كانت السجون حاضرة في تاريخ العرب منبثقة من حياتهم السياسية والاجتماعية , وكان أثرها بعيداً متأصلاً في لغتهم وصور أدبهم , فمنذ القدم ارتبط الشعراء بالسجون وجاء على ألسنة المساجين ومنهم شيخ قبيلة العجمان الفارس راكان بن حثلين كثير من الشعر الرائع في وصف السجون وتصوير أوضاعها ومكارهها ولعل للتأثر البالغ الذي يصدر عنه الشعراء والأدباء وهم بين جدران سجونهم نتيجة للأحوال المرهقة , الأثر الكبير في إيقاظ ملكاتهم وشحذ قرائحهم الحال الذي جعل من السجون عاملاً قوياً في تركيز الأدب وإعلاء مقاييسه. عندما نقرأ سيرة الشيخ راكان بن حثلين واشعاره ونتعمق في تفاصيل شخصيته التي جمع فيها بين راكان الفارس الشجاع وراكان العاشق المرهف يتبادر الى الذهن عدد من الشخصيات الخالدة في الذاكرة العربية ومنهم ابو زيد الهلالي الفارس الذي عشق علياء وتغنى بها كثيرا في السلم والحرب وكذلك عنترة العبسي الذي لمع في الفروسية والشعر والعشق ايضا حيث هام في حب عبلة ونسج لها الكثير من القصائد بل انه وقع في الاسر اكثر من مرة وكان وفي المرة الأخيرة وقع أسيراً في أرض المناذرة بعد ما خاض غمار الحرب ضدهم طلباً للنوق العصافيرية التي قطعها عليه عمه مهرا لعبلة كما يظهر ذلك من القصيدة التي قالها وهو في سجن المنذر :
ترى علمت عبيلةُ ما ألاقي
من الأهوال في أرض العراق
طغاني بالربا والمكر عمّي
وجار علّي في طلب الصداق
فخضتُ بمهجتي بحرَ المنايا
وسرت إلى العراق بلا رفاق
علاقته بفارس بني الحارث
كما ان سيرة راكان بن حثلين تشبه الى حد كبير سيرة الفارس المعروف عبد يغوث الحارثي الملك والشاعر والقائد المعروف في قبيلة بني الحارث بن كعب التي كانت ومازالت تقطن نجران في جنوب المملكة وقد اسر قبل الاسلام في احدى المعارك وقال مخاطبا قومه قبل مقتله :
ألا لا تلوماني ،كفى اللوم مابــــــيا
فما لكما في اللوم خــــــــير ولا ليا
ألم تعلما أن الملامــــــــة نفـــــعها
قليل وما لومي أخي من شماليا
فيا راكبا ً إما عرضت فبلغـــــــــــن
نداماي من نجران أن لا تلاقيــا
ولو شئت نجتني من الخــــيل نهدة
ترى خلفها الحوَّ الجياد تواليا
ولكني أحمـــــــي ذمار أبــــــــــيكم
وكان الرماح يختطفن المحاميا
فيما نجد ان راكان في المقابل دائما ما يخاطب قبيلته من داخل السجن ويستحضر ديارهم مبينا شوقه لرؤية مضارب تلك القبيلة العريقة حيث يقول في قصيدته التي كتبها في السجن عندما رأى البرق ينوض :
أخيل ياحمزه سنـا نـوض بـارق
يفري من الضلما حناديس سودها
على ديرتي رفرف لها مرهش النشا
وتقفاه من دهم السحايب حشودهـا
ونجد ان اعتزاز الفارس بنفسه لا يغيب في القصائد الحماسية حيث يقول عبد يغوث في قصيدته :
وقد كنتُ نحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الـ
مَطِيَّ ، وأمضي حيثُ لا حِيَّ مَاضيا
وكنتْ إذا ماالخيْلُ شمَّصَــها القَنا
لَبيقا ً بِتَصْرِيف القَنَاة ِ، بَنـَـانِيا
وبالمثل نجد راكان يقول في قصيدته:
وأنا ذخيرتهـم اليـا دبـرت بهـم
شعث النواصي والنشامى شهودهـا
وملفى مسايير اليا جـوا عينـوا
قريشية يعبا معـا الهيـل عودهـا
وكما يتذكر الحارثي قومه في قصائده المختلفة نجد أن راكان غالبا ما يورد اسم قبيلته في قصائده حيث يقول في نفس القصيدة :
