برحيل المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري -صاحب موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية- فقدت الساحة الفكرية مفكراً موسوعياً من طراز فريد كرس حياته لخدمة قضايا أمته، اقتحم الأسلاك الشائكة ودخل المنطقة المحظورة، مفنداً كل الادعاءات والأكاذيب الغربية التي تروجها آلة الدعاية الصهيونية الكاذبة ليفضح بذلك أهدافهم ومخططاتهم، مما جعله هدفاً للمنظمات الصهيونية المتطرفة حيث تعرض لأكثر من 20 محاولة اغتيال ، ولكنه لم يشعر بأي خوف أو تراجع عن المضي قُدماً في إنجاز موسوعته الشهيرة حتى خرجت إلى النور بعد ربع قرن من الجهد الدؤوب والمتواصل ليصبح أبرز مشروع ثقافي فكري في العقد الأخير وربما لسنوات طويلة مقبلة ... هكذا قال عنه إبراهيم المعلم –صاحب دار الشروق ورئيس اتحاد الناشرين العرب- مشيراً إلى أن مؤلفات الدكتور المسيري هي الأكثر مبيعاً حتى الآن، لا يزاحمه أي كاتب آخر في هذا المجال إلا الشيخان: محمد الغزالي، ويوسف القرضاوي! ولعل الكاتب الإسلامي الكبير أحمد بهجت من أكثر الناس الذين ربطتهم علاقة وطيدة بالدكتور المسيري، فضلاً عن كونه يسكن معه في ذات العقار بحي النزهة، مما هيأ له فرصة لقراءة عقل الدكتور المسيري قبل قراءة مقالاته ومؤلفاته، لذا نراه يقيّمه بصورة مغايرة، فيقول: تعرض الدكتور المسيري للإصابة بمرض سرطان النخاع بعد انتهائه من الموسوعة، وبعد رحلة معاناة مع المرض سافر إلى أمريكا في رحلة علاج امتدت حوالى 6شهور عاد منها بإصرار وعزيمة أقوى على الاستمرار في العطاء الفكري فبدأ الإعداد لموسوعة أخرى عن (العلمانية) ليقدم للساحة الثقافية جرعة فكرية جديدة .. فكانت لديه نظرة ثاقبة ورؤية جديرة بالاحترام، في تحليل الأحداث الجارية –سواء في العراق أو في فلسطين أو غيرهما- من أجل ذلك كنت أستفتيه في الشأن السياسي، خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي- الإسرائيلي، فأسمع منه كلاماً خلاف ما تلوكه الألسنة، وما تمليه وسائل الإعلام على أسماعنا لأكثر من نصف قرن! جاء المسيري ليدحض كثيراً من الأوهام والمعتقدات السياسية التي عشنا نرزح تحت ضبابها، ليبشّر بزوال الكيان الهش،
تلخيص فكر الراحل
ومن جانبه، يقترح الدكتور عبد الله الأشعل –أستاذ القانون الدولي- بتكليف لجنة من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين، لتلخيص مؤلفات الدكتور المسيري، والوقوف عند المحاور الفكرية الرئيسة التي ركّز عليها وبنى من خلالها أفكاره وتنبوءاته السياسية والفلسفية، فمثلاً استطاع أن يكشف بالأدلة والبراهين أن المجتمع الإسرائيلي يتآكل تماماً من الداخل أخلاقياً وعرقياً بدليل انتشار ظاهرة رفض الخدمة العسكرية والفرار منها، وكذلك الانقسامات الحادة بين الأحزاب، وصار المستوطنون يشككون في قدرات زعمائهم. وأن الأيدلوجية الصهيونية لم تعد قابلة أو صالحة لهذا الوقت، وقد زادت معدلات النزوح من إسرائيل بشكل غير مسبوق خاصة بين الشباب وثبت أن 30% من الشباب لديهم الرغبة في النزوح خارج إسرائيل ولا يخجلون من التصريح بذلك .. وتوصل المسيري إلى أن العلاقة بين اليهود واليهودية قد ضعفت جدا و 80% من يهود إسرائيل علمانيون، ويهود أمريكا نصفهم ملحدون والباقون لا تربطهم علاقة حميمة مع اليهودية، وصاروا يؤمنون باليهودية الإصلاحية والتجديدية التي تبيح الاختلاف وتقبل الشذوذ الجنسي.
