غالبا ما تحوم الشكوك حول العمل وغايته، حين يكون الموضوع عربيا برؤية غربية، إلا أن حالة هذا الفيلم مختلفة، فالحكاية أشبه ما تكون بصرخة سينمائية شديدة الوضوح أنصفت الضحية وأشارت بأصابع الاتهام مباشرة للجلاد، خاصة لمن يعرفون سوريا وتركيبتها.
فيلم «في سوريا» للمخرج البلجيكي فيليب فان ليو وبطولة هيام عباس وديامان بو عبود، الذي يعرض حاليا على منصة نتفليكس، تدور أحداثه في شقة يعيش فيها أصحابها الذين يتألفون من (الأم وبنتين وولد وجد، وأب في صفوف المعارضة لا يظهر أبداً)، وجيران عبارة عن (زوجين وطفل رضيع)، وشاب ابن صديقة صاحبة المنزل وخادمة، ما يجعلك تعيش الربع الأول من الفيلم في شبه حيرة عن ماهية هذه الشخصيات التي تعيش في تلك الشقة، وأنت تشاهد زوجين يقرران أن السفر إلى لبنان بات هو الحل، خصوصا مع وجود طفل رضيع.
بعد هذا المشهد، تبدأ الحبكة الرئيسية في الفيلم وتظهر بعدها الشخصيات تباعاً، إذ شهدت الخادمة طلقة القناص أثناء اختراقها جسد الزوج الشاب وتلقيه أرضا أمام شرفة المنزل، لتأخذ الحبكة منحنى التعرف على الشخصيات، بدءاً من صاحبة المنزل، مرورا بالجد، والأحفاد، والضيف الشاب ابن الصديقة، والزوجة الشابة وطفلها، المنتظرين عودة الأب ليرحلا للبنان غير مدركين أنه أصبح جثة هامدة.
فبين أصوات الرصاص والجثث التي تلقى في الساحة، وانقطاع الماء والكهرباء، ورائحة البارود، والدخان، تتجه كل النظرات لصاحبة المنزل التي من واجبها أن تظل قوية، بينما تتخبط في كثير من المشاهد، توافقها حينا وتصرخ بوجهها أحيانا، وهي تكرر دائما أنها لن تترك المنزل مهما حدث، تظل ترقب وسط التوتر محاولة توقع نهاية، قبل أن يحيطك الفشل في حضرة كل هذا القهر، وقتها ستعرف قيمة تمثيل هيام عباس، بملامحها الحادة، وحنية تظهر قليلا لخلق محاولة توازن، إلى أن يظهر الجانب الآخر من الفيلم، الذي يشكل حالة إنصاف يحتاجها شعب كل ذنبه أنه صرح بالحرية.
في عمارة باتت شبه مهجورة، تظل تلك الشقة الصامتة خالية سوى من بكاء طفل، وخوف من كل صوب، خصوصا حين يظهر رجلا أمن يؤكدان أنهما جاءا للاطمئنان على أمنهم واستقرارهم، لكن الحقيقة أنهما سينتقمان بطريقتهما. لتنتقل الأحداث إلى منحى آخر من أنواع التضحية، علامتها في الزوجة الشابة التي باتت وحيدة في مواجهتهما بعدما تأخرت في الاختباء بالمطبخ مع الآخرين، لتجد نفسك أمام المشهد الأصعب بالفيلم، بين لهاث رجلين أمام جسد امرأة شابة، كل تفكيرها ألا يصلا إلى جسد الصغيرتين المختبئتين في حضن أمهما صاحبة المنزل، لتقرر فجأة أن تكون هي ضحية كل حقد من يحملان شعار الأمن، في مشهد تنقطع فيه الأنفاس ألماً، لأنه الواقع أمام عالم لم ينصف شعب قابع تحت قصف الطائرات وطلقات القناصة لكل ما يتحرك على الأرض. ومع تطور درامي ينقل حادثة اغتصاب إلى صرخة عالية تنكشف كل الأسرار المخفية، بحجة الحفاظ على التماسك، وأن يكون السر الأكبر متجها نحو جثة ملقاة أمام المنزل صدف أنها ما زالت تحمل النبض، وهنا تتضح الصورة النهائية للفيلم، يأتي بعض الثوار المعارضين من أصدقاء صاحب المنزل الغائب، لينقذوا ما يمكن إنقاذه، من انهيار وشيك، ليميطوا اللثام عن الفرق الحقيقي بين رجال الأمن المغتصبين وشباب منتفضين، لا تنقل وسائل الإعلام والسينما الكثير عنهم.
فالمعارض، بالنسبة لكثيرين صاحب دشداشة قصيرة ولحية طويلة وحالم بحوريات الجنة، بينما نجح المخرج في أحداث دارت في شقة، وألوان إضاءة تشبه اليأس حينا والحلم تارة، في وضع يده على حقيقة تناساها كثيرون، ثمة رجال حملوا أكفانهم بيديهم لأجل الحرية. ناهيك عن تمكن المخرج من استفزاز اللبنانية ديمون أبو عبود المعروفة بهدوئها ورقتها في أغلب أدوارها، لتخرج طاقة تؤكد أن الممثل يحتاج نص يستفز ملكاته، أما هيام عباس، فقادرة دوما أن تستحوذ على المشهد حتى لو ظلت صامتة، ناهيك عن شخصيات عدة تركت أثرها على الدراما، ولم تكن عابرة، كالخادمة التي تعد المفتاح الذي يشرع أبواب الأحداث.
