تحول حلم اربعة صياديين غيروا قناعتهم بان رزقهم ( لحما طريا )، الى جريمة عوقب كل منهم بالسجن ثمانية اعوام. وحاصر الطمع الصيادين في إقليم " الجديدة " المغربي ( حوالي 80 كلم عن الدار البيضاء )، وبينما كان الصيادون سعداء بعملهم يعودون كل يوم برزق حلال بما اصطادوه من سمك ، لمحوا وسط البحر كيسا مليئا بمخدر الكوكايين تخلص منه أحد المهربين المجهولين ، لكنهم بدلا من تبليغهم السلطات بما وجدوه طافيا فوق المياه الإقليمية بمنطقتهم ، حادوا عن الطريق القانوني الصحيح ، ودخلوا في متاهة الطمع بصيد حرام ، والاتجار في أخطر مخدر ممنوع عالميا. كان الجو صحوا ذلك اليوم ، والبحر هادئا يغري بالصيد بعد طول انتظار الصيادين محمد وأخوه أحمد ومرافقيهما عمر وسعيد دام لمدة أسبوع، وبعد تحسن الأجواء ، دخلوا الى البحر بقارب الصيد " عياش " ، وبينما كانوا يعيشون لحظات الانتظار لملء شباكهم المشدودة إلى قاربهم الصغير بالسردين ، كان أحمد يحاول تكسير صمت الانتظار بأغاني " العيطة " الشعبية المعروفة بقبائل " عبدة " و " دكالة "، لكن الصيادين النشطين سرعان ما بدأوا يجمعون شباك صيدهم مع الساعة الرابعة عصرا ، وتخليص ما علق بها من أسماك ، لأن صيدهم كان مفرحا في ذلك اليوم ، لقد اصطادوا إلى جانب سمك السردين اللذيذ سمكا أبيض المعروف في المنطقة ب " الحر " ، الذي سيعود عليهم صيده بعائدات مالية مهمة، وذلك ما أفرح أحمد الذي لم يكتف بالغناء فرحا فحسب ، بل أخذ يرقص على ظهر القارب.
لكن أثناء عودة الصيادين بصيدهم نحو الميناء، وبينما كان قاربهم الصغير يمخر عباب البحر بقوة، لاح لهم على سطح البحر جسما غريبا كان يظهر ويغيب مع تموج المياه البحرية، لكنهم بفضول البحارين، أمر رئيس المركب أحمد، مساعده عمر بالاتجاه نحو الجسم الطافي على سطح الماء ، لكن الصيادين المغامرين عندما اقتربوا من الجسم ظنوه كيس سلع سقط من سفينة تجارية عابرة للمياه الإقليمية لمدينة " الجديدة " المغربية ، الا ان محمد خيب ظن المتسائلين حول الجسم الطافي ، ودعاهم إلى التزام الحذر حتى لا تكون شحنة الكيس البلاستيكي الأسود جثة قتيل ضحية جريمة نكراء .
بائعو كوكايين
عندما اقترب قارب الصيادين من الكيس البلاستيكي الكبير ، ولم يعد تفصله عنه إلا مترين أو ثلاثة ، أخرج أحمد من صندوق أدوات القارب عمودا خشبيا به قطعة من حديد معقوفة من جهة الرأس وأخذ يجذب الكيس في اتجاه القارب ؛ هذا بعد نشرهم له الشباك حتى لا يضيع ما فيه ، وعندما أوصل أحمد الكيس إلى يده حمله بمساعدة عمر وسعيد إلى وسط المركب ، لكن بعد إنزاله وفتحه ، صرخ أحمد : ( هاهُو هاهُو .. اغتنينا يا جماعة ) . فبعد فتح الكيس الأسود ، شدت الأكياس البيضاء الموجودة فيه أنظار الصيادين الذين عرفوا محتوى ما عثروا عليه ؛ إنها شحنة مخدر " الكوكايين " الباهظ ثمنها في عالم المخدرات وأسواق التهريب .
وصل البحارة إلى اليابسة بغنيمتهم الممنوعة ، ومباشرة بعد بيعهم الأسماك في السوق المخصص لها ، سارعوا لاقتسام أكياس مخدر الكوكايين وعاد كل منهم إلى بيته حاملا نصيبه من " الكوكايين " ، غير أن إحساس الخوف والرهبة تملكهم، فتواعد المهربون الجدد باللقاء صباح اليوم التالي .
وبعد قضاء كل واحد منهم ليلته التي لم يغمض له فيها جفن ، التقى الأربعة في بيت أحمد الذي سيخفون عنده أكياس الكوكايين، ثم جلسوا يتداولون موضوع تصريفهم الكوكايين الذي قد يصل الغرام الواحد منه إلى حوالي 2000 درهم مغربي ؛ أي ما يعادل 1000 ريال سعودي.
