محمد حمزة
محمد حمزة
-A +A
طالب بن محفوظ (جدة) talib_mahfooz
من الناحية الغربية للمسجد النبوي الشريف في "زقاق الطيار" بالمدنية المنورة، ولد نجم درامي محلي لم تتوقع أسرته له تلك الشهرة الكبيرة.. وفي بدايات شبابه المتقِدة، جاءت جدة محطة أخرى للعيش والعمل والاستقرار.. أما الستينات الميلادية؛ فهي المرحلة المفصلية إذاعياً وممثلاً وكاتباً ومنتجاً.. وما لا تعرفه جماهير الدراما عن ذلك الفنان الشامل، كان لاعباً مهاجماً في فريقي الوحدة والأهلي.. إنه عميد الدراما السعودية محمد حمزة، الذي أُعلنت وفاته صباح أمس (الأربعاء).

حين فتح أبواب الإبداع الفني، أطلق شارة انطلاقة الدراما السعودية بنقها من الحبو إلى الركض.. وعند بداية الثمانينات الميلادية؛ دخل النجومية خليجياً وعربياً بمسلسله "أصابع الزمن".. ولما كان شعاره "الفن من أجل الفن لا للتجارة"؛ كتب أعماله الدرامية ومثَّلها وأنتجها على نفقته الخاصة حباً لوطن احتواه ومجتمع احتفى به.


حين تنقل بين المدن الحجازية؛ بنى موروثاً فنياً يوازي عشقه الدرامي.. وعندما عض على "أصابع الزمن" وفي "ليلة هروب"؛ رسخ في عقول العائلات السعودية.. ولما أخضعه مشرط طبيبه إلى مبضعه؛ حضرت صورته بديمومة في ذاكرة الناس.. وعند استجلاب تاريخه الفني؛ يظل علامة فارقة لدى جيل الدراما السعودية.

بين تهادي الذكريات وعِبق الذاكرة ونقش التاريخ؛ بريق ممثل شامل في ثلاثة عقود جاذبة.. وبين موضة الإنتاج العشوائي، وصخرة أوجاع مرض بخطأ طبي؛ تحمَّل انكسارا لا دواء له إلا الصمت عقب ضجيج درامي.. ومن بواعث ضجر لم يجد فيه تكريماً لتاريخه الفني؛ طوى مسيرته الدرامية بالتواري ثم رحل بهدوء.

لم تكن له طقوس عند صياغة مسلسلاته الدرامية، بل يستمتع بكتابتها بين ضجيج أبنائه.. ولما حفر الصخر لإرضاء جماهيره؛ صنع من ذلك الحب الشعبي دراما ارتبطت بكل شيء مجتمعي.. ومع كل تلك المؤلفات الدرامية الإبداعية؛ لم يكتب ذلك الفنان الإنسان عن فيلمه الفني الكبير، فاحتفى به السابقون ونسيه اللاحقون.

في توازن بين التأييد والنقد؛ لم يفرض وجهة نظره على الجمهور، ولم يتمادى في إقناع الناس بما يقدمه من دراما.. وعندما لم تسر مسلسلاته على وتيرة واحدة؛ كان عنوانها التأييد المطلق فلم يشعر متابعوها بالضجر.. وحين استفاد من أخطاء الآخرين وخرج عن النمطية؛ كوَّن صداقات حميمية، وشعر بمعاناة الكادحين.