تعرض على المحاكم أحيانا بعض قضايا الحجر على الآباء بحجة الخرف أو فقدان الأهلية في التصرف بأموالهم. وفي بعض القضايا يلجأ بعض الأبناء لرفع دعاوى الحجر على آبائهم بهدف الاستيلاء على أموالهم ولذلك هناك شروط لاثبات هذا الحجر بحيث لاتفوت على القاضي. «عكـاظ» حصلت على عدد من القصص التي تعكس في جانب منها أن الحجر ليس إلا صورة أخرى من العقوق وهذه هي الأمثلة وآراء المختصين حول الحجر. خضراء محمد (عجوز ناهزت الثمانين) تقول في حسرة ظاهرة: لا أسمع من أبنائي سوى «هذي خلاص خرفت فقدت عقلها لابد أن نذهب بها إلى المستشفى لتنشيط ذاكرتها» والمصيبة التي آلمتني عندما سمعت من أحد أبنائي كلمة لابد من الحجر عليها أثناء حديثه مع زوجته ظنا منه أني نائمة ولا أدرك وأعي ما يقول، قالت له زوجته : لابد من أخذ التقارير التي تؤكد حالة تأخر الذاكرة ونوبات النسيان التي تنتابها ولا تستبعد أن يقوم أحد إخوتك باستغلال خرفها وتعمل له تنازلاً عن المنزل».
اتهموني بالسفه
قصة أخرى لأم رفع أبناؤها دعوى حجر عليها يتهمونها بأنها أصبحت فاقدة الأهلية وغير قادرة علي تقييم الأمور. أم مازن 65 سنة من مواليد مكة تقول ويداها مرفوعتان للسماء: «حسبي الله ونعم الوكيل» أفنيت عمري في تربيتهم بعد وفاة والدهم وقد قمت بتعليمهم في أحسن المدارس إلى أن تخرجوا من الجامعة ولم أحرمهم طوال هذه الفترة من أي شيء حتى أني لم أفكر في الزواج طوال فترة تربيتي لهم وكان نتاج صبري أن أول ما قاموا به إخراجي من منزلي الفسيح الذي قضيت فيه أجمل أيام عمري وذكرياتي ونقلي إلى جدة وإسكاني في شقة في إحدى العمائر التي أمتلكها بحجة أن يكونوا بالقرب مني بحكم طبيعة عملهم وارتباطاتهم الأسرية لم يكتفوا بذلك فحسب بل اعتبروا ما أقوم به من تبرعات لأوجه الخير مبالغ فيه وإسراف وأن استمراري على ذلك سوف يفقدني كل ما أملك على الرغم أننا ولله الحمد في نعمة ولكن ماصدمني وهزني من الداخل هو رفعهم قضية حجر علي بدعوى فقداني الذاكرة وكثرة النسيان والشيخوخة لتخوفهم من قيامي بتضييع ما لدي من مال .
وتتابع وعلى الرغم من أن المحكمة أنصفتني ورفضت الدعوى إلا أنه مازال في حلقي غصة بسبب هذه الحادثة التي أحسست معها أن عمري الذي أفنيته في تربيتهم ذهب سدى.
دعوى حجر
سعيد محمد وجد نفسه فجأة مطلوباً في قضية حجر على ممتلكاته رفعها ضده ابنه الأكبر الذي كان يفضله عن بقية إخوته بتحريض من زوجته.
ويروي العم سعيد أثر الصدمة عليه وابنه الأكبر في المحكمة يشكك بقدراته العقلية وفقدانه الأهلية على إدارة ممتلكاته: «ابني رفع علي دعوى حجر بدعوى فقدان الذاكرة وكثرة النسيان والشيخوخة لتخوفه من قيامي بتضييع أموالي التي لاتتجاوز 100 ألف ريال ومنزلاً شعبياً فلا أقول أكثر من: (حسبي الله ونعم الوكيل).
ثبوت الحجر
الشيخ عبد المحسن العبيكان مستشار وزير العدل ومفتش قضائي خاص .
