-A +A
عكاظ- الرياض
صدر امس عن صندوق النقد الدولي خبر صحفي عن نتائج مناقشات مجلس ادارة الصندوق للتقرير الاقتصادي السنوي عن المملكة (تقرير المادة الرابعة). تضمن هذا الخبر ان اداء الاقتصاد الكلي في المملكة اتسم بالقوة خلال عام 2007م فقد ارتفع اجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 3.5% بدعم من النمو القوي والواسع النطاق في القطاع الخاص غير النفطي 6% لا سيما في قطاعات

التشييد وتجارة التجزئة وخدمات النقل والاتصالات وقد تسارعت وتيرة التضخم في 2007 فبلغ اعلى مستوياته التاريخية في ابريل 2008 بنسبة 10.5% على أساس التغيير السنوي مدفوعا بضغوط الطلب المحلي (لا سيما الايجارات) وارتفاع أسعار الواردات (معظمها واردات الاغذية) ورغم طفرة الواردات فقد اسهم ارتفاع اسعار النفط في تحقيق فائض ضخم في الحساب الجاري بلغ 96 مليار دولار (25% من اجمالي الناتج المحلي) واستخدم هذا الفائض في رفع صافي الاصول الاجنبية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي البالغ 301 مليار دولار (19 شهرا من الواردات). وانخفض فائض المالية العامة الكلي ليصل الى 12.3% من اجمالي الناتج المحلي نتيجة زيادة النفقات التي تجاوزت تقديرات الموازنة وحدوث انخفاض مؤقت في نسبة الايرادات النفطية المحولة الى الميزانية من شركة النفط الوطنية المملوكة للدولة (ارامكو السعودية) بسبب زيادة الانفاق والاستثمار وكان الانفاق مدفوعا في الاساس بزيادة النفقات الرأسمالية وارتفاع فاتورة الاجور.

وعلى الرغم من الجهود الرامية الى تحييد اثر تراكم صافي الاصول الاجنبية فقد كانت السياسة النقدية متجاوبة نظرا لربط العملة بالدولار الامريكي وقد شهد عرض النقود بمعناه الواسع نموا بنسبة 20% في 2007 على غرار النمو في 2006 وان كان الائتمان الممنوح للقطاع الخاص قد ازداد بأكثر من الضعف حتى بلغ 21.4%.

وقد سعت مؤسسة النقد العربي السعودي لاحتواء التوسع في المجملات النقدية عن طريق رفع نسبة الاحتياطي الالزامي في اواخر 2007 وقد ظهرت مضاربات على رفع سعر صرف الريال السعودي في عام 2007 وانعكست آثارها على العلاوات الآجلة في اسواق العقود المستقبلية الخارجية.

وقد تحسنت سوق الاسهم السعودية في عام 2007 حيث سجل مؤشر السوق المالية السعودية "TASI" ارتفاعا نسبة 44% خلال 2007 في اعقاب التصحيح الكبير في عام 2006 غير ان مؤشر السوق السعودية لحق بالاسواق العالمية فيما شهدته من انخفاض في اوائل 2008 وتشير الشواهد الواقعية الى ارتفاع اسعار العقارات بمعدلات في حدود خانتين خلال 2007.

وقد اسهمت الاصلاحات الهيكلية في زيادة ثقة المستثمرين وارتفاع تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الى مستويات قياسية وقوة النمو في القطاع الخاص غير النفطي وقد بدأ مؤخرا تنفيذ برنامج اصلاحي واستثماري ضخم لمعالجة مواطن الضعف في مجالات التعليم والصحة والمرافق العامة والنظام القضائي.

ولاتزال الافاق مواتية لعام 2008 فمن المتوقع ان يبلغ نمو اجمالي الناتج المحلي 5% مع حدوث تحسن في الانتاج النفطي ليصل الى 9.2 ملايين برميل يوميا وتسارع وتيرة النمو غير النفطي ورغم استمرار النمو القوي في الواردات فمن المتوقع ان يسجل فائض الحساب الجاري ارتفاعا قياسيا مقداره 191 مليار دولار "35% من اجمالي الناتج المحلي" نتيجة ارتفاع اسعار النفط ومن المتوقع زيادة فائض المالية العامة الكلي الى اكثر من الضعف ليصل الى 30.4% من اجمالي الناتج المحلي وزيادة انكماش الدين العام ليصل الى 11% من اجمالي الناتج المحلي اما التضخم فمن المتوقع ارتفاعه الى قرابة 10.6% كحد اقصى في 2008 مدفوعا بتزايد السلع المستوردة والقيود على المعروض المحلي وان كان من المتوقع انخفاض معدلاته في السنوات المقبلة.

كما رحب المديرون التنفيذيون باستمرار النمو القوي والمركز المالي الخارجي بالغ الإيجابية، وأيدوا خطط الحكومة لتوسيع الطاقة الإنتاجية والتكريرية في القطاع النفطي دعماً لاستقرار سوق النفط العالمية. واتفقوا على ان آفاق الاقتصاد السعودي تبدو مشرقة على المدى المتوسط، مع استمرار قوة التدفقات الداخلة والأوضاع المواتية لمزيد من التطور في القطاع غير النفطي. وفي نفس الوقت، تسارع معدل التضخم في الآونة الاخيرة لأسباب تتضمن الارتفاع المتواصل في اسعار الأغذية المستوردة والاختناقات في البنية التحتية، وهو ما يشكل تحدياً رئيسياً امام الحكومة في الفترة المقبلة.

