-A +A
إبراهيم علوي (جدة) okaz_online@
لم تكَد المملكة العربية السعودية تتسلم رئاسة مجموعة الـ20، حتى باغت فايروس «كورونا» خطط العالم أجمع، وهي على بُعد خطوات من برامج الفعاليات الرسمية.

حدث عالمي جلل كفيل بعرقلة أي مخططات دولية أو أي أدوار دبلوماسية، مهما كان طموحا وسبّاقا، على الرغم من ذلك، تجلّى الدور القيادي المؤثر للرياض في الدعوة لقمة استثنائية لمجموعة الـ20 كرد فعل مُبادر وسريع، وعقد قمة افتراضية، اتساقا مع الاتجاه العالمي لمواجهة الفايروس ودعم الجهود العالمية لكبح أي تجمُع من شأنه أن يكون صيدا سهلا لتفشّي الفايروس.


أجندة مجموعة الـ20 التي ترأسها المملكة، اتخذت من دعم العلم والمراكز البحثية مقابل مواجهة الأوبئة، ودعم فقراء العالم في وجه التداعيات الاقتصادية ومخاطر الإغلاق والتباعد الاجتماعي، ليأتي عقد القمة الاستثنائية افتراضيا، ولم يكُن الأخير، إذ كان نجاحها شارة بدء للاستفادة من التقنية، لتعقد على إثرها سلسلة من الاجتماعات الافتراضية مستخدمة التقنية ذاتها، وتتوالى فعاليات عام الرئاسة السعودية واحدة تلو الأخرى، لتعكس رسالة عالمية شديدة الوضوح مفادها أن المملكة عازمة على المضي قدما في رئاستها قمة الـ20 بنفس القوة والثقة، ومواجهة التحديات والظروف الاستثنائية.

عزم الرياض على إكمال مسيرة قمة مجموعة دول الـ20 الأكبر اقتصادا على مستوى العالم، لم يأت منعزلا عن الظرف العالمي، بل يعكس الأداء العام قدرا كبيرا من المرونة وسرعة التفاعل مع المعطيات والمتغيرات المُشكلة للمشهد العام، إضافة إلى قيادة رشيدة تُحسن تسخير الأدوات والعناصر البشرية في أحلك الظروف، وببراعة جعلت المشهد لا يختلف عن أي قمة عُقدت في غير تربص وباء عالمي خلف الأبواب، وعلى خلفية القمة الاستثنائية، ساهمت المملكة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي لمساندة الجهود الدولية في التصدي للجائحة، ما يعزز من الإمكانيات الدولية في إعادة تنظيم الصفوف ومجابهة الوباء على النحو الأمثل، فضلا عن إمكانية الوصول إلى لقاح من شأنه أن يُنهي أزمة الانتشار الواسع للفايروس حول العالم.

جهود المملكة الاستثنائية على المستوى الدبلوماسي، كانت لتعطي انطباعا بأن إدارة الأزمة واحتواءها داخليا لا يجري بالضرورة بالقدر ذاته من المهارة والكفاءة، لكن العكس كان ما حدث ويحدث منذ بداية الأزمة، فالمبادرة والسرعة كانتا شعارا للإجراءات والقرارات المتخذة لتحجيم تفشي الفايروس بالداخل، وتيسير يوميّات المواطنين ومساعدتهم على الامتثال لقرارات التباعُد الاجتماعي دون خوف قاهر من نقص احتياجاتهم، أو احتمالية التأثر بالظرف الاقتصادي الطاحن وفقدان وظائفهم أو تخفيض دخولهم، إذ عكفت الحكومة على العمل كصمام أمان للشعب: توفر احتياجاته، وتتابع عدم خضوعه للاحتكار، وتدعم شركات القطاع الخاص ضد الانهيار لحين اجتياز الأزمة، بالتوازي تماما مع تأدية دورها الدبلوماسي على أكمل وجه.