لا يخفى على الجميع أن عدداً كبيراً من الأشخاص يبحثون عن وظيفة، البعض منهم ممن هو على رأس عمل فعلياً ويبحث عن فرصة جديدة بدخل مادي أكبر أو بيئة عمل أفضل يمكنه أن يجد فيها ذاته ويلمع نجمه أو يحصل على منصب أعلى، والغالبية العظمى من الباحثين عن عمل هم من العاطلين على اختلاف مؤهلاتهم سواء ممن سبق لهم العمل وتركوه أو ممن لم يسبق لهم العمل أصلاً.
وفي ظل كافة الظروف والمتغيرات الحالية الإيجابية منها كافتتاح العديد من المشاريع الضخمة أو التوسع في أنشطة العديد من الجهات الحكومية والخاصة أو إنشاء جهات جديدة من شركات وهيئات ومؤسسات، أو السلبية كزيادة أعداد الخريجين بشكل تراكمي بما لا يتوافق مع حاجة سوق العمل، أو الحالة العامة المصاحبة لتفشي جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاق العديد من الأماكن أو تسريح جزء من العاملين في أخرى، إلا أن سوق العمل يبقى دائماً قادراً على توليد الفرص التي ينالها كل من يتربص بها ويلاحقها.
وهذه العملية بجملتها معروفة؛ سواء أكانت آليتها عادلة مرات أم مجحفة مراتٍ أخرى.
ولكن يبقى السؤال الذي أطرحه هنا: أين يمكن لذوي الخبرة ممن اضطروا إلى ترك الوظيفة تحت ضغط ظروف حياتية مؤقتة أن يجدوا فرصتهم من جديد؟
هذه الطاقات المعطلة ممن لهم باع طويل في مجال معين ومارسوا في هذا المجال بتفوق ولا زالوا في عمر يسمح لهم بالعطاء.. أين يمكن أن يضخوا عطاءاتهم؟؟
وكيف لهم أن يزاحموا هذا الكم الهائل من المقبلين والمتقدمين على الوظائف من الخريجين الجدد أو حتى ذوي الخبرة من أصحاب المناصب الذين يتنقلون بين جهة وأخرى عن طريق الاستقطاب والإعارة، بينما هناك من يتمتعون بالمعرفة ولديهم المهارات والخبرة ولا يملكون إلا دور المتفرج مقلبين طرفهم بين إعلان وإعلان عن وظيفة وخبر تعيين وآخر حتى يستسلموا رافعين أعينهم إلى السماء، مسلمين أمرهم لله بعد أن فقدوا القدرة على الإمساك ولو بفرصة واحدة أو يجدوا موطئ قدم في هذه الدوامة المتحركة التي لا تستكين.إن مثل هؤلاء قد عبروا شوطاً لا يستهان به في طريق النجاح وتغلبوا على صعوبة البدايات ومعوقات التقدم وتكيفوا مع التغيرات واكتسبوا الخبرة بالممارسة الفعلية حتى أن بعضهم قد ترك بصمة ملموسة وإنجازات تدعو للفخر، ولكن لظرفٍ ما غادروا قطار الوظيفة في محطة حياتية للقيام بدورٍ آخر اضطراراً، وللأسف أبى القطار أن يعود للتوقف من جديد من أجل اصطحابهم من محطتهم ليكملوا رحلتهم نحو تحقيق أحلامهم، ولذلك وجدوا أنفسهم وهم في أوج عطائهم ينظرون من بعيد إلى أحلامهم تلك وأمنياتهم وقد أصبحت ضرباً من المستحيل.
ولا أعلم حقيقةً ماهية الحلول لهذه الأزمة التي قد لا تطال الكثيرين ولكنها حقيقية ومؤلمة ومحبطة جداً لمن يعيشها.
مثل هؤلاء الأشخاص هم فرسان اضطرتهم ظروفهم للترجل عن أحصنتهم وتسليم عنانها لغيرهم مجبرين، ليخوضوا معارك أخرى دفعتهم معطيات حياتهم لخوضها وحين عادوا لشغفهم لم يجدوا من يمكّنهم من امتطاء صهوة العطاء من جديد ولا حتى ليتعلموا منهم!!
لذلك فهم فعلياً طاقة مهدرة يمكن الاستفادة منهم في مناحٍ عدة كالتخطيط أو دراسة المخاطر أو الاستشارات والتطوير بحسب مجالاتهم التي يتقنونها.
ومهما كانت الدراسة والمؤهلات هامة جداً وضرورية، ولكن سنوات منها بالكاد تضاهي الممارسة الفعلية لعدة أشهر.
والفرق كبير بين من فقد شغفه ونفدت قدرته على العطاء وترك عمله باختياره غير مجبر، وبين من اضطر في أوج عطائه وشدة توهجه أن يتنازل مجبراً عن مكانه ويغادره وهو يحمل معه صندوقاً يحوي أوراقاً وعلبة نظارته وكوب قهوته وحفنة ذكريات والكثير الكثير من الشغف، هذه اللحظة وما بعدها لا يمكن أن يشعر بثقلها إلا فارسة ترجلت مثلي وتحلم أن تعود لتمسك بزمام جواد..
