يعد اللحم بكل انواعه (الدجاج والبقر والضأن والماعز والجمل) مادة غذائية مهمة يستهلكها بصورة يومية حوالى 75% من السعوديين و70% من الوافدين الذين يعيشون بالمملكة. وحدث بالفعل تحول في التفضيلات الغذائية بالمملكة منذ التسعينات لان السعوديين يميلون حالياً لاستهلاك نسبة اقل من اللحوم الحمراء (البقر والضأن والماعز والجمل)، وباتوا يفضلون الدجاج. فاليوم، يستهلك السعوديون من لحم الدجاج ثلاثة اضعاف ما يستهلكون من لحم البقر والماعز والضان. ففي عام 2007 قدر متوسط المعدل السنوي لاستهلاك الفرد السعودي من لحم الدجاج بأربعين كيلوغرامًا مقابل 16.5 كيلوغرامًا في عام 1979. وتشكل جميع اصناف اللحوم بالمملكة (الدجاج والبقر والضان والماعز) مصدر 8% من اجمالي السعرات الحرارية اليومية للفرد. لكن تفضيل لحم الدجاج على سائر اللحوم الاخـرى بالمملكة يعزى ايضًا الى رخصه بالمقارنة مع اللحوم الحمراء..
حسب دراسة بنك "ساب" وفرت المزارع المحلية حوالى 54% من اجمالي الدجاج الذي استهلك بالمملكة في عام 2007، فاستراتيجية الاكتفاء الذاتي الغذائي التي وضعت في السبعينات والتي ركزت على انتاج القمح قضت ايضا بتأسيس صناعة محلية للدجاج. واليوم اصبح لدى المملكة حوالى 500 مزرعة دجاج. وتقدم المساعدة الحكومية لمنتجي الدجاج منذ السبعينات من خلال الدعم الحكومي لتجهيزات المزارع او الاعلاف المستـوردة، مثل الذرة (الامريكية الصفراء باب ثاني) ووجبة اعلاف فول الصويا. وتدعم اعلاف الدجاج بمعدل 500 ريال لكل طن. كما يستخدم حوالى عشرين لترا من الماء لغسل كل دجاجة بعد ذبحها. ويعد الماء الرخيص الذي يستخرج عادة من الآبار الجوفية افضلية اضافية اخرى لصناعة الدجاج السعودية لكن تكلفة العلف تشكل 65% من التكلفة الاجمالية لكل دجاجة.
تأثير «الايثانول»
لقد ظهر تطوران عالميان مهمان أثرا بصورة مباشرة في صناعة الدجاج (وكذلك سوق اللحوم الحمراء) بالمملكة. أولا: تنامي الطلب العالمي على الـذرة لعلف الماشية وانتاج الوقود الحيوي، مما ولد ضغطا هائلا على الإمـدادات العالمية من الذرة. ثانيا: ان الولايات المتحدة اكبر منتج للذرة الصفراء في العالم.
وصناعة الايثانول الامريكية تستخدم الذرة الصفراء فقط لانتاج هذه الوقود الحيوي.
عالمياً قدر متوسط زيادة تكلفة انتاج الدجاج بنحو 27% في عام 2007، وهو ما نجم جزئيا عن التأثير الاقتصادي لإنتاج الايثانول في اسعـار الاعلاف.
فقد سعرت الذرة بدولارين للبوشل (36 لترًا) في عام 2006، لكنها قفزت الى الرقم القياسي المرتفع وقدره ستة دولارات للبوشل في ابريل 2008. وطبقا لتوقعات وزارة الزراعة الامريكية فإن اجمالي انتاج الولايات المتحدة من الذرة سيتراجع بنسبة 8% في عام 2008، ما قد يرفع اسعار الذرة العالمية اكثر. لكن ارتفاع اسعار الذرة سيؤدي بدوره الى ارتفاع اسعار اللحوم ايضاً، بما فيها لحم الدجاج. وينوي المزارعون الامريكيون هذه السنة زيادة مساحات انتاج فول الصويا بنسبة 18% بالاضافة الى توسيع مساحات انتاج القمح بنسبة 6%، وذلك نتيجة للاسعـار المرتفعة قد يساعد نمو انتاج فول الصويا في خفض اسعاره وتخفيف التكلفة المتصاعدة للعلف الحيواني الغني بالبروتين.
تعتمد تجارة الاغذية كالعديد من الاعمال التجارية الاخرى على المواصلات لنقـل السلع الى مختلف انحاء البلاد. لكن في السنة الماضية، زاد متوسط تكاليف النقل البري بالمملكة بنسبة 50% وارتفعت تكاليف النقل بين ميناء جدة ومدينة الدمام بمعدل 65%. ومع ان زيادة تكلفة الوقود كانت ضئيلة، الا ان النقص في السائقين الوافدين الاكفاء مثل مشكلة حقيقية لاحظها كل مستوردي الاغـذية الرئيسيين بالمملكة.
يتسم سوق الدجاج السعودي نفسه بدرجة عالية من المنافسة على صعيد البيع بالجملة. وظل الدجاج المحلي قادرا على منافسة الدجاج المستورد من حيث السعر. كما تراجعت اسعار المنتج المحلي من الطيور في ذروة ازمة انفلونزا الطيور بالمملكة خلال عامي 2005 و2006، حيث خفض منتجو الدجاج المحليين الاسعار عبر إغراق السوق بطيورهم. وخلال السنة الماضية قفزت اسعار الدجاج العالمية بأكثر من 25% بينما ارتفعت اسعار الدجاج المستورد (المبرد والمثلج) بالمملكة بمعدل 23%.
كان من المفترض ان يسهم تراجع سعر صرف الدولار الامريكي في رفع اسعار الدجاج المستورد اكثر، لكن ذلك لم يحدث. فقد رفع مستوردو الدجاج (المثلج والمبرد)، البرازيلي (77%) والفرنسي (23%) اسعارهم المحلية خلال السنة الماضية بمعدل 20%، وهو ما يؤشر الى ارتفاع اسعار الدجاج العالمية وتقلبات اسعار العملات. وفي السنة الماضية ايضا، ارتفعت اسعار الدجاج الوطني بمعدل 18%. ويفضل السعوديون الدجاج الوطني بحصة جيدة في السوق السعودية، لأنه طازج ومرغوب من قبل المستهلكين المحليين (فهو مذبوح محليا ومختوم بختم "حلال" خلافا للطيور المستوردة التي لا تحمل الا ماركاتها التجارية).
اليوم يستهلك اللحم الاحمر في المملكة بدرجة اقل مقارنة بمعدلات ما قبل عقدين. ونحو 53% من اللحم الاحمر الذي يستهلك في البلاد ينتج محليا. ولحم البقر مفضل في المنطقة الغربية، بينما تفضل المنطقتان الشرقية والوسطى لحم الضأن. وتميل المنطقة الوسطى اكثر الى لحم الجمل. بالمعدل ارتفعت اسعار اللحوم خلال السنة الماضية بنحو 23%. لكن 30% من اللحوم التي تصنف بالمملكة كلحوم وطنية هي بالاصل حيوانات مستوردة يتم علفها بالمملكة لفترة من اجل تحسين وزنها. اما لحم الضأن النجدي الوطني الاصيل الذي يحظى بمكانة خاصة في سوق الضأن السعودية، فقد سجل سعره خلال السنة الماضية اعلى ارتفاع نسبي بالمقارنة مع باقي اللحوم الحمراء (25%).
لقد زادت اسعار الخراف المستوردة من استراليا ونيوزلندا بمعدل 14% خلال نفس الفترة. ولم تنجم هذه الزيادة ببساطة عن ارتفاع تكلفة الاعلاف فقط، بل نجمت في المقام الاول عن الجفاف الذي شهدته استراليا وتحول نيوزلندا التدريجي من انتاج اللحوم الى انتاج الحليب ومشتقاته، الذي خفض معروض لحم الضأن، وارتفعت اسعار لحم الضأن البربري الرخيص نسبيا (والمستورد من الصومال واثيوبيا) بنحو 10%، بعدما ارتفع بنسبة 20% في السنة السابقة. وتفضل الاسر السعودية اللحوم الوطنية، بينما تفضل المطاعم والفنادق اللحوم المستوردة (لا سيما المثلجة).
على أي حال ترى الدراسة ان هناك ميلا شديدا نحو الممارسات الاحتكارية في صناعة اللحم الوطني، وليس في قطاع اللحم المستورد. فنقص المعروض من اللحم الوطني الذي يحدث على مدار السنة (في الضان النجدي مثلا) يرفع الاسعار بفعل غياب المنافسة والممارسات الاحتكارية التي تؤذي المستهلكين. ومن الواضح ان ابقاء المعروض محدودا وسيلة معروفة لإبقاء السعر مرتفعا. كما استخدمت انفلونزا الطيور في الماضي والحاضر لتبرير الزيادات في اسعار بعض منتجات اللحوم الحمراء. وترى ان الدافع الرئيسي وراء هذه المبررات هو جشع التجار، وليس تفاعلات السوق الحقيقية بين العرض والطلب. فالأسواق التي يشارك فيها العديد من الوسطاء التجاريين وتغيب فيها الضوابط الصحيحة لنسب الارباح القانونية تميل نحو التصرف بشكل احتكاري. لذا لا بد من تحديد ومراقبة هـوامش الربح عندما يتعدد الوسطاء في مجالي التجارة بالجملة والتجزئة.
الأسعار في رمضان والصيف
في شهر رمضان كما في شهري مايو ويونيو (فصل الزواج)، تصل اسعار اللحوم الى ذروتها ايضا، وهو ما يضخم الاسعار ويحد من حماية المستهلك والمنافسة العادلة. سيزداد حجم انتاج لحم الضأن الوطني خلال السنوات المقبلة لأن العديد من المستثمرين الاضافيين سيدخلون السوق السعودية. وقد تم اتخاذ خطوات ملموسة ايضا لإنتـاج العلف الحيواني في السودان القريبة، وهو ما قد يخفض تكاليف العلف الحيواني وقد يضمن ايضا تصدير بعض المحاصيل. فاليوم تعود المملكة مجددا الى السودان باعتبارها "سلة الغذاء العربية" بعدما فشلت الاستثمارات الزراعية السعودية هناك خلال السبعينـات واوائل الثمانينات. ويقدر حجم الاستثمارات السعودية في قطاع الزراعة السوداني خلال طفرة الازدهار الاقتصادي السعودي في السبعينات بأكثر من خمسة مليارات دولار. ومع ذلك تعتبر السودان اليوم مستوردا صافيا للاغذية، علما بـأنه يمتلك امكانات هائلة لإنتاج الاغذية والمواشي ان تمكن من حل مشكلات الري والبيروقراطية والمواصلات.
الحليب ومشتقاته
نشأت صناعة الحليب ومشتقاته في المملكة بفضل سياسة السبعينات الرسمية التي هدفت الى تحقيق الاكتفـاء الذاتي في قطاع الحليب ومشتقاته، ونظر الى استخدام المياه الجوفية في ذلك الحين كبديل مناسب لغياب الانهار الدائمة وشح الامطار. ومع ان متوسط استهلاك البقرة الحلوب من الماء يبلغ حوالى خمسين لترا يوميا، تستخدم بالمعدل كمية اضافية من الماء تساوي عشرة اضعاف هذا المتوسط لمعالجة وتصنيع حليبها وانتاج علفها.
حاليا يتم تشجيع استعمال العلف المخلوط الذي ينبغي في النهاية ان يقلص درجة اعتماد المملكة على الشعير المستورد كعلف حيواني.
ففي السنة الماضية استوردت المملكة 40% من اجمالي الشعير الذي طرح في الاسواق العالمية ويمكن للاجراء الحكومي الخاص بالسودان ان يعزز انتاج العلف خارج المملكة، وبواسطة الدعم الحكومي المناسب يمكن للمملكة ايضا ان توقف انتاج الشعير محليا.
يعد قطاع الالبان السعودي حاليا الاكثر تطورًا والاحـدث تقنيا في منطقة الشرق الاوسط. ويتفوق هذا القطاع من حيث انتاجية البقرة الواحدة باليوم (30-35 لترا) على كل نظرائه في اوروبا (23-27 لترا) والشرق الاوسط. ونوعية الحليب الطازج السعودي من اجود النوعيات في العالم. ان لم تكن الاجود على الاطلاق.
تشير التقديرات الى ان كمية السعرات الحرارية التي يحصل عليها الفرد بالمملكة من الحليب يوميا تفوق قليلا تلك التي يحصل عليها من لحم الدجاج (ويتجاوز السكر الحليب كمصدر للسعرات الحرارية بنحو 52%). كما يقدر ان معدل استهلاك الفرد من الحليب ومشتقاته بالمملكة سيصل الى 24.5 كيلوغراما في عام 2008، وان اجمالي الاستهلاك السعـودي من هذه المنتجـات سيزيد بمعدل 4% بحلول عام 2010.
يتسم سوق الالبان السعودي بدرجة عالية من التنافس والانتشـار. اذ يوجد بالمملكة حاليا ثلاث وثلاثون شركة لإنتاج الالبان.
هذا الانتشار في السوق يشل شركات الالبان الوطنية لأنه يمنع أي شركة من تحقيق ارباح كبيرة بمفردها. فبالنسبة للمنتجات التي لا تشتمل على اية قيمة اضافية -كالحليب واللبن (الزبادي) واللبنة- تبقى هوامش الربح المتاحة لكل منتجيها محدودة للغاية، وفي بعض الحالات لا تحقق هذه السلع أي ربح. بالمقابل تسمح المنتجات ذات القيمة المضافة، كالمشروبات والحلويات التي تعتمد على الحليب، بهوامش اكبر، وهذه هي السلع التي يركز عليها كبار المنتجين الذين يختارون تصديرها ايضا.
على الرغم من ان قطاع الالبان استفاد من مختلف اشكال الدعم الحكومي، الا ان ذلك الدعم استلزم ايضا تدخل الدولة لرفع الاسعار خلال التسعينات الى خمسة ريالات لكل لتر من الحليب الطازج او اللبن.
وهدفت زيادة السعر هذه بالاساس الى مساعدة شركة الالبان الرسميـة في الحفاظ على هوامشها في سوق كانت تزداد فيها المنافسة بصورة مضطردة. كما تتسم صناعة الألبان في المملكة بأنها تحتاج لرأس مال ضخم. لن يستطيع البقاء في النهاية الا بضـع شركات كبيرة فقط.
حتى الآن شهد قطاع الالبان حربي اسعار امتدت الاولى لستة أشهر وانتهت بوساطة لوقف اطلاق النار في مايو 2000، بينما انتهت الثانية في اغسطس 2002. ومع نهاية الحرب الثانية "حرب الحليب" كان سعر الحليب قد انخفض بنحو 66%، لأن السعر استخدم كأداة لكسب حصة في السوق. ولئن كانت حربا الاسعار مفيدتين للمستهلكين، الا انها كانت في كلتا الحالتين مؤذية جدا لأصغر شركـات الالبان السعودية. علمًا بأن هيمنة بعض الشركات الكبيرة ليست مسألة سلبية طالما تجنبت الممارسات الاحتكارية.
عاد سعر لتر الحليب الطازج واللبن بالمملكة الى الارتفاع بنسبة من ثلاثة ريالات الى اربعة. وعلى الرغم من هذه الزيادة ظلت اسعار الحليب السعودي الارخص في منطقة مجلس التعاون الخليجي واحتفظت بقدرة عالية على المنافسة السعرية مع الحليب الاوروبي.
واذا اخذ المرء بعين الاعتبار حقيقة ان الحليب واللبن السعوديين الطازجين هما من انقى ما ينتجه العالم (من حيث نسب البكتيريات)، فإن السعر الذي يدفعه المستهلك السعودي عادل تماما، ولو كان هناك تجمع احتكاري في قطاع الالبان السعودي، لكانت الزيادة في اسعار الحليب ومشتقاته قد حدثت بصورة اقل تركيزا وبوتيرة ابطأ لنقل مثلاً رفع الاسعـار في شهر محدد ثم الانتظـار بضعة اشهر لرفعها مجددا. وخلافا للمجموعات الاحتكارية الموجودة في بعض الدول الاوروبية. التي تشهد فصلا كاملا بين المزارعيـن وقطاع صناعة الالبان والتي يحدد فيها كبار المنتجين الاسعار النهائية للحليب والالبان نجد ان العمليات المتكاملة تسود قطاع الالبان السعودي، اذ تقوم الشركة السعودية الواحدة بإنتاج وتصنيع الحليب.
وهناك امكانية اخرى لظهور مجموعات احتكارية في مجال توزيع الحليب ومشتقاته الذي يسيطر عليه في بعض البلدان موزعون كبار مستقلون عن المنتجين.
لكن في المملكة نجد ان الشركات الانتاجية الرئيسية الاربع (التي تسيطر على معظم سوق الالبان المحلية) لديها آلياتها التوزيعية الخاصة بها. علاوة على ذلك تحقق شبكة البيع بالتجزئة (التي قد تشكل مجموعة احتكارية اخرى) نسبة معقولة ومحددة من الارباح تتراوح من 5-6% من تكلفة مختلفة الالبان، بما فيها الحليب واللبن الطازجان وهو ما يقلص فرص تحول الموزعين الى الجهة التي تحدد اسعار الحليب ومشتقاته في المملكة.
لقد زادت تكلفة العبوات البلاستيكية خلال السنة الماضية بنسبة 15% بعدما رفعت شركة سابك سعر الراتنج. وبين شهري نوفمبر ويناير، قفز سعر الحليب المكثف عالميا بنسبة 20%. اما الحليب المجفف خالي الدسم الذي يستخدم في صنع الحلويات الخفيفة القائمة على اللبن، فإنه يشهد نقصا ملحوظا على صعيد العالم، ما رفع سعره بنسبة 75% بين ديسمبر 2005 وديسمبر 2007. كما ارتفعت تكاليف التوزيع داخل المملكة بنسبة 15% بين سبتمبر ونوفمبر 2007، على ان هذه النسبة تمثل زيادات رواتب السائقين وأسعار الشاحنات والتكلفة الإضافيـة لأنظمة التبريد. وسجلت أسعار الاعلاف زيادات أكثر إيلامًا لأن العلف يشكل من 75 - 80% من كلفة الحليب الطازج، ناهيك عن ارتفاع تكاليف شحن الذرة (الأعلاف) واليد العاملـة (سنويًا بنحو 20%) والتسويق والاعلان (سنويا بحوالى 30% تقريبًا).
تراجع انتاج الخضار
بفضل حملة السبعينات لتعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي تحولت المملكة أيضا الى منتج صاف للفواكه والخضار فاليوم حققت المملكة اكتفاء ذاتيا بنسبتي 82.5% في قطاع الخضار و65.5% في قطاع الفواكه لكن يبدو ان انتاج الخضار بالمملكة يتراجع بصورة تدريجية، فيما يزداد انتاجها من الفواكه هذا الانتاج الوطني يضمن حماية المملكة الى حد ما من وطأة نقص الاغذية العالميـة وأسعارها المتصاعدة.
ان المملكة منتج مهم للفواكه وأبرز محاصيلها الحمضيات والبطيخ والعنب والأناناس والموز والمانجو ولديها أيضا 10% تقريبا من اجمالي أشجار النخيل المثمرة في العالم أما وارداتها من الفواكه فهي ترضي أذواق السكان المتنوعة عبر توفير مختلف الفواكه الغريبة.
يبدو ان المنافسة كانت في صعود وهبوط اثناء السنة في مجالي الفواكه الوطنية والمستوردة، وهناك نمط دوري لارتفاع اسعـار الفواكه، فهي ترتفع بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان وفصل الشتاء.
تجاوز الانتاج الزراعي المحلي السعودي مستويات السنة الماضية، وهو ما يمكن ارجاعه جزئيا فقط الى ارتفاع اسعار الفواكه بمعدل 45% والخضار بمعدل 67% كما ارتفعت تكاليف المستلزمات الزراعية بالمملكة (وهي محلية بغالبيتها وليست مستوردة)، فقد زادت أسعار الأسمـدة بنسبة 24% خلال السنة الماضية وكلفة اليد العاملة بنسبة 20% والنقل بنسبة 23% أما معظم المكائن والمعدات الزراعية المستخدمة في انتاج الفواكه والخضار فهي أمريكية الصنع.
اسباب ارتفاع الفواكه
اجمالا ترى الدراسة ان حجة "التضخم المستـورد" لتبرير الزيادات في اسعار الفواكه والخضار الوطنية بالمملكة، ليست سوى ذريعة واهية، وان هناك جملة من الاسباب الأخرى التي أدت إلى ارتفاع اسعار الفواكه والخضار في البلاد:
- ظروف الشتاء السيئة، فقط شهدت السنتان الماضيتان فصلي شتاء قاسيين دمرا بعض المحاصيل الموسمية وقلصا مستويات توفرها في السوق.
- ان تكلفة اليد العاملة ايضا عامل آخر في رفع اسعار المنتجات الطازجة.
- أرغم تزايد أسعار الأسمدة (19% سنويا) المزارعين على زيادة أسعار منتجاتهم.
- تخلي بعض كبار المزارعين كليا عن العمل في القطاع الزراعي وتحول البعض الآخر من انتاج الفواكه والخضار الى انتاج الاعلاف.
- المضاربات قوة مؤثرة في الاقتصـاد مع ان تأثيرها يتفاوت من سلعة لأخرى، فعلى سبيل المثال قفزت أسعار الطماطم الطازجة بأكثر من 300% خلال الشهور القليلة الماضية، وهو ما حظي بتغطية مكثفة من جانب الإعلام المحلي ولئن برر ارتفاع اسعار الطماطم بحجة توقف صادرات الطماطم من سوريا، إلا انه من الصعوبة تقديم أي دليل يثبت صوابية هذه الحجة.
حسب دراسة بنك "ساب" وفرت المزارع المحلية حوالى 54% من اجمالي الدجاج الذي استهلك بالمملكة في عام 2007، فاستراتيجية الاكتفاء الذاتي الغذائي التي وضعت في السبعينات والتي ركزت على انتاج القمح قضت ايضا بتأسيس صناعة محلية للدجاج. واليوم اصبح لدى المملكة حوالى 500 مزرعة دجاج. وتقدم المساعدة الحكومية لمنتجي الدجاج منذ السبعينات من خلال الدعم الحكومي لتجهيزات المزارع او الاعلاف المستـوردة، مثل الذرة (الامريكية الصفراء باب ثاني) ووجبة اعلاف فول الصويا. وتدعم اعلاف الدجاج بمعدل 500 ريال لكل طن. كما يستخدم حوالى عشرين لترا من الماء لغسل كل دجاجة بعد ذبحها. ويعد الماء الرخيص الذي يستخرج عادة من الآبار الجوفية افضلية اضافية اخرى لصناعة الدجاج السعودية لكن تكلفة العلف تشكل 65% من التكلفة الاجمالية لكل دجاجة.
تأثير «الايثانول»
لقد ظهر تطوران عالميان مهمان أثرا بصورة مباشرة في صناعة الدجاج (وكذلك سوق اللحوم الحمراء) بالمملكة. أولا: تنامي الطلب العالمي على الـذرة لعلف الماشية وانتاج الوقود الحيوي، مما ولد ضغطا هائلا على الإمـدادات العالمية من الذرة. ثانيا: ان الولايات المتحدة اكبر منتج للذرة الصفراء في العالم.
وصناعة الايثانول الامريكية تستخدم الذرة الصفراء فقط لانتاج هذه الوقود الحيوي.
عالمياً قدر متوسط زيادة تكلفة انتاج الدجاج بنحو 27% في عام 2007، وهو ما نجم جزئيا عن التأثير الاقتصادي لإنتاج الايثانول في اسعـار الاعلاف.
فقد سعرت الذرة بدولارين للبوشل (36 لترًا) في عام 2006، لكنها قفزت الى الرقم القياسي المرتفع وقدره ستة دولارات للبوشل في ابريل 2008. وطبقا لتوقعات وزارة الزراعة الامريكية فإن اجمالي انتاج الولايات المتحدة من الذرة سيتراجع بنسبة 8% في عام 2008، ما قد يرفع اسعار الذرة العالمية اكثر. لكن ارتفاع اسعار الذرة سيؤدي بدوره الى ارتفاع اسعار اللحوم ايضاً، بما فيها لحم الدجاج. وينوي المزارعون الامريكيون هذه السنة زيادة مساحات انتاج فول الصويا بنسبة 18% بالاضافة الى توسيع مساحات انتاج القمح بنسبة 6%، وذلك نتيجة للاسعـار المرتفعة قد يساعد نمو انتاج فول الصويا في خفض اسعاره وتخفيف التكلفة المتصاعدة للعلف الحيواني الغني بالبروتين.
تعتمد تجارة الاغذية كالعديد من الاعمال التجارية الاخرى على المواصلات لنقـل السلع الى مختلف انحاء البلاد. لكن في السنة الماضية، زاد متوسط تكاليف النقل البري بالمملكة بنسبة 50% وارتفعت تكاليف النقل بين ميناء جدة ومدينة الدمام بمعدل 65%. ومع ان زيادة تكلفة الوقود كانت ضئيلة، الا ان النقص في السائقين الوافدين الاكفاء مثل مشكلة حقيقية لاحظها كل مستوردي الاغـذية الرئيسيين بالمملكة.
يتسم سوق الدجاج السعودي نفسه بدرجة عالية من المنافسة على صعيد البيع بالجملة. وظل الدجاج المحلي قادرا على منافسة الدجاج المستورد من حيث السعر. كما تراجعت اسعار المنتج المحلي من الطيور في ذروة ازمة انفلونزا الطيور بالمملكة خلال عامي 2005 و2006، حيث خفض منتجو الدجاج المحليين الاسعار عبر إغراق السوق بطيورهم. وخلال السنة الماضية قفزت اسعار الدجاج العالمية بأكثر من 25% بينما ارتفعت اسعار الدجاج المستورد (المبرد والمثلج) بالمملكة بمعدل 23%.
كان من المفترض ان يسهم تراجع سعر صرف الدولار الامريكي في رفع اسعار الدجاج المستورد اكثر، لكن ذلك لم يحدث. فقد رفع مستوردو الدجاج (المثلج والمبرد)، البرازيلي (77%) والفرنسي (23%) اسعارهم المحلية خلال السنة الماضية بمعدل 20%، وهو ما يؤشر الى ارتفاع اسعار الدجاج العالمية وتقلبات اسعار العملات. وفي السنة الماضية ايضا، ارتفعت اسعار الدجاج الوطني بمعدل 18%. ويفضل السعوديون الدجاج الوطني بحصة جيدة في السوق السعودية، لأنه طازج ومرغوب من قبل المستهلكين المحليين (فهو مذبوح محليا ومختوم بختم "حلال" خلافا للطيور المستوردة التي لا تحمل الا ماركاتها التجارية).
اليوم يستهلك اللحم الاحمر في المملكة بدرجة اقل مقارنة بمعدلات ما قبل عقدين. ونحو 53% من اللحم الاحمر الذي يستهلك في البلاد ينتج محليا. ولحم البقر مفضل في المنطقة الغربية، بينما تفضل المنطقتان الشرقية والوسطى لحم الضأن. وتميل المنطقة الوسطى اكثر الى لحم الجمل. بالمعدل ارتفعت اسعار اللحوم خلال السنة الماضية بنحو 23%. لكن 30% من اللحوم التي تصنف بالمملكة كلحوم وطنية هي بالاصل حيوانات مستوردة يتم علفها بالمملكة لفترة من اجل تحسين وزنها. اما لحم الضأن النجدي الوطني الاصيل الذي يحظى بمكانة خاصة في سوق الضأن السعودية، فقد سجل سعره خلال السنة الماضية اعلى ارتفاع نسبي بالمقارنة مع باقي اللحوم الحمراء (25%).
لقد زادت اسعار الخراف المستوردة من استراليا ونيوزلندا بمعدل 14% خلال نفس الفترة. ولم تنجم هذه الزيادة ببساطة عن ارتفاع تكلفة الاعلاف فقط، بل نجمت في المقام الاول عن الجفاف الذي شهدته استراليا وتحول نيوزلندا التدريجي من انتاج اللحوم الى انتاج الحليب ومشتقاته، الذي خفض معروض لحم الضأن، وارتفعت اسعار لحم الضأن البربري الرخيص نسبيا (والمستورد من الصومال واثيوبيا) بنحو 10%، بعدما ارتفع بنسبة 20% في السنة السابقة. وتفضل الاسر السعودية اللحوم الوطنية، بينما تفضل المطاعم والفنادق اللحوم المستوردة (لا سيما المثلجة).
على أي حال ترى الدراسة ان هناك ميلا شديدا نحو الممارسات الاحتكارية في صناعة اللحم الوطني، وليس في قطاع اللحم المستورد. فنقص المعروض من اللحم الوطني الذي يحدث على مدار السنة (في الضان النجدي مثلا) يرفع الاسعار بفعل غياب المنافسة والممارسات الاحتكارية التي تؤذي المستهلكين. ومن الواضح ان ابقاء المعروض محدودا وسيلة معروفة لإبقاء السعر مرتفعا. كما استخدمت انفلونزا الطيور في الماضي والحاضر لتبرير الزيادات في اسعار بعض منتجات اللحوم الحمراء. وترى ان الدافع الرئيسي وراء هذه المبررات هو جشع التجار، وليس تفاعلات السوق الحقيقية بين العرض والطلب. فالأسواق التي يشارك فيها العديد من الوسطاء التجاريين وتغيب فيها الضوابط الصحيحة لنسب الارباح القانونية تميل نحو التصرف بشكل احتكاري. لذا لا بد من تحديد ومراقبة هـوامش الربح عندما يتعدد الوسطاء في مجالي التجارة بالجملة والتجزئة.
الأسعار في رمضان والصيف
في شهر رمضان كما في شهري مايو ويونيو (فصل الزواج)، تصل اسعار اللحوم الى ذروتها ايضا، وهو ما يضخم الاسعار ويحد من حماية المستهلك والمنافسة العادلة. سيزداد حجم انتاج لحم الضأن الوطني خلال السنوات المقبلة لأن العديد من المستثمرين الاضافيين سيدخلون السوق السعودية. وقد تم اتخاذ خطوات ملموسة ايضا لإنتـاج العلف الحيواني في السودان القريبة، وهو ما قد يخفض تكاليف العلف الحيواني وقد يضمن ايضا تصدير بعض المحاصيل. فاليوم تعود المملكة مجددا الى السودان باعتبارها "سلة الغذاء العربية" بعدما فشلت الاستثمارات الزراعية السعودية هناك خلال السبعينـات واوائل الثمانينات. ويقدر حجم الاستثمارات السعودية في قطاع الزراعة السوداني خلال طفرة الازدهار الاقتصادي السعودي في السبعينات بأكثر من خمسة مليارات دولار. ومع ذلك تعتبر السودان اليوم مستوردا صافيا للاغذية، علما بـأنه يمتلك امكانات هائلة لإنتاج الاغذية والمواشي ان تمكن من حل مشكلات الري والبيروقراطية والمواصلات.
الحليب ومشتقاته
نشأت صناعة الحليب ومشتقاته في المملكة بفضل سياسة السبعينات الرسمية التي هدفت الى تحقيق الاكتفـاء الذاتي في قطاع الحليب ومشتقاته، ونظر الى استخدام المياه الجوفية في ذلك الحين كبديل مناسب لغياب الانهار الدائمة وشح الامطار. ومع ان متوسط استهلاك البقرة الحلوب من الماء يبلغ حوالى خمسين لترا يوميا، تستخدم بالمعدل كمية اضافية من الماء تساوي عشرة اضعاف هذا المتوسط لمعالجة وتصنيع حليبها وانتاج علفها.
حاليا يتم تشجيع استعمال العلف المخلوط الذي ينبغي في النهاية ان يقلص درجة اعتماد المملكة على الشعير المستورد كعلف حيواني.
ففي السنة الماضية استوردت المملكة 40% من اجمالي الشعير الذي طرح في الاسواق العالمية ويمكن للاجراء الحكومي الخاص بالسودان ان يعزز انتاج العلف خارج المملكة، وبواسطة الدعم الحكومي المناسب يمكن للمملكة ايضا ان توقف انتاج الشعير محليا.
يعد قطاع الالبان السعودي حاليا الاكثر تطورًا والاحـدث تقنيا في منطقة الشرق الاوسط. ويتفوق هذا القطاع من حيث انتاجية البقرة الواحدة باليوم (30-35 لترا) على كل نظرائه في اوروبا (23-27 لترا) والشرق الاوسط. ونوعية الحليب الطازج السعودي من اجود النوعيات في العالم. ان لم تكن الاجود على الاطلاق.
تشير التقديرات الى ان كمية السعرات الحرارية التي يحصل عليها الفرد بالمملكة من الحليب يوميا تفوق قليلا تلك التي يحصل عليها من لحم الدجاج (ويتجاوز السكر الحليب كمصدر للسعرات الحرارية بنحو 52%). كما يقدر ان معدل استهلاك الفرد من الحليب ومشتقاته بالمملكة سيصل الى 24.5 كيلوغراما في عام 2008، وان اجمالي الاستهلاك السعـودي من هذه المنتجـات سيزيد بمعدل 4% بحلول عام 2010.
يتسم سوق الالبان السعودي بدرجة عالية من التنافس والانتشـار. اذ يوجد بالمملكة حاليا ثلاث وثلاثون شركة لإنتاج الالبان.
هذا الانتشار في السوق يشل شركات الالبان الوطنية لأنه يمنع أي شركة من تحقيق ارباح كبيرة بمفردها. فبالنسبة للمنتجات التي لا تشتمل على اية قيمة اضافية -كالحليب واللبن (الزبادي) واللبنة- تبقى هوامش الربح المتاحة لكل منتجيها محدودة للغاية، وفي بعض الحالات لا تحقق هذه السلع أي ربح. بالمقابل تسمح المنتجات ذات القيمة المضافة، كالمشروبات والحلويات التي تعتمد على الحليب، بهوامش اكبر، وهذه هي السلع التي يركز عليها كبار المنتجين الذين يختارون تصديرها ايضا.
على الرغم من ان قطاع الالبان استفاد من مختلف اشكال الدعم الحكومي، الا ان ذلك الدعم استلزم ايضا تدخل الدولة لرفع الاسعار خلال التسعينات الى خمسة ريالات لكل لتر من الحليب الطازج او اللبن.
وهدفت زيادة السعر هذه بالاساس الى مساعدة شركة الالبان الرسميـة في الحفاظ على هوامشها في سوق كانت تزداد فيها المنافسة بصورة مضطردة. كما تتسم صناعة الألبان في المملكة بأنها تحتاج لرأس مال ضخم. لن يستطيع البقاء في النهاية الا بضـع شركات كبيرة فقط.
حتى الآن شهد قطاع الالبان حربي اسعار امتدت الاولى لستة أشهر وانتهت بوساطة لوقف اطلاق النار في مايو 2000، بينما انتهت الثانية في اغسطس 2002. ومع نهاية الحرب الثانية "حرب الحليب" كان سعر الحليب قد انخفض بنحو 66%، لأن السعر استخدم كأداة لكسب حصة في السوق. ولئن كانت حربا الاسعار مفيدتين للمستهلكين، الا انها كانت في كلتا الحالتين مؤذية جدا لأصغر شركـات الالبان السعودية. علمًا بأن هيمنة بعض الشركات الكبيرة ليست مسألة سلبية طالما تجنبت الممارسات الاحتكارية.
عاد سعر لتر الحليب الطازج واللبن بالمملكة الى الارتفاع بنسبة من ثلاثة ريالات الى اربعة. وعلى الرغم من هذه الزيادة ظلت اسعار الحليب السعودي الارخص في منطقة مجلس التعاون الخليجي واحتفظت بقدرة عالية على المنافسة السعرية مع الحليب الاوروبي.
واذا اخذ المرء بعين الاعتبار حقيقة ان الحليب واللبن السعوديين الطازجين هما من انقى ما ينتجه العالم (من حيث نسب البكتيريات)، فإن السعر الذي يدفعه المستهلك السعودي عادل تماما، ولو كان هناك تجمع احتكاري في قطاع الالبان السعودي، لكانت الزيادة في اسعار الحليب ومشتقاته قد حدثت بصورة اقل تركيزا وبوتيرة ابطأ لنقل مثلاً رفع الاسعـار في شهر محدد ثم الانتظـار بضعة اشهر لرفعها مجددا. وخلافا للمجموعات الاحتكارية الموجودة في بعض الدول الاوروبية. التي تشهد فصلا كاملا بين المزارعيـن وقطاع صناعة الالبان والتي يحدد فيها كبار المنتجين الاسعار النهائية للحليب والالبان نجد ان العمليات المتكاملة تسود قطاع الالبان السعودي، اذ تقوم الشركة السعودية الواحدة بإنتاج وتصنيع الحليب.
وهناك امكانية اخرى لظهور مجموعات احتكارية في مجال توزيع الحليب ومشتقاته الذي يسيطر عليه في بعض البلدان موزعون كبار مستقلون عن المنتجين.
لكن في المملكة نجد ان الشركات الانتاجية الرئيسية الاربع (التي تسيطر على معظم سوق الالبان المحلية) لديها آلياتها التوزيعية الخاصة بها. علاوة على ذلك تحقق شبكة البيع بالتجزئة (التي قد تشكل مجموعة احتكارية اخرى) نسبة معقولة ومحددة من الارباح تتراوح من 5-6% من تكلفة مختلفة الالبان، بما فيها الحليب واللبن الطازجان وهو ما يقلص فرص تحول الموزعين الى الجهة التي تحدد اسعار الحليب ومشتقاته في المملكة.
لقد زادت تكلفة العبوات البلاستيكية خلال السنة الماضية بنسبة 15% بعدما رفعت شركة سابك سعر الراتنج. وبين شهري نوفمبر ويناير، قفز سعر الحليب المكثف عالميا بنسبة 20%. اما الحليب المجفف خالي الدسم الذي يستخدم في صنع الحلويات الخفيفة القائمة على اللبن، فإنه يشهد نقصا ملحوظا على صعيد العالم، ما رفع سعره بنسبة 75% بين ديسمبر 2005 وديسمبر 2007. كما ارتفعت تكاليف التوزيع داخل المملكة بنسبة 15% بين سبتمبر ونوفمبر 2007، على ان هذه النسبة تمثل زيادات رواتب السائقين وأسعار الشاحنات والتكلفة الإضافيـة لأنظمة التبريد. وسجلت أسعار الاعلاف زيادات أكثر إيلامًا لأن العلف يشكل من 75 - 80% من كلفة الحليب الطازج، ناهيك عن ارتفاع تكاليف شحن الذرة (الأعلاف) واليد العاملـة (سنويًا بنحو 20%) والتسويق والاعلان (سنويا بحوالى 30% تقريبًا).
تراجع انتاج الخضار
بفضل حملة السبعينات لتعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي تحولت المملكة أيضا الى منتج صاف للفواكه والخضار فاليوم حققت المملكة اكتفاء ذاتيا بنسبتي 82.5% في قطاع الخضار و65.5% في قطاع الفواكه لكن يبدو ان انتاج الخضار بالمملكة يتراجع بصورة تدريجية، فيما يزداد انتاجها من الفواكه هذا الانتاج الوطني يضمن حماية المملكة الى حد ما من وطأة نقص الاغذية العالميـة وأسعارها المتصاعدة.
ان المملكة منتج مهم للفواكه وأبرز محاصيلها الحمضيات والبطيخ والعنب والأناناس والموز والمانجو ولديها أيضا 10% تقريبا من اجمالي أشجار النخيل المثمرة في العالم أما وارداتها من الفواكه فهي ترضي أذواق السكان المتنوعة عبر توفير مختلف الفواكه الغريبة.
يبدو ان المنافسة كانت في صعود وهبوط اثناء السنة في مجالي الفواكه الوطنية والمستوردة، وهناك نمط دوري لارتفاع اسعـار الفواكه، فهي ترتفع بشكل ملحوظ خلال شهر رمضان وفصل الشتاء.
تجاوز الانتاج الزراعي المحلي السعودي مستويات السنة الماضية، وهو ما يمكن ارجاعه جزئيا فقط الى ارتفاع اسعار الفواكه بمعدل 45% والخضار بمعدل 67% كما ارتفعت تكاليف المستلزمات الزراعية بالمملكة (وهي محلية بغالبيتها وليست مستوردة)، فقد زادت أسعار الأسمـدة بنسبة 24% خلال السنة الماضية وكلفة اليد العاملة بنسبة 20% والنقل بنسبة 23% أما معظم المكائن والمعدات الزراعية المستخدمة في انتاج الفواكه والخضار فهي أمريكية الصنع.
اسباب ارتفاع الفواكه
اجمالا ترى الدراسة ان حجة "التضخم المستـورد" لتبرير الزيادات في اسعار الفواكه والخضار الوطنية بالمملكة، ليست سوى ذريعة واهية، وان هناك جملة من الاسباب الأخرى التي أدت إلى ارتفاع اسعار الفواكه والخضار في البلاد:
- ظروف الشتاء السيئة، فقط شهدت السنتان الماضيتان فصلي شتاء قاسيين دمرا بعض المحاصيل الموسمية وقلصا مستويات توفرها في السوق.
- ان تكلفة اليد العاملة ايضا عامل آخر في رفع اسعار المنتجات الطازجة.
- أرغم تزايد أسعار الأسمدة (19% سنويا) المزارعين على زيادة أسعار منتجاتهم.
- تخلي بعض كبار المزارعين كليا عن العمل في القطاع الزراعي وتحول البعض الآخر من انتاج الفواكه والخضار الى انتاج الاعلاف.
- المضاربات قوة مؤثرة في الاقتصـاد مع ان تأثيرها يتفاوت من سلعة لأخرى، فعلى سبيل المثال قفزت أسعار الطماطم الطازجة بأكثر من 300% خلال الشهور القليلة الماضية، وهو ما حظي بتغطية مكثفة من جانب الإعلام المحلي ولئن برر ارتفاع اسعار الطماطم بحجة توقف صادرات الطماطم من سوريا، إلا انه من الصعوبة تقديم أي دليل يثبت صوابية هذه الحجة.