فيلم «في سوريا» للمخرج البلجيكي فيليب فان ليو وبطولة هيام عباس وديامان بو عبود، الذي يعرض حاليا على منصة نتفليكس، تدور أحداثه في شقة يعيش فيها أصحابها الذين يتألفون من (الأم وبنتين وولد وجد، وأب في صفوف المعارضة لا يظهر أبداً)، وجيران عبارة عن (زوجين وطفل رضيع)، وشاب ابن صديقة صاحبة المنزل وخادمة، ما يجعلك تعيش الربع الأول من الفيلم في شبه حيرة عن ماهية هذه الشخصيات التي تعيش في تلك الشقة، وأنت تشاهد زوجين يقرران أن السفر إلى لبنان بات هو الحل، خصوصا مع وجود طفل رضيع.
بعد هذا المشهد، تبدأ الحبكة الرئيسية في الفيلم وتظهر بعدها الشخصيات تباعاً، إذ شهدت الخادمة طلقة القناص أثناء اختراقها جسد الزوج الشاب وتلقيه أرضا أمام شرفة المنزل، لتأخذ الحبكة منحنى التعرف على الشخصيات، بدءاً من صاحبة المنزل، مرورا بالجد، والأحفاد، والضيف الشاب ابن الصديقة، والزوجة الشابة وطفلها، المنتظرين عودة الأب ليرحلا للبنان غير مدركين أنه أصبح جثة هامدة.
فبين أصوات الرصاص والجثث التي تلقى في الساحة، وانقطاع الماء والكهرباء، ورائحة البارود، والدخان، تتجه كل النظرات لصاحبة المنزل التي من واجبها أن تظل قوية، بينما تتخبط في كثير من المشاهد، توافقها حينا وتصرخ بوجهها أحيانا، وهي تكرر دائما أنها لن تترك المنزل مهما حدث، تظل ترقب وسط التوتر محاولة توقع نهاية، قبل أن يحيطك الفشل في حضرة كل هذا القهر، وقتها ستعرف قيمة تمثيل هيام عباس، بملامحها الحادة، وحنية تظهر قليلا لخلق محاولة توازن، إلى أن يظهر الجانب الآخر من الفيلم، الذي يشكل حالة إنصاف يحتاجها شعب كل ذنبه أنه صرح بالحرية.
في عمارة باتت شبه مهجورة، تظل تلك الشقة الصامتة خالية سوى من بكاء طفل، وخوف من كل صوب، خصوصا حين يظهر رجلا أمن يؤكدان أنهما جاءا للاطمئنان على أمنهم واستقرارهم، لكن الحقيقة أنهما سينتقمان بطريقتهما. لتنتقل الأحداث إلى منحى آخر من أنواع التضحية، علامتها في الزوجة الشابة التي باتت وحيدة في مواجهتهما بعدما تأخرت في الاختباء بالمطبخ مع الآخرين، لتجد نفسك أمام المشهد الأصعب بالفيلم، بين لهاث رجلين أمام جسد امرأة شابة، كل تفكيرها ألا يصلا إلى جسد الصغيرتين المختبئتين في حضن أمهما صاحبة المنزل، لتقرر فجأة أن تكون هي ضحية كل حقد من يحملان شعار الأمن، في مشهد تنقطع فيه الأنفاس ألماً، لأنه الواقع أمام عالم لم ينصف شعب قابع تحت قصف الطائرات وطلقات القناصة لكل ما يتحرك على الأرض. ومع تطور درامي ينقل حادثة اغتصاب إلى صرخة عالية تنكشف كل الأسرار المخفية، بحجة الحفاظ على التماسك، وأن يكون السر الأكبر متجها نحو جثة ملقاة أمام المنزل صدف أنها ما زالت تحمل النبض، وهنا تتضح الصورة النهائية للفيلم، يأتي بعض الثوار المعارضين من أصدقاء صاحب المنزل الغائب، لينقذوا ما يمكن إنقاذه، من انهيار وشيك، ليميطوا اللثام عن الفرق الحقيقي بين رجال الأمن المغتصبين وشباب منتفضين، لا تنقل وسائل الإعلام والسينما الكثير عنهم.
فالمعارض، بالنسبة لكثيرين صاحب دشداشة قصيرة ولحية طويلة وحالم بحوريات الجنة، بينما نجح المخرج في أحداث دارت في شقة، وألوان إضاءة تشبه اليأس حينا والحلم تارة، في وضع يده على حقيقة تناساها كثيرون، ثمة رجال حملوا أكفانهم بيديهم لأجل الحرية. ناهيك عن تمكن المخرج من استفزاز اللبنانية ديمون أبو عبود المعروفة بهدوئها ورقتها في أغلب أدوارها، لتخرج طاقة تؤكد أن الممثل يحتاج نص يستفز ملكاته، أما هيام عباس، فقادرة دوما أن تستحوذ على المشهد حتى لو ظلت صامتة، ناهيك عن شخصيات عدة تركت أثرها على الدراما، ولم تكن عابرة، كالخادمة التي تعد المفتاح الذي يشرع أبواب الأحداث.