يامية هم مشعل الحرب إلـى دنـا
حريبٍ ورفـت للملاقـي بنودهـا
طائر ابن حثلين والحمداني
اما الشخصية الاكثر قربا من شخصية راكان بن حثلين فهي شخصية الامير الفارس والشاعر ابو فراس الحمداني حيث تشابه الاحداث والظروف التي مرت على كل منهما, ففي حين شهدت سجون تركيا الفارس والشاعر راكان بن حثلين نجد ان سجون الروم قد ضمت ابوفراس الحمداني الذي تم اسره عندما كان أميراً على منبج المدينة القريبة من الروم في عهد سيف الدولة وكان قد خرج في شوال سنة 351هـ مع رجال وغلمان له، يريد الصيد فهاجمته حملة من الروم وأصابوه بسهم في فخذه ثم أسروه بعد أن قاتل ببسالة، وكانوا يريدون أسره ليفتدوا به أخاً لبطريق من بطارقتهم، كان أسيراً لدى سيف الدولة أمير حلب والشام، ولكن سيف الدولة أبى الفداء، وزعم أنه لابد من خروج جميع أسرى المسلمين مقابل هذا الأسير، ولم يعرض خروج أسرى الروم كلهم، وهم أكثر من أسرى المسلمين لدى الروم، مما يدل على رغبته في بقاء أبي فراس أسيراً، خوفاً منه على إمارته، فرغم أن أبا فراس كان مطيعاً له، إلا انه كان ذا طموح واعتداد شديد بنفسه, وقد سطر ابو فراس في السجن اجمل قصائده ليترك لنا(روميات أبي فراس) التي تعد من أجمل الشعر في أدبنا العربي كله ,وفي الجانب الآخر نجد ان ابن حثلين سطر اجمل قصائده في السجن بل ان التشابه امتد الى ماهو ابعد من ذلك حيث سمع ابو فراس ذات يوم حمامة تنوح بالقرب من سجنه فخاطبها قائلا :
اقول وقد ناحت بقربي حمامة
ايا جارتا لو تعلمين بحالي
ايا ياجارتا ماأنصف الدهر بيننا
تعالي اقاسمك الهموم تعالي
تعالي تري روحاً لديّ ضعيفة
تردد في جسم يعذب بال
أيضحك مأسور وتبكي طليقة
ويسكتُ محزونٌ ويندب سالي؟
وفي المقابل نجد نفس الموقف يتكرر مع ابن حثلين داخل سجنه عندما رأى طائرا فخاطبه قائلا:
لاواهني ياطير من هو معك حام
والا انت تنقل لي حمايض علومي
ان كان لامن حمت وجهك على الشام
بايسر مغيب سهيل تبغى تحومي
باكتب معك مكتوب سر ولا الام
ملفاه ربع كل ابوهم قرومي
سلم على ربعٍ تنشد بالاعلام
لا واهني من شافهم ربع يومي
ومن سايلك مني فانا من بني يام
من لابة بالضيق تقضي اللزومي
ربعي ورى الصمان وانا بالاورام
من دونهم يزمي بعيد الرجوم
ترى علمت عبيلةُ ما ألاقي
من الأهوال في أرض العراق
طغاني بالربا والمكر عمّي
وجار علّي في طلب الصداق
فخضتُ بمهجتي بحرَ المنايا
وسرت إلى العراق بلا رفاق
علاقته بفارس بني الحارث
كما ان سيرة راكان بن حثلين تشبه الى حد كبير سيرة الفارس المعروف عبد يغوث الحارثي الملك والشاعر والقائد المعروف في قبيلة بني الحارث بن كعب التي كانت ومازالت تقطن نجران في جنوب المملكة وقد اسر قبل الاسلام في احدى المعارك وقال مخاطبا قومه قبل مقتله :
ألا لا تلوماني ،كفى اللوم مابــــــيا
فما لكما في اللوم خــــــــير ولا ليا
ألم تعلما أن الملامــــــــة نفـــــعها
قليل وما لومي أخي من شماليا
فيا راكبا ً إما عرضت فبلغـــــــــــن
نداماي من نجران أن لا تلاقيــا
ولو شئت نجتني من الخــــيل نهدة
ترى خلفها الحوَّ الجياد تواليا
ولكني أحمـــــــي ذمار أبــــــــــيكم
وكان الرماح يختطفن المحاميا
