ولأنّ أهل «مجهرة»، كما يقول عبدالله آل عياف في روايته «حفرة إلى السماء» على لسان «فطوم»، بشر مثل غيرهم، لم يكونوا ملائكة، فقد خرجت فاطمة بعد قصص الموت وحكايات الفقد، وقد تزوّجت كما تمنّى غيث، وهاجرت للسكن في إحدى مدن الساحل كما توقّعت تيماء، واشتغلت ونجحت في التجارة كما تنبأ عيسى، ولم تنس أحزانها كما وصّتها أمّها، إضافة إلى سعادتها بانتصاراتها كما علّمها أبوها.
في هذا الفضاء المكاني «مجهرة» يحرّك الروائي عبدالله آل عياف أبطال روايته هذه، دون أن يفلت خيط السرد الشفيف من يديه، وبخطوات محسوبة، وكلمات متماسكة تداخلت فيها اللهجة العاميّة مع الفصيح، فكانت العاميّة (كما رأيت) في هذا النصّ الروائي البديع عبئاً على النصّ. أبطال هذا العمل أماتهم الروائي في أحداث غريبة لا يتوقعها القارئ، لكنها تسحبه إلى متابعة هذه السلسلة، بغية التعرّف على المزيد من هذه الأحداث والرؤى والقصص والصور والحكايات التي لم يكن فيها بطل واحد بل أبطال كثيرون لكلّ واحد منهم حكاية تنتهي عند بطل، لتبدأ عند بطلٍ آخر، لكنهم يموتون وتبقى «فاطمة» التي ظهرت في بداية العمل طفلة بريئة لا يعنيها شيء سوى سعادة أمها وأبيها وانتهت الرواية بها نخلة باسقة تحيط بها أشجار الرمان!
وكما يُصوّر للقارئ في بداية هذا العمل الروائي أنّ «تيماء» ستكون بطلة هذا العمل إلا أنّ المفاجأة أنّ هناك أبطالاً آخرين، لكل واحد منهم حكايته المختلفة وفي الوقت ذاته المرتبطة بحدث هنا أو حكاية هناك، تجمعها «مجهرة» وتصنعها المواقف والأحداث، فعيسى وغيث وسوير وفرج وطافي أو حمود والمعلم الغريب ظافر الذي هرب من العالم هو الآخر ولاذ بـ «مجهرة» التي سمع بها للمرة الأولى في بيت أبيه من ضيفٍ سرد عنها ما يشبه الأساطير، كلّ هؤلاء كانوا يبحثون عن البداية، لتكتب لهم في هذا المكان الحياة التي تصنعها حكاية أسطوريّة. هذه الرواية الصادرة حديثاً في 300 صفحة من القطع المتوسط عن مسكيلياني ورشم تشعرنا منذ اللحظات الأولى للكتابة بأنّنا أمام إبداع روائي لـ «عبدالله آل عياف» لا يختلف كثيراً عن إبداعه السينمائي، ويبدو أنّ هذا العمل قد كتب برؤية سينمائية للأحداث والمواقف والرؤى، صنعها فضاء «مجهرة» بشكل واضح، وتنازعت عليها عائلتا «آل صميح» و«آل جبر» فسكن صميح على بعد مئة متر من قبر والده، فيما انتقل جبر إلى الجهة المقابلة، لينشغل كلّ واحد من هؤلاء بما يعنيه، فصميح انشغل بتوفير كل ما تحتاج إليه القوافل من بضائع، وبناء بيوت طينية جديدة بدلاً من الخيام، فيما انشغل «جبر» بالتنقل بين زوجاته الثلاث، مضيفاً طفلاً أو طفلة كلّ أربعة أشهر. في هذا المكان «مجهرة» تدور الأحداث، وتتّسع دائرتها، فيتداخل فيها الزمان والمكان لصناعة الحدث، وكما قال عنها الناقد محمد العباس إنها أشبه بقصص قصيرة متراصّة ومجدولة مع بعضها بخيط سردي رهيف.
الرواية كتبت في 12 فصلاً، كلّ فصل في هذه الرواية يكتبه راوٍ عليم، تحت عناوين دالّة وعميقة لا تخبر بما فيها، لكنها تفتح أفق التأويل نحو النهايات كـ «مغادرة ووصول، كعبة فرج، بحثاً عن غيمة، غريبان في مقبرة، بعث، رصاصة لا تلامس الأرض، سؤال ولد ميتاً، غيث، في الظلمة تستوي الألوان، عصفور في اليد، الصّرام» ويربطها وعي كتابيّ متقن. هذا العمل الروائي ربما يكون آخر الأعمال الروائيّة السعودية التي أقرؤها في نهاية هذا العام الميلادي، لكنه (كما أظنّ) سيكون من الأعمال الروائيّة المهمّة التي لا أشكّ أنّ النقاش حولها سيكون ممتداً، ولن يُنْسى، إن امتدت إليه يد الناقد، وعين القارئ الفطن، لأنّ هذا العمل (كما رأيت) واحد من أهمّ الروايات السعودية التي قرأتها.
