تابعت الكلمة التي ألقاها الرئيس الأمريكي في الكنيست الإسرائيلي بمناسبة مرور ستين سنة على احتلال فلسطين؛ كانت هذه الكلمة مليئة بالعواطف الجياشة تجاه الصهاينة ودولتهم المغتصبة، وأؤكد أن أي يهودي لو أراد أن يمدح إسرائيل بكل ما يملك من بلاغة لما استطاع أن يقول أفضل مما قاله بوش!!
بدأ الرئيس الأمريكي كلمته ببعض الكلمات العبرية محاولة منه للتقرب قدر الإمكان من قلوب الصهاينة، وليبدأ كلمته بجو مفعم بالمحبة والتلطف ربما لتصل كل كلمة من كلماته لكل قلب في إسرائيل!!
الرئيس قال في مستهل كلمته إن اليهود طيبون وإن إسرائيل أفضل دولة ديمقراطية في العالم!! هذه الدولة الديمقراطية -كما قال- لن تكون وحدها أمام أعدائها فشعب أمريكا كله يقف مع إسرائيل، وهم بأعدادهم الكبيرة سيضافون إلى أعداد الصهاينة القليلة والذين يتواجدون في العالم كله.
يبدو أن السيد بوش وفي غمرة حماسه نسي المعنى المبدئي للديمقراطية، هذا المعنى الذي يفهمه رجل الشارع والطفل، ولكن ربما لأن ديمقراطية أمريكا في عهده الميمون لا تختلف عن ديمقراطية الصهاينة في كل عهودهم.
الاستيلاء المستمر على أراضي الفلسطينيين لا يتعارض مع الديمقراطية!! ومثله تجريف الأراضي وبناء المستوطنات على أراضي المواطنين كل ذلك لا يتعارض مع الديمقراطية الصهيونية!! أما قتل المواطنين بشكل يومي بالمدافع والطائرات فهذا لب الديمقراطية، ومثله -بطبيعة الحال- سجن مجموعة كبيرة من أعضاء مجالس الشعب المنتخبين وإبقائهم مددًا طويلة بدون محاكمات.
الديمقراطية التي أعجبت السيد بوش تتفق مع ديمقراطيته التي رأيناها في سجن جوانتانامو وأبوغريب والسجون السرية في بعض بلاد العالم، كما أنها تتفق مع ديمقراطيته في قتل عشرات الآلاف من الأبرياء في العراق وأفغانستان، وإعطائه السلاح للصهاينة لقتل الآلاف من الأبرياء في فلسطين ولبنان.
إن المواطن الأمريكي أو الذي يعيش في أمريكا من غير أهلها لم يسلم من ديمقراطية الرئيس؛ فالتنصت على المحادثات أو الرسائل أصبح جائزًا في عهده ولأول مرة في تاريخ أمريكا، كما أن سجن الأبرياء من المقيمين أو إغلاق جمعياتهم الخيرية أصبح ظاهرة مألوفة في عهده، ولنا في الدكتور حميدان والعريان مثل واضح على تلك الديمقراطية!!
يصعب كثيرًا حصر كل مظاهر الديمقراطية في عهد الرئيس بوش وأجزم أن أي قارئ عربي أو غير عربي لا يصعب عليه التعرف عليها بسهولة. الرئيس الأمريكي استخدم كثيرا من المصطلحات الدينية للتدليل على يهودية فلسطين، ومستقبل الصهاينة فيها، وأن هذا الموجود سيبقى إلى الأبد. هذه الحرية في الرؤية الدينية هي الأولى -أيضًا- فلم يسبق لأي رئيس أمريكي أن عبر عنها بهذه القوة، مع أن هذا الرئيس هو الأول الذي ادعى أن عهده سيشهد قيام دولة فلسطينية، وها هو عهده على وشك الزوال وليس في الأفق أي دليل على قرب قيام هذه الدولة، بل كيف تقوم وهو يقول كل تلك الأقوال في الكنيست؟.
القدس الشريف هي للصهاينة وحدهم -كما يقول- ويستشهد لهذا القول بقصة مختلقة عن ضابط صهيوني أخذ مفاتيح بيت المقدس وأعطاها للحاخام الأكبر في دمشق تعبيرًا عن أن هذه المدينة عادت إلى أهلها الأصليين!!
وإسرائيل هي وريثة نبي الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء الذين وجدوا في هذه المنطقة، وبالتالي -وكما يزعم- من واجبهم المحافظة على هذا الإرث التاريخي الديني الذي حباهم به الله!
وإسرائيل ستبقى -كما يقول- وستحتفل بمرور مئة وعشرين عامًا، أما جيرانها -الإرهابيون- فهم الذين سيزولون، لأنهم لا يعرفون معنى الحياة وهم الذين يقتلون الأطفال والأبرياء ولا يعرفون معنى الحياة الكريمة!!