وبعد طول تفكير وتدبير ، خلص الأربعة إلى تكليف أحمد ببيع المخدر وتخليصهم من خطره بأسرع ما يمكن ، وفعلا استطاع الرئيس أحمد بيع أربعة أكياس من المخدر الأبيض بمائة وعشرين ألف درهم ( حوالي 60 ألف ريال ) وسيقوم بتقسيمها على مجموعته بالتساوي ، فكان نصيب كل واحد منهم 30 ألف درهم .
آثار نعمة المخدر
فرح الصيادون كل بنصيبه المالي ببيع الكوكايين ، وبدأ كل واحد يتصرف في ماله بحرية ، فمنهم من قام بشراء شباك صيد جديدة ، ومنهم من نزل إلى المدينة لشراء ما ينقص بيته من أثاث منزلي، ومنهم من أدى ما بذمته من ديون .. لكن كل ما صرفوه من مال لم يكف للوصول إلى السعادة المرجوة ، فسرعان ما أهدر كل واحد منهم نصيبه من المال الحرام وبدأ يدعوا أحمد للاجتماع في داره لتدبير أمور تصريف ما بقي من أكياس مخدر الكوكايين عنده ، لكن سكان الحي لاحظوا آثار النعمة بادية علىهم.
وأخذوا يذكرون في جلساتهم الخاصة ، خصوصا عندما يمر الأخوين أحمد ومحمد أمام مجالسهم بمقهى الحي ، أنهما ربما أصبحا يتاجران في المخدرات ، وردا على ذلك كان الأخوان يخفيان إحراجهما أمام الأصدقاء ، ويدعيان أن ما يروج في الحي مجرد ادعاء لا أساس له من الصحة ، ومجرد دعاية مغرضة أنتجتها دوافع عدائية وتصفية حسابات شخصية .
لكن ، وبينما كان البحارة الأربعة يفكرون في كيفية التخلص مما تبقى من كمية الكوكايين وبيعه ، حضر الجيلالي عم الريس أحمد ، الذي يشتغل بمدينة الدار البيضاء . وقبل جلوسه الجيلالي، انفرد به أحمد مصارحا إياه بموضوع العثور على الكوكايين ، ونظرا لانفتاح العم على ابن أخيه ، طرح عليه فكرة بيع ما تبقى لديه من كوكايين لشخص متمرس في عالم المخدرات القوية بمدينة الدار البيضاء . وفي الصباح الباكر ، حمل العم أكياس الكوكايين المتبقية ورحل بها إلى الدار البيضاء.
وفي مساء نفس اليوم عاد العم لابن أخيه بستمائة ألف درهم ( حوالي 300 ألف ريال ) تسلمها أحمد شاكرا عمه ، مكافئا إياه بمبلغ ماليكبير ، ثم دعا أحمد شركاءه وقام بتوزيع المال عليهم بالتساوي ، ثم قام بجمع مبلغ نقدي تشارك فيه الجميع سلمه لشخص من سكان الحي ، كان قد استرق السمع لأحمد وأصدقائه وهم يناقشون موضوع عثورهم على مخدر الكوكايين ، فقام ذات الشخص بتهديدهم بتبليغ رجال الدرك الملكي إن لم يعطوه نصيبا من مبيعات المخدر الخطير .
الصيد العكر
أصيب البحارة بما يشبه الصدمة جراء حصولهم على المال الكثير الذي لا عهد لهم بمثله ، لدرجة أن منهم من اضطر لإخفاء نصيبه في حفرة بباطن الأرض ، ومنهم من ضخه في حساب خاص في البنك ، ومنهم من اشترى به ما يلزمه من حوائج وأدوات . لكن سكان الحي لاحظوا أن صياديهم الأربعة لم يعد لهم اهتمام بالصيد البحري ، ما دفع أهل الحي إلى التشكيك في أمرهم ، شك سيحمله أعوان السلطة وعيونها إلى رؤساءهم الذين سيجندون رجال أمن ومخبريهم بالترصد ومتابعة تحركاتهم ، وفعلا تبين لرجال الدرك الملكي ، أن في سلوك البحارة الأربعة ما يدعو إلى الشك والترصد .