فيما نجد ان راكان في المقابل دائما ما يخاطب قبيلته من داخل السجن ويستحضر ديارهم مبينا شوقه لرؤية مضارب تلك القبيلة العريقة حيث يقول في قصيدته التي كتبها في السجن عندما رأى البرق ينوض :
أخيل ياحمزه سنـا نـوض بـارق
يفري من الضلما حناديس سودها
على ديرتي رفرف لها مرهش النشا
وتقفاه من دهم السحايب حشودهـا
ونجد ان اعتزاز الفارس بنفسه لا يغيب في القصائد الحماسية حيث يقول عبد يغوث في قصيدته :
وقد كنتُ نحَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الـ
مَطِيَّ ، وأمضي حيثُ لا حِيَّ مَاضيا
وكنتْ إذا ماالخيْلُ شمَّصَــها القَنا
لَبيقا ً بِتَصْرِيف القَنَاة ِ، بَنـَـانِيا
وبالمثل نجد راكان يقول في قصيدته:
وأنا ذخيرتهـم اليـا دبـرت بهـم
شعث النواصي والنشامى شهودهـا
وملفى مسايير اليا جـوا عينـوا
قريشية يعبا معـا الهيـل عودهـا
وكما يتذكر الحارثي قومه في قصائده المختلفة نجد أن راكان غالبا ما يورد اسم قبيلته في قصائده حيث يقول في نفس القصيدة :
يامية هم مشعل الحرب إلـى دنـا
حريبٍ ورفـت للملاقـي بنودهـا
طائر ابن حثلين والحمداني
اما الشخصية الاكثر قربا من شخصية راكان بن حثلين فهي شخصية الامير الفارس والشاعر ابو فراس الحمداني حيث تشابه الاحداث والظروف التي مرت على كل منهما, ففي حين شهدت سجون تركيا الفارس والشاعر راكان بن حثلين نجد ان سجون الروم قد ضمت ابوفراس الحمداني الذي تم اسره عندما كان أميراً على منبج المدينة القريبة من الروم في عهد سيف الدولة وكان قد خرج في شوال سنة 351هـ مع رجال وغلمان له، يريد الصيد فهاجمته حملة من الروم وأصابوه بسهم في فخذه ثم أسروه بعد أن قاتل ببسالة، وكانوا يريدون أسره ليفتدوا به أخاً لبطريق من بطارقتهم، كان أسيراً لدى سيف الدولة أمير حلب والشام، ولكن سيف الدولة أبى الفداء، وزعم أنه لابد من خروج جميع أسرى المسلمين مقابل هذا الأسير، ولم يعرض خروج أسرى الروم كلهم، وهم أكثر من أسرى المسلمين لدى الروم، مما يدل على رغبته في بقاء أبي فراس أسيراً، خوفاً منه على إمارته، فرغم أن أبا فراس كان مطيعاً له، إلا انه كان ذا طموح واعتداد شديد بنفسه, وقد سطر ابو فراس في السجن اجمل قصائده ليترك لنا(روميات أبي فراس) التي تعد من أجمل الشعر في أدبنا العربي كله ,وفي الجانب الآخر نجد ان ابن حثلين سطر اجمل قصائده في السجن بل ان التشابه امتد الى ماهو ابعد من ذلك حيث سمع ابو فراس ذات يوم حمامة تنوح بالقرب من سجنه فخاطبها قائلا :
اقول وقد ناحت بقربي حمامة
ايا جارتا لو تعلمين بحالي
ايا ياجارتا ماأنصف الدهر بيننا
تعالي اقاسمك الهموم تعالي
تعالي تري روحاً لديّ ضعيفة
تردد في جسم يعذب بال
أيضحك مأسور وتبكي طليقة
ويسكتُ محزونٌ ويندب سالي؟
وفي المقابل نجد نفس الموقف يتكرر مع ابن حثلين داخل سجنه عندما رأى طائرا فخاطبه قائلا:
لاواهني ياطير من هو معك حام
والا انت تنقل لي حمايض علومي
ان كان لامن حمت وجهك على الشام
بايسر مغيب سهيل تبغى تحومي
باكتب معك مكتوب سر ولا الام
ملفاه ربع كل ابوهم قرومي
سلم على ربعٍ تنشد بالاعلام
لا واهني من شافهم ربع يومي
ومن سايلك مني فانا من بني يام
من لابة بالضيق تقضي اللزومي
ربعي ورى الصمان وانا بالاورام
من دونهم يزمي بعيد الرجوم