والشرق الأوسط -وهذا مصطلح خاطئ- سيكون أكثر أمنًا وتسامحًا!! ولكن متى؟! عندما تزول حماس وكل من يعكر صفو الصهاينة!! لكن الرئيس لم يقل لنا هل يضمن أمن الآخرين الذي تنتهكه إسرائيل كل يوم حتى بعد أن يزول أولئك القوم الذين لا يحبهم؟! الرئيس لم يتحدث عن الأسس التي يجب أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية، ولا متى وكيف، كما أنه لم يتحدث عن معاناة الشعب الفلسطيني ولا حصاره وتجويعه، ولم يتحدث عن أهمية تقديم مساعدات متنوعة لهذا الشعب المنكوب به وأمثاله.. نسي كل ذلك واكتفى بإشارة سريعة لدولة فلسطينية استمر يتحدث عنها منذ سنوات وها هو يقترب من النهاية دون أن يحقق شيئًا مما كان يقوله.
الرئيس بوش وفي شرم الشيخ وفي لقائه مع الرئيس الفلسطيني لم يقل شيئًا جديدًا وإنما كرر كلامه السابق عن دولة فلسطينية لن يفعل شيئًا من أجلها!!
وفي هذا السياق تحدث الرئيس المصري في كلمته التي ألقاها أمام المؤتمر عن أهمية قيام دولة فلسطينية، وأكد على أن الإرهاب إنما يعود سببه إلى قيام هذه الدولة، وطالب -بصورة هادئة- الرئيس بوش أن يفي بوعده لإقامة هذه الدولة.
أحمد للرئيس مبارك حديثه عن فلسطين وأهمية قيام دولة لأبنائها، وكذلك دور مصر في تحقيق الأمن لأهالي غزة وللفلسطينيين عمومًا، ولكني في الوقت نفسه كنت أتمنى أن يدرك كل العرب وقادتهم أن القوة والتضامن يعدان من أهم مقومات عودة فلسطين لأبنائها، وأن الصهاينة لن يقدموا للفلسطينيين شيئًا بمحض إرادتهم، وأن الزمن علّمنا ذلك.
هناك ما يسوء في هذا المؤتمر مما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولعلي هنا أردد مع المغفور له إن شاء الله الملك عبدالعزيز أن على العرب جميعًا دعم الفلسطينيين لأن أبناء فلسطين هم وحدهم سيحررون بلادهم إذا وقف معهم إخوانهم العرب.. هل يتحقق ذلك؟!
فاكس 035807778
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 113 مسافة ثم الرسالة
بدأ الرئيس الأمريكي كلمته ببعض الكلمات العبرية محاولة منه للتقرب قدر الإمكان من قلوب الصهاينة، وليبدأ كلمته بجو مفعم بالمحبة والتلطف ربما لتصل كل كلمة من كلماته لكل قلب في إسرائيل!!
الرئيس قال في مستهل كلمته إن اليهود طيبون وإن إسرائيل أفضل دولة ديمقراطية في العالم!! هذه الدولة الديمقراطية -كما قال- لن تكون وحدها أمام أعدائها فشعب أمريكا كله يقف مع إسرائيل، وهم بأعدادهم الكبيرة سيضافون إلى أعداد الصهاينة القليلة والذين يتواجدون في العالم كله.
يبدو أن السيد بوش وفي غمرة حماسه نسي المعنى المبدئي للديمقراطية، هذا المعنى الذي يفهمه رجل الشارع والطفل، ولكن ربما لأن ديمقراطية أمريكا في عهده الميمون لا تختلف عن ديمقراطية الصهاينة في كل عهودهم.
الاستيلاء المستمر على أراضي الفلسطينيين لا يتعارض مع الديمقراطية!! ومثله تجريف الأراضي وبناء المستوطنات على أراضي المواطنين كل ذلك لا يتعارض مع الديمقراطية الصهيونية!! أما قتل المواطنين بشكل يومي بالمدافع والطائرات فهذا لب الديمقراطية، ومثله -بطبيعة الحال- سجن مجموعة كبيرة من أعضاء مجالس الشعب المنتخبين وإبقائهم مددًا طويلة بدون محاكمات.
الديمقراطية التي أعجبت السيد بوش تتفق مع ديمقراطيته التي رأيناها في سجن جوانتانامو وأبوغريب والسجون السرية في بعض بلاد العالم، كما أنها تتفق مع ديمقراطيته في قتل عشرات الآلاف من الأبرياء في العراق وأفغانستان، وإعطائه السلاح للصهاينة لقتل الآلاف من الأبرياء في فلسطين ولبنان.
