المقابلات فرضت نفسها كشكل إعلامي مطلوب وصاحب شعبية في العالم الغربي، وللدقة فقد بدأت الممارسة في القرن التاسع عشر الميـلادي، واكلت الجو في منتصف القرن العشرين وما بعده، ومع ولادة المقابلة التلفزيونية، والمحطات الاخبارية على مدار الساعة، والسبب انها توفر للصحافيين مادة اضافية لصناعة اخبار جديدة، او قد يقتبس منها لرفع المادة العادية او اليومية الى مستوى العنـوان الرئيسي او الخبر الساخن، مثلما حدث في برنامج “فروست اوفر ذي ورلد” على محطة “الجزيرة انغليش” يوم 17 نوفمبر 2006، وفيها قابل مقدم البرنامج ديفيد فروست، الرئيس البريطاني السابق توني بلير، واستطاع فروست انتزاع اعتراف من بلير قال فيه ان حرب العـراق غلطة وكارثة غير محسوبة، وهذا الاعتراف بالـذات كررته المحطة في عناوين اخبـارها، وانشغلت به الصحافة البريطانية المطبوعة وموقع “بي.بي.سي” الالكتروني، ونقلته” سي.إن.إن” الامريكية في اليوم التالي، وما جرى فعلاً ان بلير وهو سياسي فصيح واستاذ في الكلام المموه، وافق مبدئياً على فكرة طرحها عليه فروست.
المقابلات في الصحافة والاذاعة والتلفزيون يستفاد منها، بشكل عام، في التسلية والترفية او تسجيل الاعترافات، او من باب تجميل الثانية تسجيل الشهادات، والمقابلة السياسية تصنف بأنها الاهم، كما ذكر لورباتش (2006) لانها تمثل صيغة كلاسيكية للحوار المكشوف والديموقراطي بين القمة والقاعدة، وقد تأتي مستقلة او ضمن نشرة الاخبار نفسها، ويمكن الوقوف على هذه الافكار وغيرها في كتابي فيليب بيل و ثيو فان لون: المقابلة الاعلامية (1994) واندريو تولسن: الدردشة التلفزيونية و الهوية المركبة (1991) او ما تناوله مارتن مونتغمري في: الكلام المتلفز (1999) واعتبار مونتغمري ان المقابلة مناسبة للسخرية ومادة لاضحاك الناس، والمثال مقابلة نيشان المعروفة مع الفنان محمد عبده، واضيف بأن ما يميز المقابلة الاعلامية هو انها حوار معلن يراقبه او يستمع اليه، عـدد غير معروف من البشر، واطراف هذا الحوار يعرفون تماماً بأن مسألة تقييمه او الحكم عليه لاتخص المشاركين وحدهم، وبالتالي فالكلمات محسوية عليهم، واختيارها بدقة وحذر يدخل في دائرة البديهيات بالنسبة للشخص المسؤول او السياسي صاحب الخبرة، لان التلقائية لا تناسب الا المجالس الخاصة، والعقول لا تفسر او تستنتج بنفس الطريقـة، ومشكلة المقابلة انها قد تنحاز، دون قصد، الى رأي ضد رأي، لانها تقدم المعلومة وليس الموقف.
