اتفاق الخميس الماضي لتحالف (أوبك+) لم يكن ليتحقق لولا الدور القيادي الذي مارسته المملكة، واستخدامها لمختلف أنواع الضغوط الممكنة لإقناع الدول النفطية بأنه لا بديل عن تخفيض الإنتاج مع تهدم الطلب العالمي على النفط في ظل الإجراءات العالمية المتخذة لعزل الدول نفسها ومدنها وإيقاف نشاطها الاقتصادي والاجتماعي تقليصا لانتشار فايروس كورونا.
ولرب ضارة نافعة، فالفشل الذي تحقق من اجتماع هذا التحالف في بداية مارس الماضي والموقف الروسي تجاه مبادرة أوبك بالتحرك مبكرا لتخفيض الإنتاج، وما أدى إليه ذلك من دفاع كل المنتجين عن حصتهم في الأسواق، وهو ما دفع إلى قيام حرب سعرية وانخفضت أسعار النفط العالمية إلى مستويات العشرين دولارا للبرميل، وكانت في طريقها إلى ما دون العشرين بكثير.
هذا الفشل للاجتماع أيقظ منتجي النفط الى حقيقة أن الكل خاسر من هذه الحرب السعرية وهي ليست في مصلحة أي طرف. وموافقة روسيا للتفاوض على تخفيض الإنتاج حماية لمصالحها، وهي التي كانت تردد بعد فشل اجتماع مارس الماضي بأن سعر 42$ للبرميل يكفيها، بينما لا يكفي الدول المنتجة الأخرى.
وربما ولأول مرة يعقد اجتماع لمنتجي النفط وهم متحدون في الهدف؛ وهو تخفيض الإنتاج وبأحجام كبيرة لتحقيق نوع من التوازن في الأسواق، بل مثل انهيار الأسعار أن تسابق منتجو نفط آخرون غير أعضاء في التحالف لينضموا الى الاجتماع، بعد أن لحقهم ضرر تدهور الأسعار.
ولتلخيص أبرز مزايا الاتفاق الذي نتج عن تحالف أوبك +، ومباركة وزراء طاقة مجموعة العشرين له، نجد التالي:
أولا: كان هنالك وعي تام بفقدان أكثر من 25 مليون برميل يوميا من الطلب العالمي على النفط نتيجة كورونا، وتدهور الاقتصاد العالمي. وكانت أرقام التخفيض تذكر ضرورة تخفيض ما لا يقل عن 20 مليون برميل يوميا إن لم يكن أكثر من ذلك، وهو ما لم يكن بمقدور التحالف تحقيقه، خاصة في ظل وجود أكبر منتج للنفط في العالم وهي الولايات المتحدة ومنتجين كبار مثل كندا والنرويج والبرازيل وغيرها، خارج التحالف.
ثانيا: كان لا بد أن يقوم أي اتفاق على مبدأ العدالة في توزيع الأعباء، فهو ليس كسابق اتفاقات تخفيض الإنتاج من حيث حجم التخفيض أو مدته، وبالتالي فلا يمكن تحميل منتج أكبر من نصيبه العادل في التوزيع. وتم إقرار نسبة التخفيض لتكون 23% من إنتاج كل دولة، بعد اعتماد مستوى إنتاج الأول من أبريل الحالي كمستوى أساس. وستبقى هذه النسبة المئوية أساسا لأي تعديلات قادمة في حجم خفض الإنتاج صعودا أو هبوطا.
ثالثا: تم التأكيد على ضرورة الالتزام التام بمستويات التخفيض في الإنتاج، وإلا فإن الجميع في «حل من أمره»، وستكون هنالك مراقبة مشددة ولن يتم قبول أية أعذار من أي منتج.
رابعا: تم اعتماد 10 ملايين برميل يوميا تخفيض من التحالف، على أمل أن يخفض المنتجون الآخرون وعلى رأسهم الولايات المتحدة بما لا يقل عن خمسة ملايين برميل إضافية، وهم مجبورون هذه المرة على التخفيض للموقف الاستثنائي للطلب العالمي على النفط. فحجة أمريكا بأن انخفاض أسعار النفط العالمية ستجبر أجزاء متزايدة من النفط الأمريكي على الانخفاض، وأن قانون «منع الاحتكار» الأمريكي، لن يسمح للحكومة الفيدرالية إجبار شركات النفط على تخفيض إنتاجها للوصول إلى سعر محدد، لم ولن يكون مقبولا، بل لابد أن تتعهد الولايات المتحدة بالتخفيض وتنضم لقائمة الدول الملتزمة بتخفيض انتاجها.
وربما هذه المرة الأولى التي تمارس فيها دول نامية الضغط على الولايات المتحدة وبهذه القوة.
