البيعة أو الانتخاب وهناك ركن ثالث وهو القدرة العسكرية للحفاظ على الامن وهناك ايضا العامل السكاني فهناك موقع ممتلئ بالسكان وهذا يؤثر على الامن وهو ما يتوافق مع عامل التناغم الثقافي والتماسك الاجتماعي وينظر ايضا الى التطور العلمي والتكنولوجي في الدولة لكونه يؤثر بشكل كبير على الامن واذا كانت الامية سائدة فان هذا يقود الى اشياء خطيرة والعكس بالعكس وهذه في تصوري العناصر الرئيسية التي تقود الى الأمن ، وهي امور مباشرة لها صلة بالتعريف للامن الشامل للدول.
- د. صدقة فاضل: ان مفهوم الامن الخليجي يختلف من جهة لاخرى تبعا لاختلاف المصالح والقيم وامن الخليج العربي بالنسبة للامريكيين تحديدا هو غير امن الخليج العربي في رأي الايرانيين ولكن المفهوم الأصح لهذا المصطلح هو مفهوم امن الخليج العربي في رأي ابناء العرب الخليجيين، وهذا يعني سيادة الامن والاستقرار السياسي على أسس تخدم المصلحة الخليجية والعربية قبل اي مصالح اخرى وذلك هو المفهوم الصحيح في رأينا لهذا المصطلح.
كيف يمكن تحقيق هذا الأمن؟
- د. خالد الهباس: اذا كان الامن يرتبط بانتفاء التهديد لدولة من الدول فاعتقد ان هناك ثلاثة مستويات من التحليل تؤخذ في الاعتبار في سبيل وضع استراتيجية معينة لدرء المخاطر الامنية اولها المستوى المحلي والمستوى الاقليمي والمستوى الدولي.
فيما يتعلق بالمستوى الاول يجب فهم طبيعة النظم القائمة في دول الخليج والمستوى الثاني وهو الاقليمي وفيما يتعلق بهذا المستوى فان المطلوب هو النظر الى ميزان القوى واركز ايضا على الميزان الاستراتيجي او العسكري لانه عندما تكون المنطقة تميل للنزاع فان القوة الرئيسية الضامنة للامن هي العسكرية ولان مصادر التهديد تكون في هذه الحالة خارجية والمستوى الثالث في التحليل هو العامل الاجنبي ومنطقة الخليج تحوي 60% من الاحتياطي النفطي المثبت ولذلك فهي من المناطق الساخنة في العالم فالنفط ليس سلعة اقتصادية وانما سلعة استراتيجية وبالتالي فالعامل الاجنبي في منطقة الخليج له دور كبير ويجب ان لا نتجاهل اثره على الاستقرار وعدم الاستقرار.
الاخطار المحدقة
هناك اخطار محدقة كثيرة تمر بالخليج وتؤثر على أمنه فهناك ملف ايران النووي وتحدث الدكتور خالد عن العامل الثالث المؤثر في امن الخليج وهو الاجنبي واليوم نشاهد امريكا في العراق وما تشكله من خطر هذه الاخطار مجتمعه كيف يمكن تأمين أمن الخليج العربي ضدها؟
- د. القباع: الامن الاقليمي لدول الخليج تؤثر فيه عدة عوامل سواء داخلية أو خارجية وعندما تنظر للعوامل المؤثرة في الامن فان الثقافة الخاطئة تأتي في مقدمة اولويات العوامل التي تؤثر في الاستقرار فهناك وعي خاطئ بالعديد من الامور وعلى سبيل المثال فان مناهج التعليم في دول الخليج ليست متماثلة وكان هناك محاولات لتوحيد المناهج ولم تحرز هذه المحاولات أي نجاح حتى الآن ونجد ان ثقافة معينة في بلد خليجي فيها نوع من التمايز عن بلد آخر صحيح ان الدين الاسلامي هو الشريعة الكبرى واللغة العربية هي الأم لكن هناك اختلافاً واضحاً في ممارسة هذه الثقافة، يضاف لذلك التطرف الديني وهناك تزمت وغلو تتم مكافحته بشراسة .اما الاخطار الخارجية المؤثرة على أمن الخليج فان الصراع العربي الاسرائيلي يؤثر على أمن الخليج. وهناك عامل خارجي مهم وهو موضوع الديون الخارجية حيث تميل بعض هذه الدول للاقتراض من الخارج وهذه صورة واضحة في الدول غير الخليجية ولكنها غير واضحة لدينا وهذا يضعف من مكانتها والمشكلة الاخطر هي مشكلة الامن المائي والغذائي حيث ان غالبية المياه اما ان تأتي من خارج الحدود او انها غير مستخدمة بشكل صحيج ولكنها مطروحة في قضية الامن الوطني.