ايضاً حتى تكون المقابلة نموذجية لابد وان تعرض لموقفين مختلفين او على الضد، اي انه يفترض في الصحافي التشكيك في وجهة نظر ضيفه وتفنيدها، ولوكان متفقاً معها، ويجوز له استفـزازه او اقتراح الاجابات عليه لكشف معـلومـات يحـاول التكتـم عليها او تجـاوزهـا، والصحافي في العادة هو من يتحكم في مسار المقابلة وخطابها ونوعية الالفاظ المتداولة فيها، واحياناً يؤثر في ردود الضيف او الطرف المعني بالسؤال، وقد يحتال المقدم او الاعلامي على اجابة الضيف بالمقاطعة، اويخرج من وضعية الحياد أو ما عرفه ماكسويل اتكنسون (1992) بـ”رسيت توكنز”، والمقصود بالعبارة اصدار اصوات تفيد المتابعة او كلمة نعم بالعربية، والغرض اعطاء المشاهد انطباعاً بأن الضيف لم يجاوب الا جزئياً، او انه انتقل بالسؤال الى موضوع بعيد، وبالتأكيد الادارة المنـاسبة للحـوار في المقابلـة والطرح الهاديء، والاستقبال الجيد للاسئلة والاجابة عليها بذكاء، تلعب دوراً مركزياً في ايصال الفكرة او الاقناع بها، او الانتصار لطـرف على حساب اخر، او ربما انتهت النتيجة بالتعادل، والزيادة ان موضوع المقابلة يجب ان يكون المحرك الاساسي لاجرائها، والا فإنها تضر اكثر مما تنفع، وتدخل في دوامة المجاملات اوالتطبيل والسمسرة الاعلامية.
ثم ان المقابلة مشروطة بأهمية الشخص ووزنه او موقعه في المادة الاعلامية، اي ان الشخصية او الضيف في المقابلة يحتفظ، في الاحوال الطبيعية، بمؤهلات تجعل المقابلة معه مبررة او ضرورية، كأن يكون مشهوراً او صاحب شهادة نادرة ومهمة في برنامج وثائقي، او كما كتب غريغ مايرز، في كلامه عن المقابلات الاعلامية المهتمة بحياة الاميرة ديـانا (2000) وحسب جون كورنر(1995) فالقاعدة ان تذكر هذه المؤهلات او يشار اليها في المقابلة، لانها تساعد في فهم نتائجها والاسئلة المطروحة فيها، و المقابلة قد تجرى مع المسؤول او صاحب التجربة وشاهد العيان او الخبير، والشكل الاخير نفذ سعودياً في محطة الاخبارية، يوم الاربعاء 25 يونيو 2008، في برنامج”مع الحدث”، وفيه استضاف الاعلامي السعودي ياسر العمرو، الكاتب علي الخشيبـان من جريدة الرياض، وزميلنا في عكاظ عبدالعزيز قاسم، ومدير ادارة التوعية والتوجيه الديني في وزارة الداخليـة علي النفيسة، لقراءة وتحليل خبر ضبط الامن السعودي خمسمـائة وعشرين متورطاً في الارهاب، وللأمانة فإن شروط مقابلة الخبير في المدرسة الغربية لم تكتمل الا في حالة النفيسة، رغم انه من داخل المؤسسة الرسمية، لانه قدم الحقائق وناقش التفاصيل....
binsaudb@ yahoo.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة
المقابلات في الصحافة والاذاعة والتلفزيون يستفاد منها، بشكل عام، في التسلية والترفية او تسجيل الاعترافات، او من باب تجميل الثانية تسجيل الشهادات، والمقابلة السياسية تصنف بأنها الاهم، كما ذكر لورباتش (2006) لانها تمثل صيغة كلاسيكية للحوار المكشوف والديموقراطي بين القمة والقاعدة، وقد تأتي مستقلة او ضمن نشرة الاخبار نفسها، ويمكن الوقوف على هذه الافكار وغيرها في كتابي فيليب بيل و ثيو فان لون: المقابلة الاعلامية (1994) واندريو تولسن: الدردشة التلفزيونية و الهوية المركبة (1991) او ما تناوله مارتن مونتغمري في: الكلام المتلفز (1999) واعتبار مونتغمري ان المقابلة مناسبة للسخرية ومادة لاضحاك الناس، والمثال مقابلة نيشان المعروفة مع الفنان محمد عبده، واضيف بأن ما يميز المقابلة الاعلامية هو انها حوار معلن يراقبه او يستمع اليه، عـدد غير معروف من البشر، واطراف هذا الحوار يعرفون تماماً بأن مسألة تقييمه او الحكم عليه لاتخص المشاركين وحدهم، وبالتالي فالكلمات محسوية عليهم، واختيارها بدقة وحذر يدخل في دائرة البديهيات بالنسبة للشخص المسؤول او السياسي صاحب الخبرة، لان التلقائية لا تناسب الا المجالس الخاصة، والعقول لا تفسر او تستنتج بنفس الطريقـة، ومشكلة المقابلة انها قد تنحاز، دون قصد، الى رأي ضد رأي، لانها تقدم المعلومة وليس الموقف.