يرى أن قضايا الحجر من قبل الأبناء على الآباء قليلة في المحاكم كما أن قضية الحجر على الآباء أمر مشروع ومدون في كتب الفقه في حالة إذا ظهر على الأب عوارض السفه والتبذير في المال فمن حق الأبناء مطالبة المحكمة المختصة بالحجر عليه حتى لا يضيع ماله ويتسبب في الضرر على نفسه وأولاده، موضحا في الوقت نفسه أن المحكمة لن تستجيب لطلب الأبناء في قضايا الحجر إذا كان طلبهم غير وجيه والأمر موكول إلى القاضي الذي يقدر ثبوت السفه والتبذير من عدمه وذلك من خلال اللجوء إلى الجهات المختصة وطلب التقارير الطبية والنفسية حسب ما يثبت لديه ولا يحكم إلا بعد ثبوت السفه ومشروعية الحجر على الشخص.
وبالوالدين احسانا
وفي هذا السياق اوضح الدكتور صالح اللحيدان المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط أن الله عز وجل قضى بالإحسان إلى الوالدين (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) هذا من جانب أما الجانب الآخر وهو قضية حجر الأبناء على الآباء فإن هناك أسبابا ودعاوى لابد من بحثها ميدانيا يستفيد منه العلماء والقضاة والمحللون والتربويون ويستفيد منه الآباء والأبناء على حد سواء، مرجعا السبب الأول في قضايا الحجر إلى تعدد الزوجات بينما تتمثل الأسباب الأخرى في الانحراف العقدي والأخلاقي ، وتحريض بعض الزوجات للأبناء على الآباء والتأثير عليهم.
موضحا أن هناك حيثيات في النظام القضائي والأمني في المملكة لا تقبل فيها دعوى الحجر تجاه الأب إلا بعد تحليل نفسي وعقلي وأمني وأسري حيث يستدعى الأب ويتم مساءلته ومساءلة الأبناء وأحيانا قد تكون القضية جنائية من جانب الأبناء.
مضيفا انه اذا ثبت فعلا أن لدى الأب خللاً في تصرفاته فإنه يحجر عليه ولابد من وضع شروط في حالة ثبوت السفه وعدم القدرة على التصرف ولا يسمى ذلك حجرا بل يطلق عليه ( ولاية).
والعلاج القضائي والنفسي هو الخوف من الله عز وجل والوعي التام من قبل الأبناء بأنه قد تعقهم أبناؤهم وزوجاتهم وأصدقاؤهم إذا نالوا من الأب إلى هذه الدرجة!!
ومن واقع تجربته العملية يذكر عرضت علي دعوى حجر من ثلاثة أبناء على أبيهم وأتضح لي من لقاء الأب أنه كان ضعيف الشخصية منقادا لابنه الأكبر الذي كان منحرفا ظنا منه أنه فعلا بحاجة إلى الحجر إلى جانب خوفه من ابنه الذي كان يلقى تحريضا من إحدى زوجاته وذلك بعد اعترافات الابن وتوبته وتراجعه عن دعوى الحجر على أبيه.
مؤكدا على ضرورة تركيز المؤسسات التربوية والاعلامية على البر بالوالدين وطاعتهما والسعي لتأصيل هذه المسألة في نفوس النشء.
ومن جانبه اوضح المحامي فواز أزهر أن قضايا الحجر تعتبر قليلة وليس كل الدعاوى من باب الجحود بالآباء ففي بعض الأحيان يكون طلب الحجر من باب الضرورة للحفاظ على الأموال والحقوق والحجر أربعة أنواع هي الحجر على المجنون والمعتوه، والمبذر وذي الغفلة والسفيه.
