يعكس اختيار المملكة كأول دولة يزورها رئيس الوزراء الماليزي في أولى رحلاته لمنطقة الشرق الأوسط منذ توليه منصبه، عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ تنظر ماليزيا إلى المملكة على أنها الشريك الأهم لدولة ماليزيا في المنطقة.
وتحظى المملكة باحترام كبير لدى جميع الأوساط الرسمية والشعبية الماليزية، انطلاقاً من الروابط الإسلامية والأسس المتينة للعلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين، كما تهتم الحكومة الماليزية الجديدة بتوطيد علاقتها مع المملكة، وترى المملكة كشريك إستراتيجي في العالم الإسلامي.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطوراً كبيراً منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وكوالالمبور في عام 1961، نتيجة التوافق في توجهات القيادة في البلدين وحرصها على تعزيز هذه العلاقات التاريخية.
وتوطدت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وماليزيا منذ زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز (رحمه الله) لماليزيا في عام 1974، وما تلاها من تعزيز العمل المشترك بين البلدين على المستويين الثنائي والإسلامي، باعتبارهما من الدول الرائدة للعمل الإسلامي المشترك والمؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي.
وأكدت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الرسمية إلى ماليزيا في عام 2017 مكانة ماليزيا لدى المملكة وعمق العلاقات بين البلدين، إذ شهدت هذه الزيارة العديد من الاجتماعات واللقاءات والفعاليات، إضافة إلى توقيع العديد من اتفاقيات التعاون والاستثمار بين البلدين في مختلف المجالات.
وعزز تأسيس مجلس تنسيقي سعودي - ماليزي أوجه التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، إذ تنظر المملكة لماليزيا كشريك اقتصادي مهم، كون اقتصادها هو رابع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
ويتفق البلدان في تبنيهما منهج الإسلام الوسطي القائم على الاعتدال والتسامح ونبذ الغلو والتطرف، ومكافحة الإرهاب، ودعم العمل الإسلامي المشترك في كافة مجالاته من خلال منظمة التعاون الإسلامي، إذ تقدر ماليزيا الدور القيادي للمملكة في خدمة قضايا الأمة الإسلامية وخدمة الحرمين الشريفين.
وتحرص المملكة على خدمة الحرمين الشريفين وتقديم الرعاية والتسهيلات لضيوف الرحمن الماليزيين من خلال مبادرة «طريق مكة» التي أسهمت بشكل ملحوظ في تيسير رحلة الحج من ماليزيا إلى المملكة وتوحيد وتبسيط إجراءات السفر.
وأطلقت أرامكو مع شركة بتروناس الماليزية مشروعين مشتركين تضمنا إنشاء مصفاة ومجمع بتروكيماويات متكامل في ماليزيا، إذ ضخت فيه أرامكو السعودية استثماراً ضخماً بقيمة 7 مليارات دولار مما يعكس عمق العلاقات الاقتصادية في المجال النفطي.
ويقدر إجمالي الصادرات السعودية لماليزيا بأكثر من 17 مليار ريال سعودي، وتشكل الصادرات للمنتجات غير النفطية 37% بقيمة تتجاوز 6 مليارات ريال تتصدرها صناعات المواد الكيميائية والبوليمرات.
ويعتبر تبادل الزيارات بين رجال الأعمال في البلدين خطوة مهمة لتنمية الشراكة بين القطاعات الخاصة والتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية وتطويرها وتنميتها، كما يحرص البلدان على تطوير ريادة الأعمال، وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتبني التقنية وتعزيز الابتكار انطلاقًا من رؤية البلدين الطموحة للمستقبل.
ويحرص الجانبان السعودي والماليزي على تسهيل التبادل التجاري بينهما، وتعد المملكة من أكبر الشركاء التجاريين لماليزيا، إذ صعد إجمالي حجم التبادل إلى 67 مليار ريال (18.4 مليار دولار) خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتحتل المملكة المرتبة الـ13 ضمن الدول المصدرة إلى ماليزيا.
ويزور ماليزيا أكثر من 100 ألف سائح سعودي سنوياً، إذ تعتبر ماليزيا من الوجهات السياحية المفضلة والآمنة لهم، نظرا لما تقدمه الحكومة الماليزية من تسهيلات للسائح السعودي من ضمنها منحه تأشيرة دخول من المطارات الماليزية.
وتوفر الجامعات السعودية منحا دراسية للطلاب الماليزيين بهدف توطيد العلاقات الثقافية والتعليمية بين المملكة وماليزيا، وتحقيق التواصل الحضاري والثقافي بين الشعبين الشقيقين، بهدف الاستفادة من الإمكانات العلمية التي تتمتع بها الجامعات السعودية، إضافة إلى تعريف الطلاب الماليزيين بما تشهده المملكة من نهضة تنموية ومشاريع عملاقة في مختلف المجالات في ظل رؤية 2030.