توقع عدد من المختصين في تطوير المناهج والقياس والتقويم والصحة النفسية تأثر نتائج ومهارات طلاب وطالبات الصف الخامس الابتدائي الذين سيؤدون الاختبارات الدولية بيرلز PIRLS استثنائياً لهذا العام خلال الفترة من 8 إلى 10 نوفمبر الجاري، بالانقطاع لفترة طويلة عن التعليم الحضوري، منوّهين بالجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة التعليم لرفع نتائج الطلبة في الاختبارات الدولية؛ وكذلك بتطوير المناهج خلال هذا العام الدراسي وما تحتاج إليه من وقت طويل لظهور النتائج.
وحول هذا الموضوع، أكد د. يحيى بن محمد الشهري أستاذ القيادة والسياسات التربوية قسم الإدارة والتخطيط التربوي المشرف العام على القياس والتقويم الجامعي بجامعة تبوك على أن ما تقوم به وزارة التعليم من إصلاحات هيكلية وتنظيمية في التعليم يعتبر ثورة على الفلسفة التقليدية السائدة والنظام التعليمي الجامد، إلا أن تطبيق نظام الفصول الثلاثة وتطوير المناهج وتحسين وتطوير العملية التعليمية يتطلب وقتاً كبيراً لحصد النتائج المرجوة، مشدداً على أن سياسات ومبادرات الوزارة التطويرية لابد وأن تأخذ وقتها وألا يتم استعجال الحكم على نجاعة هذه التغييرات إلا بعد مضي وقت كاف لا يقل عن أربع إلى خمس سنوات.
ولفت د. الشهري إلى أن نتائج الطلبة في اختبار بيرلز لهذا العام قد لا تصل إلى تطلعات الوزارة في إحراز مراكز متقدمة بهذه الاختبارات الدولية؛ نتيجة الجائحة وتداعياتها التي أدت إلى نتائج سلبية أثرت على عناصر كثيرة في العملية التعليمية وبالتحديد على تعلّم وتحصيل الطلبة، إلى جانب الفاقد التعليمي في ما يتعلق بالمعارف النظرية والمهارات والقدرات العملية، مبيناً أن ذلك قد ينعكس على أداء الطلبة في هذه الاختبارات.
وقالت د. خديجة عبود آل معدي أستاذ الإرشاد والصحة النفسية المساعد بكلية التربية في جامعة الملك خالد: «تعتبر المدارس مراكز لممارسة الأنشطة الاجتماعية والتفاعل الإنساني، إلا أن إغلاق المدارس أبوابها وخاصة على المدى الطويل الذي أحدثته الجائحة، أفقد الكثير من الطلبة علاقاتهم ومهاراتهم الاجتماعية التي لها دور أساسي في التعلّم والتطور، فضلاً عن عدم المساواة في إمكانية الانتفاع بمنصات التعلم الرقمية»، مشيرة إلى «أن تطوير المناهج وتطبيق نظام الفصول الدراسية الثلاثة سيكون له الأثر الإيجابي في إعطاء فرصة لمعاودة النمو والتطور المعرفي والمهاري للطلبة ولكن على المدى البعيد».
وأضافت د. آل معدي: «أعتقد أن أداء طلبة الصف الخامس لاختبار بيرلز حضورياً سيتأثر بالعديد من العوامل، خصوصا مع تلاشي فرص التحسّن في النتائج التي كانت مرتبطة بتطوير مهارات طلبة الصف الخامس عند عودتهم حضورياً في 30 أكتوبر بعد إعلان استمرار الدراسة عن بُعد، حيث أن هذا الاختبار سيكون بمثابة التغذية الراجعة التي تحدد مستوى الطلبة معرفياً ومهارياً، ومدى تأثير التعليم عن بُعد على قدراتهم ومهاراتهم سلباً وإيجاباً؛ لذا يجب الدعم الأكاديمي للجميع لضمان جودة التعليم معرفياً ومهارياً واجتماعياً، وتوفير فرص للنمو والتطور النفسي والاجتماعي والتربوي للطلبة».
وأشار أ. د. عبدالله بن علي آل كاسي أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة الملك خالد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية العلمية للمعلم (جسم) إلى أن انقطاع الطلبة لفترة طويلة عن التعليم الحضوري أثر على مهاراتهم، حيث إن الفاقد التعليمي المهاري أكبر من الفاقد المعرفي الذي يمكن أن يعوض بأساليب التعليم عن بُعد التي فرضتها الجائحة، موضحاً أن عملية التغيير والتطوير في المناهج والأنظمة التعليمية التي تم تطبيقها خلال هذا العام الدراسي عملية متكاملة وشاملة لا يمكن تجزئتها وتفكيكها، كما أنه لا يمكن تلمّس آثارها ونتائجها بين عشية وضحاها؛ لأن العلمية التعليمية بطبيعتها تراكمية.
وتوقع د. آل كاسي تأثيراً ملموساً للانقطاع عن الدراسة الحضورية على نتائج الطلاب والطالبات المشاركين في اختبار بيرلز لهذه الدورة ليس على مستوى الطلبة بالمملكة فحسب بل على مستوى كافة الدول، مشيراً إلى أن استمرار الدراسة عن بُعد لطلبة الصف الخامس والتي كان من المتوقع عودتها حضورياً بحلول 30 أكتوبر الماضي أحدث إرباكاً للخطط التي وضعت لتطوير مهارات الطلبة في اختبار بيرلز عند عودتهم للدراسة الحضورية.
وأكد د. علي بن صالح الشهري أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك بجامعة تبوك على أن تأثير انقطاع الطلبة لفترة طويلة عن التعليم الحضوري الذي يعد أساساً في إكساب الطلبة المهارات الأساسية قد يكون واضحاً وجلياً على نتائجهم في الاختبارات الدولية PIRLS، خصوصا أنها تعتمد على مهارات القراءة والفهم والتحليل التي تتطلب النقاش والتفاعل، لافتاً إلى أن تطوير وزارة التعليم للمناهج خلال العام الدراسي الحالي لإكساب المتعلم المهارات المناسبة والملائمة لسوق العمل يعد مشروعاً كبيراً وضخماً لا يمكن الحكم عليه إلا بعد فترة زمنية.
وأبان د. علي الشهري أن أداء طلبة الصف الخامس الابتدائي لاختبار بيرلز حضورياً في ظل الجائحة مقابل دراستهم عن بُعد قد ينعكس بما يؤثر على مستوى أدائهم؛ نظراً لابتعاد الطلبة لفترة زمنية عن مقاعد الدراسة الحضورية، وعدم تهيئتهم بالشكل المناسب لأداء الاختبارات، وكذلك الرهبة من الاختبارات الحضورية، مشيراً إلى أنه وبعد قرار استمرار التعليم عن بُعد للمرحلة الابتدائية تضاءلت فرص تطوير مهارات الطلبة.