وأغلب قضايا الحجر ترفع عادة من أحد الأقارب ممن لهم مصلحة بالحفاظ على مال المطلوب الحجر عليه بسبب اعتقادهم أن وضعه الصحي مترد بحيث لا يتمكن من رعاية نفسه وإدارة شؤونه و أمواله فتقوم المحكمة بتعيين وصي عليه. وتعتمد المحكمة في قضايا الحجر على أدلة متعددة منها ما يعتمد على تقرير طبي من لجنة طبية معتمدة لدى المحكمة لاثبات الوضع الصحي للمطلوب الحجر عليه، ومن القضايا من يفصل فيها كحالات الحجر على المجنون والمعتوه.
ومنها ما يتطلب بينة شخصية وشهود عيان كحالات الحجر على المبذر والسفيه لإقناع القاضي الشرعي بأن تصرفات هذا المبذر أو السفيه تضر بمصالحه المالية.
موضحا أن الحجر بناء على تحريض وتدخلات داخل محيط الأسرة، يعتبر غير موضوعي ولا يتم إنفاذه إلا بحكم قضائي وكما أن الحجر داخل محيط الأسرة وعدم تمكين الشخص من التصرف في أمواله يعتبر من باب المنع غير المشروع كأن يدعي البعض إصابة والده بالمرض العقلي من اجل الحجر عليه الأمر الذي يمثل عقوقا واضحا من الورثة سواء كانوا أحفادا أو أولادا ويدل على عدم الاحترام وضعف الدين والتنشئة الخاطئة لأن الحجر في حالة الادعاء الكاذب يعد إساءة للأسرة والروابط الأسرية بوجه عام ويعبر عن الطمع غير المبرر الذي يتنافى مع الأخلاق والدين والقيم الاجتماعية السائدة، مبينا في هذا السياق ان للحجر شروطا حددها الشرع وأحلها للشخص الذي لا يسيطر على قراراته، خاصة كبار السن ممن أضرت الشيخوخة بقدراتهم العقلية فلم يعودوا قادرين على اتخاذ قراراتهم المالية الأمر الذي تتأذى معه مصالحهم.
ويتم ذلك من خلال تقرير طبي تقوم به لجنة طبية من أصحاب الخبرة والاختصاص ، فإذا ظهرت تصرفات بشكل يؤكد وجود السفه أو عارض من عوارض فقدان الأهلية فيوكل الأمر للسلطة الأهلية للقاضي مضيفاً أن تحريك دعوى الحجر بناء على سبب كيدي، يدخل الأبناء في باب العقوق أما إذا ظهرت على الشخص بوادر السفه وتبديد أمواله الخاصة على نحو يخالف مقتضيات الشرع، فهنا لابد من الحجر عليه حتى لا يؤذي نفسه بل يعتبر حجر الفرع على الأصل في هذه الحالة جائزا.
ومن جانبه يوضح الدكتور إبراهيم الخضيري عضو هيئة محكمة التمييز بالرياض: أن الحجر في الشريعة الإسلامية هو الحفاظ على مال المحجور عليه لمصلحته وحفظ نفسه، ولمصلحة ورثته. والحجر في الشريعة الإسلامية قائم على ضوابط معروفة في الكتاب والسنة. مضيفا أن التأصيل الشرعي للحجر موجود في النظام القضائي السعودي حيث لابد من النظر في أسبابه ومبرراته فإذا كان الحجر لمرض الأب وفقدانه القدرة أو الرشد المالي، تقبل المحكمة هذا الطلب وتتثبت من دعوى الحجر من الجهات الأخرى ثم تقوم بعد ذلك بالحجر وتكلف ولياً شرعياً وحارساً قضائياً لأمواله.
وهذه الحالة تقع بسبب كثرة الأمراض التي تصيب الأغنياء في سن متأخرة وعادة ما تتكرر هذه الحالات!
وأضاف الخضيري : أن هناك من يأتي ويتقدم بطلب الحجر وتتخذ المحكمة الإجراءات الشرعية وإذا لم يثبت شيء ردت المحكمة طلبه واعتبرته كأن لم يكن
ومعظم قضايا حجر الأبناء على الآباء يكون هدفها نبيلا ولذا فإن المحكمة تقدر هذا الهدف.