مرجعية فكرية كبرى
ويتفق مع هذه الرؤية الكاتب فهمي هويدي- الذي يرى أن الدكتور المسيري سيظل المرجعية الأساسية لكل من يتكلم أو يكتب أو يناقش قضية العصر، ألا وهي القضية الفلسطينية، والصراع العربي- الإسرائيلي. ومن تنبوءات المسيري السياسية أنه توقع هزيمة الجيش الاسرائيلي في أي حرب يخوضها بعد حرب (تشرين) 1973م، وقد حدث بالفعل عندما تعرض للهزائم المتتالية في جنوب لبنان على يد حزب الله الذي واجه إسرائيل وحقق انتصارات ساحقة. لأن المسيري أدرك جيداً أن الجيش الإسرائيلي والدولة العبرية تعرضا لإرهاق ونزيف معنوي، يتحتم بعده الزوال إلى الأبد.
إلى جانب ذلك تجلّت عبقرية المسيري في أنه أثبت أن البروتوكولات هي نص مزيف لعدة أسباب .. أولاً ،لأنها كتبت بالروسية واليهود لا يعرفون الروسية ، وكان الهدف هو كتابة وثيقة سرية، وتبين أن البروتوكولات مسروقة بالنص من كتاب صدر في القرن 19 ، والكتاب مليء بالادعاءات البلهاء والمؤامرات الغبية .. منها أن اليهود سبب الثورات في العالم وهذا غير صحيح .. لذلك فلا يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق ذلك، والهدف من ترويج هذا الكتاب هو إرهاب العالم وإيقاعه في نظرية المؤامرات، وذلك كله لصالح القوة المسيطرة والمهيمنة وهى الولايات المتحدة.
تلخيص فكر الراحل
ومن جانبه، يقترح الدكتور عبد الله الأشعل –أستاذ القانون الدولي- بتكليف لجنة من الباحثين والأكاديميين والإعلاميين، لتلخيص مؤلفات الدكتور المسيري، والوقوف عند المحاور الفكرية الرئيسة التي ركّز عليها وبنى من خلالها أفكاره وتنبوءاته السياسية والفلسفية، فمثلاً استطاع أن يكشف بالأدلة والبراهين أن المجتمع الإسرائيلي يتآكل تماماً من الداخل أخلاقياً وعرقياً بدليل انتشار ظاهرة رفض الخدمة العسكرية والفرار منها، وكذلك الانقسامات الحادة بين الأحزاب، وصار المستوطنون يشككون في قدرات زعمائهم. وأن الأيدلوجية الصهيونية لم تعد قابلة أو صالحة لهذا الوقت، وقد زادت معدلات النزوح من إسرائيل بشكل غير مسبوق خاصة بين الشباب وثبت أن 30% من الشباب لديهم الرغبة في النزوح خارج إسرائيل ولا يخجلون من التصريح بذلك .. وتوصل المسيري إلى أن العلاقة بين اليهود واليهودية قد ضعفت جدا و 80% من يهود إسرائيل علمانيون، ويهود أمريكا نصفهم ملحدون والباقون لا تربطهم علاقة حميمة مع اليهودية، وصاروا يؤمنون باليهودية الإصلاحية والتجديدية التي تبيح الاختلاف وتقبل الشذوذ الجنسي.
مرجعية فكرية كبرى
ويتفق مع هذه الرؤية الكاتب فهمي هويدي- الذي يرى أن الدكتور المسيري سيظل المرجعية الأساسية لكل من يتكلم أو يكتب أو يناقش قضية العصر، ألا وهي القضية الفلسطينية، والصراع العربي- الإسرائيلي. ومن تنبوءات المسيري السياسية أنه توقع هزيمة الجيش الاسرائيلي في أي حرب يخوضها بعد حرب (تشرين) 1973م، وقد حدث بالفعل عندما تعرض للهزائم المتتالية في جنوب لبنان على يد حزب الله الذي واجه إسرائيل وحقق انتصارات ساحقة. لأن المسيري أدرك جيداً أن الجيش الإسرائيلي والدولة العبرية تعرضا لإرهاق ونزيف معنوي، يتحتم بعده الزوال إلى الأبد.
إلى جانب ذلك تجلّت عبقرية المسيري في أنه أثبت أن البروتوكولات هي نص مزيف لعدة أسباب .. أولاً ،لأنها كتبت بالروسية واليهود لا يعرفون الروسية ، وكان الهدف هو كتابة وثيقة سرية، وتبين أن البروتوكولات مسروقة بالنص من كتاب صدر في القرن 19 ، والكتاب مليء بالادعاءات البلهاء والمؤامرات الغبية .. منها أن اليهود سبب الثورات في العالم وهذا غير صحيح .. لذلك فلا يمكن لأي إنسان عاقل أن يصدق ذلك، والهدف من ترويج هذا الكتاب هو إرهاب العالم وإيقاعه في نظرية المؤامرات، وذلك كله لصالح القوة المسيطرة والمهيمنة وهى الولايات المتحدة.