أشادت مجلة «فوربس» الأمريكية في عددها أمس، بالقيادة الذكية لسياسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والبصمات الواضحة لوزير النفط الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في ما يسمى بـ«التكنوقراط الملكي» خلال الأزمة النفطية الأخيرة التي عصفت بمنظمة (أوبك)، والتي أثبتت من خلالها للعالم القوة الحقيقية للمملكة في قدرتها على قيادة «كارتيل» أكثر حزماً وكفاءة وتخطي حرب أسعار أبريل الماضي التي تزامنت مع انتشار وباء الفايروسات التاجية المدمرة للطلب على النفط.
منذ أن تم إلغاء حرب الأسعار الكارثية بين المملكة وروسيا بعد خمسة أسابيع، لم تقم «أوبك» بتصحيح مسار سفينتها فقط، متحدية تكهنات حول زوالها، بل إنها فاجأت الجميع بعودة قوية وعالجت أسواق النفط العالمية في خضم طلب غير مسبوق في الوقت المناسب في ذكرى ميلادها «الستين».
ففي خضم تلك الأزمة امتثلت موسكو وبقية دول أوبك لقرارات المملكة، ما نتج عنه حدوث قفزات كبيرة في أسعار النفط، وبلغت سلة أوبك 43 دولارا للبرميل يوم الجمعة الماضي، ويبدو الأمر كما لو أن السعودية تقول «اقفز» وتجيب «أوبك» إلى أي ارتفاع؟.
وتشير المجلة الأمريكية إلى أن المملكة أصبحت سياستها أكثر صرامة في التعامل مع بيانات الغش في عمليات إنتاج النفط للدول الأعضاء، فمن سياسة التصعيد ببطء التي كانت تنتهجها في الماضي إلى التهديد بحرب أسعار شاملة. وها قد نجحت تلك السياسة إلى حد كبير.
وأشارت إلى أن المملكة أجبرت كلا من أنغولا ونيجيريا والعراق على الالتزام ليس فقط بالامتثال لحصصهم بل بتخفيضات معززة تعوض عن ارتكابهم عمليات الغش السابقة.
فقد كانت أنغولا تفرط في الإنتاج بواقع 90 ألف برميل يومياً في مايو، ونيجيريا بواقع 175 ألف برميل، والعراق بواقع 600 ألف برميل يومياً، كما خضعت كازاخستان التي كانت تفرط في الإنتاج بـ 125 ألف برميل في اليوم، إلى الالتزام بنفس الاتفاقية.
وبالنسبة لفنزويلا وإيران فقد واجهتا نتائج كارثية على حد سواء بسبب العقوبات الأمريكية المشددة، أما قطر فقد انسحبت من الكتلة بالكامل.
وأوضحت أن التدخل المباشر له هدف مزدوج ليس فقط معاقبة الأنظمة المتمردة، ولكنه أيضًا مكافأة الحلفاء بقطعة من حصة الجاني في السوق، فمنظمة «أوبك» أصبحت أكثر صرامة مع بدء العمل المناخي بسبب الطلب على النفط، كما أن تطبيق نظام الحصص أصبح أكثر أهمية.
ومثل كل تكتل، واجهت مجموعة أوبك في تاريخها صعوبات في فرض القانون مع المنتجين الأحرار، ولكن بالنسبة للرياض، فإن فوائد الانضباط باتت واضحة، فالانضباط جعل الأعضاء المتمردين داخل المجموعة يتقاسمون الألم، وبالتالي فإن السعودية لا تضحي وحدها.
وتساءلت «الفوربس»: هل وجدت السعودية أخيرا «خلطتها السرية»، أم أن الانضباط مدفوعاً بأكبر انخفاض على الإطلاق في الطلب على النفط سيتلاشى جنباً إلى جنب مع الفايروس؟ لكن استعداد السعودية الجديد للعمل يجب أن يدفع الأعضاء الكسالى في أوبك إلى التفكير مرتين قبل ارتكاب أعمال الغش.
ترجمة: حسن باسويد baswaid@