ويقول الدكتور محمد شاوش مدير مستشفى الأمل بجدة ومدير الصحة النفسية سابقا إن الإنسان عندما يكون غير مكلف وغير مسؤول عن نفسه لا يعرف تقدير ممتلكاته ولا يستطيع حصرها أو التصرف فيها بحكمة بمعنى أنه يمكن أن يبيعها بأسعار زهيدة أو يكون المحجور عليه تحت تأثير مرض عقلي شديد مثل المرض الذهاني كحالات الانفصام وحالات البارنويا والهلاوس السمعية والاضطراب في سلوكياته وتبدأ عليه سلوكيات غير سوية بما قد يخل بممتلكاته، وهناك حالات يتم فيها الحجر مثل اضطرابات الذاكرة واضطرابات الخرف أو قد يكون لدى الإنسان بعض الاضطرابات العصبية نتيجة إصابة في الرأس أثرت على الذاكرة بحيث لا يستطيع المريض التحكم في تفكيره أو في تصرفاته أو قد يكون مندفعا في اتخاذ قراراته.
وتابع شاوش : هناك بعض الحالات يكون لديها قصور في القوى الذهنية والذكاء وبعض الحالات الأخرى يرد أصحابها في حالات اكتئاب شديد وعدم استجابته للدواء ويتصرفون تصرفات غير سوية، ويدخل في قضايا الحجر حالات الإدمان بحيث يتصرف الشخص في أمواله بطريقة غير صحيحة فيضر بنفسه وبالآخرين وهذا يمكن في حقه الحجر.
وعن أعمار الأشخاص في قضايا الحجر قال شاوش بحكم عملي سابقا في مستشفى الصحة النفسية فإن أصحاب حالات الحجر غالبا تتراوح أعمارهم بين 65 سنة فما فوق ففي هذه السن تبدأ اضطرابات الذاكرة وعوامل الخرف أما في حالات الهوس فإن الأعمار تتكون من سن 30 إلى 40 سنة، منوها الى بعض الحالات التي يكون فيها نوع من التحايل على القانون من قبل الأبناء لإثبات حالة الهوس لدى الآباء لكسب دعوى الحجر لأسباب شخصية وقد وردت حالة ابن قام بإحضار رجل غير أبيه وكانت تبدو عليه علامات الخرف جلية وبعد التثبت وجد أن الشخص الذي تم إحضاره للكشف الطبي ليس والده! أو قد يصف الابن حالة أبيه وأنه لا يمكن إحضاره بحجة أنه مقعد ولا يستطيع الحراك لذا لابد من التثبت في هذه الأمور حتى لا يكون هناك تحايل على القانون لذلك لابد على اللجان التأكد من هوية المريض.
اتهموني بالسفه
قصة أخرى لأم رفع أبناؤها دعوى حجر عليها يتهمونها بأنها أصبحت فاقدة الأهلية وغير قادرة علي تقييم الأمور. أم مازن 65 سنة من مواليد مكة تقول ويداها مرفوعتان للسماء: «حسبي الله ونعم الوكيل» أفنيت عمري في تربيتهم بعد وفاة والدهم وقد قمت بتعليمهم في أحسن المدارس إلى أن تخرجوا من الجامعة ولم أحرمهم طوال هذه الفترة من أي شيء حتى أني لم أفكر في الزواج طوال فترة تربيتي لهم وكان نتاج صبري أن أول ما قاموا به إخراجي من منزلي الفسيح الذي قضيت فيه أجمل أيام عمري وذكرياتي ونقلي إلى جدة وإسكاني في شقة في إحدى العمائر التي أمتلكها بحجة أن يكونوا بالقرب مني بحكم طبيعة عملهم وارتباطاتهم الأسرية لم يكتفوا بذلك فحسب بل اعتبروا ما أقوم به من تبرعات لأوجه الخير مبالغ فيه وإسراف وأن استمراري على ذلك سوف يفقدني كل ما أملك على الرغم أننا ولله الحمد في نعمة ولكن ماصدمني وهزني من الداخل هو رفعهم قضية حجر علي بدعوى فقداني الذاكرة وكثرة النسيان والشيخوخة لتخوفهم من قيامي بتضييع ما لدي من مال .
