-A +A
خالد الشلاحي - المدينة المنورة
نفذت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة سلسلة من حملات الملاحقة والمداهمة لممارسي أعمال السحر والشعوذة تمكنت خلالها من القبض على عدد كبير من هؤلاء الأشرار وتسليمهم للعدالة بالتنسيق مع الجهات الأمنية حيث تجاوز عدد السحرة والمشعوذين الذين تم القبض عليهم خلال العامين الماضيين المائة ساحر من الجنسين وذلك بعد عمليات رصد ومتابعات وتحريات دقيقة لكل ما يرد مراكز الهيئة من معلومات حول المواقع المشبوهة والاشخاص الذين تدور حولهم الشبهات. ومن أحدث تلك العمليات تمكن رجال الهيئة من الاطاحة بوافد عربي كان يمارس طقوس السحر والشعوذة تحت غطاء ممارسة العلاج الشعبي وما أسماه (علاج العقول) على حد تعبيره، للاحتيال على الناس واستغلال معاناة مرتاديه (ذكورا واناثا) من أمراض مستعصية وايهامهم بقدرته على تقديم المساعدة وعلاجهم استنادا للقدرات الخارقة التي يمتلكها -حسب زعمه- حيث قام بتحويل مقر اقامته في أحد الفنادق الشهيرة بالمنطقة المركزية فئة (خمس نجوم) مسرحا لممارساته المشبوهة كما كان يقوم بنشر أفكاره المضللة والترويج لها بين الزوار الذين يفدون إليه في مقر اقامته.
كمين الاطاحة

وكان فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة قد تلقى بلاغا من طبيب عربي زائر يحمل جنسية أوروبية يسكن الفندق، والذي أثار دهشته تردد الكثيرين على هذا الوافد العربي بشكل مريب وبحذر بالغ، فيما يتظاهر الدجال بالتدين والزهد، وقد حول مقر سكنه بالفندق الى ما يشبه (عيادة سرية) من أجل سلب أموالهم بالباطل، وعزم الطبيب الأوروبي على محاولة التقرب من المشتبه به لإستطلاع الأمر واكتشاف حقيقته وفضحه، فتمكن من الاختلاط به والتعرف عليه والتعامل معه لعدة اسابيع ففوجئ بأنه يحمل الكثير من المغالطات الشرعية والمنحرفة والعقائد الفاسدة ويسعى لنشرها بين الناس بطريقة حذرة، خوفا من الوقوع في قبضة الجهات الأمنية حيث كان يخشى التعامل مع عامة الناس ويوهم ضحاياه بأنه شخص متدين آتاه الله علما وقدرة على علاج الحالات المرضية المستعصية، كما اكتشف الطبيب الزائر ان هذا الدجال نصراني الأصل ثم ادعى إسلامه قبيل قدومه للمملكة وذلك ما أثار المزيد من شكوكه ليقوم بإبلاغ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي قامت بالتنسيق مع الجهات الأمنية للاحاطة بالدجال، حيث تمت متابعته وتم رصد تحركاته على مدى أسبوع كامل من التحريات والمتابعة الدقيقة عن المشتبه به بتوجيه من مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة المدينة بالنيابة الدكتور عبدالله بن علي الزهراني حيث تم تكوين فرقة ميدانية من أعضاء الهيئة لتقوم بالتحري وجمع المعلومات اللازمة عنه بشكل عاجل، وتم التأكد من صحة المعلومات الواردة عنه وبعد التنسيق مع جهات الاختصاص تم القبض عليه من قبل أعضاء الهيئة في سكنه الخاص في الفندق، وتبين انه يقيم في المدينة بصفة غير نظامية منذ أكثر من سنتين تقريبا.