خامسا وأخيرا: تم اعتماد لجنة لمتابعة تطورات الاقتصاد العالمي، وتحديد الخطوات اللازم اتباعها في ظل مواجهة كورونا، وتم اعتماد جول زمني يتم خلاله تقليص حجم التخفيضات النفطية، وهي قابلة للمراجعة الدورية.
* كاتب سعودي
sabbanms@
ولرب ضارة نافعة، فالفشل الذي تحقق من اجتماع هذا التحالف في بداية مارس الماضي والموقف الروسي تجاه مبادرة أوبك بالتحرك مبكرا لتخفيض الإنتاج، وما أدى إليه ذلك من دفاع كل المنتجين عن حصتهم في الأسواق، وهو ما دفع إلى قيام حرب سعرية وانخفضت أسعار النفط العالمية إلى مستويات العشرين دولارا للبرميل، وكانت في طريقها إلى ما دون العشرين بكثير.
هذا الفشل للاجتماع أيقظ منتجي النفط الى حقيقة أن الكل خاسر من هذه الحرب السعرية وهي ليست في مصلحة أي طرف. وموافقة روسيا للتفاوض على تخفيض الإنتاج حماية لمصالحها، وهي التي كانت تردد بعد فشل اجتماع مارس الماضي بأن سعر 42$ للبرميل يكفيها، بينما لا يكفي الدول المنتجة الأخرى.
وربما ولأول مرة يعقد اجتماع لمنتجي النفط وهم متحدون في الهدف؛ وهو تخفيض الإنتاج وبأحجام كبيرة لتحقيق نوع من التوازن في الأسواق، بل مثل انهيار الأسعار أن تسابق منتجو نفط آخرون غير أعضاء في التحالف لينضموا الى الاجتماع، بعد أن لحقهم ضرر تدهور الأسعار.
ولتلخيص أبرز مزايا الاتفاق الذي نتج عن تحالف أوبك +، ومباركة وزراء طاقة مجموعة العشرين له، نجد التالي:
أولا: كان هنالك وعي تام بفقدان أكثر من 25 مليون برميل يوميا من الطلب العالمي على النفط نتيجة كورونا، وتدهور الاقتصاد العالمي. وكانت أرقام التخفيض تذكر ضرورة تخفيض ما لا يقل عن 20 مليون برميل يوميا إن لم يكن أكثر من ذلك، وهو ما لم يكن بمقدور التحالف تحقيقه، خاصة في ظل وجود أكبر منتج للنفط في العالم وهي الولايات المتحدة ومنتجين كبار مثل كندا والنرويج والبرازيل وغيرها، خارج التحالف.
ثانيا: كان لا بد أن يقوم أي اتفاق على مبدأ العدالة في توزيع الأعباء، فهو ليس كسابق اتفاقات تخفيض الإنتاج من حيث حجم التخفيض أو مدته، وبالتالي فلا يمكن تحميل منتج أكبر من نصيبه العادل في التوزيع. وتم إقرار نسبة التخفيض لتكون 23% من إنتاج كل دولة، بعد اعتماد مستوى إنتاج الأول من أبريل الحالي كمستوى أساس. وستبقى هذه النسبة المئوية أساسا لأي تعديلات قادمة في حجم خفض الإنتاج صعودا أو هبوطا.
ثالثا: تم التأكيد على ضرورة الالتزام التام بمستويات التخفيض في الإنتاج، وإلا فإن الجميع في «حل من أمره»، وستكون هنالك مراقبة مشددة ولن يتم قبول أية أعذار من أي منتج.
رابعا: تم اعتماد 10 ملايين برميل يوميا تخفيض من التحالف، على أمل أن يخفض المنتجون الآخرون وعلى رأسهم الولايات المتحدة بما لا يقل عن خمسة ملايين برميل إضافية، وهم مجبورون هذه المرة على التخفيض للموقف الاستثنائي للطلب العالمي على النفط. فحجة أمريكا بأن انخفاض أسعار النفط العالمية ستجبر أجزاء متزايدة من النفط الأمريكي على الانخفاض، وأن قانون «منع الاحتكار» الأمريكي، لن يسمح للحكومة الفيدرالية إجبار شركات النفط على تخفيض إنتاجها للوصول إلى سعر محدد، لم ولن يكون مقبولا، بل لابد أن تتعهد الولايات المتحدة بالتخفيض وتنضم لقائمة الدول الملتزمة بتخفيض انتاجها.
وربما هذه المرة الأولى التي تمارس فيها دول نامية الضغط على الولايات المتحدة وبهذه القوة.
خامسا وأخيرا: تم اعتماد لجنة لمتابعة تطورات الاقتصاد العالمي، وتحديد الخطوات اللازم اتباعها في ظل مواجهة كورونا، وتم اعتماد جول زمني يتم خلاله تقليص حجم التخفيضات النفطية، وهي قابلة للمراجعة الدورية.
* كاتب سعودي
sabbanms@