د. عبدالله: هناك اقاويل عن اخطار العولمة على أمن الخليج العربي.. هل لك ان توضح لنا هذه النقطة؟
- العولمة هي هجمة غربية تقودها امريكا للاستحواذ على خيرات هذه المنطقة والشركات الكبرى بدأت تزحف تحت ستار العولمة وهناك فتح للاسواق امام الشركات الامريكية للاستحواذ على نصيب الاسد.
يظل موضوع الأمن المائي من اهم المواضيع التي تؤرق الدول الخليجية وعندما نتحدث عن موضوع الخليج العربي فاننا نقف أولا امام مأزق تسميته وهناك خلافات حدودية وأخرى عسكرية.. وسؤالي هنا.. هل تشكل ايران خطرا على دول الخليج العربي وخصوصا مع دخول ايران النادي النووي وما يقابلها من ضعف البنية العسكرية لدول الخليج؟
- د. خالد الهباس: هنالك في ادبيات الدراسات الامنية ما يسمى بالمعضلة الامنية وهي تعبر عن وضعية معينة وذلك عندما توجد دول تتشابك مصالحها ومصيرها الامني ويكون هناك قدر يجبر التفاعل بينها ويكون هناك حالة من الشك من حيث سلوك هذه الدول تجاه بعضها البعض وبالتالي فان اي زيادة في مقدرات دوله ينظر اليه على انه تهديد لأمنها وهذا هو ما يحصل في دول الخليج وهذا ما حصل مع العراق عندما اصبح قوة عسكرية وشكلت خطرا على الدول الاخرى .
من هو المسؤول عن أمن الخليج.. دولة أم ان المسؤولية جماعية ام انها مسؤولية قوة خارجية؟
- د. صدقة فاضل: المسؤول الاول عن أمن الخليج العربي هي دوله وأهله ان مواطني ومسؤولي كل دولة مسؤولون عن استتباب الامن والاستقرار في بلادهم وبلاد الخليج العربي مسؤولة عن ضغط واستقرار هذه المنطقة كمسؤولية جماعية ولا شك ان القيام بهذه المسؤوليات يتطلب من دول الخليج العربية وبالتعاون مع دول اخرى ان تتضامن وتتعاون .
هل السلاح النووي الايراني هو الخطر الحقيقي ام ان الاسرائيلي كذلك؟
- د. صدقة: كما يمثل النشاط النووي الاسرائيلي المكثف خطرا فادحا على منطقة الخليج العربي وكل المنطقة وقد ادخل السلاح النووي في المنطقة مأزق خطير ليس من حل سوى نزع السلاح النووي من كل دول المنطقة وليس من ايران فقط حتى يتحقق الامن للاجيال القادمة.
ماهو دور مجلس التعاون في الحفاظ على الامن الخليجي؟
- الهباس: الأمن من المواضيع السيادية في أي دولة ولذلك اعتقد انه يجب توفر الارادة السياسية للدول لتفعيل مجلس التعاون الخليجي في الجانب العسكري. وليس هناك اي حساسية حول الموضوع الاقتصادي ولكن عندما نتحدث عن الشأن العسكري اعتقد ان هناك محاولات لتطوير قوة ردع خليجية واذا نظرنا الى مصير هذه الدول المشترك نستغرب لماذا لم تفعل دول الخليج اي شيء حيال هذا الامر.. اعتقد ان على دول الخليج تبني استراتيجية الامن الجماعي من خلال ايجاد قوة مشتركة ذات وزن تزيد من قوتها .