في هذا الفضاء المكاني «مجهرة» يحرّك الروائي عبدالله آل عياف أبطال روايته هذه، دون أن يفلت خيط السرد الشفيف من يديه، وبخطوات محسوبة، وكلمات متماسكة تداخلت فيها اللهجة العاميّة مع الفصيح، فكانت العاميّة (كما رأيت) في هذا النصّ الروائي البديع عبئاً على النصّ. أبطال هذا العمل أماتهم الروائي في أحداث غريبة لا يتوقعها القارئ، لكنها تسحبه إلى متابعة هذه السلسلة، بغية التعرّف على المزيد من هذه الأحداث والرؤى والقصص والصور والحكايات التي لم يكن فيها بطل واحد بل أبطال كثيرون لكلّ واحد منهم حكاية تنتهي عند بطل، لتبدأ عند بطلٍ آخر، لكنهم يموتون وتبقى «فاطمة» التي ظهرت في بداية العمل طفلة بريئة لا يعنيها شيء سوى سعادة أمها وأبيها وانتهت الرواية بها نخلة باسقة تحيط بها أشجار الرمان!
وكما يُصوّر للقارئ في بداية هذا العمل الروائي أنّ «تيماء» ستكون بطلة هذا العمل إلا أنّ المفاجأة أنّ هناك أبطالاً آخرين، لكل واحد منهم حكايته المختلفة وفي الوقت ذاته المرتبطة بحدث هنا أو حكاية هناك، تجمعها «مجهرة» وتصنعها المواقف والأحداث، فعيسى وغيث وسوير وفرج وطافي أو حمود والمعلم الغريب ظافر الذي هرب من العالم هو الآخر ولاذ بـ «مجهرة» التي سمع بها للمرة الأولى في بيت أبيه من ضيفٍ سرد عنها ما يشبه الأساطير، كلّ هؤلاء كانوا يبحثون عن البداية، لتكتب لهم في هذا المكان الحياة التي تصنعها حكاية أسطوريّة. هذه الرواية الصادرة حديثاً في 300 صفحة من القطع المتوسط عن مسكيلياني ورشم تشعرنا منذ اللحظات الأولى للكتابة بأنّنا أمام إبداع روائي لـ «عبدالله آل عياف» لا يختلف كثيراً عن إبداعه السينمائي، ويبدو أنّ هذا العمل قد كتب برؤية سينمائية للأحداث والمواقف والرؤى، صنعها فضاء «مجهرة» بشكل واضح، وتنازعت عليها عائلتا «آل صميح» و«آل جبر» فسكن صميح على بعد مئة متر من قبر والده، فيما انتقل جبر إلى الجهة المقابلة، لينشغل كلّ واحد من هؤلاء بما يعنيه، فصميح انشغل بتوفير كل ما تحتاج إليه القوافل من بضائع، وبناء بيوت طينية جديدة بدلاً من الخيام، فيما انشغل «جبر» بالتنقل بين زوجاته الثلاث، مضيفاً طفلاً أو طفلة كلّ أربعة أشهر. في هذا المكان «مجهرة» تدور الأحداث، وتتّسع دائرتها، فيتداخل فيها الزمان والمكان لصناعة الحدث، وكما قال عنها الناقد محمد العباس إنها أشبه بقصص قصيرة متراصّة ومجدولة مع بعضها بخيط سردي رهيف.
الرواية كتبت في 12 فصلاً، كلّ فصل في هذه الرواية يكتبه راوٍ عليم، تحت عناوين دالّة وعميقة لا تخبر بما فيها، لكنها تفتح أفق التأويل نحو النهايات كـ «مغادرة ووصول، كعبة فرج، بحثاً عن غيمة، غريبان في مقبرة، بعث، رصاصة لا تلامس الأرض، سؤال ولد ميتاً، غيث، في الظلمة تستوي الألوان، عصفور في اليد، الصّرام» ويربطها وعي كتابيّ متقن. هذا العمل الروائي ربما يكون آخر الأعمال الروائيّة السعودية التي أقرؤها في نهاية هذا العام الميلادي، لكنه (كما أظنّ) سيكون من الأعمال الروائيّة المهمّة التي لا أشكّ أنّ النقاش حولها سيكون ممتداً، ولن يُنْسى، إن امتدت إليه يد الناقد، وعين القارئ الفطن، لأنّ هذا العمل (كما رأيت) واحد من أهمّ الروايات السعودية التي قرأتها.