وأكدوا ان مزيج السياسات الاقتصادية الكلية ينبغي ان يستهدف مواصلة النمو الداعم لفرص التوظيف الجديدة مع الحفاظ على الاستقرار الداخلي والخارجي ومراعاة التركيز الضروري على احتواء التضخم. وسوف يتعين تقييد الانفاق من المالية العامة نظراً للقيود التي يفرضها نظام ربط العملة على سياسة اسعار الفائدة.

وقد اشار المديرون الى ان تعزيز التدابير الاحترازية لاحتواء النمو الائتماني سوف يساعد ايضاً في الحد من ضغوط الطلب. وأوصوا بتركيز الانفاق العام على الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والخدمات العامة، بغية تنويع النشاط الاقتصادي وتشجيع فرص التوظيف الجديدة والحد من الاعتماد على الدخل النفطي في المدى المتوسط. واشاروا الى ان استحداث ضريبة على القيمة المضافة سيسهم في تنويع ايرادات المالية العامة بعيداً عن النفط والغاز. وأعرب المديرون عن ادراكهم بأن كثيراً من عناصر هذه الاستراتيجية قائم بالفعل، ولكنهم حثوا الحكومة على فرض مزيد من التقييد للإنفاق الجاري، لاسيما الأجور، واستهداف مستوى أقل من الدعم الضمني للمياه والطاقة كذلك اوصى المديرون بإرساء ميزانيات السنة الواحدة على اطار متجدد متوسط الأجل للمالية العامة، وزيادة توافر البيانات المتعلقة بالمالية العامة. وشجع المديرون الحكومة على وضع استراتيجية طويلة الأجل لتراكم الأصول الخارجية التي تتجاوز أغراض تحقيق الاستقرار، حتى يتسنى اقتسام الثروة النفطية الحالية مع الأجيال القادمة.

وأحاط المديرون علما بما خلص إليه خبراء الصندوق من أن الريال السعودي يبدو مقوما بأقل من قيمته الصحيحة، نظرا للمكاسب الكبيرة التي حققتها معدلات التبادل التجاري.

وفي نفس الوقت، أشاروا إلى أن سعر الريال السعودي بدأ يرتفع بالقيمة الحقيقية مع ارتفاع التضخم وأن زيادة استيعاب الاقتصاد عن طريق زيادة الواردات سوف تعمل على تقليص فائض الحساب الجاري.

أما زيادة التوسع في إنتاج النفط فسوف يسهم في استقرار سوق النفط العالمية، حتى وإن حقق للمملكة مزيدا من الفوائض الخارجية.

وذكر المديرون أن ربط الريال السعودي بالدولار الأمريكي أتاح ركيزة موثوقة ساهمت في استقرار الاقتصاد الكلي.

وأعرب معظم المديرين عن رأيهم بأن مزايا الإبقاء على نظام الربط تفوق التكلفة التي ينطوي عليها ارتفاع التضخم على المدى القصير، شريطة أن تكون الضغوط التضخمية الحالية ظاهرة مؤقتة.

ولكنهم أوصوا بالنظر في نظم بديلة لسعر الصرف إذا استمر التضخم المرتفع وتأخرت إقامة الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي.

غير أن عددا من المديرين رأى أن جميع السياسات البديلة، بما في ذلك النظم الأخرى لسعر الصرف، ينبغي أن تظل قيد النظر في ضوء الدور المحدود الذي تؤديه السياسة النقدية وانخفاض قيمة العملة الى مستوى أقل من قيمتها الصحيحة.

كذلك حث المديرون الحكومة على مراقبة تطورات التضخم عن كثب، وأشاروا الى التطورات بعيدة التوقع التي قد تتعرض لها الآفاق المنتظرة، ومنها حدوث هبوط حاد في أسعار النفط وظهور ضغوط تضخمية خارجية جديدة بسبب حدوث انخفاض آخر في سعر الدولار الأمريكي أو ارتفاع إضافي في أسعار السلع الأولية العالمية.

وأوضحوا أن هذه الظروف تتطلب من السياسة النقدية دورا أكبر في تثبيت معدل التضخم.

كما رحبوا بتكثيف الجهود لإحراز تقدم أكبر في تحرير القطاع المالي وتعزيز سلامة أوضاعه. وأعربوا عن تطلعهم إلى اعتماد قانون جديد للتمويل العقاري يسهم في توضيح الإطار القانوني الذي يستند إليه تمويل الإسكان وفي هذا السياق, شجع المديرون الحكومة على مواصلة السعي لدعم المنافسة في القطاع المالي وتطوير سوق الصكوك الإسلامية الصادرة عن الشركات وأثنوا على مؤسسة النقد العربي السعودي لتقدمها في تنفيذ اتفاقية بازل2.

ورحب المديرون باشتراك الحكومة مؤخرا في النظام العام لنشر البيانات وحثوها على إجراء مزيد من التحسينات في تحديث البيانات الاقتصادية الأساسية ومدى توافرها ونطاق شمولها, وعلى إعداد خطة عمل للاشتراك في المعيار الخاص لنشر البيانات. كذلك رحبوا بما أحرز من تقدم في اعداد بيانات عن وضع الاستثمار الدولي في القطاع العام السعودي.

وأشاد المديرون بالمساعدات الضخمة التي تقدمها المملكة العربية السعودية للبلدان النامية ودعمها الفعال للمبادرة المعنية بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون, وشجعوا الحكومة على إعادة هيكلة ديونها على العراق بما يتوافق مع عمليات اعادة الجدولة التي اجريت مؤخرا في إطار نادي باريس.

ولمزيد من الاطلاع على هذا الخبر يمكن الرجوع لموقع وزارة المالية على الانترنت (www.mof.gov.sa) أو موقع صندوق النقد الدولي www.imf.org))