خزعبلات وطلاسم
وكانت المعلومات التي تم رصدها عن الدجال قد أوضحت بأنه أسلم حديثا -بحسب زعمه- وقد كان يدعي العديد من الخرافات والاكاذيب والخزعبلات التي لا تنطلي على ضعاف العقول حيث كان يزعم الاتصال بالانبياء ومقابلتهم في اليقظة والمنام كما كان يقوم بتضليل الناس وافساد عقائدهم وتشكيكهم في دينهم، مدعيا بعض الأمور المنكرة والقدرات الخارقة، اضافة الى زعمه رؤية الملائكة وسائر الانبياء كما كان هذا الدجال يدعي قدرته على حبس الجن والشياطين وتأديبهم حتى يسلم الناس من شرورهم، وقد عثر في مقر سكنه على العديد من الطلاسم الشركية، والكثير من الافلام والمنشطات والعوازل الطبية المتنوعة، كما كان يحمل عددا كبيرا من الرسائل التي يوهم بها الناس بأنها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اشخاص يعانون من بعض المشكلات كما وجدوا بحوزته كتباً لبعض الفرق المنحرفة اضافة الى ثمانية اجهزة هاتف جوال بأرقام مختلفة كان يستخدمها في استقبال الاتصالات من ضحاياه وقد تم تحويله الى مركز شرطة المنطقة المركزية بالمدينة المنورة لإكمال الاجراءات اللازمة تمهيدا لعرضه على القضاء.
الاحالة للتحقيق
وأوضح الناطق الاعلامي بشرطة المدينة المنورة العقيد محسن الردادي ان الدجال المقبوض عليه تمت احالته الى مركز شرطة المنطقة المركزية بالمدينة المنورة حيث تم استكمال الاجراءات النظامية بحقه بدء بأخذ أقواله والتحقيق معه ومن ثم تمت إحالته الى هيئة التحقيق والادعاء العام بالمدينة المنورة واذا ما ثبت تورطه في أعمال الدجل المنسوبة اليه فسيتم اقرار ذلك في محاضر التحقيق قبل احالته للمحكمة العامة بالمدينة لاقرار العقوبة الرادعة بحقه، مشيدا بالتعاون القائم بين جهات الاختصاص للقبض على ممارسي اعمال السحر والشعوذة والأمور الشركية.
التستر بالطب والرقية
من جانبه ذكر الشيخ عبدالرحمن المطيري رئيس مركز هيئة الحرة الشرقية بالمدينة المنورة -المركز المتخصص في مكافحة قضايا السحر والشعوذة- انه ومن خلال الجهود الميدانية التي تبذلها الهيئة في مكافحة انتشار السحر والشعوذة والدجل في المجتمع والقضاء على من يمارس هذه الاعمال المحرمة ظهر ان كثيرا من المشعوذين والدجالين يتسترون تحت غطاء الطب الشعبي والرقية، ويتظاهرون بأنهم رقاة وأطباء شعبيون، وذلك لايهام الناس والتلبيس عليهم، وللافلات من رقابة الجهات المختصة، لذا لا ينبغي الثقة بهؤلاء خصوصا من يعمل منهم في الخفاء وبطريق غير نظامية، مضيفا انه قد تم ضبط عدد كبير ممن يمارس الشعوذة والدجل بدعوى ممارسة الطب الشعبي أو الرقية الشرعية لاسيما من الجاليات الاجنبية، وأوضح ان الضرر المترتب على هؤلاء كبير فهم بهذه الممارسات يفسدون بين الناس ويفرقون بينهم ويضرونهم في دينهم وحياتهم لأسباب مادية بحتة، ويستنزفون بهذه الاعمال المحرمة الاموال الباهظة دون وجه حق، وطالب الشيخ المطيري من الجهات المعنية ضرورة التكاتف والتعاون في سبيل القضاء على هؤلاء وتشديد الرقابة عليهم، ووجه حديثه للمواطنين والمقيمين بأن يحرصوا على التحصن بالأوراد والتحصينات الشرعية، وعدم الذهاب إلا لمن يوثق في دينه وأمانته من الرقاة الشرعيين أو الاطباء الشعبيين.
وشهدت المدينة المنورة خلال العامين الماضيين حملة مداهمات أسفرت عن القبض على العديد ممن يمارسون أعمال السحر والشعوذة والدجل في عدة أحياء من بينها السيح والعوالي والمغاربة وقباء وأحياء في الحرة الغربية وفي الشرقية.