وبالبحث والتحري ، تيقن قائد مركز الدرك الملكي بمدينة " الجديدة " ، أن الصيادين اصطادوا في الماء العكر، ومع مطلع اليوم التالي نزلت فرقة الدرك الملكي إلى حي الصيادين المشكوك فيهم ، وبعد التحقق من هوياتهم حملوهم بسيارة " الجيب " إلى مكتب القيادة ، وهناك تم الاستماع إليهم بالتفصيل . ونظرا للتناقض البين في أقوالهم ، والذي كشفته أسئلة رجال الدرك الذكية ، لم يتمالك عمر نفسه للاعتراف بعدم التبليغ عن عثوره ، رفقة أصحابه ، على كيس مشحون بمخدر الكوكايين ، وإخفائه وبيعه لمهربين ومروجين للمخدرات بالدار البيضاء ، وإخفاء المال الحرام المُحصل عليه من عملية اتجار في مادة مخدرة ممنوعة يعاقب على إنتاجها وحملها وبيعها وشراءها وتعاطيها القانون عبر العالم .
وبعد مرور 48 ساعة على استجوابهم ، صدق المتهمون على أقوالهم، ووضع الدركيون الأصفاد في معاصم المتهمين واقتادوهم إلى المحكمة التي أدانتهم بثمانية أعوام حبسا نافذا لكل واحد منهم ، وغرامة مالية بعشرة ملايين سنتيم.
لكن أثناء عودة الصيادين بصيدهم نحو الميناء، وبينما كان قاربهم الصغير يمخر عباب البحر بقوة، لاح لهم على سطح البحر جسما غريبا كان يظهر ويغيب مع تموج المياه البحرية، لكنهم بفضول البحارين، أمر رئيس المركب أحمد، مساعده عمر بالاتجاه نحو الجسم الطافي على سطح الماء ، لكن الصيادين المغامرين عندما اقتربوا من الجسم ظنوه كيس سلع سقط من سفينة تجارية عابرة للمياه الإقليمية لمدينة " الجديدة " المغربية ، الا ان محمد خيب ظن المتسائلين حول الجسم الطافي ، ودعاهم إلى التزام الحذر حتى لا تكون شحنة الكيس البلاستيكي الأسود جثة قتيل ضحية جريمة نكراء .
بائعو كوكايين
عندما اقترب قارب الصيادين من الكيس البلاستيكي الكبير ، ولم يعد تفصله عنه إلا مترين أو ثلاثة ، أخرج أحمد من صندوق أدوات القارب عمودا خشبيا به قطعة من حديد معقوفة من جهة الرأس وأخذ يجذب الكيس في اتجاه القارب ؛ هذا بعد نشرهم له الشباك حتى لا يضيع ما فيه ، وعندما أوصل أحمد الكيس إلى يده حمله بمساعدة عمر وسعيد إلى وسط المركب ، لكن بعد إنزاله وفتحه ، صرخ أحمد : ( هاهُو هاهُو .. اغتنينا يا جماعة ) . فبعد فتح الكيس الأسود ، شدت الأكياس البيضاء الموجودة فيه أنظار الصيادين الذين عرفوا محتوى ما عثروا عليه ؛ إنها شحنة مخدر " الكوكايين " الباهظ ثمنها في عالم المخدرات وأسواق التهريب .
وصل البحارة إلى اليابسة بغنيمتهم الممنوعة ، ومباشرة بعد بيعهم الأسماك في السوق المخصص لها ، سارعوا لاقتسام أكياس مخدر الكوكايين وعاد كل منهم إلى بيته حاملا نصيبه من " الكوكايين " ، غير أن إحساس الخوف والرهبة تملكهم، فتواعد المهربون الجدد باللقاء صباح اليوم التالي .
وبعد قضاء كل واحد منهم ليلته التي لم يغمض له فيها جفن ، التقى الأربعة في بيت أحمد الذي سيخفون عنده أكياس الكوكايين، ثم جلسوا يتداولون موضوع تصريفهم الكوكايين الذي قد يصل الغرام الواحد منه إلى حوالي 2000 درهم مغربي ؛ أي ما يعادل 1000 ريال سعودي.
وبعد طول تفكير وتدبير ، خلص الأربعة إلى تكليف أحمد ببيع المخدر وتخليصهم من خطره بأسرع ما يمكن ، وفعلا استطاع الرئيس أحمد بيع أربعة أكياس من المخدر الأبيض بمائة وعشرين ألف درهم ( حوالي 60 ألف ريال ) وسيقوم بتقسيمها على مجموعته بالتساوي ، فكان نصيب كل واحد منهم 30 ألف درهم .
آثار نعمة المخدر
فرح الصيادون كل بنصيبه المالي ببيع الكوكايين ، وبدأ كل واحد يتصرف في ماله بحرية ، فمنهم من قام بشراء شباك صيد جديدة ، ومنهم من نزل إلى المدينة لشراء ما ينقص بيته من أثاث منزلي، ومنهم من أدى ما بذمته من ديون .. لكن كل ما صرفوه من مال لم يكف للوصول إلى السعادة المرجوة ، فسرعان ما أهدر كل واحد منهم نصيبه من المال الحرام وبدأ يدعوا أحمد للاجتماع في داره لتدبير أمور تصريف ما بقي من أكياس مخدر الكوكايين عنده ، لكن سكان الحي لاحظوا آثار النعمة بادية علىهم.