* فسحة أمل:
أهبتُ بالحظ لو ناديتُ مستمعاً
والحظ عنيَ بالجهال في شغُلِ
لعله إن بدا فضلي ونقصهمُ
لِعَينِهِ نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ
- الطغرائي
وفي ظل كافة الظروف والمتغيرات الحالية الإيجابية منها كافتتاح العديد من المشاريع الضخمة أو التوسع في أنشطة العديد من الجهات الحكومية والخاصة أو إنشاء جهات جديدة من شركات وهيئات ومؤسسات، أو السلبية كزيادة أعداد الخريجين بشكل تراكمي بما لا يتوافق مع حاجة سوق العمل، أو الحالة العامة المصاحبة لتفشي جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاق العديد من الأماكن أو تسريح جزء من العاملين في أخرى، إلا أن سوق العمل يبقى دائماً قادراً على توليد الفرص التي ينالها كل من يتربص بها ويلاحقها.
وهذه العملية بجملتها معروفة؛ سواء أكانت آليتها عادلة مرات أم مجحفة مراتٍ أخرى.
ولكن يبقى السؤال الذي أطرحه هنا: أين يمكن لذوي الخبرة ممن اضطروا إلى ترك الوظيفة تحت ضغط ظروف حياتية مؤقتة أن يجدوا فرصتهم من جديد؟
هذه الطاقات المعطلة ممن لهم باع طويل في مجال معين ومارسوا في هذا المجال بتفوق ولا زالوا في عمر يسمح لهم بالعطاء.. أين يمكن أن يضخوا عطاءاتهم؟؟
وكيف لهم أن يزاحموا هذا الكم الهائل من المقبلين والمتقدمين على الوظائف من الخريجين الجدد أو حتى ذوي الخبرة من أصحاب المناصب الذين يتنقلون بين جهة وأخرى عن طريق الاستقطاب والإعارة، بينما هناك من يتمتعون بالمعرفة ولديهم المهارات والخبرة ولا يملكون إلا دور المتفرج مقلبين طرفهم بين إعلان وإعلان عن وظيفة وخبر تعيين وآخر حتى يستسلموا رافعين أعينهم إلى السماء، مسلمين أمرهم لله بعد أن فقدوا القدرة على الإمساك ولو بفرصة واحدة أو يجدوا موطئ قدم في هذه الدوامة المتحركة التي لا تستكين.إن مثل هؤلاء قد عبروا شوطاً لا يستهان به في طريق النجاح وتغلبوا على صعوبة البدايات ومعوقات التقدم وتكيفوا مع التغيرات واكتسبوا الخبرة بالممارسة الفعلية حتى أن بعضهم قد ترك بصمة ملموسة وإنجازات تدعو للفخر، ولكن لظرفٍ ما غادروا قطار الوظيفة في محطة حياتية للقيام بدورٍ آخر اضطراراً، وللأسف أبى القطار أن يعود للتوقف من جديد من أجل اصطحابهم من محطتهم ليكملوا رحلتهم نحو تحقيق أحلامهم، ولذلك وجدوا أنفسهم وهم في أوج عطائهم ينظرون من بعيد إلى أحلامهم تلك وأمنياتهم وقد أصبحت ضرباً من المستحيل.
ولا أعلم حقيقةً ماهية الحلول لهذه الأزمة التي قد لا تطال الكثيرين ولكنها حقيقية ومؤلمة ومحبطة جداً لمن يعيشها.
مثل هؤلاء الأشخاص هم فرسان اضطرتهم ظروفهم للترجل عن أحصنتهم وتسليم عنانها لغيرهم مجبرين، ليخوضوا معارك أخرى دفعتهم معطيات حياتهم لخوضها وحين عادوا لشغفهم لم يجدوا من يمكّنهم من امتطاء صهوة العطاء من جديد ولا حتى ليتعلموا منهم!!
لذلك فهم فعلياً طاقة مهدرة يمكن الاستفادة منهم في مناحٍ عدة كالتخطيط أو دراسة المخاطر أو الاستشارات والتطوير بحسب مجالاتهم التي يتقنونها.
ومهما كانت الدراسة والمؤهلات هامة جداً وضرورية، ولكن سنوات منها بالكاد تضاهي الممارسة الفعلية لعدة أشهر.
والفرق كبير بين من فقد شغفه ونفدت قدرته على العطاء وترك عمله باختياره غير مجبر، وبين من اضطر في أوج عطائه وشدة توهجه أن يتنازل مجبراً عن مكانه ويغادره وهو يحمل معه صندوقاً يحوي أوراقاً وعلبة نظارته وكوب قهوته وحفنة ذكريات والكثير الكثير من الشغف، هذه اللحظة وما بعدها لا يمكن أن يشعر بثقلها إلا فارسة ترجلت مثلي وتحلم أن تعود لتمسك بزمام جواد..
* فسحة أمل:
أهبتُ بالحظ لو ناديتُ مستمعاً
والحظ عنيَ بالجهال في شغُلِ
لعله إن بدا فضلي ونقصهمُ
لِعَينِهِ نام عنهم أو تنبه لي
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ
- الطغرائي