ايضاً حتى تكون المقابلة نموذجية لابد وان تعرض لموقفين مختلفين او على الضد، اي انه يفترض في الصحافي التشكيك في وجهة نظر ضيفه وتفنيدها، ولوكان متفقاً معها، ويجوز له استفـزازه او اقتراح الاجابات عليه لكشف معـلومـات يحـاول التكتـم عليها او تجـاوزهـا، والصحافي في العادة هو من يتحكم في مسار المقابلة وخطابها ونوعية الالفاظ المتداولة فيها، واحياناً يؤثر في ردود الضيف او الطرف المعني بالسؤال، وقد يحتال المقدم او الاعلامي على اجابة الضيف بالمقاطعة، اويخرج من وضعية الحياد أو ما عرفه ماكسويل اتكنسون (1992) بـ”رسيت توكنز”، والمقصود بالعبارة اصدار اصوات تفيد المتابعة او كلمة نعم بالعربية، والغرض اعطاء المشاهد انطباعاً بأن الضيف لم يجاوب الا جزئياً، او انه انتقل بالسؤال الى موضوع بعيد، وبالتأكيد الادارة المنـاسبة للحـوار في المقابلـة والطرح الهاديء، والاستقبال الجيد للاسئلة والاجابة عليها بذكاء، تلعب دوراً مركزياً في ايصال الفكرة او الاقناع بها، او الانتصار لطـرف على حساب اخر، او ربما انتهت النتيجة بالتعادل، والزيادة ان موضوع المقابلة يجب ان يكون المحرك الاساسي لاجرائها، والا فإنها تضر اكثر مما تنفع، وتدخل في دوامة المجاملات اوالتطبيل والسمسرة الاعلامية.
ثم ان المقابلة مشروطة بأهمية الشخص ووزنه او موقعه في المادة الاعلامية، اي ان الشخصية او الضيف في المقابلة يحتفظ، في الاحوال الطبيعية، بمؤهلات تجعل المقابلة معه مبررة او ضرورية، كأن يكون مشهوراً او صاحب شهادة نادرة ومهمة في برنامج وثائقي، او كما كتب غريغ مايرز، في كلامه عن المقابلات الاعلامية المهتمة بحياة الاميرة ديـانا (2000) وحسب جون كورنر(1995) فالقاعدة ان تذكر هذه المؤهلات او يشار اليها في المقابلة، لانها تساعد في فهم نتائجها والاسئلة المطروحة فيها، و المقابلة قد تجرى مع المسؤول او صاحب التجربة وشاهد العيان او الخبير، والشكل الاخير نفذ سعودياً في محطة الاخبارية، يوم الاربعاء 25 يونيو 2008، في برنامج”مع الحدث”، وفيه استضاف الاعلامي السعودي ياسر العمرو، الكاتب علي الخشيبـان من جريدة الرياض، وزميلنا في عكاظ عبدالعزيز قاسم، ومدير ادارة التوعية والتوجيه الديني في وزارة الداخليـة علي النفيسة، لقراءة وتحليل خبر ضبط الامن السعودي خمسمـائة وعشرين متورطاً في الارهاب، وللأمانة فإن شروط مقابلة الخبير في المدرسة الغربية لم تكتمل الا في حالة النفيسة، رغم انه من داخل المؤسسة الرسمية، لانه قدم الحقائق وناقش التفاصيل....
binsaudb@ yahoo.com
للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 107 مسافة ثم الرسالة