في بعض ما نكتب حقيقة عادت اليوم لتؤكد لنا أن الجوائز صُُنعت لتتويج المهرة من المبدعين في شتى الفنون.
الإفلاس الأدبي الذي بدأ يسطح بعض الفنون الأدبية، سمح لبعض الكتاب أو «أشباه الكتاب» بركوب موجة الكتابة من أجل الجوائز.. فتفاقم هذا الإفلاس النحوي واللغوي والفني لبعض النصوص السردية التي تصل إلى لجان التحكيم بالجوائز، دفع برذيس لجنة تحكيم جائزة البوكر للرواية العربية، شوقي بزيع للحديث عن الإفلاس اللغوي والنحوي والإملائي لبعض كتاب الرواية والناشرين الذين يهاجرون عشوائيا إلى موسم الرواية، طمعا في حصاد الجوائز المالية والتكريمية.
وحرصاً على إحباط المتآمرين على الرواية، دعونا نقف عند نقطة مهمة، ما الذي جعل رئيس تحكيم جائزة البوكر يقف عند ما أسماهم بالمتربصين بالرواية وبلغة الضاد، الذين يعبثون بها ليس في الأدب السردي ولكن في الفنون والأجناس الأخرى؟
أي ناشر يتوجه بترشيح رواية للبوكر العربية ولا يراعي شروط التقدم للمنافسة، فهو لا يستوعب أن الجوائز تكرم الكبار في سباقات المضمار الطويل، وتفضل ذلك الذي يحمل المشعل باتجاه الأولمب بعد أن قطع مسافة طويلة ومتشعبة، على حد قول شوقي بزيع.
فالبوكر التي كانت ولا تزال تثير لعاب المبدعين من كتاب السرد الأدبي، اضطرت اليوم إلى أن تتحول إلى مدافع عن حصون الأدب السردي التي رأت لجنة الجائزة أنه بدأ يتزعزع وقد تسقط تلك الحصون إذا لم تسعف في الوقت المناسب.
البوكر العربية، الصرح الجوائزي الذي امتد عبر سنين يُتَوِّج خيرة الأعمال الأدبية الشاهقة، ويساهم في صناعة سردية ترقى لمستوى وحضور الجائزة العالمية، أقرت لجنتها أنها استقبلت أعمالا أدبية لا ترقى لمستوى الرواية، سواء بالنسبة للأخطاء اللغوية أو النحوية أو غيرها وكذا لغياب فنيات كتابة الرواية وتقنياتها. وقد أشار رئيس لجنة التحكيم، شوقي بزيع أثناء إعلانه عن الرواية الفائزة بالبوكر العالمية، إلى ظاهرة أصبحت تسترعي ضرورة الوقوف عندها وهي ما أسماه «بالهجرة العشوائية إلى مواسم الرواية»، لأولئك الذين يتهافتون على كتابة الرواية ويستسهلون الخوض فيها، دون امتلاك المقاليد الفنية واللغوية التي تصنع من نصوصهم نصوصا سردية.. ولم يفوت بزيع الفرصة ليفصح عن بعض الشكوك حول أولئك الذين يكتبون الرواية بغية الحصول عبر الجوائز على ما تيسر من المكاسب المادية والمعنوية، مستهجنا في ذات السياق ذلك التفريط الطاغي بلغة الضاد، من خلال الأخطاء الإملائية والنحوية واللغوية التي تعج بها الروايات المقدمة للجائزة، وقد حمل شوقي بزيع أوزار هذه الأخطاء إلى كل من الكاتب والناشر، معتبرا أن مثل هذه الممارسات من الاستسهال والفوضى لا تقتصر على الأدب السردي وحده بل تطال الكثير من الأجناس الأدبية.
وذكر بزيع أن الجوائز لا يتوج بها إلا العداؤون الكبار على نجاحهم الباهر في الوصول بشعلة الإبداع إلى أولمب الفرادة والتميز والمجازفة القصوى.
اليوم ومع إعلان البوكر للرواية الفائزة التي جاءت من نصيب الأردني جلال برجس عن روايته «دفاتر الوراق»، ارتأت لجنة التحكيم على لسان رئيسها أن تقف عند منعرج مهم ولافت، تحمل أوزاره للكتاب والناشرين الذين يمتطون صهوة الكتابة دون امتلاك شروط وفنيات كتابة الرواية. وهو الأمر الذي ترفضه الجائزة، وتؤكد على أنها لن تكون منصة للرداءة والشهرة الزائفة والوجاهة الأدبية والاجتماعية. وأن البوكر «ستظهر قدرا أكبر من التشدد إزاء ما يردها من أعمال بحيث لا يقبل من الترشيحات إلا ما يستوفي الحد المعقول من الشروط الفنية والأسلوبية».
