تقوم اللغة في الأصل على المحاكاة والطبيعة بين عناصر المخلوقات وأفراد أي مجتمع، مما تقتضيه عملية التواصل بين أفراد الجماعة الواحدة، أو بينها وبين غيرها من الكائنات، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحركة المخلوق وتواصله مع جميع العناصر في الكون.
فاللغة حركة ولفظ وصوت ومعنى، وهي في كل ذلك مرتبطة بالدلالة سواء كانت إشارة أو معنى، ولقد ربط علماء اللغة بين الصوت والمعنى والدلالة، فالدلالة الصوتية مستمدة من طبيعة الأصوات، فإذا حدث إبدال أو إحلال صوت في كلمة بصوت آخر في كلمة أخرى، أدَّى ذلك إلى اختلاف دلالة كل منهما عن الأخرى أو هي: المعاني المستفادة من نطق ألفاظ معينة.
ولقد أشار إلى ذلك الخليل؛ فقال: كأنهم توهّموا في صوت الجندب استطالة ومدّاً، فقالوا: صر، وتوهموا في صوت البازي تقطيعاً، فقالوا: صرصر.
وأصَّل ابن جني في «الخصائص» لهذه الدلالة، فعقد باباً في تصاقب (أي تقارب) الألفاظ لتصاقب المعاني، وباباً في إمساس الألفاظ أشباه المعاني، وباباً في قوة اللفظ لقوة المعنى، جمع فيها أمثلة تبين القيمة التعبيرية للحرف = (الصوت) الواحد في حال البساطة، وفي حال التركيب.
لقد رأى أن الحرف الواحد يقع على صوت معين، ويوحي بالمعنى المناسب؛ سواء أكان هذا الحرف أولاً، أم وسطاً، أم آخراً، وذلك في حال البساطة.
مثل: «العسف والأسف، والعين أخت الهمزة، كما أن الأسف يعسف النفس وينال منها، والهمزة أقوى من العين، كما أن أسف النفس أغلظ من التردد بالعسف، فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين».
ومما وقع في آخر الكلمة: نضح ونضخ، وهما للماء، والنضخ أقوى من النضح، ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَان﴾ فجعلوا الحاء -لرقَّتها- للماء الضعيف، والخاء -لغِلَظِها- لما هو أقوى منه، وذلك في سياق بلاغي متسق. ولقد قام أحد المعلمين باختبار صغير لطلاب المرحلة المتوسطة ووزع كلمات غريبة عليهم مثل: افرنقع، واحرنجم، وتكأكأ، وتلكأ.. وغيرها، ثم طلب منهم تدوين معانيها كل واحد وفق توقعه وربطها بالدلالة الصوتية، فكانت النتائج مفاجئة له، فوجد أن غالبية الطلاب قد توصلوا أو اقتربوا من المعاني من خلال الإيقاع الصوتي.
وإذا كان التدرج والإيحاء الصوتي مما يميز العربية، فإن التدرج في المعنى ضمن إطار صوتي واحد وتناغم موسيقي أصيل، سمت من سمات هذه اللغة الثرة، وذلك واضح في صعود المعنى من الضعف إلى القوة، أو من السكون إلى الحركة مثل: هجس، حدس، خرس، رمس، همس، وهذا موجود في كثير من المستويات الأخرى ذات الصلة بالحرف والكلمة. كذلك إذا انتقلنا إلى إيقاع بعض الكلمات المنتهية بحرف العين، وجدناها تعبر أحياناً، وتوحي أحياناً أخرى بالقسوة والشدة مثل: قلع، هلع، فزع، قمع، وجع، خلع، فجع، قطع.
ولو استعرضنا بعض الأفعال الثلاثية المضعفة مثل: هزّ، حزّ، بتّ، ذبّ، ضرّ، شدّ، عقّ، عضّ، رضّ، جرّ، لوجدنا هذه الأفعال تحمل دلالات قاسية.
وإمعاناً في التأكيد على الصلة الوثيقة بين الصوت والمعنى نستعرض كلمة «خرير»، فيحس السامع بأن صوت حركة الماء يشبه صوت هذه الكلمة. وكذلك كلمة «هديل»: يحس السامع بأنها تنسجم مع موضوعها من بابين: الصوت الذي تصـدره الحمامة وعلاقته بصوت الكلمة، ورقة الكلمة، التي تشتمل على حرف همس (الهاء)، وحرفين رقيقين (الدال واللام)، وبينهما حرف مد. وعلى هذا فالدلالة هي إثارة اللفظ للمعنى الذهني، أي لمدلوله. وعلم اللغة يبحث في هذه الصلة بين اللفظ والصوت والمعنى. إن اللغة العربية دون غيرها تتفرد بهذه الغزارة في الارتباط بين الصوت والمعنى.