وتتابع وعلى الرغم من أن المحكمة أنصفتني ورفضت الدعوى إلا أنه مازال في حلقي غصة بسبب هذه الحادثة التي أحسست معها أن عمري الذي أفنيته في تربيتهم ذهب سدى.
دعوى حجر
سعيد محمد وجد نفسه فجأة مطلوباً في قضية حجر على ممتلكاته رفعها ضده ابنه الأكبر الذي كان يفضله عن بقية إخوته بتحريض من زوجته.
ويروي العم سعيد أثر الصدمة عليه وابنه الأكبر في المحكمة يشكك بقدراته العقلية وفقدانه الأهلية على إدارة ممتلكاته: «ابني رفع علي دعوى حجر بدعوى فقدان الذاكرة وكثرة النسيان والشيخوخة لتخوفه من قيامي بتضييع أموالي التي لاتتجاوز 100 ألف ريال ومنزلاً شعبياً فلا أقول أكثر من: (حسبي الله ونعم الوكيل).
ثبوت الحجر
الشيخ عبد المحسن العبيكان مستشار وزير العدل ومفتش قضائي خاص .
يرى أن قضايا الحجر من قبل الأبناء على الآباء قليلة في المحاكم كما أن قضية الحجر على الآباء أمر مشروع ومدون في كتب الفقه في حالة إذا ظهر على الأب عوارض السفه والتبذير في المال فمن حق الأبناء مطالبة المحكمة المختصة بالحجر عليه حتى لا يضيع ماله ويتسبب في الضرر على نفسه وأولاده، موضحا في الوقت نفسه أن المحكمة لن تستجيب لطلب الأبناء في قضايا الحجر إذا كان طلبهم غير وجيه والأمر موكول إلى القاضي الذي يقدر ثبوت السفه والتبذير من عدمه وذلك من خلال اللجوء إلى الجهات المختصة وطلب التقارير الطبية والنفسية حسب ما يثبت لديه ولا يحكم إلا بعد ثبوت السفه ومشروعية الحجر على الشخص.
وبالوالدين احسانا
وفي هذا السياق اوضح الدكتور صالح اللحيدان المستشار القضائي الخاص والمستشار العلمي للصحة النفسية بدول الخليج والشرق الأوسط أن الله عز وجل قضى بالإحسان إلى الوالدين (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) هذا من جانب أما الجانب الآخر وهو قضية حجر الأبناء على الآباء فإن هناك أسبابا ودعاوى لابد من بحثها ميدانيا يستفيد منه العلماء والقضاة والمحللون والتربويون ويستفيد منه الآباء والأبناء على حد سواء، مرجعا السبب الأول في قضايا الحجر إلى تعدد الزوجات بينما تتمثل الأسباب الأخرى في الانحراف العقدي والأخلاقي ، وتحريض بعض الزوجات للأبناء على الآباء والتأثير عليهم.
موضحا أن هناك حيثيات في النظام القضائي والأمني في المملكة لا تقبل فيها دعوى الحجر تجاه الأب إلا بعد تحليل نفسي وعقلي وأمني وأسري حيث يستدعى الأب ويتم مساءلته ومساءلة الأبناء وأحيانا قد تكون القضية جنائية من جانب الأبناء.
مضيفا انه اذا ثبت فعلا أن لدى الأب خللاً في تصرفاته فإنه يحجر عليه ولابد من وضع شروط في حالة ثبوت السفه وعدم القدرة على التصرف ولا يسمى ذلك حجرا بل يطلق عليه ( ولاية).
والعلاج القضائي والنفسي هو الخوف من الله عز وجل والوعي التام من قبل الأبناء بأنه قد تعقهم أبناؤهم وزوجاتهم وأصدقاؤهم إذا نالوا من الأب إلى هذه الدرجة!!
