-A +A
إدريس الدريس
قضية فلسطين كانت القضية الأولى للعرب والمسلمين، وكانت المطالبات لا تقف عند حدود 48 ثم توقفت عند حدود 67، ثم جاءت ثورة إيران لتقلب الطاولة فانحسرت أهمية القضية في الإقليم بعد أن تمادت تجاوزات إيران في مواسم الحج وتفجيراتها في الخبر وبيروت والكويت، ثم إنشاؤها مليشيات لبنان والعراق، فسورية ثم اليمن ثم دعمها لحماس على حساب المنظمة الفلسطينية الشرعية لتصبح إيران العدو الخفي الذي أشغل العرب في قضاياهم الداخلية عن قضيتهم الأولى، وهكذا صار من الممكن أن نسمي قضية فلسطين «قصية» فلسطين، لأنها أصبحت في مؤخرة الاهتمامات.

فلسطين أصبحت قصية منذ أن تنازع أهلها الفلسطينيون وأجَّروا ولاءاتهم في سوق المزايدة للقوميين واليساريين والإخوان وصاروا أحزاباً بعضهم تسيره سورية حافظ الأسد، وبعضهم يمارس أبو النضال في العراق وآخرون ولاؤهم للقذافي ثم بعضهم يا هنية بانحيازه لإيران، قيل لهم خذوا ثم فاوضوا لكنهم آثروا الفوضى على التفاوض.


قصية فلسطين كانت كبيرة ثم صغرت ثم ضمرت حتى تلاشت فلسطين التي اقترحها بورقيبة، ثم مشروع الملك فهد الذي رفضوه، ثم خطوة السادات المتقدمة التي خونوها، ثم مقترحات بيل كلينتون فأوسلو فخطة الملك عبدالله ثم لا شيء أكثر بل أصبح كل شيء أقل وأنقص وأردى. قال عبدالله القصيمي ذات مرة إن العرب ظاهرة صوتية وكان محقاً إلى حد كبير، أما أنا فيمكنني أن أقول إن القيادات الفلسطينية تمثل ظاهرة سوفية، سوف نستعيد ما قبل 48 ولن نكتفي بحدود 67 وسوف لن نقبل بغير استعادة كامل الأراضي المحتلة وإلا سوف نرمي إسرائيل في البحر توالت الخسائر تترى حتى جاءت صفعة القرن.

لقد غاصت القضية في الخلافات الفلسطينية /‏ الفلسطينية والاختلافات الفلسطينية العربية حتى أصبحت القضية قصية فلسطين.

* كاتب سعودي

IdreesAldrees@