وختم المطيري حديثه بأن المركز يستقبل كثيرا من الشكاوى من ضحايا السحرة والدجالين يقدمها المتضررون من سوء اعمالهم ودجلهم، وتقوم الهيئة في هذا الشأن بالتحري عن صحة هذه المعلومات وبالتالي القبض على المتورطين في هذه الاعمال المحرمة أثناء تلبسهم بالجرم، ورغبة في توحيد الجهود ونظرا لتنوع الاخباريات والشكاوى وكثرتها فقد تم تخصيص مركز هيئة الحرة الشرقية للقيام بمعالجة قضايا السحر والشعوذة والدجل على مستوى المدينة ويمكن لمن لديه شكوى بهذا الخصوص الاتصال على الجوال رقم (0568091667) أو ارسالها على الفاكس رقم (8362261) ويفضل تضمينها رقم المتصل ليتسنى لنا التواصل معه للاستفسار والاستيضاح عند الحاجة. وأضاف انه يتضح ان غالب من يمارسون هذه الاعمال هم من العمالة الوافدة، مبينا بأن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمدينة المنورة تقوم بحملة للقضاء على هؤلاء المفسدين وتخليص المدينة المنورة من شرورهم والحملة نتائجها الى الآن ايجابية جدا، فقد تم القبض على اشخاص من جنسيات مختلفة تورطوا في قضايا سحر وشعوذة ودجل خلال العامين الماضيين، ثلاثة من هؤلاء فقط سعوديون، والبقية من العمالة الوافدة غير النظامية وبالذات الافريقية منها.
طريق التهلكة
ويحذر الاخصائي الاجتماعي بجامعة طيبة عارف الحربي من خطورة التعامل مع أشخاص مجهولين ممن يدعون العلاج بالطب الشعبي، مبينا ان الكثير من الناس يتعاملون مع هؤلاء السحرة ظنا منهم أن لديهم حلولا لمشكلاتهم النفسية والصحية والاجتماعية وان نجاحهم مرهون بالتعامل مع هؤلاء السحرة والدجالين..
وبالتالي يقعون في شراك هؤلاء الذين يبدأون بابتزاز الضحية وسلب أمواله تحت غطاء العلاج بالطب الشعبي، فيما تعظم المصيبة حينما يعلم الشخص الضحية انه يتعامل مع ساحر ومشعوذ ملقيا بنفسه الى التهلكة.
أهداف خبيثة
وحول سبب كثرة من يمارسون أعمال السحر والشعوذة في المدينة المنورة أوضح الحربي ان هؤلاء يريدون النيل من عقائد الناس وتشكيكهم في دينهم باعتبار ان المدينة المنورة منبر للايمان ويتوافد اليها مئات الالاف من الزوار سنويا من مختلف الجنسيات وبالتالي فانهم يجدون في ذلك فرصة للايقاع بأكبر عدد من الضحايا لنشر البدع والخرافات والشركيات الباطلة، كما تجدر الاشارة بأن غالبية من يرتادون بيوت السحرة والدجالين هم من زوار (غير سعوديين) محذرا من الأهداف الخبيثة التي يسعى اليها ممارسو السحر والدجل.
التغرير بالنساء
ويعترف السحرة الذين يتم القبض عليهم بأنهم يفضلون التعامل مع النساء لسهولة التغرير بهن تحت اغراض أسرية، وعلمت "عكاظ" من مصدر بالهيئة انه تم مؤخرا الاطاحة بساحر بعد ورود بلاغ من أحد الاشخاص يشتكي من زوجته وانه اصبح "خاتما في اصبعها" مبديا شكوكه في استخدامها السحر ضده وقد توجه أحد المختصين من رجال الهيئة الى منزل الشاكي فعثر على "راس خروف" تم دفنه في فناء المنزل، وبالتحقيق مع الزوجة اعترفت بتعاملها مع أحد السحرة بسبب ما أسمته المحافظة على زوجها الذي يريد الزواج بأخرى، وعن طريقها تم الوصول الى الساحر والقبض عليه.