فاللغة حركة ولفظ وصوت ومعنى، وهي في كل ذلك مرتبطة بالدلالة سواء كانت إشارة أو معنى، ولقد ربط علماء اللغة بين الصوت والمعنى والدلالة، فالدلالة الصوتية مستمدة من طبيعة الأصوات، فإذا حدث إبدال أو إحلال صوت في كلمة بصوت آخر في كلمة أخرى، أدَّى ذلك إلى اختلاف دلالة كل منهما عن الأخرى أو هي: المعاني المستفادة من نطق ألفاظ معينة.
ولقد أشار إلى ذلك الخليل؛ فقال: كأنهم توهّموا في صوت الجندب استطالة ومدّاً، فقالوا: صر، وتوهموا في صوت البازي تقطيعاً، فقالوا: صرصر.
وأصَّل ابن جني في «الخصائص» لهذه الدلالة، فعقد باباً في تصاقب (أي تقارب) الألفاظ لتصاقب المعاني، وباباً في إمساس الألفاظ أشباه المعاني، وباباً في قوة اللفظ لقوة المعنى، جمع فيها أمثلة تبين القيمة التعبيرية للحرف = (الصوت) الواحد في حال البساطة، وفي حال التركيب.
لقد رأى أن الحرف الواحد يقع على صوت معين، ويوحي بالمعنى المناسب؛ سواء أكان هذا الحرف أولاً، أم وسطاً، أم آخراً، وذلك في حال البساطة.
مثل: «العسف والأسف، والعين أخت الهمزة، كما أن الأسف يعسف النفس وينال منها، والهمزة أقوى من العين، كما أن أسف النفس أغلظ من التردد بالعسف، فقد ترى تصاقب اللفظين لتصاقب المعنيين».
ومما وقع في آخر الكلمة: نضح ونضخ، وهما للماء، والنضخ أقوى من النضح، ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَان﴾ فجعلوا الحاء -لرقَّتها- للماء الضعيف، والخاء -لغِلَظِها- لما هو أقوى منه، وذلك في سياق بلاغي متسق. ولقد قام أحد المعلمين باختبار صغير لطلاب المرحلة المتوسطة ووزع كلمات غريبة عليهم مثل: افرنقع، واحرنجم، وتكأكأ، وتلكأ.. وغيرها، ثم طلب منهم تدوين معانيها كل واحد وفق توقعه وربطها بالدلالة الصوتية، فكانت النتائج مفاجئة له، فوجد أن غالبية الطلاب قد توصلوا أو اقتربوا من المعاني من خلال الإيقاع الصوتي.
وإذا كان التدرج والإيحاء الصوتي مما يميز العربية، فإن التدرج في المعنى ضمن إطار صوتي واحد وتناغم موسيقي أصيل، سمت من سمات هذه اللغة الثرة، وذلك واضح في صعود المعنى من الضعف إلى القوة، أو من السكون إلى الحركة مثل: هجس، حدس، خرس، رمس، همس، وهذا موجود في كثير من المستويات الأخرى ذات الصلة بالحرف والكلمة. كذلك إذا انتقلنا إلى إيقاع بعض الكلمات المنتهية بحرف العين، وجدناها تعبر أحياناً، وتوحي أحياناً أخرى بالقسوة والشدة مثل: قلع، هلع، فزع، قمع، وجع، خلع، فجع، قطع.
ولو استعرضنا بعض الأفعال الثلاثية المضعفة مثل: هزّ، حزّ، بتّ، ذبّ، ضرّ، شدّ، عقّ، عضّ، رضّ، جرّ، لوجدنا هذه الأفعال تحمل دلالات قاسية.
وإمعاناً في التأكيد على الصلة الوثيقة بين الصوت والمعنى نستعرض كلمة «خرير»، فيحس السامع بأن صوت حركة الماء يشبه صوت هذه الكلمة. وكذلك كلمة «هديل»: يحس السامع بأنها تنسجم مع موضوعها من بابين: الصوت الذي تصـدره الحمامة وعلاقته بصوت الكلمة، ورقة الكلمة، التي تشتمل على حرف همس (الهاء)، وحرفين رقيقين (الدال واللام)، وبينهما حرف مد. وعلى هذا فالدلالة هي إثارة اللفظ للمعنى الذهني، أي لمدلوله. وعلم اللغة يبحث في هذه الصلة بين اللفظ والصوت والمعنى. إن اللغة العربية دون غيرها تتفرد بهذه الغزارة في الارتباط بين الصوت والمعنى.