- د. صدقة: مجلس التعاون لدول الخليج العربي بوضعه الحالي وصيغته الراهنة لا فائدة ملموسة ترجى منه للدول الاعضاء لذلك لابد من تقويته وتطويره كي يسهم بحق في مساعدة اعضائه على ضمان درجة معقولة من الامن والاستقرار والازدهار والذي لا يمكن تحقيق شيء منه الا بالتعاون والتكامل بين الدول الست الاعضاء.
تحدثت يا دكتور خالد عن المأزق الأمني الذي تقع فيه دول الخليج؟ كيف نخرج من هذه المأزق؟
- الهباس: هذا هو سؤال الساعة وأشرنا له بشكل مقتضب وليس هناك بوادر في الأفق الى الخروج بشكل سريع من هذا المأزق نظرا للتباينات المختلفة في دول المنطقة ويبدو ان اكبر اسباب غياب هذا المأزق هو غياب نظام اقليمي امني قائم على الثقة المتبادلة بين دول الجوار وخصوصا ايران ودول الخليج .
وقد تحدث الدكتور القباع عن الأمن القومي العربي وتحقيق هذا الامن وليسمح لي ان اختلف معه فاذا نحن عجزنا عن تحقيق الامن الجماعي بين دول الخليج فكيف يتحقق للعالم العربي.
توصيات الندوة:
1- التأكيد على سيادة الاستقرار السياسي في منطقة الخليج العربي على أساس خدمة المصلحة الخليجية والعربية.
2- تحقيق تعادل في الميزان العسكري لدول الخليج يسهم في قدرتها على الدفاع عن نفسها.
3- ربط أمن الخليج بتحقيق متطلبات التنمية الخليجية المستدامة.
4- تطبيق العملية الديمقراطية سواء من بيعة أو انتخاب لتعزيز الامن في دول الخليج.
5- التأكيد على تأثير الصراع العربي الاسرائيلي في ازمات الخليج.
6- التأكيد على تأثير اوضاع العراق في أمن الخليج.
7- اعتبار موضوع الامن المائي من أهم المواضيع السيادية التي يجب على دول الخليج الحفاظ عليها.
8- تعزيز مبدأ الثقة بين دول الجوار وزرع الطمأنينة بينها.
9- الاعتراف بأن مسؤولية أمن الخليج مسؤولية بلاده.
10- توفير الارادة السياسية لتفعيل دور مجلس التعاون.
11- تطوير المنظومة الامنية لمجلس التعاون الخليجي.
12- التأكيد على استراتيجية امنية خليجية وعربية لمواجهة الاخطار المحدقة.
المشاركون في الندوة:
أ.د. صدقة فاضل: عضو مجلس الشورى استاذ السياسة بجامعة الملك عبدالعزيز.
أ.د. عبدالله القباع: استاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود. , د. خالد الهباس: استاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز
الخضات الكبيرة التي شهدتها المنطقة خلال عقد ونصف العقد الماضية بشكل خاص وفي الفترة التي تلت عقد السبعينات من القرن الماضي ركزت الضوء على هذه المنطقة فمن حرب الثماني سنوات بين العراق وايران الى اجتياح الكويت الى حرب الخليج الثانية كلها احداث ادت لتأزيم الوضع وخلق هواجس كبيرة حول ما ستؤول اليه مصائر شعوب المنطقة في حال اندلاع حرب ثالثة في منطقة الخليج الامر الذي يجعل المنطقة على فوهة بركان.واكثر ما يخشاه المراقبون والمحللون الاستراتيجيون هو ان تقدم الولايات المتحدة على خطوة عسكرية مع تصلب ايران حيال الملف النووي بعد اكثر من سنتين من المفاوضات الجارية على قدم وساق والتي تدخل فيها الترويكا الاوروبية «فرنسا وبريطانيا وألمانيا» طرفا رئيسيا لنزع فتيل الازمة والضغط لمنع طهران من امتلاك اسلحة نووية.وما الاوضاع في العراق الا دليل قاطع على سوء ادارة امريكا للازمات التي تدخل فيها في منطقة الخليج.
وبالحديث عن العراق فان الاوضاع فيه لا تؤثر على المنطقة فحسب بل انها تؤثر على العالم كله وما نزيف الدماء الحاصل في الاراضي العراقية الا اكبر دليل على ان هذه الازمة اثرت على المنطقة والعالم.