إن المواطن الأمريكي أو الذي يعيش في أمريكا من غير أهلها لم يسلم من ديمقراطية الرئيس؛ فالتنصت على المحادثات أو الرسائل أصبح جائزًا في عهده ولأول مرة في تاريخ أمريكا، كما أن سجن الأبرياء من المقيمين أو إغلاق جمعياتهم الخيرية أصبح ظاهرة مألوفة في عهده، ولنا في الدكتور حميدان والعريان مثل واضح على تلك الديمقراطية!!
يصعب كثيرًا حصر كل مظاهر الديمقراطية في عهد الرئيس بوش وأجزم أن أي قارئ عربي أو غير عربي لا يصعب عليه التعرف عليها بسهولة. الرئيس الأمريكي استخدم كثيرا من المصطلحات الدينية للتدليل على يهودية فلسطين، ومستقبل الصهاينة فيها، وأن هذا الموجود سيبقى إلى الأبد. هذه الحرية في الرؤية الدينية هي الأولى -أيضًا- فلم يسبق لأي رئيس أمريكي أن عبر عنها بهذه القوة، مع أن هذا الرئيس هو الأول الذي ادعى أن عهده سيشهد قيام دولة فلسطينية، وها هو عهده على وشك الزوال وليس في الأفق أي دليل على قرب قيام هذه الدولة، بل كيف تقوم وهو يقول كل تلك الأقوال في الكنيست؟.
القدس الشريف هي للصهاينة وحدهم -كما يقول- ويستشهد لهذا القول بقصة مختلقة عن ضابط صهيوني أخذ مفاتيح بيت المقدس وأعطاها للحاخام الأكبر في دمشق تعبيرًا عن أن هذه المدينة عادت إلى أهلها الأصليين!!
وإسرائيل هي وريثة نبي الله إبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء الذين وجدوا في هذه المنطقة، وبالتالي -وكما يزعم- من واجبهم المحافظة على هذا الإرث التاريخي الديني الذي حباهم به الله!
وإسرائيل ستبقى -كما يقول- وستحتفل بمرور مئة وعشرين عامًا، أما جيرانها -الإرهابيون- فهم الذين سيزولون، لأنهم لا يعرفون معنى الحياة وهم الذين يقتلون الأطفال والأبرياء ولا يعرفون معنى الحياة الكريمة!!
والشرق الأوسط -وهذا مصطلح خاطئ- سيكون أكثر أمنًا وتسامحًا!! ولكن متى؟! عندما تزول حماس وكل من يعكر صفو الصهاينة!! لكن الرئيس لم يقل لنا هل يضمن أمن الآخرين الذي تنتهكه إسرائيل كل يوم حتى بعد أن يزول أولئك القوم الذين لا يحبهم؟! الرئيس لم يتحدث عن الأسس التي يجب أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية، ولا متى وكيف، كما أنه لم يتحدث عن معاناة الشعب الفلسطيني ولا حصاره وتجويعه، ولم يتحدث عن أهمية تقديم مساعدات متنوعة لهذا الشعب المنكوب به وأمثاله.. نسي كل ذلك واكتفى بإشارة سريعة لدولة فلسطينية استمر يتحدث عنها منذ سنوات وها هو يقترب من النهاية دون أن يحقق شيئًا مما كان يقوله.
الرئيس بوش وفي شرم الشيخ وفي لقائه مع الرئيس الفلسطيني لم يقل شيئًا جديدًا وإنما كرر كلامه السابق عن دولة فلسطينية لن يفعل شيئًا من أجلها!!
وفي هذا السياق تحدث الرئيس المصري في كلمته التي ألقاها أمام المؤتمر عن أهمية قيام دولة فلسطينية، وأكد على أن الإرهاب إنما يعود سببه إلى قيام هذه الدولة، وطالب -بصورة هادئة- الرئيس بوش أن يفي بوعده لإقامة هذه الدولة.
أحمد للرئيس مبارك حديثه عن فلسطين وأهمية قيام دولة لأبنائها، وكذلك دور مصر في تحقيق الأمن لأهالي غزة وللفلسطينيين عمومًا، ولكني في الوقت نفسه كنت أتمنى أن يدرك كل العرب وقادتهم أن القوة والتضامن يعدان من أهم مقومات عودة فلسطين لأبنائها، وأن الصهاينة لن يقدموا للفلسطينيين شيئًا بمحض إرادتهم، وأن الزمن علّمنا ذلك.
هناك ما يسوء في هذا المؤتمر مما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولعلي هنا أردد مع المغفور له إن شاء الله الملك عبدالعزيز أن على العرب جميعًا دعم الفلسطينيين لأن أبناء فلسطين هم وحدهم سيحررون بلادهم إذا وقف معهم إخوانهم العرب.. هل يتحقق ذلك؟!
فاكس 035807778
للتواصل ارسل sms الى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 113 مسافة ثم الرسالة