ومن واقع تجربته العملية يذكر عرضت علي دعوى حجر من ثلاثة أبناء على أبيهم وأتضح لي من لقاء الأب أنه كان ضعيف الشخصية منقادا لابنه الأكبر الذي كان منحرفا ظنا منه أنه فعلا بحاجة إلى الحجر إلى جانب خوفه من ابنه الذي كان يلقى تحريضا من إحدى زوجاته وذلك بعد اعترافات الابن وتوبته وتراجعه عن دعوى الحجر على أبيه.
مؤكدا على ضرورة تركيز المؤسسات التربوية والاعلامية على البر بالوالدين وطاعتهما والسعي لتأصيل هذه المسألة في نفوس النشء.
ومن جانبه اوضح المحامي فواز أزهر أن قضايا الحجر تعتبر قليلة وليس كل الدعاوى من باب الجحود بالآباء ففي بعض الأحيان يكون طلب الحجر من باب الضرورة للحفاظ على الأموال والحقوق والحجر أربعة أنواع هي الحجر على المجنون والمعتوه، والمبذر وذي الغفلة والسفيه.
وأغلب قضايا الحجر ترفع عادة من أحد الأقارب ممن لهم مصلحة بالحفاظ على مال المطلوب الحجر عليه بسبب اعتقادهم أن وضعه الصحي مترد بحيث لا يتمكن من رعاية نفسه وإدارة شؤونه و أمواله فتقوم المحكمة بتعيين وصي عليه. وتعتمد المحكمة في قضايا الحجر على أدلة متعددة منها ما يعتمد على تقرير طبي من لجنة طبية معتمدة لدى المحكمة لاثبات الوضع الصحي للمطلوب الحجر عليه، ومن القضايا من يفصل فيها كحالات الحجر على المجنون والمعتوه.
ومنها ما يتطلب بينة شخصية وشهود عيان كحالات الحجر على المبذر والسفيه لإقناع القاضي الشرعي بأن تصرفات هذا المبذر أو السفيه تضر بمصالحه المالية.
موضحا أن الحجر بناء على تحريض وتدخلات داخل محيط الأسرة، يعتبر غير موضوعي ولا يتم إنفاذه إلا بحكم قضائي وكما أن الحجر داخل محيط الأسرة وعدم تمكين الشخص من التصرف في أمواله يعتبر من باب المنع غير المشروع كأن يدعي البعض إصابة والده بالمرض العقلي من اجل الحجر عليه الأمر الذي يمثل عقوقا واضحا من الورثة سواء كانوا أحفادا أو أولادا ويدل على عدم الاحترام وضعف الدين والتنشئة الخاطئة لأن الحجر في حالة الادعاء الكاذب يعد إساءة للأسرة والروابط الأسرية بوجه عام ويعبر عن الطمع غير المبرر الذي يتنافى مع الأخلاق والدين والقيم الاجتماعية السائدة، مبينا في هذا السياق ان للحجر شروطا حددها الشرع وأحلها للشخص الذي لا يسيطر على قراراته، خاصة كبار السن ممن أضرت الشيخوخة بقدراتهم العقلية فلم يعودوا قادرين على اتخاذ قراراتهم المالية الأمر الذي تتأذى معه مصالحهم.
ويتم ذلك من خلال تقرير طبي تقوم به لجنة طبية من أصحاب الخبرة والاختصاص ، فإذا ظهرت تصرفات بشكل يؤكد وجود السفه أو عارض من عوارض فقدان الأهلية فيوكل الأمر للسلطة الأهلية للقاضي مضيفاً أن تحريك دعوى الحجر بناء على سبب كيدي، يدخل الأبناء في باب العقوق أما إذا ظهرت على الشخص بوادر السفه وتبديد أمواله الخاصة على نحو يخالف مقتضيات الشرع، فهنا لابد من الحجر عليه حتى لا يؤذي نفسه بل يعتبر حجر الفرع على الأصل في هذه الحالة جائزا.