والسؤال الذي يطرح، ماذا بقي لفنيات الرواية مع صعود زمرة «ركوب موجة الكتابة من أجل الحصاد المالي؟
الذين يحاولون اقناع القارئ بأن فنيات الرواية تتجدد بداخلها وبتفاصيلها وشمائلها، لم يحسنوا التجديف باتجاه أولمب التتويج، وأسدوا صورتهم لإعلام مفلس وفريق من الفضوليين والمتطفلين، بمن فيهم بعض الناشرين من أجل الترويج لمنتجهم الأدبي، منخرطين في لعبة «اكتب من أجل الجوائز والحصاد المالي مغرٍ ومشترك»..
هذا الصخب المثخن بهواجس الشهرة والانتشار، والذي غذاه الحشد المتعطش للرداءة، المزور للحقائق والتفاصيل، لم يكترث لوجوه الغاضبين من قراء ومبدعين حقيقيين لا يتقنون فن الترويج لاسمهم ومنتجهم الأدبي، فيختارون الهامش بعيدا عن صخب الرداءة ولم يتركوا للقارئ هامش الاستمتاع إلا في أوقات قليلة.
إذا كان كل من يصدر إصدارا يسميه رواية ويراها تسابق البوكر وكتارا والغونكور وغدا نسمع أنه دخل بها سباق النوبل، فماذا تركوا للإبداع الحقيقي، إذا لم تكن هناك لجان تحكيم تمتلك خيوط النقد وآليات كتاب الأدب السردي؟
وكيف يمكن أن يكون الأمر بخلاف ذلك، إذا لم يأت شوقي بزيع آخر في كل جائزة من الجوائز العربية ليطهر الأدب السردي من براثن الغزو الكتابي لغير جنوده؟
من الواضح أن أدوات النشر لم تعد تراعي الكثير من المعايير في العالم العربي، وهذا هو السم القاتل الذي يستمر في تجريدنا من أدوات وفنون الأدب ويهدد، على المدى القصير جداً والبعيد، بقتل الإبداع الأدبي في عالمنا العربي.
ولكل هذه الأسباب أصر هنا على الارتقاء بالفنون والأجناس الأدبية من خلال الارتقاء باللغة التي يكتب بها وامتلاك فنيات السرد. فالأدب في قوته بإمكانه تحريك مسارات الشعوب وبإمكاناته يكسر الأسقف الزجاجية ويفسح مساحاته للشعوب، لتصبح أكثر إبداعا وجمالا، وأقل جهلاً بما لا يجب جهله، وأكثر سيطرة على أولئك الذين يتطفلون على عقيدتنا الإبداعية والفنية الراسخة ولا يشبهوننا في انتصاراتنا الأدبية. ألف مبروك لإنصاف إبراهيم الوراق، انتصار الإبداع من خلال جائزة البوكر للرواية العربية.. لنا وقفة قرائية في الرواية.
الإفلاس الأدبي الذي بدأ يسطح بعض الفنون الأدبية، سمح لبعض الكتاب أو «أشباه الكتاب» بركوب موجة الكتابة من أجل الجوائز.. فتفاقم هذا الإفلاس النحوي واللغوي والفني لبعض النصوص السردية التي تصل إلى لجان التحكيم بالجوائز، دفع برذيس لجنة تحكيم جائزة البوكر للرواية العربية، شوقي بزيع للحديث عن الإفلاس اللغوي والنحوي والإملائي لبعض كتاب الرواية والناشرين الذين يهاجرون عشوائيا إلى موسم الرواية، طمعا في حصاد الجوائز المالية والتكريمية.
وحرصاً على إحباط المتآمرين على الرواية، دعونا نقف عند نقطة مهمة، ما الذي جعل رئيس تحكيم جائزة البوكر يقف عند ما أسماهم بالمتربصين بالرواية وبلغة الضاد، الذين يعبثون بها ليس في الأدب السردي ولكن في الفنون والأجناس الأخرى؟
أي ناشر يتوجه بترشيح رواية للبوكر العربية ولا يراعي شروط التقدم للمنافسة، فهو لا يستوعب أن الجوائز تكرم الكبار في سباقات المضمار الطويل، وتفضل ذلك الذي يحمل المشعل باتجاه الأولمب بعد أن قطع مسافة طويلة ومتشعبة، على حد قول شوقي بزيع.
فالبوكر التي كانت ولا تزال تثير لعاب المبدعين من كتاب السرد الأدبي، اضطرت اليوم إلى أن تتحول إلى مدافع عن حصون الأدب السردي التي رأت لجنة الجائزة أنه بدأ يتزعزع وقد تسقط تلك الحصون إذا لم تسعف في الوقت المناسب.
البوكر العربية، الصرح الجوائزي الذي امتد عبر سنين يُتَوِّج خيرة الأعمال الأدبية الشاهقة، ويساهم في صناعة سردية ترقى لمستوى وحضور الجائزة العالمية، أقرت لجنتها أنها استقبلت أعمالا أدبية لا ترقى لمستوى الرواية، سواء بالنسبة للأخطاء اللغوية أو النحوية أو غيرها وكذا لغياب فنيات كتابة الرواية وتقنياتها. وقد أشار رئيس لجنة التحكيم، شوقي بزيع أثناء إعلانه عن الرواية الفائزة بالبوكر العالمية، إلى ظاهرة أصبحت تسترعي ضرورة الوقوف عندها وهي ما أسماه «بالهجرة العشوائية إلى مواسم الرواية»، لأولئك الذين يتهافتون على كتابة الرواية ويستسهلون الخوض فيها، دون امتلاك المقاليد الفنية واللغوية التي تصنع من نصوصهم نصوصا سردية.. ولم يفوت بزيع الفرصة ليفصح عن بعض الشكوك حول أولئك الذين يكتبون الرواية بغية الحصول عبر الجوائز على ما تيسر من المكاسب المادية والمعنوية، مستهجنا في ذات السياق ذلك التفريط الطاغي بلغة الضاد، من خلال الأخطاء الإملائية والنحوية واللغوية التي تعج بها الروايات المقدمة للجائزة، وقد حمل شوقي بزيع أوزار هذه الأخطاء إلى كل من الكاتب والناشر، معتبرا أن مثل هذه الممارسات من الاستسهال والفوضى لا تقتصر على الأدب السردي وحده بل تطال الكثير من الأجناس الأدبية.
وذكر بزيع أن الجوائز لا يتوج بها إلا العداؤون الكبار على نجاحهم الباهر في الوصول بشعلة الإبداع إلى أولمب الفرادة والتميز والمجازفة القصوى.
اليوم ومع إعلان البوكر للرواية الفائزة التي جاءت من نصيب الأردني جلال برجس عن روايته «دفاتر الوراق»، ارتأت لجنة التحكيم على لسان رئيسها أن تقف عند منعرج مهم ولافت، تحمل أوزاره للكتاب والناشرين الذين يمتطون صهوة الكتابة دون امتلاك شروط وفنيات كتابة الرواية. وهو الأمر الذي ترفضه الجائزة، وتؤكد على أنها لن تكون منصة للرداءة والشهرة الزائفة والوجاهة الأدبية والاجتماعية. وأن البوكر «ستظهر قدرا أكبر من التشدد إزاء ما يردها من أعمال بحيث لا يقبل من الترشيحات إلا ما يستوفي الحد المعقول من الشروط الفنية والأسلوبية».
والسؤال الذي يطرح، ماذا بقي لفنيات الرواية مع صعود زمرة «ركوب موجة الكتابة من أجل الحصاد المالي؟
الذين يحاولون اقناع القارئ بأن فنيات الرواية تتجدد بداخلها وبتفاصيلها وشمائلها، لم يحسنوا التجديف باتجاه أولمب التتويج، وأسدوا صورتهم لإعلام مفلس وفريق من الفضوليين والمتطفلين، بمن فيهم بعض الناشرين من أجل الترويج لمنتجهم الأدبي، منخرطين في لعبة «اكتب من أجل الجوائز والحصاد المالي مغرٍ ومشترك»..
هذا الصخب المثخن بهواجس الشهرة والانتشار، والذي غذاه الحشد المتعطش للرداءة، المزور للحقائق والتفاصيل، لم يكترث لوجوه الغاضبين من قراء ومبدعين حقيقيين لا يتقنون فن الترويج لاسمهم ومنتجهم الأدبي، فيختارون الهامش بعيدا عن صخب الرداءة ولم يتركوا للقارئ هامش الاستمتاع إلا في أوقات قليلة.
إذا كان كل من يصدر إصدارا يسميه رواية ويراها تسابق البوكر وكتارا والغونكور وغدا نسمع أنه دخل بها سباق النوبل، فماذا تركوا للإبداع الحقيقي، إذا لم تكن هناك لجان تحكيم تمتلك خيوط النقد وآليات كتاب الأدب السردي؟
وكيف يمكن أن يكون الأمر بخلاف ذلك، إذا لم يأت شوقي بزيع آخر في كل جائزة من الجوائز العربية ليطهر الأدب السردي من براثن الغزو الكتابي لغير جنوده؟
من الواضح أن أدوات النشر لم تعد تراعي الكثير من المعايير في العالم العربي، وهذا هو السم القاتل الذي يستمر في تجريدنا من أدوات وفنون الأدب ويهدد، على المدى القصير جداً والبعيد، بقتل الإبداع الأدبي في عالمنا العربي.
ولكل هذه الأسباب أصر هنا على الارتقاء بالفنون والأجناس الأدبية من خلال الارتقاء باللغة التي يكتب بها وامتلاك فنيات السرد. فالأدب في قوته بإمكانه تحريك مسارات الشعوب وبإمكاناته يكسر الأسقف الزجاجية ويفسح مساحاته للشعوب، لتصبح أكثر إبداعا وجمالا، وأقل جهلاً بما لا يجب جهله، وأكثر سيطرة على أولئك الذين يتطفلون على عقيدتنا الإبداعية والفنية الراسخة ولا يشبهوننا في انتصاراتنا الأدبية. ألف مبروك لإنصاف إبراهيم الوراق، انتصار الإبداع من خلال جائزة البوكر للرواية العربية.. لنا وقفة قرائية في الرواية.