«عكاظ» طرحت العديد من التساؤلات حول أمن الخليج والازمات الملتهبة بدءا من الملف النووي الايراني وصولا الى موضوع العراق والمصير المحتمل في حال نشوب حرب ثالثة في المنطقة.
وقد تطارح المشاركون في الندوة هذه الافكار معتبرين ان مجلس التعاون لم يقم بأي دور أمني للحفاظ على دول الخليج التي عجزت عن مواجهة اي خطر اقتصادي او عسكري قادم، سواء من الشرق أو الغرب.
يمر الخليج بأزمات متعددة، تؤثر ليس على المنطقة فحسب ولكن على العالم اجمع سواء اقتصاديا او امنيا.. ماهو مفهوم الامن الشامل الخليجي؟
- عبدالله القباع: لم يعد الامن داخليا فقط أو اقليميا فقط بل اصبحت جميعها متداخلة مع الامن الدولي ولا يمكن فصل اي جزء من الاجزاء وبشكل عام تحدد اركان الامن الوطني بالموقع الجغرافي للدولة المعنية واذا كانت الدولة تقع في موقع له حدود واضحة، هذا يؤثر على الجانب الامني اما اذا كانت حدود الدولة متداخلة فهذا يؤثر كذلك بشكل اكبر لعل ذلك ما هو حادث بين سوريا ولبنان واسرائيل حول مزارع شبعا، ويضاف لذلك السلطة الشرعية القائمة حيث ان لها تأثيرها على الامن سواء عن طريق البيعة أو الانتخاب وهناك ركن ثالث وهو القدرة العسكرية للحفاظ على الامن وهناك ايضا العامل السكاني فهناك موقع ممتلئ بالسكان وهذا يؤثر على الامن وهو ما يتوافق مع عامل التناغم الثقافي والتماسك الاجتماعي وينظر ايضا الى التطور العلمي والتكنولوجي في الدولة لكونه يؤثر بشكل كبير على الامن واذا كانت الامية سائدة فان هذا يقود الى اشياء خطيرة والعكس بالعكس وهذه في تصوري العناصر الرئيسية التي تقود الى الأمن ، وهي امور مباشرة لها صلة بالتعريف للامن الشامل للدول.
- د. صدقة فاضل: ان مفهوم الامن الخليجي يختلف من جهة لاخرى تبعا لاختلاف المصالح والقيم وامن الخليج العربي بالنسبة للامريكيين تحديدا هو غير امن الخليج العربي في رأي الايرانيين ولكن المفهوم الأصح لهذا المصطلح هو مفهوم امن الخليج العربي في رأي ابناء العرب الخليجيين، وهذا يعني سيادة الامن والاستقرار السياسي على أسس تخدم المصلحة الخليجية والعربية قبل اي مصالح اخرى وذلك هو المفهوم الصحيح في رأينا لهذا المصطلح.
كيف يمكن تحقيق هذا الأمن؟
- د. خالد الهباس: اذا كان الامن يرتبط بانتفاء التهديد لدولة من الدول فاعتقد ان هناك ثلاثة مستويات من التحليل تؤخذ في الاعتبار في سبيل وضع استراتيجية معينة لدرء المخاطر الامنية اولها المستوى المحلي والمستوى الاقليمي والمستوى الدولي.
فيما يتعلق بالمستوى الاول يجب فهم طبيعة النظم القائمة في دول الخليج والمستوى الثاني وهو الاقليمي وفيما يتعلق بهذا المستوى فان المطلوب هو النظر الى ميزان القوى واركز ايضا على الميزان الاستراتيجي او العسكري لانه عندما تكون المنطقة تميل للنزاع فان القوة الرئيسية الضامنة للامن هي العسكرية ولان مصادر التهديد تكون في هذه الحالة خارجية والمستوى الثالث في التحليل هو العامل الاجنبي ومنطقة الخليج تحوي 60% من الاحتياطي النفطي المثبت ولذلك فهي من المناطق الساخنة في العالم فالنفط ليس سلعة اقتصادية وانما سلعة استراتيجية وبالتالي فالعامل الاجنبي في منطقة الخليج له دور كبير ويجب ان لا نتجاهل اثره على الاستقرار وعدم الاستقرار.