وأخذوا يذكرون في جلساتهم الخاصة ، خصوصا عندما يمر الأخوين أحمد ومحمد أمام مجالسهم بمقهى الحي ، أنهما ربما أصبحا يتاجران في المخدرات ، وردا على ذلك كان الأخوان يخفيان إحراجهما أمام الأصدقاء ، ويدعيان أن ما يروج في الحي مجرد ادعاء لا أساس له من الصحة ، ومجرد دعاية مغرضة أنتجتها دوافع عدائية وتصفية حسابات شخصية .
لكن ، وبينما كان البحارة الأربعة يفكرون في كيفية التخلص مما تبقى من كمية الكوكايين وبيعه ، حضر الجيلالي عم الريس أحمد ، الذي يشتغل بمدينة الدار البيضاء . وقبل جلوسه الجيلالي، انفرد به أحمد مصارحا إياه بموضوع العثور على الكوكايين ، ونظرا لانفتاح العم على ابن أخيه ، طرح عليه فكرة بيع ما تبقى لديه من كوكايين لشخص متمرس في عالم المخدرات القوية بمدينة الدار البيضاء . وفي الصباح الباكر ، حمل العم أكياس الكوكايين المتبقية ورحل بها إلى الدار البيضاء.
وفي مساء نفس اليوم عاد العم لابن أخيه بستمائة ألف درهم ( حوالي 300 ألف ريال ) تسلمها أحمد شاكرا عمه ، مكافئا إياه بمبلغ ماليكبير ، ثم دعا أحمد شركاءه وقام بتوزيع المال عليهم بالتساوي ، ثم قام بجمع مبلغ نقدي تشارك فيه الجميع سلمه لشخص من سكان الحي ، كان قد استرق السمع لأحمد وأصدقائه وهم يناقشون موضوع عثورهم على مخدر الكوكايين ، فقام ذات الشخص بتهديدهم بتبليغ رجال الدرك الملكي إن لم يعطوه نصيبا من مبيعات المخدر الخطير .
الصيد العكر
أصيب البحارة بما يشبه الصدمة جراء حصولهم على المال الكثير الذي لا عهد لهم بمثله ، لدرجة أن منهم من اضطر لإخفاء نصيبه في حفرة بباطن الأرض ، ومنهم من ضخه في حساب خاص في البنك ، ومنهم من اشترى به ما يلزمه من حوائج وأدوات . لكن سكان الحي لاحظوا أن صياديهم الأربعة لم يعد لهم اهتمام بالصيد البحري ، ما دفع أهل الحي إلى التشكيك في أمرهم ، شك سيحمله أعوان السلطة وعيونها إلى رؤساءهم الذين سيجندون رجال أمن ومخبريهم بالترصد ومتابعة تحركاتهم ، وفعلا تبين لرجال الدرك الملكي ، أن في سلوك البحارة الأربعة ما يدعو إلى الشك والترصد .
وبالبحث والتحري ، تيقن قائد مركز الدرك الملكي بمدينة " الجديدة " ، أن الصيادين اصطادوا في الماء العكر، ومع مطلع اليوم التالي نزلت فرقة الدرك الملكي إلى حي الصيادين المشكوك فيهم ، وبعد التحقق من هوياتهم حملوهم بسيارة " الجيب " إلى مكتب القيادة ، وهناك تم الاستماع إليهم بالتفصيل . ونظرا للتناقض البين في أقوالهم ، والذي كشفته أسئلة رجال الدرك الذكية ، لم يتمالك عمر نفسه للاعتراف بعدم التبليغ عن عثوره ، رفقة أصحابه ، على كيس مشحون بمخدر الكوكايين ، وإخفائه وبيعه لمهربين ومروجين للمخدرات بالدار البيضاء ، وإخفاء المال الحرام المُحصل عليه من عملية اتجار في مادة مخدرة ممنوعة يعاقب على إنتاجها وحملها وبيعها وشراءها وتعاطيها القانون عبر العالم .
وبعد مرور 48 ساعة على استجوابهم ، صدق المتهمون على أقوالهم، ووضع الدركيون الأصفاد في معاصم المتهمين واقتادوهم إلى المحكمة التي أدانتهم بثمانية أعوام حبسا نافذا لكل واحد منهم ، وغرامة مالية بعشرة ملايين سنتيم.