ومن جانبه يوضح الدكتور إبراهيم الخضيري عضو هيئة محكمة التمييز بالرياض: أن الحجر في الشريعة الإسلامية هو الحفاظ على مال المحجور عليه لمصلحته وحفظ نفسه، ولمصلحة ورثته. والحجر في الشريعة الإسلامية قائم على ضوابط معروفة في الكتاب والسنة. مضيفا أن التأصيل الشرعي للحجر موجود في النظام القضائي السعودي حيث لابد من النظر في أسبابه ومبرراته فإذا كان الحجر لمرض الأب وفقدانه القدرة أو الرشد المالي، تقبل المحكمة هذا الطلب وتتثبت من دعوى الحجر من الجهات الأخرى ثم تقوم بعد ذلك بالحجر وتكلف ولياً شرعياً وحارساً قضائياً لأمواله.
وهذه الحالة تقع بسبب كثرة الأمراض التي تصيب الأغنياء في سن متأخرة وعادة ما تتكرر هذه الحالات!
وأضاف الخضيري : أن هناك من يأتي ويتقدم بطلب الحجر وتتخذ المحكمة الإجراءات الشرعية وإذا لم يثبت شيء ردت المحكمة طلبه واعتبرته كأن لم يكن
ومعظم قضايا حجر الأبناء على الآباء يكون هدفها نبيلا ولذا فإن المحكمة تقدر هذا الهدف.
ويقول الدكتور محمد شاوش مدير مستشفى الأمل بجدة ومدير الصحة النفسية سابقا إن الإنسان عندما يكون غير مكلف وغير مسؤول عن نفسه لا يعرف تقدير ممتلكاته ولا يستطيع حصرها أو التصرف فيها بحكمة بمعنى أنه يمكن أن يبيعها بأسعار زهيدة أو يكون المحجور عليه تحت تأثير مرض عقلي شديد مثل المرض الذهاني كحالات الانفصام وحالات البارنويا والهلاوس السمعية والاضطراب في سلوكياته وتبدأ عليه سلوكيات غير سوية بما قد يخل بممتلكاته، وهناك حالات يتم فيها الحجر مثل اضطرابات الذاكرة واضطرابات الخرف أو قد يكون لدى الإنسان بعض الاضطرابات العصبية نتيجة إصابة في الرأس أثرت على الذاكرة بحيث لا يستطيع المريض التحكم في تفكيره أو في تصرفاته أو قد يكون مندفعا في اتخاذ قراراته.
وتابع شاوش : هناك بعض الحالات يكون لديها قصور في القوى الذهنية والذكاء وبعض الحالات الأخرى يرد أصحابها في حالات اكتئاب شديد وعدم استجابته للدواء ويتصرفون تصرفات غير سوية، ويدخل في قضايا الحجر حالات الإدمان بحيث يتصرف الشخص في أمواله بطريقة غير صحيحة فيضر بنفسه وبالآخرين وهذا يمكن في حقه الحجر.
وعن أعمار الأشخاص في قضايا الحجر قال شاوش بحكم عملي سابقا في مستشفى الصحة النفسية فإن أصحاب حالات الحجر غالبا تتراوح أعمارهم بين 65 سنة فما فوق ففي هذه السن تبدأ اضطرابات الذاكرة وعوامل الخرف أما في حالات الهوس فإن الأعمار تتكون من سن 30 إلى 40 سنة، منوها الى بعض الحالات التي يكون فيها نوع من التحايل على القانون من قبل الأبناء لإثبات حالة الهوس لدى الآباء لكسب دعوى الحجر لأسباب شخصية وقد وردت حالة ابن قام بإحضار رجل غير أبيه وكانت تبدو عليه علامات الخرف جلية وبعد التثبت وجد أن الشخص الذي تم إحضاره للكشف الطبي ليس والده! أو قد يصف الابن حالة أبيه وأنه لا يمكن إحضاره بحجة أنه مقعد ولا يستطيع الحراك لذا لابد من التثبت في هذه الأمور حتى لا يكون هناك تحايل على القانون لذلك لابد على اللجان التأكد من هوية المريض.