الاخطار المحدقة
هناك اخطار محدقة كثيرة تمر بالخليج وتؤثر على أمنه فهناك ملف ايران النووي وتحدث الدكتور خالد عن العامل الثالث المؤثر في امن الخليج وهو الاجنبي واليوم نشاهد امريكا في العراق وما تشكله من خطر هذه الاخطار مجتمعه كيف يمكن تأمين أمن الخليج العربي ضدها؟
- د. القباع: الامن الاقليمي لدول الخليج تؤثر فيه عدة عوامل سواء داخلية أو خارجية وعندما تنظر للعوامل المؤثرة في الامن فان الثقافة الخاطئة تأتي في مقدمة اولويات العوامل التي تؤثر في الاستقرار فهناك وعي خاطئ بالعديد من الامور وعلى سبيل المثال فان مناهج التعليم في دول الخليج ليست متماثلة وكان هناك محاولات لتوحيد المناهج ولم تحرز هذه المحاولات أي نجاح حتى الآن ونجد ان ثقافة معينة في بلد خليجي فيها نوع من التمايز عن بلد آخر صحيح ان الدين الاسلامي هو الشريعة الكبرى واللغة العربية هي الأم لكن هناك اختلافاً واضحاً في ممارسة هذه الثقافة، يضاف لذلك التطرف الديني وهناك تزمت وغلو تتم مكافحته بشراسة .اما الاخطار الخارجية المؤثرة على أمن الخليج فان الصراع العربي الاسرائيلي يؤثر على أمن الخليج. وهناك عامل خارجي مهم وهو موضوع الديون الخارجية حيث تميل بعض هذه الدول للاقتراض من الخارج وهذه صورة واضحة في الدول غير الخليجية ولكنها غير واضحة لدينا وهذا يضعف من مكانتها والمشكلة الاخطر هي مشكلة الامن المائي والغذائي حيث ان غالبية المياه اما ان تأتي من خارج الحدود او انها غير مستخدمة بشكل صحيج ولكنها مطروحة في قضية الامن الوطني.
د. عبدالله: هناك اقاويل عن اخطار العولمة على أمن الخليج العربي.. هل لك ان توضح لنا هذه النقطة؟
- العولمة هي هجمة غربية تقودها امريكا للاستحواذ على خيرات هذه المنطقة والشركات الكبرى بدأت تزحف تحت ستار العولمة وهناك فتح للاسواق امام الشركات الامريكية للاستحواذ على نصيب الاسد.
يظل موضوع الأمن المائي من اهم المواضيع التي تؤرق الدول الخليجية وعندما نتحدث عن موضوع الخليج العربي فاننا نقف أولا امام مأزق تسميته وهناك خلافات حدودية وأخرى عسكرية.. وسؤالي هنا.. هل تشكل ايران خطرا على دول الخليج العربي وخصوصا مع دخول ايران النادي النووي وما يقابلها من ضعف البنية العسكرية لدول الخليج؟
- د. خالد الهباس: هنالك في ادبيات الدراسات الامنية ما يسمى بالمعضلة الامنية وهي تعبر عن وضعية معينة وذلك عندما توجد دول تتشابك مصالحها ومصيرها الامني ويكون هناك قدر يجبر التفاعل بينها ويكون هناك حالة من الشك من حيث سلوك هذه الدول تجاه بعضها البعض وبالتالي فان اي زيادة في مقدرات دوله ينظر اليه على انه تهديد لأمنها وهذا هو ما يحصل في دول الخليج وهذا ما حصل مع العراق عندما اصبح قوة عسكرية وشكلت خطرا على الدول الاخرى .
من هو المسؤول عن أمن الخليج.. دولة أم ان المسؤولية جماعية ام انها مسؤولية قوة خارجية؟
- د. صدقة فاضل: المسؤول الاول عن أمن الخليج العربي هي دوله وأهله ان مواطني ومسؤولي كل دولة مسؤولون عن استتباب الامن والاستقرار في بلادهم وبلاد الخليج العربي مسؤولة عن ضغط واستقرار هذه المنطقة كمسؤولية جماعية ولا شك ان القيام بهذه المسؤوليات يتطلب من دول الخليج العربية وبالتعاون مع دول اخرى ان تتضامن وتتعاون .
