أعلنت مملكة البحرين أنها تتجه لاتفاق سلام مع إسرائيل، بعد أسابيع من إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقا إبراهيميا بينها وبين تل أبيب، يعود بالإضافة لمنافعه على البلدين، بالمنفعة على الشعب الفلسطيني، عبر منع الخطوة الإسرائيلية لضم غور الأردن ومزيد من الأراضي في الضفة الغربية.
وهذه الخطوة التي كان نتنياهو يلوح بها، لم نر جيوش المقاومة تنتفض لها، فلا حزب الله الذي يرى طريق القدس يبدأ من القصير ولا ينتهي إلا في حلب، ولا الحرس الثوري الذي يرى تحرير فلسطين يبدأ من صعدة، عبر تزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة، ولا يتوقف عند الحشد الشعبي في معركة تحرير البصرة من المواطنين العراقيين الشيعة المعارضين للاحتلال الإيراني.
وكل من فلك هذه الشعارات الشعبوية باعوا الوهم كثيرا خاصة قبل الربيع العربي «لحظة سقوط الأقنعة»، فحافظ الأسد وبعده نجله أعمى البصيرة طبيب العيون بشار الأسد، كانا يذهبان بالطلبة إلى المدارس في زي عسكري، لخلق تعبئة شعبية مستمرة نحو تحرير الجولان، والذي لم تطلق فيه سوريا رصاصة واحدة طيلة أربعة عقود، حتى تبين أن المعركة كانت قتل ما يقارب مليون سوري، وتشريد وتهجير ما يتجاوز عشرة ملايين سوري.
تأتي اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لعمان العام الماضي، بالإضافة لتأييد مسقط المباشر بعد إعلان الاتفاقيتين، لتحمل أكثر من دلالة، أولاها إدراك أن المصلحة الوطنية لا بد أن تتغلب على الشعارات، حيث هناك تجار قضية يربحون من النزاعات عامة، وفي حالات السلام ينضمون لقائمة العاطلين عن العمل.
الأمر الثاني أن المنطقة الخليجية اليوم تمثل مركز الثقل في العالم العربي، بعد ما أصاب عدة دول عربية مهمة صدمات كبرى، دفعتها بالضرورة للانكفاء داخليا، وتطلب ذلك من دول الخليج أدوارًا أكبر لدعم استقرار المنطقة العربية ولغة المنطق فيها، وهو منطق يتصادم بالضرورة مع دكاكين الشعارات ومقاولي الأزمات، ولعل المؤتمر الأخير للفصائل الفلسطينية خير دليل على ذلك.
الأمر الثالث والأهم والذي ربما نتناساه مع بلوغ سيل الشعبوية الزبى، وهو أن القضية اسمها القضية الفلسطينية، وبالتالي هي قضية الفلسطينيين أولا، ويجب أن يكونوا أحرص على حقوقهم قبل أي دولة أخرى، ولكن عندما يزور إسماعيل هنية بيروت ومخيم عين الحلوة قادما من إسطنبول، فهل تلك أجندة فلسطينية أم تركية، أم أن حماس ضيعت طريق غزة أيضا.
حين يسمح حزب الله بدخول هنية للبنان، وهو الحاكم بأمره والسلطة فوق السلطات، هل هو خدمة لفيلق القدس الذي ظل قائده قاسم سليماني يحرر القدس حتى آخر عراقي وسوري ولبناني، وهل هذه الزيارة تخدم القضية الفلسطينية أو تهدف لردع إسرائيل، أم أنها رسالة لماكرون بأن لا يرفع طموحاته بعد انفجار مرفأ بيروت لأبعد من حكومة مؤقتة ببعض الإصلاحات الصورية، لمنح لبنان المخنوق بعض الأكسجين.
توجه ثلاث دول خليجية للسلام مع إسرائيل، ونهج السودان على الأرجح نفس النهج، يشير إلى أن أكبر الخاسرين من السلام هو النظام القطري ومن خلفه النظام التركي، فقطر خسرت ورقة كونها القناة الوحيدة للتواصل مع تل أبيب من الخليج، وبالتالي فهي تتقبل الضغط المتتالي من الموساد للاستمرار في دعم حماس برغم الصعوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي تعيشها.
إسطنبول من ناحيتها والتي يحتضن مطارها أكبر عدد من الرحلات مع إسرائيل، ستخسر كعكة اقتصادية كبيرة، كانت تغطيها بقشة الشعبوية، ومن خلف ذلك كله تأتي إيران لترى المنطقة تتحد كلها ضد مشروعها، وهذا يكسر قاعدة إستراتيجية في مقاربتها عبر الاعتقاد بأن تأسيس حزب الله وحماس وخلق محور المقاومة، سيضمن بقاءها ونفوذها في الشرق الأوسط، لذا من الصعب على صانع السجاد أن يستوعب تغييرا على المستوى الإستراتيجي.
كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
وهذه الخطوة التي كان نتنياهو يلوح بها، لم نر جيوش المقاومة تنتفض لها، فلا حزب الله الذي يرى طريق القدس يبدأ من القصير ولا ينتهي إلا في حلب، ولا الحرس الثوري الذي يرى تحرير فلسطين يبدأ من صعدة، عبر تزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة، ولا يتوقف عند الحشد الشعبي في معركة تحرير البصرة من المواطنين العراقيين الشيعة المعارضين للاحتلال الإيراني.
وكل من فلك هذه الشعارات الشعبوية باعوا الوهم كثيرا خاصة قبل الربيع العربي «لحظة سقوط الأقنعة»، فحافظ الأسد وبعده نجله أعمى البصيرة طبيب العيون بشار الأسد، كانا يذهبان بالطلبة إلى المدارس في زي عسكري، لخلق تعبئة شعبية مستمرة نحو تحرير الجولان، والذي لم تطلق فيه سوريا رصاصة واحدة طيلة أربعة عقود، حتى تبين أن المعركة كانت قتل ما يقارب مليون سوري، وتشريد وتهجير ما يتجاوز عشرة ملايين سوري.
تأتي اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين، وزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لعمان العام الماضي، بالإضافة لتأييد مسقط المباشر بعد إعلان الاتفاقيتين، لتحمل أكثر من دلالة، أولاها إدراك أن المصلحة الوطنية لا بد أن تتغلب على الشعارات، حيث هناك تجار قضية يربحون من النزاعات عامة، وفي حالات السلام ينضمون لقائمة العاطلين عن العمل.
الأمر الثاني أن المنطقة الخليجية اليوم تمثل مركز الثقل في العالم العربي، بعد ما أصاب عدة دول عربية مهمة صدمات كبرى، دفعتها بالضرورة للانكفاء داخليا، وتطلب ذلك من دول الخليج أدوارًا أكبر لدعم استقرار المنطقة العربية ولغة المنطق فيها، وهو منطق يتصادم بالضرورة مع دكاكين الشعارات ومقاولي الأزمات، ولعل المؤتمر الأخير للفصائل الفلسطينية خير دليل على ذلك.
الأمر الثالث والأهم والذي ربما نتناساه مع بلوغ سيل الشعبوية الزبى، وهو أن القضية اسمها القضية الفلسطينية، وبالتالي هي قضية الفلسطينيين أولا، ويجب أن يكونوا أحرص على حقوقهم قبل أي دولة أخرى، ولكن عندما يزور إسماعيل هنية بيروت ومخيم عين الحلوة قادما من إسطنبول، فهل تلك أجندة فلسطينية أم تركية، أم أن حماس ضيعت طريق غزة أيضا.
حين يسمح حزب الله بدخول هنية للبنان، وهو الحاكم بأمره والسلطة فوق السلطات، هل هو خدمة لفيلق القدس الذي ظل قائده قاسم سليماني يحرر القدس حتى آخر عراقي وسوري ولبناني، وهل هذه الزيارة تخدم القضية الفلسطينية أو تهدف لردع إسرائيل، أم أنها رسالة لماكرون بأن لا يرفع طموحاته بعد انفجار مرفأ بيروت لأبعد من حكومة مؤقتة ببعض الإصلاحات الصورية، لمنح لبنان المخنوق بعض الأكسجين.
توجه ثلاث دول خليجية للسلام مع إسرائيل، ونهج السودان على الأرجح نفس النهج، يشير إلى أن أكبر الخاسرين من السلام هو النظام القطري ومن خلفه النظام التركي، فقطر خسرت ورقة كونها القناة الوحيدة للتواصل مع تل أبيب من الخليج، وبالتالي فهي تتقبل الضغط المتتالي من الموساد للاستمرار في دعم حماس برغم الصعوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي تعيشها.
إسطنبول من ناحيتها والتي يحتضن مطارها أكبر عدد من الرحلات مع إسرائيل، ستخسر كعكة اقتصادية كبيرة، كانت تغطيها بقشة الشعبوية، ومن خلف ذلك كله تأتي إيران لترى المنطقة تتحد كلها ضد مشروعها، وهذا يكسر قاعدة إستراتيجية في مقاربتها عبر الاعتقاد بأن تأسيس حزب الله وحماس وخلق محور المقاومة، سيضمن بقاءها ونفوذها في الشرق الأوسط، لذا من الصعب على صانع السجاد أن يستوعب تغييرا على المستوى الإستراتيجي.
كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com