-A +A
1111111111111
منذ تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الأمور في بلادنا وهو يجوب جميع مناطق المملكة لتفقد أحوالها والعمل على تنميتها وكذلك تفقد احتياجات المواطنين والعمل على تحقيقها.. وكان للمنطقة الشرقية نصيبها من هذه الزيارات المباركة كان يتحقق فيها الكثير من مشروعات الخير لهذه المنطقة.
وباعتبار المنطقة الشرقية تضم بين جنباتها أكبر حقول النفط في العالم كما تضم -أيضاً- أكبر شركة نفط في العالم فقد حرص ايده الله على حضور احتفالها الماسي حيث أمضت هذه الشركة خمسة وسبعين عاماً من عمرها المديد حققت فيها الكثير من الإنجازات الكبيرة لهذا الوطن وأبنائه.

لا أريد أن أتحدث عن الاحتفال الكبير الذي أقامته شركة أرامكو بهذه المناسبة لكن فكرة استعدادها لإنشاء «مركز الملك عبدالعزيز للإثراء المعرفي» تستحق الإشادة والوقوف عندها طويلاً.
السيد عبدالله جمعة الرئيس التنفيذي للشركة قال عن هذا المركز: «إنه سيخدم المجتمع وأنه خطوة مهمة ستساعد أجيال المستقبل لاستلهام العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وليكونوا منتجين للمعرفة بدلاً من أن يكونوا مستهلكين لها إذ أن القدرة المعرفية والقدرة على الابتكار هما أبرز سمات المجتمعات الرائدة.
لا يمكن المقارنة بين إنتاج المعرفة وبين استيرادها، فالمنتج يستطيع الاعتماد على نفسه بينما المستورد يعتمد على غيره، وهذا الوضع يجعله ضعيفاً بصفة دائمة ولهذا كانت لفتة جيدة من أرامكو، لكن هذه اللفتة تحتاج إلى إخراجها بصفة جيدة وفاعلة لكي تحقق الهدف من وجودها.. إن كثيراً من مشاكلنا سببها أننا نتكلم كثيراً ولا نفعل إلا القليل مما نقوله ولعل أرامكو تخالف هذه القاعدة السيئة وتحقق لمجتمعات الريادة التي كانت واضحة في حضارتنا الإسلامية على مدى قرون طويلة من تاريخها.
البترول ثروة وطنية يجب أن يحقق الرخاء للوطن، وبالرغم أنه هذه الأيام لا يحقق ذلك لارتفاع أسعاره من جهة وانخفاض سعر الدولار من جهة أخرى مما ينعكس سلباً على الأسعار إلا أننا متفائلون إلى عودة الأمور إلى طبيعتها قريباً إن شاء الله.
ولأن البترول ليس الثروة الوحيدة التي يجب أن نعتمد عليها فقد توجهت بلادنا ومنذ فترة طويلة للاستثمار في الصناعات البتروكيماوية في الجبيل وينبع وحققت تقدماً هائلاً في هذا الباب وحققت دخلاً جيداً استفاد منه الوطن والمواطن.
وقد شرّف خادم الحرمين الشريفين مدينة الجبيل التي تضم بين جنباتها العديد من المصانع الكبيرة والتي استعدت لبناء العديد أيضاً منها سواءً من قبل «سابك» أو رجال الأعمال السعوديين.
لقد بلغت تكاليف هذه المصانع التي دشنها الملك ثمانية وستين مليار ريال، وقد شملت -غير المصانع- تطوير مناطق صناعية وسكنية وتعليمية، ولعله من المفيد الإشارة إلى أن من جملة المشاريع التي دشنها موقع المدينة الجامعية في الجبيل، وهذا مؤشر على أهمية افتتاح الجامعات المتخصصة في بلادنا..
من المعروف أن الجبيل ليس فيها جامعة، وإنما كلية تقنية وكلية بنات، ولكن وجود العديد من الشركات الكبرى بتخصصاتها المتنوعة يفرض وجود كليات تخرّج شباباً قادرين على إدارة هذه الشركات العملاقة بدلاً من الأجانب وهذا يحقق أكثر من غرض هام من أغراض التنمية في بلادنا.
كم سنكون سعداء عندما يكون أبناؤنا قادرين على صنع كل قطعة من مصانعهم، وقادرين على صيانتها مثل قدرتهم على تطويرها باستمرار.
إن هذه القدرة التي نأمل أن تحققها الجامعة الوليدة ستكون من أهم الخطوات نحو إنشاء صناعة حقيقية في بلادنا، ننتجها قطعة قطعة بدلاً من استيرادها قطعة قطعة!!
بقي أن أطرح سؤالاً على الإخوة في سابك: في ظل وجود كل هذه المصانع في منطقة واحدة، هل تم دراسة تأثيراتها البيئية والأمنية على المنطقة؟
الملك عبدالله خصص جزءاً من وقته للتعليم إدراكاً منه لأهميته القصوى في نهضة البلاد بكل مرافقها؛ فالأمة المتعلمة هي الأمة القادرة على البقاء والصمود في وجه العواصف وما أكثرها!! والأمة المتعلمة هي الأمة التي تملك مفاتيح القوة المادية، وما أحوجنا إليها في هذا الزمن الرديء الذي يستخدم القوة في تحقيق أهدافه مهما كانت!!
عشرة مليارات ريال تم تخصيصها لجامعتي الملك فهد والملك فيصل في الدمام وسوف تستخدم هذه المبالغ في إنشاء كليات علمية وتطوير المناطق الجامعية، وكذلك مباني سكنية للطلاب والأساتذة بالإضافة إلى مستشفى جامعي لجامعة الملك فيصل.
إن الإنفاق على التعليم والصحة لا يعادله في الأهمية أي إنفاق آخر، فالأمة المتعلمة والصحيحة في أجسامها هي الأمة القادرة على العطاء، ومن هنا كان اهتمامه حفظه الله بمرفقي الصحة والتعليم. وجود مستشفى جامعي متميز أمر في غاية الأهمية لاسيما ونحن نعرف تدني الخدمات الصحية في المنطقة، ومن المؤمل أن يقوم هذا المستشفى ببعض الخدمات التي عجزت عنها مستشفيات وزارة الصحة.
كما أن بناء مساكن للطلاب وللأساتذة يحل مشكلة عويصة للطلاب وأساتذتهم، ومن المهم تهيئة الأجواء المناسبة للطلاب ولمعلميهم إذا أردنا إيجاد متعلم قادر على تحقيق النهضة لبلادنا.. ومرة أخرى كانت هذه لفتة جميلة منه حفظه الله نرجو أن نراها في كل جزء من بلادنا وفي كل جامعاتنا.
الصناعة والعلم كانا محورين مهمين من محاور زيارة خادم الحرمين الشريفين للمنطقة الشرقية، وهما -كما قلت- من أهم مرتكزات نهضة أية أمة، ولعل كل العاملين في هذه القطاعات يتحركون بجد لنرى آثار هذه الزيارة تتحقق على أرض الواقع قريباً إن شاء الله.