هل السلاح النووي الايراني هو الخطر الحقيقي ام ان الاسرائيلي كذلك؟
- د. صدقة: كما يمثل النشاط النووي الاسرائيلي المكثف خطرا فادحا على منطقة الخليج العربي وكل المنطقة وقد ادخل السلاح النووي في المنطقة مأزق خطير ليس من حل سوى نزع السلاح النووي من كل دول المنطقة وليس من ايران فقط حتى يتحقق الامن للاجيال القادمة.
ماهو دور مجلس التعاون في الحفاظ على الامن الخليجي؟
- الهباس: الأمن من المواضيع السيادية في أي دولة ولذلك اعتقد انه يجب توفر الارادة السياسية للدول لتفعيل مجلس التعاون الخليجي في الجانب العسكري. وليس هناك اي حساسية حول الموضوع الاقتصادي ولكن عندما نتحدث عن الشأن العسكري اعتقد ان هناك محاولات لتطوير قوة ردع خليجية واذا نظرنا الى مصير هذه الدول المشترك نستغرب لماذا لم تفعل دول الخليج اي شيء حيال هذا الامر.. اعتقد ان على دول الخليج تبني استراتيجية الامن الجماعي من خلال ايجاد قوة مشتركة ذات وزن تزيد من قوتها .
- د. صدقة: مجلس التعاون لدول الخليج العربي بوضعه الحالي وصيغته الراهنة لا فائدة ملموسة ترجى منه للدول الاعضاء لذلك لابد من تقويته وتطويره كي يسهم بحق في مساعدة اعضائه على ضمان درجة معقولة من الامن والاستقرار والازدهار والذي لا يمكن تحقيق شيء منه الا بالتعاون والتكامل بين الدول الست الاعضاء.
تحدثت يا دكتور خالد عن المأزق الأمني الذي تقع فيه دول الخليج؟ كيف نخرج من هذه المأزق؟
- الهباس: هذا هو سؤال الساعة وأشرنا له بشكل مقتضب وليس هناك بوادر في الأفق الى الخروج بشكل سريع من هذا المأزق نظرا للتباينات المختلفة في دول المنطقة ويبدو ان اكبر اسباب غياب هذا المأزق هو غياب نظام اقليمي امني قائم على الثقة المتبادلة بين دول الجوار وخصوصا ايران ودول الخليج .
وقد تحدث الدكتور القباع عن الأمن القومي العربي وتحقيق هذا الامن وليسمح لي ان اختلف معه فاذا نحن عجزنا عن تحقيق الامن الجماعي بين دول الخليج فكيف يتحقق للعالم العربي.
توصيات الندوة:
1- التأكيد على سيادة الاستقرار السياسي في منطقة الخليج العربي على أساس خدمة المصلحة الخليجية والعربية.
2- تحقيق تعادل في الميزان العسكري لدول الخليج يسهم في قدرتها على الدفاع عن نفسها.
3- ربط أمن الخليج بتحقيق متطلبات التنمية الخليجية المستدامة.
4- تطبيق العملية الديمقراطية سواء من بيعة أو انتخاب لتعزيز الامن في دول الخليج.
5- التأكيد على تأثير الصراع العربي الاسرائيلي في ازمات الخليج.
6- التأكيد على تأثير اوضاع العراق في أمن الخليج.
7- اعتبار موضوع الامن المائي من أهم المواضيع السيادية التي يجب على دول الخليج الحفاظ عليها.
8- تعزيز مبدأ الثقة بين دول الجوار وزرع الطمأنينة بينها.
9- الاعتراف بأن مسؤولية أمن الخليج مسؤولية بلاده.
10- توفير الارادة السياسية لتفعيل دور مجلس التعاون.
11- تطوير المنظومة الامنية لمجلس التعاون الخليجي.
12- التأكيد على استراتيجية امنية خليجية وعربية لمواجهة الاخطار المحدقة.
المشاركون في الندوة:
أ.د. صدقة فاضل: عضو مجلس الشورى استاذ السياسة بجامعة الملك عبدالعزيز.
أ.د. عبدالله القباع: استاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود. , د. خالد الهباس: استاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز