-A +A
سمير عابد شيخ
خلال أشهر قليلة سيعتلي أحد المرشّحين “أوباما” أو “مكين” سدّة الرئاسة الأمريكية. ولقد أصبح واضحا للعيان اختلاف الشخصيتين كاختلاف الليل والنهار! ويبدو لي أن شخصية أي انسان تتكوّن نتيجة تربيته وبيئته, ومنها يمكن أن نتوقّع كيف سيتصرّف في المستقبل. وفي هذا السّياق نشرت جريدة “الانديـبـندنـت” (The Independent) البريطانية مقالا بتاريخ 7\6\2008م, يقارن فيها الكاتب “جوهان هاري” تاريخ هذين المرشحين ليسترشد بذلك على مستقبل رئاستهما.
يستند الكاتب الى الكتابين اللذين كتبهما كل من المرشّحين عن والده, وعنوان الأول هو “أحلام أبي” لأوباما, والثاني “ايمان أبي” لمكين. يقول “أوباما” في كتابه, إنّ أباه مسلم واسمه حسين, كان راعيا للغنم من الجنسية الأفريقية الكينية, ولد في تلك الدولة خلال الاستعمار البريطاني. وكان والد “أوباما” يراقب أباه وهو يتنقّل من عمل لآخر كطبّاخ أو سفرجي أو خادم. وخلال طفولة والد أوباما, افتقد أباه لمدة ستة أشهر حيث اعتقله الانجليز بتهمة مقاومة الاحتلال البريطاني.
ولقد قام الاحتلال البريطاني حينئذ بقتل خمسين ألف كيني, وكانت الطريقة المفضّلة لدى الانجليز هي “فقع” طبلة آذان المعتقلين. ولقد وجد والد “أوباما” وسيلة للهروب من كينيا بالذهاب للولايات المتّحدة للدراسة, حيث تعرّف على بنت “بيضاء” فقيرة وتزوّجها, رغم أنّ التزاوج بين “الألوان” كان ممنوعا بكثير من الولايات. ولكن سرعان ماعاد والد أوباما الى كينيا تاركا ولده وزوجته. بعدها عادت أمّه وتزوّجت مسلما آخر من اندونيسيا وذهب أوباما مع أمّه وعاش في اندونيسيا مع زوج أمه فترة قصيرة ودرس في الكتاتيب هناك . ولقد عاصر أوباما مفارقتين غريبتين ! فهو يذكر كيف حرق المستعمرون بيت جدته “الكينية, بينما كانت الجدّة الأمريكية تعمل في أمان وسعادة بأحد بنوك “هاواي”.
أمّا المرشّح الديموقراطي للرئاسة الأمريكية “مكين”فيرى العالم بمنظار مختلف تماما! فلقد ولد هذا في عائلة لها تاريخ عسكري عريق. ويقول في كتابه انّ الرجال في أسرتي كانوا لقرنين من الزمن ينشأون على خوض الحروب. فوالد “مكين” كان معظم الوقت في البحر. وتدرّب “مكين” على أنّ غياب والده عن البيت لا يعتبر حرمانا بل مفخرة له! ويقول “مكين” ان كلا أبيه وجدّه كانا رجلين يملأهما الشعور بالغضب, وكانا يكثران من شرب الخمر, وكثيرا ما كانا يعاقبان على احداث شجار مع أقرانهما. ولقد بلغ حب جد مكين للكحول أن يشرب الكحول الذي كان يستخدم كوقود لصواريخ الغواصة االتي كان يعمل عليها.
ولقد نشأ “مكين” المرشّح الديموقراطي على خطوات أبيه وجدّه. فلقد كان في أسفل قائمة فصله الدراسي في البحرية الأمريكية. وكان يعشق الكحول والشجار مع أقرانه كوالديه, حتى أنّه كان على وشك الطرد من البحريه عدد من المرّات. وفي احدى طلعاته الجوية خلال حرب فيتنام, أسقط “الفيات كونغ” طائرته واعتقلوه سجينا لديهم لمدة خمس سنوات حيث تعرّض لألوان من العذاب. وعندما خرج من الأسر قال له أبوه ان مشكلة حرب فيتنام أن “نيكسون” و”كيسنجر” كان ينبغي ان يمطرا “فيتنام” بمزيد من القنابل دون أي ضوابط – رغم أنّ الجيش الأمريكي كان قد قتل ثلاثة ملايين فيتنامي آنذاك.
وملخّص القول ان والدي “اوباما” كانا يجلدان ويسجنان من قبل الاستعمار البريطاني الذي كان يقدّسه “مكين” قائلا: “كان أبي من أعظم المعجبين بالامبراطورية البريطانية, وينسب لها الفضل بالحفاظ على السلم العالمي لقرنين من الزمن”. ويعقب مستشاره واسمه “نيال فيرجسون” قائلا: “يجب على الولايات المتّحدة أن تكمل المشوار الذي بدأته الامبراطورية البريطانية”. وهكذا تتضح لنا صورة ما يمكن لهذين الرجلين أن يفعلا خلال فترة رئاستهما, وما علينا سوى الانتظار حتى شتاء واشنطن الرمادي!

Samirabid@Yahoo.com








للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 117 مسافة ثم الرسالة