-A +A
جهير بنت عبدالله المساعد
ومازلنا في حضرة التاريخ هذه الأيام، وما بين ندوة دارة الملك عبدالعزيز وقناة (المستقلة) عبرت الرائحة الطيبة للتاريخ الحدود.. فقد شقت قناة (المستقلة) الصفوف لتتبنى دورًا يسهم في تحسين صورتها أمام السعوديين ويجذبهم إليها، فانطلقت تفصل وتحيك.. تقص وتلزق.. ترتق وتجمع في رداء الدولة السعودية الأولى ثم الثانية وتفتح خطوطها للاتصالات وتسمع من المشاهدين التعليقات.. وتستضيف -على طاولة الحوار- ضيوفًا سعوديين من نخبة المتخصصين في الدراسات التاريخية على الأخص التاريخ السعودي. الدور التثقيفي الذي قامت به قناة المستقلة، في الربط بين الإعلام والتاريخ ومد الجسر إلى المشاهدين.. دور طليعي سبقت فيه بقية القنوات الفضائية التي تعتقد أن الجمهور لا يهمه غير برامج الترفيه والمسابقات في الغناء والرقص! أو تلك القنوات المجمدة المعتمدة على الحفظ والتلقين يطل منها المذيع كالشمع المجمد إذا رأيته حسبت أنك في متحف الشمع تخال الحركة تدب في أوصال التماثيل بينما هي جامدة لا تتحرك!
برامجهم محفوظة سلفًا وطريقتهم مكررة ومكرورة ومملة ودرجة ثقافة المذيع منهم لا تتعدى درجة الحرارة في القطب الشمالي في عز الشتاء!! أنقذت نفسها قناة المستقلة أو حاولت مما يؤكد أن التلفزيون بمقدوره صنع الأعاجيب في توثيق الصلة بين الأقوام وبين الأطراف وبين أبناء البشر المتباعدين في الكرة الأرضية، ويؤكد أيضًا أن البرامج العلمية المتخصصة لها جمهورها وعليها إقبال مثلما أن للبرامج الترفيهية والمسلسلات وبرامج الأغاني المصورة جمهورًا وطلابًا! كذلك يؤكد أنه ليس من الحقيقة في شيء اعتقاد أن البرامج المعنية بالتاريخ وشؤون الثقافة العامة برامج غير مرغوبة ولا تدر منفعة أو عائدًا على القنوات الفضائية! ويؤكد حتمًا أن شعار الجمهور (عايز كده) شعار مختلق ومزعوم من صناعة العاجزين لتبرير عجزهم وخوائهم، أما الجمهور فحتى (الغث) منه لا يعدم الرغبة في المعرفة والفهم! لذلك خسرنا إعداد أجيالنا واختطفوهم منا ليتم إعدادهم على طريقتهم.. مروجو الشعارات، ونهازو الفرص، وكذابو الزفة، ومدعو الصحوة، والإرهابيون الضالعون في الإجرام! ظللنا نتصورهم لا يحبون المعرفة أو لا تلزمهم المعرفة إلى أن وجدهم أعداؤنا كمن وجد ضالته فاستغلوهم نكاية بنا! وما نلنا غير قبض الريح.. ولا أدري لماذا لم تنطلق دارة الملك عبدالعزيز في ندواتها من الدولة السعودية الأولى ثم الثانية ولا أدري لماذا لا يتم تدارس التاريخ السعودي بشمولية وإمعان فيه دون استسلام لرغبات التأجيل أو الانصياع لمخاوف من الحساسية والتقصير أو التدخل في شؤون الغير!!! ذلك لأننا إن لم نكتب تاريخنا سوف يكتبه الآخرون وإذا لم نواجهه سوف يفرض علينا الآخرون المواجهة حينها يكون بيد عمرو لا بيدنا ونحن الصدى وليس الصوت... ورد الفعل وليس الفعل! وهناك فرق بين أن تقوم بدور الدفاع وأن تقوم بدور المواجهة!! لماذا يخرج الطالب من المدرسة الثانوية ومعرفته بتاريخه لا تضاهي معرفته باسمه ولقبه وبيته! لماذا نتركه في الجامعة يتقلب على ضفاف الآخرين ولا يدري أين ضفته التي يرسو عليها! ولماذا قناة المستقلة فعلت ما لم نفعله؟!!

للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة